عن محسن إبراهيم
آخر تحديث GMT 04:53:15
 فلسطين اليوم -

عن محسن إبراهيم

 فلسطين اليوم -

عن محسن إبراهيم

عبير بشير
بقلم : عبير بشير

رحل محسن إبراهيم عن عالمنا فخسر المشرق العربي جزءاً من ذاكرته السياسية. كان "السيد" محسن إبراهيم ابن بلدة أنصار الجنوبية في سن الثالثة عشرة عندما وقعت نكبة ١٩٤٨ وشهد الجنوب تدفق اللاجئين الفلسطينيين، ما أثر في تكوين شخصية الفتى، فنشأ لبناني الانتماء، فلسطيني القلب، عربي الهوى، وسيصاحب في مسيرته السياسية لاحقاً الثلاثة الكبار، الزعيم عبد الناصر والقائد أبو عمار والمعلم كمال جنبلاط.
أثبت محسن إبراهيم وهو من عائلة شيعية، أنه أحد حراس الحلم بتغيير النظام الطائفي في لبنان وبتحرير فلسطين والجنوب اللبناني من الاحتلال الإسرائيلي.

لم يقتصر نضاله على الكفاح المسلح فحسب، والإعلان عن"جبهة المُقاومة الوطنية اللبنانية" بعد الغزو الإسرائيلي عام 1982 من منزل كمال جنبلاط، مع الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني جورج حاوي، بل كان يقود نضالاً ثقافياً بأعبائه الحضارية.

انضم محسن إبراهيم مبكراً إلى حركة القوميين العرب، التي تأسست في مطلع خمسينيات القرن الماضي. وكان أحد مؤسسي تنظيم الشباب القومي العربي عام 1951 مع جورج حبش ووديع حداد وآخرين، متأثرين بالمناخ الذي استولدته نكبة فلسطين في العام 1948. لاحقاً صار أحد أبرز كوادر ومؤسسي حركة القوميين العرب. نجح خلال فترة وجيزة في أن يبني صلة قوية مع جمال عبد الناصر، قائد ثورة يوليو.

 

يقول الكاتب اللبناني سمير عطا الله: "كان عبد الناصر في ذروة شعبيته، لا يخفي أمام أحد إعجابه بشاب لبناني يدعى محسن إبراهيم، يوم كانت زعامات لبنان في القاهرة تنتظر موعداً في منشية البكري، وأعتقد أن محسن إبراهيم، ضرب بسحره جميع من عرف من الزعماء... آسر الخطاب، تحيط به هالة من الذكاء البرّاق ولمحات الظرف النادر، وبحر من الثقافات، التي يرثها شيعة الجنوب مع الحرمان وإغراء التمرد".

ويقول كل من عرف محسن إبراهيم عن قرب: إنه شخصية حيوية ‏يمتلك جاذبية، ودعابة سياسية، تميل دائماً للالتقاط المفارقات، والابتسام، ولا يخل ذلك بجديته وبراعته في التعبير وفي صوغ الجملة السياسية. إلى جانب براعة المفكر والمحلل وألمعية السياسي، ولطالما قال له كمال جنبلاط: كم تخبئ تحت صلعتك يا محسن"...

وأغرب ما في علاقة محسن إبراهيم بمصر وفلسطين، أنه هو الذي نظّم لقاء "الختيار" ياسر عرفات الأول مع جمال عبد الناصر.
كان "أبو خالد" وثيق الصلة بالراحل ياسر عرفات، علاقة ظلت مستمرة إلى حين استشهاد أبو عمار. كما كان على علاقة نضالية وثيقة، مع الرئيس أبو مازن. ظل محسن إبراهيم وفياً للمقاومة الفلسطينية حتى رمقه الأخير، لذا يمكن القول: إنه من أكثر اللبنانيين الذين يحظون بعاطفة فلسطينية خاصة، دفعت القيادة الفلسطينية إلى إعلان الحداد عليه في رام الله، وقامت بتنكيس العلم الفلسطيني.
لم يكن محسن إبراهيم المستشار الأول لياسر عرفات في الشؤون اللبنانية، فقط، بل أحد أعضاء قيادة منظمة التحرير الفلسطينية غير المعلنين، والمشرف المباشر أو غير المباشر على الحركة السياسية الفلسطينية في لبنان.

لعب محسن إبراهيم دور ضابط وناظم إيقاع تحالف جنبلاط - عرفات، وسائر أركان الحركة الوطنية. وحين اغتيل جنبلاط وكان ذلك بمثابة ضربة في الصميم وكانت مقدمة لإخراج الثورة الفلسطينية من أهم الساحات، حمل محسن إبراهيم الراية، كان مقاتلاً في مواجهة كل المؤامرات التي حيكت لضرب الثورة الفلسطينية في لبنان.

في عقدي الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي، وبتكليف من أبو عمار، لعب محسن إبراهيم دوراً محورياً بعد اتفاق الطائف ولجهة تسليم السلاح الفلسطيني الثقيل أسوة بالأحزاب اللبنانية، كما كان أبو خالد حاضراً في كل القضايا المتعلقة بمعالجة ملفات سياسية وأمنية بين المخيمات ومحيطها.

وظلت "الفلسطينية" طاغية على هوية محسن إبراهيم، إلى درجة أنه كان اللبناني الوحيد الذي واكب من تونس مسار اتفاق أوسلو.
ولكن ذلك لم يمنع محسن إبراهيم من أن يمتلك جرأة بالغة، ليقوم بمراجعة نقدية لمرحلة مفصلية من تجربة الحركة الوطنية، وعبر عن ذلك بإعلانه في ذكرى الأربعين لاغتيال رفيق دربه جورج حاوي، أن "الحركة الوطنية" ارتكبت خطأين: "الأول أنها في معرض دعمها نضال الشعب الفلسطيني ذهبت بعيداً في تحميل لبنان من الأعباء المسلحة للقضية الفلسطينية فوق ما يحتمل". واعتبر أن الخطأ الثاني "هو استسهالنا ركوب سفينة الحرب الأهلية تحت وهم اختصار الطريق إلى التغيير الديمقراطي، وتغيير بنية النظام الطائفي، دون الأخذ بعين الاعتبار طبيعة التركيبة اللبنانية الداخلية فائقة الحساسية.

دفع محسن إبراهيم ورفاقه كلفة دفاعهم عن القرار اللبناني والفلسطيني المستقل في وجه الهيمنة السورية، وإبان الوصاية السورية على لبنان، انسحب مُحسن إبراهيم إستراتيجياً من اللعبة الداخلية السياسية اللبنانية، لقد ترفع عن يوميات السياسة اللبنانية بمعناها "المبتذل" التي كان منفذوها حديثي النعمة السياسية من فئة المياومين. كان همّه فلسطين، ولا يُريد أن يضيع في أزقة بيروت.

محسن إبراهيم، صاحب التجربة الريادية التراكمية في مسيرته النضالية والفكرية، لم يغير من ثوابته الوطنية والقومية والعقائدية، ولكن دفعته هزيمة حزيران، للانتقال فكرياً وأيديولوجياً من "حركة القوميين العرب" إلى منظمة الاشتراكيين اللبنانيين، قبل أن يؤسس "منظمة الاشتراكيين اللبنانيين"، وفي سنة 1970 اندمج تنظيمه مع "لبنان الاشتراكي"، ليشكل "منظمة العمل الشيوعي في لبنان". ومن ثم أصبح محسن إبراهيم أمينا عاماً للمنظمة. وصولاً إلى الانكفاء الاختياري عن المسرح السياسي، وحل المنظمة دون إعلان رسمي.

وشكلت مراجعات بطريرك اليسار محسن إبراهيم في بداية الألفين، محاولة لتفكيك أزمة اليسار في العالم، ذلك أن الأزمة الفكرية طالت جميع الأحزاب الشيوعية والاشتراكية واليسارية، خصوصاً بعد تفكك الاتحاد السوفياتي، وصعود النيوليبرالية ونشوء العولمة وثورة المعلوماتية، والتغيير الجذري في أنماط الإنتاج، فضلاً عن التحولات الاقتصادية في الصين.
كان صمت محسن إبراهيم، في السنوات الأخيرة، يدوي بالخيبة والقهر والعجز عن القبض على الأحلام بالنواجذ، ورحل قبل أن يشهد تحرير فلسطين.

قد يهمك أيضا : 

  ميركل مديرة أزمات أوروبا

عن مأزق الحكومة اللبنانية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عن محسن إبراهيم عن محسن إبراهيم



GMT 14:39 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

007 بالمؤنث

GMT 14:37 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

هل هي نهاية الخلاف السعودي ـ الأميركي؟

GMT 14:31 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

الجنرال زلزال في سباق أنقرة إلى القصر

GMT 03:38 2023 السبت ,04 آذار/ مارس

في حق مجتمع بكامله

هيفاء وهبي تتألّق بفستان مرصع بالكريستال

القاهرة - فلسطين اليوم
هيفاء وهبي خطفت الأنظار بالتزامن مع احتفالها بعيد ميلادها بأناقتها ورشاقتها التي ظهرت بها خلال حفلها الأخير الذي أحيته في قطر، حيث أبهرت النجمة اللبنانية جمهورها على المسرح بطلتها اللامعة بفستان مرصع بالكامل بحبات الكريستال، وبهذه الإطلالة تعود هيفاء وهبي لستايل الفساتين المجسمة التي تتباهي من خلالها بجمال قوامها وهو التصميم الذي كانت تفضله كثيرا أيقونة الموضة، وذلك بعد اعتمادها بشكل كبير على صيحة الجمبسوت التي أطلت بها في معظم حفلاتها السابقة. هيفاء وهبي سحرت عشاقها في أحدث ظهور لها على المسرح خلال حفلها الأخير بقطر بإطلالة جذابة بتوقيع نيكولا جبران، حيث اعتمدت أيقونة الموضة مجددا التصميم المحدد للقوام مع الخصر الذي يبرز بقصته الضيقة مع الحزام جمال قوامها، حيث تمايلت هيفاء وهبي على المسرح بأسلوبها الأنثوي المعتاد بف...المزيد

GMT 11:15 2020 الإثنين ,20 إبريل / نيسان

بريشة : علي خليل

GMT 10:21 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

تبحث أمراً مالياً وتركز على بعض الاستثمارات

GMT 10:16 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

تعيش أجواء محبطة في حياتك المهنية والعاطفية

GMT 13:30 2017 الإثنين ,09 تشرين الأول / أكتوبر

تقديم عطر أرماني كود النسائي الأفضل لفصل الشتاء

GMT 04:23 2017 الجمعة ,06 تشرين الأول / أكتوبر

ريتا اور تتألق في إطلالة رائعة تجذب الأنظار

GMT 18:37 2017 السبت ,03 حزيران / يونيو

الشرطة تحبط محاولة قتل في إحدى مستشفيات نابلس

GMT 14:51 2019 الثلاثاء ,02 تموز / يوليو

تنتظرك تغييرات في حياتك خلال هذا الشهر
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday