يومُ القدسِ العالمي ويومُ القدسِ اليهودي
آخر تحديث GMT 04:53:15
 فلسطين اليوم -

يومُ القدسِ العالمي ويومُ القدسِ اليهودي

 فلسطين اليوم -

يومُ القدسِ العالمي ويومُ القدسِ اليهودي

د. مصطفى يوسف اللداوي
بقلم : د. مصطفى يوسف اللداوي

إنه يومٌ يغيظ الإسرائيليين ويزعجهم، ويخيفهم ويقلقهم، وينكد عيشهم وينغص حياتهم، ويغضب أنصارهم والمتحالفين معهم، ويستفز المراهنين عليهم والمؤمنين بهم، ويربك الصهاينة عموماً والمسيحيين الانجليين والجدد، الذين يتحركون في هذا اليوم المشهود على نطاقٍ واسعٍ، وعلى مستوى دول العالم كلها، مستغلين سلطاتهم ومستعينيين بعملائهم، لتصدر حكوماتها قراراتٍ بمنع التظاهرات الشعبية والمسيرات المليونية المناهضة للكيان، التي تأتي استجابةً لدعوة الإمام الخميني، الذي دعا مسلمي العالم لإحياء يوم القدس العالمي، للتأكيد على دور الأمة كلها في تحرير فلسطين واستعادة القدس والمسجد الأقصى المبارك.

يشعر الإسرائيليون بخطورة هذا اليوم على أمنهم واستقرارهم، وعلى وجودهم وبقائهم، ولا يستخفون به ولا يقللون من أثره، ويحسبون حسابه ويخافون من تداعياته، إذ يدركون رسالته المقصودة، والغاية التي أرادها الإمام الخميني، عندما خصص الجمعة الأخيرة من شهر رمضان من كل عامٍ يوماً عالمياً للقدس، فهو يستنهض المسلمين جميعاً، وينفخ في رمادهم الكبير ويوقد جمرهم اللاهب.

ويرسل للإسرائيليين في هذا اليوم رسالةً حروفها القرآن، ومدادها دماء المسلمين وأرواحهم التي هي للقدس فداء، وصفحاتها سوح البلاد وميادين العواصم، أنهم ليسوا في مواجهةٍ مع الشعب الفلسطيني فقط، وإنما هم في مواجهةٍ مع الأمة الإسلامية كلها، التي ترى أن استعادة القدس وتحرير فلسطين مسؤولية الأمة جمعاء، وأن العمل من أجلها واجب، والتضحية في سبيلها شرف، والقتال من أجلها والشهادة في سبيلها أسمى الأماني.

يحاول الإسرائيليون التصدي ليوم القدس العالمي، الذي بات بحقٍ يوماً عالمياً عاماً شاملاً، مشتركاً موحداً، شعبياً رسمياً، واجباً مؤكداً، فرضاً لازماً، رمزياً وحقيقياً، فعالاً هداراً، واسع الانتشار عابراً للقارات، يلتزم به المسلمون جميعاً بكل أطيافهم ومذاهبهم، وجنسياتهم وانتماءاتهم.

يأتي إعلان "يوم القدس اليهودي"، رداً وتحدياً ليوم القدس العالمي، وهو اليوم الذي احتل فيه الإسرائيليون الشطر الشرقي من مدينة القدس في حرب العام 1967، حيث عمدت وزارة الثقافة الإسرائيلية في العام 2017، إلى تسمية هذا اليوم بـــ"يوم القدس اليهودي"، وذلك خلال الاحتفالات الإسرائيلية بالذكري الخمسين "لاستعادة القدس وتوحيدها".

يعتقد الإسرائيليون أنهم يستطيعون التأثير على يوم القدس العالمي، والتخفيف من آثاره المعنوية وتداعياته السلبية العامة عليهم، فخصصوا وفق التقويم العبري يوم الثامن وعشرين من شهر مايو/آيار، وهو اليوم العبري الموافق ليوم الخامس من يونيو/حزيران، يوماً لــــــ"القدس اليهودية"، الذي احتلوا فيه الشطر الشرقي من المدينة، وضموه إلى كيانهم، ووحدوه مع الشطر الغربي من المدينة الذي احتلوه في العام 1948.

يحاول الإسرائيليون في هذا اليوم إحياء حفلاتٍ فنية وأنشطةٍ رياضيةٍ، وعقد ندواتٍ فكرية ولقاءاتٍ سياسية، تجمع القوى والشخصيات التي تؤمن بهم وتؤيدهم، وتعترف بالقدس عاصمةً أبديةً موحدةً لكيانهم، وتعزز الهوية القومية واليهودية للشعب الإسرائيلي، وينظمون مسيرةً سنويةً تجوب شوارع القدس القديمة، وتخترق الأحياء الإسلامية فيها، وهم يحملون الأعلام البيضاء والزرقاء المكونة لعلمهم.

إلا أنهم ورغم نفوذهم الواسع وعلاقاتهم المتشعبة، وأحلامهم الكبيرة وأطماعهم غير المحدودة، فإن أحداً في العالم لا يستجيب لدعوتهم، ولا يقوى متضامنٌ معهم على الخروج في تظاهراتٍ عامةٍ تأييداً لهم، أو إيماناً بيومهم المزعوم، الذي أرادوه أن يكون عالمياً.

لهذا غدا يومهم مغموراً لا يسمع أو يهتم به أحد، وقد خاب أملهم هذا العام الذي تزامن فيه يومهم "الأسود" مع يوم القدس العالمي، وبدلاً من أن يركزوا جهودهم ويوظفوا طاقاتهم لإحياء يومهم، سخروا كل إمكانياتهم المحلية وعلاقاتهم الدولية لإفشال يوم القدس العالمي، والحد من تداعياته السلبية على مستوطنيهم وأتباع دينهم في كل أنحاء العالم.

في الوقت الذي يستحث فيه يوم القدس العالمي المسلمين في كافة أنحاء العالم للقيام بدورهم الفاعل والأساس في معركة تحرير فلسطين واستعادة القدس، ويستجيب للدعوة ملايين المسلمين، فإن الكيان الصهيوني يستغيث بدول العالم لتعترف بالقدس الموحدة عاصمةً أبديةً لكيانه، متباكياً أمام سفارتها وقنصلياتها، وفي عواصمها وبلادها، يشكو لهم ما تعرض له اليهود عبر التاريخ، وأنهم فقدوا مدينتهم المقدسة لأكثر من ألفي عامٍ، قبل أن يعودوا إليها من جديدٍ، ولكنهم يخشون فقدانها من جديد، والفرار منها والرحيل عنها مرةً أخرى، ويوم القدس العالمي يحمل هذه الرسالة، ويشير إلى هذه الخاتمة بوضوحٍ وإصرارٍ.

لكن يوم القدس العالمي جاء لينغص عليهم أحلامهم، ويكدر عيشهم، ويذكرهم بوعد الله الخالد برحيلهم، وتفكيك ملكهم وتبديد أحلامهم، بعد علوهم الأخير وإفسادهم الكبير، الذي سيليه بإذن الله سقوطٌ مريعٌ ونهايةٌ مدويةٌ، تشهد عليها الأمم، وتشارك فيها شعوب أمتنا، ويساهم فيها كل الأحرار المؤمنين بقضيتنا، فهذا وعدٌ غير مكذوبٍ، وأملٌ غير بعيدٍ، وهدفٌ غير مستحيل، لكن يلزمننا الإيمان به، والثقة بعد الله عز وجل بقدراتنا، وأننا نستطيع بما منحنا الله من أسباب القوة أن نحقق النصر المنشود والعودة الكريمة.

جزى الله عنَّا الإمام الخميني خيراً، الذي خصص يوم الجمعة "العظيمة" من شهر رمضان للقدس ذكرى ورمزاً، ولفلسطين حقاً وفعلاً، فقد أصبح لهذا اليوم قيمةً وأثراً، ودوراً وسهماً، فهو يحشد الأمة ويجمع صفوفها، ويوحد كلمتها وينسق جهودها، ويشحذ هممها ويستثير عواطفها، ويحيي أملها العظيم، ويحدد طريقها القويم، ويجعل أهدافنا ممكنة وغاياتنا سهلة، فطوبى لمن أحيا هذا اليوم أو ساهم فيه، أو تهيأ له واستعد، وقدم فيه ما يستطيع بالجهد والعمل، والفكرة والكلمة، والصورة والرسمة، فهذا يومٌ من أيام الله الخالدات، فامتازوا فيه وأروا الله بأعمالكم، وثقوا أن موعدنا مع القدس وفيها قريب، وصلاتنا في المسجد الأقصى ومحراب صلاح الدين حقٌ ويقينٌ.

قد يهمك أيضا : 

 الأوقاف تقرر فتح المسجد الأقصى للصلاة بعد عيد الفطر

  للمرة الأولى صلاة تراويح ليلة القدر بدون حشود بالأقصى

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

يومُ القدسِ العالمي ويومُ القدسِ اليهودي يومُ القدسِ العالمي ويومُ القدسِ اليهودي



GMT 14:39 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

007 بالمؤنث

GMT 14:37 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

هل هي نهاية الخلاف السعودي ـ الأميركي؟

GMT 14:31 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

الجنرال زلزال في سباق أنقرة إلى القصر

GMT 03:38 2023 السبت ,04 آذار/ مارس

في حق مجتمع بكامله

هيفاء وهبي تتألّق بفستان مرصع بالكريستال

القاهرة - فلسطين اليوم
هيفاء وهبي خطفت الأنظار بالتزامن مع احتفالها بعيد ميلادها بأناقتها ورشاقتها التي ظهرت بها خلال حفلها الأخير الذي أحيته في قطر، حيث أبهرت النجمة اللبنانية جمهورها على المسرح بطلتها اللامعة بفستان مرصع بالكامل بحبات الكريستال، وبهذه الإطلالة تعود هيفاء وهبي لستايل الفساتين المجسمة التي تتباهي من خلالها بجمال قوامها وهو التصميم الذي كانت تفضله كثيرا أيقونة الموضة، وذلك بعد اعتمادها بشكل كبير على صيحة الجمبسوت التي أطلت بها في معظم حفلاتها السابقة. هيفاء وهبي سحرت عشاقها في أحدث ظهور لها على المسرح خلال حفلها الأخير بقطر بإطلالة جذابة بتوقيع نيكولا جبران، حيث اعتمدت أيقونة الموضة مجددا التصميم المحدد للقوام مع الخصر الذي يبرز بقصته الضيقة مع الحزام جمال قوامها، حيث تمايلت هيفاء وهبي على المسرح بأسلوبها الأنثوي المعتاد بف...المزيد

GMT 14:58 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

محمد رمضان يتحدّى منافسيه بفيلمه "هارلي"

GMT 01:45 2017 الخميس ,05 تشرين الأول / أكتوبر

بطولة كأس البحرين لسباق الخيل تنطلق في بريطانيا السبت

GMT 18:37 2016 السبت ,17 كانون الأول / ديسمبر

مفيدة شيحة تُهاجم غيتس خلال "الستات مايعرفوش يكدبوا"

GMT 07:55 2019 الأحد ,13 كانون الثاني / يناير

انتخاب نساء أكثر في الحكومات يُقدّم مساهمات حقيقية

GMT 13:31 2018 الإثنين ,23 إبريل / نيسان

الدكتور علي جمعة يقدم برنامج "فن الدعاء" على "CBC"

GMT 05:28 2018 الجمعة ,19 كانون الثاني / يناير

إنتاج علاج جديد للسرطان يمنع انتشار المرض

GMT 20:24 2017 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

النجم حسن الفذ يُعلن عن استعداده لعرضه الفني الجديد

GMT 04:55 2015 الأحد ,27 كانون الأول / ديسمبر

أستاذ تاريخ يشبه إزالة "رودس" بتدمير داعش آثار سورية

GMT 10:11 2015 الجمعة ,23 تشرين الأول / أكتوبر

تعرفي على أسرار جمال اللون الكحلي في زفافك

GMT 06:28 2017 الأحد ,04 حزيران / يونيو

7 أخطاء يجب عدم الوقوع بها في موضة الصيف
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday