معادلة الإرباك والانهماك في إسرائيل
آخر تحديث GMT 04:53:15
 فلسطين اليوم -

معادلة الإرباك والانهماك في إسرائيل

 فلسطين اليوم -

معادلة الإرباك والانهماك في إسرائيل

عبد المجيد سويلم
بقلم : عبد المجيد سويلم

لا أتصوّر أن إسرائيل قد تعرضت للإرباك الذي نلاحظه عليها اليوم.
في السابق وفي مراحل مفصلية وحرجة كان الإرباك يتخذ الطابع الأمني، مبطناً أو مغلفاً به، وكان الإرباك يتخذ الطابع السياسي والدبلوماسي، واتخذ هذا الإرباك طابعاً عسكرياً في معركة الكرامة، ثم في حرب تشرين، وفي حرب تموز 81، ثم في تموز 2006، وربما في مفاصل أخرى.

كما عانت إسرائيل من إرباكات اقتصادية في ثمانينيات القرن الماضي أوصلتها إلى معدلات غير مسبوقة إلى حينه من البطالة والتضخّم.
الارتباك الذي نشهده اليوم والانهماك السياسي والفكري والأمني الناتج عن هذا الارتباك والمسبب له، أيضاً، هو بكل المقاييس حالة نوعية جديدة لم تشهدها إسرائيل منذ تأسيسها وحتى يومنا هذا.
يشعر الجميع في إسرائيل بهذا الإرباك والارتباك، ويستشعرون ما يمكن أن ينتج عنه، وما سيرتبه عليهم من تبعات ومن استحقاقات.

«الموساد» له تقدير مختلف عن تقدير «الشاباك»، والاستخبارات العسكرية لها تقديرات مختلفة وربما متناقضة مع تقديرات الشرطة، ولدينا تقديرات واشتراطات متباينة بين غانتس ونتنياهو، كما لدينا تقديرات متعارضة بين اتجاهين، وربما ثلاثة داخل صفوف المستوطنين أنفسهم.
ولدينا إضافةً إلى كل ذلك تباينات ليست متعارضة وإنما متناقضة مع ما يسمى «الوسط» و»اليسار».

تتقاطع وتتشابك هذه المواقف مع قراءات متعارضة ومتناقضة للموقف الأميركي، وحدوده، وحقيقة اشتراطاته، وفيما إذا كانت تتوفر إمكانية أصلاً لمثل هذه القراءة.
لكن الموقف الإقليمي والأوروبي [الأسهل للقراءة والتمحيص] هو الأصعب من كل القراءات، ومن بين كل الاحتمالات. فالبعض يراها هامشية، وليس لها تأثير وثقل حقيقي على قرارات الحكومة الإسرائيلية بالسلخ والاستيلاء، في حين يحذر البعض الآخر من تبعات المواقف الأوروبية إن كان على صعيد الاعترافات التي تبدو أنها ستكون تباعاً بالدولة الفلسطينية، واتخاذ إجراءات تصل إلى مستويات غير مسبوقة، بحيث تنقل المواقف الأوروبية من دائرة الشجب والاستنكار إلى دائرة الردع والتصدي، مهما كانت، وعلى أي درجة بدأت.

كما يحذر البعض من المواقف الإقليمية ويحذر من تبعاتها، إن كان لجهة إبطاء التطبيع، أو وقفه أو إن كان لجهة وصول بعض المواقف الإقليمية إلى مواقف أعلى من مجرد الاعتراض والتنديد، وخصوصاً في حالة الموقف الأردني ثم الموقف المصري ومواقف أخرى مهمة.

وهنا فإن التعارضات والتناقضات تتحول إلى شروطٍ واشتراطات، ويتم حيالها تحويل وربط برنامج السلخ والاستيلاء بدرجات من «التوافق» مع المحيط الإقليمي، وإلى درجات من التفاهمات المسبقة.
نفس الإرباك والارتباك نلاحظه بوضوح حيال ردود الأفعال الفلسطينية على مخططات إسرائيل.

فمنهم من ينادي بعدم الاكتراث، والاكتفاء «بتحضير» الردود الإسرائيلية الأمنية والعسكرية لمواجهة «موجات» محدودة من الردود الشعبية، في حين يرى آخرون أن ردود الأفعال الفلسطينية ستكون أكبر بكثير من الهبات التي شهدناها في السنوات الأخيرة، وصولاً إلى إمكانية اندلاع انتفاضة ثالثة شاملة وعارمة.

تراهن جماعة عدم الاكتراث على ضعف الحالة الفلسطينية عموماً، وعلى حالة الانقسام وتعزيز اتجاهاته الانفصالية في قطاع غزة، وعلى اتجاهاته «التفككية» في الضفة الغربية، وعلى الحالة الاقتصادية المتردية التي ستحد من إمكانية تحول الحركة الشعبية إلى انتفاضة، في حين يرى الآخرون أن الركون إلى ذلك سيكون خطأً جسيماً سيقلب الكثير من المعادلات ويربك العديد من الحسابات.

في «النقاشات» الأكثر عمقاً يلاحظ أن الافتراقات العمودية والأفقية تصل إلى حدود التأثيرات الاستراتيجية والوجودية لدولة الاحتلال لما سيمثله السلخ والنهب والاستيلاء من «أخطار» تتعلق بالفصل العنصري، و»الدولة الواحدة»، و»الدولة الثنائية القومية» من الزاوية الموضوعية، كما يمتد «النقاش» إلى «جدوى» المشروع الصهيوني من أساسه طالما أن «الضمّ» من شأنه أن «ينهي» دور السلطة الوطنية الفلسطينية، وطالما أنه سيجبر إسرائيل على تولّي شؤون السكان الفلسطينيين ليس فقط في مناطق «الضمّ» وإنما في كل الضفة، إذا فشلت إسرائيل في «إيجاد» قيادات بديلة تقبل بأن تقوم بدور السلطة، ووكيلاً عن سلطة الاحتلال.

ولا تقف الأمور عند هذا الحدّ، فقد بدأنا بملاحظة توجّسات إسرائيلية حيال التعاون «المضمون» من قبل «حماس» والتساوق مع هذا المشروع قبل أن تسحب إسرائيل منها كل السلاح، وقبل أن تتأكد إسرائيل من أن هذا السلاح لم يعد يشكل تحت أي ظرف من الظروف «تهديداً» لها من أي نوع كان.

وحول هذه المسألة بالذات نلاحظ أن «المناقشات» الإسرائيلية لم تعد تستثني أن يكون من بين ردود الأفعال الفلسطينية على خطة البدء بالضمّ موجات من «العنف»، ومن القصف الذي يعكّر على نتنياهو ومعاونيه من المتطرفين «صفو» هذا الضمّ، وصولاً إلى «اضطرار» إسرائيل إلى شن حرب أو حروب جديدة لتجريد فصائل «المقاومة» في غزة من سلاحها، وبما قد يصل الأمر إلى إعادة احتلال القطاع أو أجزاء منه على الأقل.

وهكذا فإن «الضمّ» يمكن أن ينتهي إلى عزلة سياسية، وإلى تراجعات كبيرة في مسار «التطبيع» العربي، وإلى اعترافات بالدولة الفلسطينية تحت الاحتلال مع نهاية السلطة الوطنية، وإلى اصطفاف دولي جديد لصالح فلسطين، وإلى إعادة الاحتلال عملياً دون أن تحقق إسرائيل شيئاً ملموساً واحداً على ما حققته حتى الآن.
كل ما يسمى الضمّ من أساسه وتفاصيله مبنيّ على أوهام ومراهنات موهومة.

فاعتراف ترامب بالضمّ مهما كان لا يؤسّس واقعاً ممتداً، وترامب نفسه ليست مضمونة إعادة انتخابه، و»قصة» «أرض إسرائيل» لم تعد مقبولة من أحد بما في ذلك قطاعات سياسية ومدنية مهمة داخل الولايات المتحدة، وأقلّ منها داخل إسرائيل، وهي لن تقبل أبداً من الشعب الفلسطيني، ولا من الشعوب العربية والإسلامية، ولا من شعوب العالم ومؤسساته السياسية والقانونية، وهي لا تحقق لإسرائيل أي ربح استراتيجي سوى الأرباح الموهومة التي يبحث عنها نتنياهو، والتي ينهمك المجتمع الإسرائيلي بها، ويرتبك بسبب هذا الانهماك أكثر مما انهمك وارتبك أبداً. ولنا عودة.

قد يهمك أيضا :  

   ليبيا في مهبّ العاصفة!

عن مناقشات البيت الأبيض حول «الضم» ؟!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

معادلة الإرباك والانهماك في إسرائيل معادلة الإرباك والانهماك في إسرائيل



GMT 14:39 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

007 بالمؤنث

GMT 14:37 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

هل هي نهاية الخلاف السعودي ـ الأميركي؟

GMT 14:31 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

الجنرال زلزال في سباق أنقرة إلى القصر

GMT 03:38 2023 السبت ,04 آذار/ مارس

في حق مجتمع بكامله

هيفاء وهبي تتألّق بفستان مرصع بالكريستال

القاهرة - فلسطين اليوم
هيفاء وهبي خطفت الأنظار بالتزامن مع احتفالها بعيد ميلادها بأناقتها ورشاقتها التي ظهرت بها خلال حفلها الأخير الذي أحيته في قطر، حيث أبهرت النجمة اللبنانية جمهورها على المسرح بطلتها اللامعة بفستان مرصع بالكامل بحبات الكريستال، وبهذه الإطلالة تعود هيفاء وهبي لستايل الفساتين المجسمة التي تتباهي من خلالها بجمال قوامها وهو التصميم الذي كانت تفضله كثيرا أيقونة الموضة، وذلك بعد اعتمادها بشكل كبير على صيحة الجمبسوت التي أطلت بها في معظم حفلاتها السابقة. هيفاء وهبي سحرت عشاقها في أحدث ظهور لها على المسرح خلال حفلها الأخير بقطر بإطلالة جذابة بتوقيع نيكولا جبران، حيث اعتمدت أيقونة الموضة مجددا التصميم المحدد للقوام مع الخصر الذي يبرز بقصته الضيقة مع الحزام جمال قوامها، حيث تمايلت هيفاء وهبي على المسرح بأسلوبها الأنثوي المعتاد بف...المزيد

GMT 10:42 2020 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

تحديد موعد إجراء قرعة دوري المحترفين والأولى

GMT 10:04 2024 السبت ,06 كانون الثاني / يناير

الأطعمة الدهنية تؤثر سلبًا على الجهاز المناعي والدماغ

GMT 18:00 2017 الجمعة ,14 إبريل / نيسان

أوزيل يرد على انتقادات جماهير أرسنال

GMT 03:12 2019 الأحد ,14 إبريل / نيسان

ظلال عيون يناسب صاحبات البشرة السمراء

GMT 07:08 2019 الثلاثاء ,05 شباط / فبراير

أشهر الأماكن للسياحة في روسيا خلال موسم الشتاء

GMT 14:23 2018 الأربعاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أليغري يفضّل جلوس رونالدو على مقاعد البدلاء أمام "أتلانتا"

GMT 14:19 2017 الأربعاء ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

رفع دعوى قضائية ضد الملحن فارس اسكندر بعد تطاوله على الكعبة

GMT 17:01 2017 الثلاثاء ,31 تشرين الأول / أكتوبر

رئيس الأولمبية الإسبانية يبرز قوة الرياضة لحل أزمة كتالونيا

GMT 17:32 2019 الخميس ,31 كانون الثاني / يناير

الصافي يمنح لاعبات «طائرة الأهلي» راحة من التدريبات

GMT 01:56 2019 الثلاثاء ,15 كانون الثاني / يناير

قوات الاحتلال الإسرائيلي تعتدي على إمام المسجد الأقصى

GMT 17:49 2018 الخميس ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

"La Reserve Geneve" لقاء بين الرفاهية والكمال في آن واحد
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday