«حماس» في الأمم المتحدة
آخر تحديث GMT 04:53:15
 فلسطين اليوم -

«حماس» في الأمم المتحدة

 فلسطين اليوم -

«حماس» في الأمم المتحدة

بقلم-رجب أبو سرية

مشروع القرار الأميركي الذي جرى التصويت عليه بعد أن كان مقررا ذلك يوم الاثنين الماضي، في الجمعية العمومية للأمم المتحدة، لا يعكس مدى الانحياز الذي هي عليه إدارة الرئيس الجمهوري الأميركي دونالد ترامب للجانب الإسرائيلي، ولا يظهر أنها باتت «ملكية أكثر من الملك» فيما يخص إسرائيل وحسب، ولكنه يظهر مستوى السخف الذي هي عليه هذه الإدارة التي أقل ما يمكن أن يقال فيها إنها لا تظهر كدولة عظمى مسؤولة عن النظام العالمي، ولا حتى كدولة متزنة، وإنما كما لو كانت محكومة من «عصابة» أو من مجموعة هواة في العمل السياسي.
فأميركا تتقدم بمشروع القرار لتمنحه قوة دفع ما كان بمقدوره أن يحوز عليها، لو أن إسرائيل هي التي تقدمت به، كذلك ان تتقدم به واشنطن للجمعية العامة وليس لمجلس الأمن يعني أشياء كثيرة منها، أن مشروع القرار حتى لو حاز على الأغلبية الكاسحة، فإنه ليس ملزما، بما يعني بأن الهدف الرئيسي منه، أنما هو الدعاية والإعلان، ومحاولة ترويج «ثقافة» سياسية جديدة فيما يخص الملف الفلسطيني، الذي يحظى بتعاطف المجتمع الدولي ممثلا بالجمعية العامة، على عكس ما يحدث في مجلس الأمن.

تحاول واشنطن التي دائما ما تجد نفسها معزولة في زاوية نائية بالجمعية العامة مع إسرائيل وعدة دولة صغيرة ونائية ولا تعتبر أكثر من «محميات بشرية» دولية لواشنطن، أن تجد لها مكانا في الجمعية العامة، عبر بوابة «حماس»، وهي وبالنيابة عن إسرائيل تريد اصطياد أكثر من عصفور بحجر واحد.

هي أولا تريد أن تجبر المجتمع الدولي على إدانة «المقاومة» بشكل عام، بما في ذلك بالطبع مقاومة الاحتلال الإسرائيلي للأرض وللشعب الفلسطيني، وذلك عكس القانون الدولي المجاز في الأمم المتحدة والذي يشرع مقاومة الاحتلال بكل الأشكال والوسائل والأدوات الممكنة بما في ذلك الكفاح المسلح، وتمرير ذلك لا يكون بشكل صريح، وإنما عبر المواربة كما ينص مشروع القرار الأميركي.

وثانيا، هي تريد أن تفصل بين السلطة الفلسطينية و»م ت ف» وبين «حماس»، فهذه أول مرة يحدث فيها أن يتم تقديم مشروع قرار ضد حركة أو حزب أو تنظيم سياسي، حتى يكون ذلك ترسيخا للانقسام في الذهن العالمي، وكذلك مقدمة للمساس بحالة التضامن الدولي مع فلسطين وشعبها من خلال زرع فاصل أو حاجز بين جزء من الشعب الفلسطيني وبين كل فلسطين.

وثالثا، تريد أن تمنح غطاء عاما ودائما لأي عدوان إسرائيلي محتمل في المستقبل ضد غزة، بل وحتى ضد أي مكان توجد فيه مقاومة، وتحاول أن توسع إطار اتهام «حماس» بالإرهاب ومنحه الصفة الدولية، فحتى لو نجحت «حماس» لاحقا في كسر الحصار عن غزة، ستظل مشلولة اليد وستبقى تحت سيف تل أبيب وواشنطن الترهيبي.

المفارقة تكمن بالطبع ـــ كما هو معتاد من المنطق الأميركي/ الإسرائيلي ــــ في التمييز بين السلوك الذي يقوم به طرف عن السلوك المماثل أو المشابه الذي يقوم به الطرف الآخر، حيث يتضمن نص مشروع القرار الأميركي إدانة لـ»حماس» بسبب إطلاق الصواريخ والتحريض على العنف، ما يعرض المدنيين للخطر!

كيف يستوي منطق التعاطف مع مدنيين إسرائيليين قد يتعرضون للخطر، مقابل عدم الاهتمام بمقتل المدنيين الفلسطينيين حقا وفعلا على يد القوات الإسرائيلية، وكيف يمكن لدولة عظمى يفترض ان تتحلى بالاتزان والنضج السياسي ألا تشير في مشروع قرارها للاحتلال ولما يقوم به فعلا من مجازر يومية بحق المدنيين الفلسطينيين، إلا إذا كان صاحب مشروع القرار مسكونا بالعقلية العنصرية التي تميز بين بشر وبشر، بين إنسان وآخر وبين مدنيين هنا ومدنيين هناك.

أي لو أن مشروع القرار الأميركي تحلى بقدر من التوازن ونص على إدانة عامة لتعريض حياة المدنيين على الجانبين للخطر، ولو أنه طالب بقوات فصل دولية بين الجانبين أو بقوات حماية دولية للمدنيين، لكان منطق واشنطن أكثر مصداقية.
أما لماذا تتوغل بهذا الشكل إدارة ترامب في الظهور بمظهر الملكية أكثر من الملك، فربما لأنها تحاول أن تظهر كما لو أنها تحقق إنجازات سياسية على الصعيد الدولي على عكس ما هو حاصل في الواقع، أي أنها تدخل من البوابة الفلسطينية لتخفف عن نفسها وطأة الإخفاقات في السياسة الدولية الخارجية وهزائمها المتعددة في كل مكان.

كذلك تبدو المفارقة بالغة حين تتقدم واشنطن بورقة مشروع القرار ضد «حماس»، فيما إسرائيل نفسها تصمت، بل تدير من تحت الطاولة تفاهمات وحوارات على أكثر من صعيد مع الحركة السياسية الفلسطينية التي تسيطر بتشجيع من إسرائيل نفسها على قطاع غزة وخارج إطار الشرعية الفلسطينية منذ أكثر من أحد عشر عاما.

وحتى أن الضغط على بعض الدول العربية من أجل تأييد مشروع القرار يقوم به غيسون غرينبلات المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط وليس أي شخصية إسرائيلية، لكن الحكومة الإسرائيلية التي تجد من ينوب عنها في الساحة الدولية، تتفرغ هي بدورها لمواجهة التحديات على الأرض، ولربما كانت واشنطن بما تظهره هكذا من اهتمام مبالغ فيه بالدولة العبرية، تشعر بأن إسرائيل تكاد «تطير» من بين يديها، إن كان بسبب أنها قد بلغت سن الرشد العسكري والاقتصادي، أو بسبب ظهور منافسين أقوى من واشنطن على الساحة الدولية وخاصة في ملعب الشرق الأوسط، بما قد يعني بأن إسرائيل قد تذهب إلى اختيار تعدد العلاقات مع القوى العظمى على الصعيد الكوني، وعدم الاستمرار بالظهور كدولة تابعة أو كدولة حليفة فقط للولايات المتحدة!

نقلا عن جريدة الايام 

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«حماس» في الأمم المتحدة «حماس» في الأمم المتحدة



GMT 14:39 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

007 بالمؤنث

GMT 14:37 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

هل هي نهاية الخلاف السعودي ـ الأميركي؟

GMT 14:31 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

الجنرال زلزال في سباق أنقرة إلى القصر

GMT 03:38 2023 السبت ,04 آذار/ مارس

في حق مجتمع بكامله

هيفاء وهبي تتألّق بفستان مرصع بالكريستال

القاهرة - فلسطين اليوم
هيفاء وهبي خطفت الأنظار بالتزامن مع احتفالها بعيد ميلادها بأناقتها ورشاقتها التي ظهرت بها خلال حفلها الأخير الذي أحيته في قطر، حيث أبهرت النجمة اللبنانية جمهورها على المسرح بطلتها اللامعة بفستان مرصع بالكامل بحبات الكريستال، وبهذه الإطلالة تعود هيفاء وهبي لستايل الفساتين المجسمة التي تتباهي من خلالها بجمال قوامها وهو التصميم الذي كانت تفضله كثيرا أيقونة الموضة، وذلك بعد اعتمادها بشكل كبير على صيحة الجمبسوت التي أطلت بها في معظم حفلاتها السابقة. هيفاء وهبي سحرت عشاقها في أحدث ظهور لها على المسرح خلال حفلها الأخير بقطر بإطلالة جذابة بتوقيع نيكولا جبران، حيث اعتمدت أيقونة الموضة مجددا التصميم المحدد للقوام مع الخصر الذي يبرز بقصته الضيقة مع الحزام جمال قوامها، حيث تمايلت هيفاء وهبي على المسرح بأسلوبها الأنثوي المعتاد بف...المزيد

GMT 06:05 2020 الخميس ,04 حزيران / يونيو

الضحك والمرح هما من أهم وسائل العيش لحياة أطول

GMT 22:13 2017 الإثنين ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

"تحديد موعد النظر في شكوى فلسطين ضد "الفيفا

GMT 19:39 2017 الإثنين ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

غياب كنكوني والعازمي عن مباراة برقان وكاظمة

GMT 12:54 2017 الأربعاء ,11 كانون الثاني / يناير

ظافر العابدين ينتهي من تصوير المسلسل البريطاني Fearless

GMT 01:45 2020 الأربعاء ,08 تموز / يوليو

يبدأ الشهر مع تلقيك خبراً جيداً يفرحك كثيراً

GMT 21:53 2019 الجمعة ,11 كانون الثاني / يناير

ضعف الأظافر وتساقط الشعر دليل عن نقص الفيتامينات في جسدك

GMT 10:05 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

أسماء الأسيرات المحتجزات في أسوار سجون "الاحتلال "

GMT 11:38 2018 الخميس ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

الاستخبارات العراقية تعتقل 3 من قيادات داعش في الأنبار

GMT 19:37 2019 الإثنين ,08 إبريل / نيسان

رياض المالكي يعلن إعتراف كولومبيا بدولة فلسطين
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday