عن فجوة كورونا من زاوية أخرى
آخر تحديث GMT 04:53:15
 فلسطين اليوم -

عن فجوة "كورونا" من زاوية أخرى !

 فلسطين اليوم -

عن فجوة كورونا من زاوية أخرى

رجب أبو سرية
بقلم : رجب أبو سرية

ما كاد هذا العام بشكله المتميز 2020 المكون من عشريتين يبدأ، حتى ظهر فيروس كوفيد 19، ليجتاح العالم بأسره فيوقع ملايين الإصابات ومئات آلاف القتلى، كما لو كان حرباً عالمية جاءت من الفضاء الخارجي، لتقع على رأس البشرية جمعاء، ولتقلب حياة الناس رأساً على عقب، وتكون شغلهم الشاغل ليل نهار، فلا تهتم الدول والمجتمعات طوال اشهر نصف السنة الأول بشيء آخر، سوى كيفية مواجهة هذا الوباء الفتاك، والهرب من الموت الذي يجره بمخالبه ويلقي به في وجوه الناس.

ما يلفت النظر أولاً وقبل كل شيء، هو أن الوباء الذي ظهر بقوته الضاربة في البر الصيني آخر العام الماضي، وأصاب عشرات الآلاف خلال أسابيع قليلة، سرعان ما انحسر من الصين، بعد أن كان قد انتقل او ظهر في معظم دول العالم، ورغم ان أوروبا ومن ثم الولايات المتحدة، قد تعرضت له في وقت متأخر نسبياً، إلا أنه فتك بقوة في دول أوروبا المركزية، أي إيطاليا، إسبانيا، فرنسا، بريطانيا وألمانيا، وفي نفس التوقيت تقريبا في الولايات المتحدة، ثم روسيا، اما في الشرق الأوسط فقد ظهر في كل من إيران وتركيا وإسرائيل، كذلك في دول الخليج، أكثر مما ظهر عليه في باقي دول المنطقة.

كان واضحاً منذ البداية، بأن درجة او شدة انتشار الوباء، لها علاقة بمستوى انفتاح دولة ما على العالم الخارجي، كذلك بدرجة التواصل الاجتماعي، الاحتشاد والتجمع، ولأنه لم يكن بمقدور العالم التوصل سريعاً لمصل معالج للوباء، فقد كانت الطريقة الوحيدة لمكافحته تتمثل في إجراءات التباعد الاجتماعي والحجر المنزلي للناس، ووقف كل مظاهر التجمع والتواصل، من خلال إغلاق المطارات ووقف الرحلات الجوية

والبحرية وحتى البرية، أي إغلاق الدول، أمام السياحة الخارجية، كذلك وقف دوريات كرة القدم، حيث يتجمع عشرات آلاف المشجعين في الملاعب، وفي بلادنا منع الاحتفالات، في مناسبات الأعراس والعزاء، كذلك إغلاق دور العبادة أمام الصلوات الجماعية، وما إلى ذلك من إجراءات.

المشكلة ان هذه الإجراءات كان من شأنها التأثير السلبي على عجلة الاقتصاد، لذا فلم يكن من مصلحة رجال الأعمال، وأصحاب الشركات والأثرياء عموماً، ان يستمر الإغلاق والانغلاق الى مدى بعيد، وهكذا وجدت الدول والحكومات نفسها في موقف صعب، بين ضغط رجال الأعمال عليها للتعايش مع «كورونا» وبين واجبها في الحفاظ على أرواح البشر.

لوحظ بالطبع ان هناك علاقة عكسية بين حجم الإصابات والوفيات في الدول، فمثلاً الدول الغنية مثل ألمانيا، اليابان، كوريا الجنوبية، ودول الخليج الثلاث: قطر، السعودية والإمارات، كانت نسبة الوفيات فيها مقارنة بنسبة الإصابات محدودة، بسبب انها تمتلك بنية صحية متقدمة.

وفي الدول التي فيها مؤسسات قوية وحكومات فاعلة، فرضت بقوة إجراء العزل، تم احتواء الوباء الى حدود بعيدة، وهذا ما يفسر احتواءه في الصين مثلاً، وفي الأردن الذي اتبع سياسة صارمة، وكذلك في فلسطين بالمرحلة الاولى، حيث مرت تقريباً ستة شهور، أصاب خلالها الوباء نحو خمسمائة حالة فقط، ووفيات لم تتجاوز أصابع اليد الواحدة.

لكن في الولايات المتحدة، كانت إدارة ترامب المنحازة للأثرياء سببا في الانتشار المريع في عموم الولايات المتحدة الأميركية، ثم لاحقاً في عدة دول من أميركا اللاتينية، ولعل انسحاب الولايات المتحدة لاحقاً من منظمة الصحة العالمية، يدل بشكل واضح على رفض البيت الأبيض لكل ما كانت تطالب به المنظمة الدولية، من استمرار إجراءات العزل والتباعد الاجتماعي.

وفي كثير من الدول واجهت الحكومات المنحازة للحفاظ على حياة الناس، الجماعات المتشددة، التي تحرص على الإبقاء على سيطرتها الجماهيرية من خلال التجمعات في المناسبات الاجتماعية وغيرها، وحيث كانت تظهر قوة الدولة أقل مما يجب، كان «التمرد» على القرارات الحكومية بالتباعد الاجتماعي سببا في تفشي المرض.

هذا ما يفسر تعرض بعض مناطق او محافظات دولة فلسطين، لانتشار ثان للوباء، بأشد ما ظهر عليه في المرحلة السابقة، بحيث أنه أصاب بضعة آلاف خلال عدة أسابيع فقط، تلت عيد الفطر، في مناطق محددة اكثر من غيرها، تحديداً في الخليل وبيت لحم ومحيط القدس.

لقد أظهر وباء كورونا وجود فجوة هائلة بين جشع الأثرياء والأغنياء، وبين الرغبة في الحفاظ على أرواح الناس، وبعد ان كانت حكومة دولة فلسطين قد نجحت في احتواء الوباء، كما حدث مع الجارة العزيزة الأردن، وجدت نفسها مجدداً تواجه التحدي الصعب، في وقت كانت هي أحوج فيه للتفرغ لمقارعة العدو الإسرائيلي، فيما يخص استحقاق إعلان الضم، ومازالت الحكومة تقارع من يدفعون بالأمر الى «إغراق» السلطة وإشغالها في مواجهة الجائحة.

تبدي الحكومة مرونة بينة، من خلال السماح بفتح المحلات التجارية شريطة الإلتزام بتعليمات السلامة العامة، وهذا يتطلب متابعة الأمر ميدانيا، وذلك لتحقيق المثل القائل، لا يموت الذئب ولا تفنى الغنم، فلا أحد يطالب اليوم بإقامة النظام الإشتراكي مثلا، ولكن قليلا من العدالة الاجتماعية وإعطاء الإعتبار لارواح البشر .

قد يهمك أيضا :  

لا شيء يمضي في اتجاه واحد

   حرب وراثة في اليمين الإسرائيلي

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عن فجوة كورونا من زاوية أخرى عن فجوة كورونا من زاوية أخرى



GMT 14:39 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

007 بالمؤنث

GMT 14:37 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

هل هي نهاية الخلاف السعودي ـ الأميركي؟

GMT 14:31 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

الجنرال زلزال في سباق أنقرة إلى القصر

GMT 03:38 2023 السبت ,04 آذار/ مارس

في حق مجتمع بكامله

هيفاء وهبي تتألّق بفستان مرصع بالكريستال

القاهرة - فلسطين اليوم
هيفاء وهبي خطفت الأنظار بالتزامن مع احتفالها بعيد ميلادها بأناقتها ورشاقتها التي ظهرت بها خلال حفلها الأخير الذي أحيته في قطر، حيث أبهرت النجمة اللبنانية جمهورها على المسرح بطلتها اللامعة بفستان مرصع بالكامل بحبات الكريستال، وبهذه الإطلالة تعود هيفاء وهبي لستايل الفساتين المجسمة التي تتباهي من خلالها بجمال قوامها وهو التصميم الذي كانت تفضله كثيرا أيقونة الموضة، وذلك بعد اعتمادها بشكل كبير على صيحة الجمبسوت التي أطلت بها في معظم حفلاتها السابقة. هيفاء وهبي سحرت عشاقها في أحدث ظهور لها على المسرح خلال حفلها الأخير بقطر بإطلالة جذابة بتوقيع نيكولا جبران، حيث اعتمدت أيقونة الموضة مجددا التصميم المحدد للقوام مع الخصر الذي يبرز بقصته الضيقة مع الحزام جمال قوامها، حيث تمايلت هيفاء وهبي على المسرح بأسلوبها الأنثوي المعتاد بف...المزيد

GMT 07:26 2019 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"السرطان" في كانون الأول 2019

GMT 21:30 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

الشرق الأوسط والموعد الصيني

GMT 14:58 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

محمد رمضان يتحدّى منافسيه بفيلمه "هارلي"

GMT 08:30 2016 الأحد ,10 إبريل / نيسان

الشمر للتخسيس وعلاج الإمساك وعسر الهضم

GMT 04:46 2024 الإثنين ,08 كانون الثاني / يناير

أفكار مبتكرة للفواصل في ديكور المنازل العصرية

GMT 12:47 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

تعرف على أفضل وأهم المطاعم في الكويت

GMT 15:37 2017 الخميس ,05 كانون الثاني / يناير

يوليا جورج تقصي كارولين فوزنياكي في بطولة "أوكلاند" للتنس

GMT 17:58 2016 الإثنين ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

الضابطة الجمركية تضبط 730 كروز سجائر ومعسل مهربة

GMT 02:35 2017 السبت ,01 إبريل / نيسان

إعادة افتتاح تيت سانت آيفيس على شاطئ بورثمور

GMT 07:19 2019 السبت ,19 تشرين الأول / أكتوبر

تعرفي على طريقة تنسيق اللون البيج مع الحجاب

GMT 17:52 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

منتجع "المها" فخامة عربية في صحراء دبي

GMT 23:07 2017 الثلاثاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الأزهر يدين التفجير الانتحاري في نيجيريا
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday