لماذا لا تتعظ الحكومات
آخر تحديث GMT 04:53:15
 فلسطين اليوم -

لماذا لا تتعظ الحكومات؟!

 فلسطين اليوم -

لماذا لا تتعظ الحكومات

بقلم-عماد الدين حسين

حينما ظهر حسنى مبارك ممددا على سرير طبى فى أول مشهد لمحاكمته عام ٢٠١٢، ورد على القاضى بقوله: «أفندم» كتبت وقلت إن أى رئيس سيأتى بعده سيتعظ ويفكر مليار مرة قبل أن يتخذ أى قرار خاطئ، أو سياسات ضد غالبية المواطنين.
لم يمضِ على هذا المشهد شهور قليلة، إلا وكان محمد مرسى وجماعة الإخوان يتخذون أخطر وأسوأ القرارات، بما كان يهدد هوية مصر، أصدروا الإعلان الدستورى فى نوفمبر ٢٠١٢، الذى أمم الحياة السياسية فعليا، وحاصروا المحكمة الدستورية، وعزلوا النائب العام، وانتهى الأمر بهم إلى صدام مع معظم إن لم يكن كل المجتمع وقواه الحية من الأحزاب والنقابات إلى القضاء والإعلام نهاية بالشرطة والجيش.

لماذا أسوق الآن هذا المثال والتصرف الذى قام به كل من مبارك ومحمد مرسى؟!
حينما فعل الإخوان ذلك، أدركت بعدها أننى كنت وغيرى كثيرون ساذجين لاعتقادنا، أن السياسيين بغض النظر عن انتماءاتهم، لا يفكرون بنفس الطريق التى يفكر بها المواطن العادى. وأسترجع هذا المثال اليوم للتدليل على أن الحكومات والسياسيين يتصرفون ويفكرون بطريقة مختلفة تماما، عن تلك التى نفكر بها نحن المواطنين العاديين.

لا أكتب اليوم عن مصر التى تشهد استقرارا إلى حد كبير، لكن أكتب عن الأحداث التى شهدتها منطقتنا فى الفترة الأخيرة، وتشير إلى أن بعض الحكومات تتصرف، وكأن لا أحد سوف يحاسبها أو يكشفها، كما أنها تعتقد أن الرأى العام لا قيمة له على الإطلاق، وأنه يمكن الإفلات من أى مساءلة أو محاسبة أو محاكمة مهما كان نوع الجرم؟!. وقد يسأل البعض وماذا أقصد بالكتابة اليوم؟. الاجابة يمكنكم ان تنظروا إلى بعض القرارات العربية والدولية فى الشهور الثلاثة الماضية، والتى تسببت فى هزات خطيرة بالمنطقة بأكملها.

بالمنطق البسيط، فلو ان أى شخص أو طرف أو جهة أو حكومة فكر قليلا قبل اتخاذ أى قرار أو إجراء أحمق، وتحسب للعواقب والتداعيات، فأغلب الظن أنه لن يقدم عليه، وبالتالى، فالمعنى أن من يتخذ القرارات الهوجاء يعتقد غالبا أنه سيفلت من أى عقاب.
التفسير المثالى يقول لو إن أى شخص فكر فى العواقب فلن يقدم على أى خطأ، وهذا التفسير يخالف الواقع غير المثالى، والذى يعتمد بالأساس على حقائق القوة الشاملة وليس على قواعد الأخلاق. لو كان هذا التفكير المثالى هو السائد لتحولنا إلى ملائكة، ولتحولت حياتنا إلى جنة على الأرض.
لكن للموضوعية، فالفارق الأساسى الذى يحد من تحول الافراد أو الحكومات إلى وحوش ضارية، هو إحساس أى متخذ قرار بحجم المساءلة التى سيواجهها، إذا ما أقدم على اتخاذ قرار خاطئ، أو فعل أحمق، أو جريمة شنعاء.
وبالتالى فإن السؤال الجوهرى هو: ما الفارق بين المسئول السياسى فى البلدان الديمقراطية، ونظيره فى البلدان القائمة على القمع والاستبداد؟!.
فى النموذج الأول يدرك السياسى أو المسئول أنه لو أقدم على أى إجراء أهوج فسوف يخضع لمساءلات وتحقيقات وربما ملاحقات ومحاكمات. ثم إن فكرة أن يقوم المسئول باتخاذ قرار كبير وخطير مثل هذا بصورة فردية، أمر صعب إن لم يكن مستحيلا، لأن هناك درجات مختلفة من المراقبة والمحاسبة، بحيث إن صانع القرار الأخير ليس وحده من يتخذ القرار.

العكس هو الصحيح فى غالبية بلدان منطقتنا العربية والافريقية. المسئول يتخذ القرار، ولا أحد يناقشه تقريبا، بل إن غالبية من حوله يسبحون بعبقريته، ويتفنون فى تجميل القرار الكارثى، رغم علم بعضهم أنه قرار مدمر.
فى النموذج الأول هناك مؤسسات قوية متنوعة من برلمانات ونقابات وأحزاب ومجتمع مدنى وصحافة حرة ومؤسسات بحثية، وجماعات مصالح، تدرس وتفكر وتراقب وتساءل وتحاكم، بل وتعزل الرئيس نفسه اذا اخطأ. وفى النموذج الثانى يكاد يختفى كل ذلك، ولو تواجد يكون بصورة شكلية كرتونية. وبالتالى يسهل اتخاذ القرارات المدمرة، بل وإعادة تكرارها أكثر من مرة، إلى أن تحدث مصيبة، فيبدأ البعض فى التساؤل ما الذى أوصلنا إلى ذلك؟! عندها يتوقف اتخاذ القرارات الخاطئة لفترة، ثم تعود ريمة لعادتها القديمة، ولا يحدث التغيير الجوهرى، وبعدها تكون هذه المجتمعات فى انتظار المصيبة التالية!!. ولا حول ولا قوة الا بالله.

نقلًا عن الشروق

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لماذا لا تتعظ الحكومات لماذا لا تتعظ الحكومات



GMT 14:39 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

007 بالمؤنث

GMT 14:37 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

هل هي نهاية الخلاف السعودي ـ الأميركي؟

GMT 14:31 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

الجنرال زلزال في سباق أنقرة إلى القصر

GMT 03:38 2023 السبت ,04 آذار/ مارس

في حق مجتمع بكامله

هيفاء وهبي تتألّق بفستان مرصع بالكريستال

القاهرة - فلسطين اليوم
هيفاء وهبي خطفت الأنظار بالتزامن مع احتفالها بعيد ميلادها بأناقتها ورشاقتها التي ظهرت بها خلال حفلها الأخير الذي أحيته في قطر، حيث أبهرت النجمة اللبنانية جمهورها على المسرح بطلتها اللامعة بفستان مرصع بالكامل بحبات الكريستال، وبهذه الإطلالة تعود هيفاء وهبي لستايل الفساتين المجسمة التي تتباهي من خلالها بجمال قوامها وهو التصميم الذي كانت تفضله كثيرا أيقونة الموضة، وذلك بعد اعتمادها بشكل كبير على صيحة الجمبسوت التي أطلت بها في معظم حفلاتها السابقة. هيفاء وهبي سحرت عشاقها في أحدث ظهور لها على المسرح خلال حفلها الأخير بقطر بإطلالة جذابة بتوقيع نيكولا جبران، حيث اعتمدت أيقونة الموضة مجددا التصميم المحدد للقوام مع الخصر الذي يبرز بقصته الضيقة مع الحزام جمال قوامها، حيث تمايلت هيفاء وهبي على المسرح بأسلوبها الأنثوي المعتاد بف...المزيد

GMT 08:58 2024 السبت ,06 كانون الثاني / يناير

حزب الله يستهدف 7 مواقع للجيش الإسرائيلي في جنوب لبنان

GMT 17:36 2020 الثلاثاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجوزاء الإثنين 26 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 06:42 2020 الخميس ,04 حزيران / يونيو

كن قوي العزيمة ولا تضعف أمام المغريات

GMT 10:30 2018 الأربعاء ,05 كانون الأول / ديسمبر

الناتو يقرر تمديد وجوده في أفغانستان حتى عام 2024

GMT 04:31 2018 الثلاثاء ,12 حزيران / يونيو

"حماس" تستنكر "زيارات تطبيع" مع الكيان الإسرائيلي

GMT 04:19 2017 الإثنين ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

الصفراء عند الأطفال الأسباب والأعراض والعلاج

GMT 01:44 2017 الخميس ,26 تشرين الأول / أكتوبر

ودّعي جميع الروائح الكريهة في الرخام بمواد في كل مطبخ

GMT 11:26 2017 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

النجم محمد رجب يبدأ تصوير مشاهده في فيلم "بيكيا" الجمعة

GMT 14:19 2017 الثلاثاء ,31 كانون الثاني / يناير

رونالدينيو غير نادم على عدم المشاركة في البريميرليغ

GMT 03:41 2015 الإثنين ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

هولي هولم تهزم روندا روزي بالضربة القاضية في ملبورن

GMT 23:27 2016 الأحد ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

الفنانة ماجدة الصباحي بخير ولم تجر عملية جراحية

GMT 00:26 2016 الإثنين ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

سيارة سباقات بورش تتألق في معرض لوس أنجلوس

GMT 08:25 2017 الخميس ,19 كانون الثاني / يناير

التشوهات الجسدية كانت وسيلة لكسب الرزق قديمًا
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday