أميركا تخسر في مواجهة الصين
آخر تحديث GMT 04:53:15
 فلسطين اليوم -

أميركا تخسر في مواجهة الصين

 فلسطين اليوم -

أميركا تخسر في مواجهة الصين

رجب أبو سرية
بقلم : رجب أبو سرية

 ليس هناك مسؤول في العالم يتابع مستجدات فيروس كورونا، كما يفعل الرئيس الأميركي دونالد ترامب، المولع بالظهور الكاريكاتوري، فهو يكاد يظهر بشكل يومي في مؤتمرات صحافية يقوم بيته الأبيض بترتيبها، مع وسائل الإعلام التي لا يحبها عادة الرئيس ترامب، ليتحدث عن تفاصيل «مواجهته» للعدو الخفي، كما كان قد وصف فيروس القتل من قبل، وكما وصفه أيضا فيروس ووهان، أو الفيروس الصيني.
تفسير ذلك واضح وجلي، وهو تزايد الانتقادات داخل الولايات المتحدة، للسياسة الخاطئة التي اتبعها البيت الأبيض في مواجهة الجائحة التي غزت العالم بأسره، لذا يضطر ترامب إلى عقد المؤتمرات الصحافية المتتالية من أجل الدفاع عن نفسه وعن سياسته التي كانت سببا، فيما يبدو، في أن الجائحة كانت أكثر فتكا بسكان الولايات المتحدة، أكثر من غيرها لدرجة أن يكون نصيبها نحو ثلث عدد الإصابات على مستوى الأرض، ونحو ربع عدد الوفيات في العالم.
في سياق محاولته للدفاع عن نفسه وعن سياسته المنحازة للأثرياء وللاقتصاد على حساب الفقراء وحياة البشر، باعتباره يمينيا، أو حتى مهرجا أو أرعن كما وصفه قبل أيام المفكر الأميركي نعوم تشومسكي، يتابع ترامب توجيه الاتهامات إلى الصين، خصمه التجاري، والتي سارع منذ دخوله البيت الأبيض إلى شن حرب تجارية ضدها، في محاولة منه لاعتراض طريق صعودها إلى مقدمة الاقتصاد العالمي، كذلك لم يوفر منظمة الصحة العالمية، تماما كما فعل من قبل تجاه أكثر من منظمة دولية، لسبب له علاقة باتباعها سياسة منحازة للكل الدولي، فلا يرى فيها منظمة تابعة لبلاده!
ردا على أداء منظمة الصحة العالمية التابعة للأمم المتحدة، قام ترامب بتعليق المساهمة التي تقدمها بلاده للمنظمة الدولية، متهما إياها بأنها انحازت للرواية الصينية في تقديم بكين البيانات اللازمة حين ظهر الفيروس على أرضها، وليس كما يدعي ترامب وإدارته من أن الصين قد حجبت الكثير من المعلومات عن المرض، ما سمح له بالانتقال إلى بقية العالم، وبالطبع إلى الولايات المتحدة، وحتى أكثر من ذلك فإن أحاديث مسؤولي الإدارة الأميركية، مبطنة بالاتهامات الصريحة للصين، وكأنها قد تعمدت نقل فيروس كورونا إلى أميركا.
التخبط الذي ما زال يبديه ترامب في مواجهة «العدو الخفي» الذي يبدو أنه يرغب من أعماقه في التصريح بأنه العدو الصيني، يظهره كرئيس أرعن حقا، أو كمهرج، وليس أكثر دلالة من ذلك ملاسنته لمراسل «سي إن إن»، فالرجل في طريقه لانتخابات صعبة يفترض أن تجرى نهاية العام الحالي، كذلك فإن بلاده تدرك تماما التبعات الاقتصادية والسياسية لجائحة كورونا، وفي الوقت الذي تعافت فيه الصين - تقريبا من المرض - فإن المرض يمر بحالة ذروة في الولايات المتحدة، لا أحد يعرف كم من الضحايا ستحصد بعد كل هذه الحصيلة المتحققة حتى الآن، وفي مواجهة ما سماه البعض دبلوماسية الكمامات، حيث إن الصين قد بعثت بالمساعدات الطبية لعشرات الدول، فيما الولايات المتحدة نفسها تطلب منها المساعدة في هذا المجال، وكأنها تتبع سياسة الضغط من أجل دفع بكين لتقديم خشبة الخلاص لإدارة ترامب المتخبطة.
من الواضح أن ترامب لديه الاستعداد للتضحية بأرواح الناس في بلاده، حيث جثث الموتى تملأ المستشفيات وحيث اضطرت إدارات الولايات لإقامة المقابر الجماعية، لكن ما يهمه هو الصراع مع الصين على زعامة الاقتصاد العالمي.
بعض الخبراء الاقتصاديين يصلون إلى حد القول أو التوقع أو التنبؤ بأن حربا عالمية ثالثة ستقع في نهاية الأمر، لكن الصين التي لم تعد تعاني في مواجهة «كورونا»، عادت منذ أسابيع لمتابعة نشاطها الاقتصادي، فيما الولايات المتحدة بالمقابل، تضطر هذه الأيام لتوزيع المساعدات المالية على عشرات ملايين الفقراء فيها، الذين بسبب وقف عجلة الاقتصاد، يعانون الجوع، فيما خسرت الأسهم عشرات المليارات من الدولارات، حتى أن ثروة ترامب الشخصية نفسه، قد خسرت ثلث قيمتها، بسبب الجائحة.
وحيث إنه لا أحد يمكنه الجزم، بأن ظهور الفيروس أولا في الصين، ومن ثم انتشاره تاليا، في كل أنحاء العالم، كان أمرا مفتعلا، أو جزءا من حرب بيولوجية، كما قال بعض المسكونين بثقافة المؤامرة، رغم أن ظهوره بشكل قوي في الصين ومن ثم في الولايات المتحدة ودول أوروبا المركزية، وبعض دول الشرق الأوسط - إيران وتركيا - قد يبرر إلى حد ما هذا الاعتقاد، إلا أن المهم هو ما يحدثه من خسائر فادحة على ثروات الأثرياء في العالم، حيث خرج نحو مائتي ملياردير من قائمة أكثر من ألفي رجل يتحكمون بنحو ثلثي ثروة البشر، إضافة إلى الكساد الكبير الذي سيمتد على مساحة الكرة الأرضية كلها، وخسائر الدول جميعها، بما سيغير من خارطة العالم الاقتصادية، ومن ثم السياسية.
أي أنه بمعزل عن نظرية المؤامرة، فإن ظهور جائحة كورونا، وانتشارها، رغم أن بعض الدول التي تولي أهمية للاقتصاد على حساب حياة البشر، مثل إسرائيل وأميركا، قد دفع بها، إلى البدء باتباع سياسة التعايش مع مرض، إلا أنه سيمر وقت طويل، ليس أقل من عام قادم، حتى يتم التوصل للقاح المعالج، وذلك خشية الانهيار الاقتصادي.
أي أن ظهور «كورونا» أجج من حالة الحرب التجارية التي كان قد بدأها ترامب، منذ دخل البيت الأبيض، وبدأ في فرض الضرائب على البضائع المستوردة، من الصين وغيرها، وبدأ في فرض القيود على عمليات التبادل التجاري مع الجميع، بما في ذلك أوروبا وكندا، كذلك في فرض الإتاوات على كثير من الدول، ومنها دول الشرق الأوسط، حيث جميع المليارات، وكل ذلك بهدف تعزيز الاقتصاد الأميركي في مواجهة الاقتصاد المنافس، وخاصة اقتصاد الصين، لمنع إقامة نظام عالمي متعدد الأقطاب، يضع مصلحة البشرية كأولوية على مصلحة الأثرياء الأميركيين والأثرياء في العالم، حيث معروف أن الاقتصاد الصيني إنما هو اقتصاد دولة، أكثر منه اقتصاد قطاع خاص أو اقتصاد أفراد، الغلبة بتقديرنا في النهاية ستكون لدولة فتية، واقتصاد فتي وصاعد، والحياة دائما تتجاوز الشائخ من الأفراد والدول، وتتقدم إلى الأمام دائماً.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أميركا تخسر في مواجهة الصين أميركا تخسر في مواجهة الصين



GMT 14:39 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

007 بالمؤنث

GMT 14:37 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

هل هي نهاية الخلاف السعودي ـ الأميركي؟

GMT 14:31 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

الجنرال زلزال في سباق أنقرة إلى القصر

GMT 03:38 2023 السبت ,04 آذار/ مارس

في حق مجتمع بكامله

هيفاء وهبي تتألّق بفستان مرصع بالكريستال

القاهرة - فلسطين اليوم
هيفاء وهبي خطفت الأنظار بالتزامن مع احتفالها بعيد ميلادها بأناقتها ورشاقتها التي ظهرت بها خلال حفلها الأخير الذي أحيته في قطر، حيث أبهرت النجمة اللبنانية جمهورها على المسرح بطلتها اللامعة بفستان مرصع بالكامل بحبات الكريستال، وبهذه الإطلالة تعود هيفاء وهبي لستايل الفساتين المجسمة التي تتباهي من خلالها بجمال قوامها وهو التصميم الذي كانت تفضله كثيرا أيقونة الموضة، وذلك بعد اعتمادها بشكل كبير على صيحة الجمبسوت التي أطلت بها في معظم حفلاتها السابقة. هيفاء وهبي سحرت عشاقها في أحدث ظهور لها على المسرح خلال حفلها الأخير بقطر بإطلالة جذابة بتوقيع نيكولا جبران، حيث اعتمدت أيقونة الموضة مجددا التصميم المحدد للقوام مع الخصر الذي يبرز بقصته الضيقة مع الحزام جمال قوامها، حيث تمايلت هيفاء وهبي على المسرح بأسلوبها الأنثوي المعتاد بف...المزيد

GMT 00:06 2018 الثلاثاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وزير داخلية بوينس آيرس يستقيل من منصبه

GMT 01:24 2017 الخميس ,12 تشرين الأول / أكتوبر

النجم جورج وسوف يحيي حفلة غنائية في فرنسا

GMT 21:04 2017 الأربعاء ,05 تموز / يوليو

نجم الفريق تامر صيام يحسم موقفه من هلال القدس

GMT 05:49 2017 الخميس ,12 كانون الثاني / يناير

هنا الزاهد نؤكد خوض تجربة المسلسل الكارتوني لأول مرة

GMT 07:21 2019 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

6 أخطاء شائعة يجب تجنبها عند إنشاء "كملة سر" صعبة

GMT 10:51 2019 الأحد ,07 إبريل / نيسان

هنري جاك يواصل إبداعه في مجموعة Les Classiques de HJ

GMT 00:18 2018 الجمعة ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

طريقة تحضير مشروب التمر هندي بالكركديه

GMT 06:07 2018 الجمعة ,14 أيلول / سبتمبر

الصبار يحميك من السرطان ويحافظ على صحة بشرتك

GMT 06:41 2018 الجمعة ,02 آذار/ مارس

عمليات التجميل ترتفع بنسبة 200 % بين النساء

GMT 17:12 2017 الثلاثاء ,31 تشرين الأول / أكتوبر

أنوشكا تستضيف في صالونها ليلى علوي وإلهام شاهين ويسرا

GMT 22:58 2017 الثلاثاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

مكياج بوحي الساحل الشرقي والغربي الأميركي من جيجي حديد

GMT 16:16 2017 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مصطفى مراد يُعلن ترشحه لانتخابات الأهلي

GMT 19:16 2017 الإثنين ,25 أيلول / سبتمبر

تصريح وزير الخارجية السوري وليد المعلم
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday