تأملات في عالم مُتغيّر 3
palestinetoday palestinetoday palestinetoday
palestinetoday
Al Rimial Street-Aljawhara Tower-6th Floor-Gaza-Palestine
palestine, palestine, palestine
آخر تحديث GMT 08:54:07
 فلسطين اليوم -

تأملات في عالم مُتغيّر (3)

 فلسطين اليوم -

تأملات في عالم مُتغيّر 3

حسن خضر
بقلم : حسن خضر

ما زلنا في معرض الكلام عمّا يحدث من انزياح لمفاهيم وحلول غيرها، في لحظة رمادية. وقد تناولنا في معالجتين سابقتين ترامب، الشخص والظاهرة، كتجسيد لانفصال السياسة عن القيم (بما فيها، وخاصة ما يحلو للأميركيين تسميته بالأميركية منها) ومدى ما ينطوي عليه أمر كهذا من تطبيع للانفصال بطريقة تبدو كاريكاتورية ومأساوية تماماً، من مخاطر لا في، وعلى، أميركا بل وفي، وعلى، كل مكان آخر.ونوجّه أبصارنا، اليوم، إلى العالم العربي، وما يتجلى من انزياح لمفاهيم وأفكار وحلول غيرها. والفرضية الرئيسة، هنا: وقوع انزياح، عربياً، في مركزية المسألة الفلسطينية، وأن ثمة ما يستدعي إعادة تعريف ونظر، بما في ذلك دلالة المسألة ومركزيتها. ففي لقاءات نتنياهو، مثلاً، مع مسؤولين في بلدان عربية، كما في ردود أفعال رسمية قبل وبعد «الصفقة» ما يوحي، ويؤكد، أن ما يبدو على السطح ليس أكثر من رأس جبل الجليد العائم. لذا، المقصود بالانزياح ليس ما يبدو على السطح وحسب، بل وما يعتمل في الأعماق من تيّارات جوفية عميقة، أيضاً.

 ولا يبدو من قبيل المجازفة، مع كل ما يتجلى من جليد، وتسريبات، على السطح، القول إن كثيرين في نخب حاكمة وسائدة (التمييز بين الحاكم والسائد ضروري، دائماً، فالأوّل أداة الثاني في سدة الحكم، والعكس ليس صحيحاً) في العالم العربي، يتوددون إلى إسرائيل، بل ويركضون في اتجاهها، ويسحبون من رصيد «المسألة الفلسطينية» كدليل على حسن النوايا، ومهر صداقة، مطلوبة ومرغوبة، مع الإسرائيليين.وإذا ما حوّلنا أبصارنا في اتجاه ما يُتداول على صفحات وسائل التواصل الاجتماعي في بلدان عربية مختلفة (وبعضه لا يخلو من شتائم للفلسطينيين)، ونظرنا حتى في تصريحات بعض المسؤولين العرب، من اتهامات صريحة، وضمنية، للفلسطينيين، خاصة بعد طرح «الصفقة»، بأنهم لا يُجيدون غير إضاعة الفرص، نُدرك كم تغيّر الزمن، فالانزياح جدي وحقيقي. ومسألة فلسطين، التي لم تكن، في الباطن، مركزية في نظر البعض، لم تعد كذلك في الظاهر، أيضاً.

بيد أن هذا كله يستدعي الفهم، ويحرض على التحليل، لا على كيل الشتائم، ولطم الخدود وشق الجيوب. فمقابل كل نافذة يُغلقها التاريخ تنفتح غيرها، مع ملاحظة أن الانزياح وإن كان جديداً إلا أن مسوّغاته الأيديولوجية لا تعدو أكثر من إعادة تدوير لخردوات أيديولوجية سابقة. فالانقلاب الساداتي على الناصرية، مثلاً، تم بتوليفات أيديولوجية من نوع استثمار ما تستهلك الحرب من طاقات وموارد في التنمية العمرانية، والازدهار الاقتصادي، والتقدّم الاجتماعي، والتعددية السياسية.

ومع ذلك، وبعد مرور خمسة عقود، على لحظة تحوّل حاسمة في تاريخ مصر والعالم العربي، لا يصعب القول إن تلك اللحظة كانت بداية انسحاب مصر من دور القوّة الإقليمية، ومركز الثقل في العالم العربي، وأن ما صوّرته المسوّغات والتوليفات الأيديولوجية كخارطة طريق إلى «الجنة» الموعودة يبدو مرئياً بعين الحاضر وحطامه، الآن وهنا، نتيجة مأساوية تماماً، بالمعنى المادي للكلمة، ناهيك عن الكلفة والخسائر المعنوية والثقافية والسياسية الباهظة.

يمكن على خلفية ما تقدّم، وقد تقدّمنا خطوة إضافية، الكلام عن إعادة تدوير خردوات أيديولوجية، في لحظة الانزياح الراهنة، بطريقة تبدو فيها مركزية المسألة الفلسطينية وكأنها العائق الأكبر في وجه خارطة طريق إلى «جنّة» اقتصادية موعودة، ولكنها مشروطة بالتعاون بين العرب وإسرائيل. ولا ينبغي تجاهل ما يحيط بأمر كهذا من توابل أيديولوجية من نوع: مديح السلام، والملل من الحروب، وكراهية التعصّب، ومع ما يستدعي هذا من بلاغة الليبرالية الجديدة، الغاوية والمُغوية، بما فيها عروض الباور بوينت على شاشات كبيرة، في قاعات مصقولة ولامعة، وبما فيها تحويل قضية تاريخية، ذات حمولات رمزية، لا تُباع ولا تُشترى، إلى صفقة عقارية.

ولنقل، في معرض الفهم والتحليل، أن انزياحاً كهذا يحدث في زمن سمته الرئيسة فراغ القوّة في الشرق الأوسط، وفقدان العالم العربي لمركز الثقل، بعد خروج مصر، (وفي ظل ما يكبّلها من قيود داخلية وخارجية في الوقت الحاضر) وانهيار العراق وسورية، وكلتاهما قوّة متوسّطة، لا يمكنها، حتى في ذروة صعودها، تعويض الدور المصري، وإن كانت تستطيع العمل كنقطة تثبيت، ومركز ثقل مؤقت. هذا في الجناح المشرقي، أما في شمال أفريقيا، فالجزائر قوّة متوسّطة، ورغم أن مصيرها، حتى الآن، يبدو أفضل من مصير العراق وسورية، إلا أن حرباً أهلية على مدار عقد من الزمن، أثخنتها بالجراح.

بمعنى أكثر مباشرة، لم يكن كل ما يحدث الآن من انزياح لأفكار ومفاهيم بشأن المركزية والمسألة ليحدث، وبالطريقة الفضائحية التي يحدث بها، فوق وتحت السطح، لولا أفول مركز الثقل التقليدي، وانهيار قوى متوسّطة كان يمكنها القيام بدور المانع، ونقطة التثبيت، بصورة مؤقتة على الأقل.ذلك، وهذه فرضيتي الرئيسة: في كل ما وقع حتى الآن، وبالطريقة التي وقع بها، ما يضفي على المسألة الفلسطينية، في سياقها العربي، دلالة جديدة، ويمنح مركزيتها بعداً غائباً، أو قللت من شأنه، في الماضي، شعارات قومية ودينية. ففي الوقت الذي يبدو فيه وكأن نافذة قد أُغلقت نطلُ من نافذة تنفتح على أفق جديد. ولعل في إطلالة كهذه على مركزية المسألة الفلسطينية، والعلاقة بينها وبين «مشكلة» العرب مع إسرائيل، ما يُحررنا من الفشل في قراءة الواقع، ويمكننا من رسم ملامح ما يلوح في المدى المتوسط والبعيد. وهذا موضوع معالجة لاحقة.

قـــد يهمــــــــك أيضــــــاُ : 

تأملات في عالم مُتغيِّر..!!

  سيناريو اليوم التالي في إيران..!!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تأملات في عالم مُتغيّر 3 تأملات في عالم مُتغيّر 3



GMT 14:39 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

007 بالمؤنث

GMT 14:37 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

هل هي نهاية الخلاف السعودي ـ الأميركي؟

GMT 14:31 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

الجنرال زلزال في سباق أنقرة إلى القصر

GMT 03:38 2023 السبت ,04 آذار/ مارس

في حق مجتمع بكامله

أفكار تنسيقات العيد مع الأحذية والحقائب مستوحاة من النجمات

القاهرة ـ فلسطين اليوم
مع اقتراب العيد، تبدأ رحلتنا في اختيار الإطلالة المثالية التي تجمع بين الأناقة والأنوثة، وتعد الأكسسوارات من أهم التفاصيل التي تصنع فرقاً كبيراً في الإطلالة، وخاصةً الحقيبة والحذاء، فهما لا يكملان اللوك فحسب، بل يعكسان ذوقك وشخصيتك أيضاً، ويمكن أن يساعدا في تغيير اللوك بالكامل، وإضافة لمسة حيوية للأزياء الناعمة، ولأن النجمات يعتبرن مصدر إلهام لأحدث صيحات الموضة، جمعنا لكِ إطلالات مميزة لهن، يمكنكِ استلهام أفكار تنسيقات العيد منها، سواء في الإطلالات النهارية اليومية، أو حتى المساء والمناسبات. تنسيق الأكسسوارات مع فستان أصفر على طريقة نسرين طافش مع حلول موسم الصيف، تبدأ نسرين طافش في اعتماد الإطلالات المفعمة بالحيوية، حيث تختار فساتين ذات ألوان مشرقة وجذابة تتناسب مع أجواء هذا الموسم، وفي واحدة من أحدث إطلالاتها، اختا...المزيد

GMT 08:41 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

يزعجك أشخاص لا يلتزمون بوعودهم

GMT 15:53 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك نجاحات مميزة خلال هذا الشهر

GMT 17:03 2016 السبت ,17 كانون الأول / ديسمبر

الصحافة الاقتصادية تعاني

GMT 03:12 2017 الأحد ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

رنا سماحة تستعد للمشاركة في الجزء الثاني لـ"أفراح إبليس"

GMT 13:51 2015 الأحد ,11 تشرين الأول / أكتوبر

أوزبكستان تتحول إلى وجهة مفضلة لمشاهدة التراث الإسلامي

GMT 01:26 2018 الأحد ,21 كانون الثاني / يناير

مهندس يعيد بناء كوخ للعزلة والاستجمام

GMT 10:06 2015 الخميس ,09 تموز / يوليو

مهرجان تأبيني للشهيد الفتى أبو خضير في غانا

GMT 06:58 2016 الأحد ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

تفاصيل افتتاح مهرجان "أيام قرطاج المسرحية" في تونس

GMT 10:48 2016 الثلاثاء ,11 تشرين الأول / أكتوبر

تسجيل الأمم المتحدة نحو 5 آلاف لاجئ سوري في السودان

GMT 03:33 2017 الخميس ,19 كانون الثاني / يناير

عابد فهد يعلن عن موعد بداية تصوير مسلسله الجديد

GMT 17:48 2015 السبت ,17 تشرين الأول / أكتوبر

"منتجع تلال" من أفضل 5 فنادق في العين

GMT 07:06 2019 الخميس ,10 تشرين الأول / أكتوبر

سان لوران Yves Saint Laurent باللون الأسود لربيع وصيف 2020 من باريس

GMT 04:37 2019 الإثنين ,04 شباط / فبراير

سلطات الاحتلال تُفرج عن أسير جريح من نابلس

GMT 10:18 2019 الجمعة ,25 كانون الثاني / يناير

أهم النصائح وأفضل الوجهات لقضاء شهر العسل في إندونيسيا

GMT 04:05 2019 الثلاثاء ,15 كانون الثاني / يناير

الفالح يُؤكّد تخفيضات النفط أبطأ من المُتوقّع

GMT 13:34 2018 الإثنين ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

هازارد يحذر سان جيرمان من خطورة ليفربول في وجود محمد صلاح
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday