تيك توك tiktok
آخر تحديث GMT 04:53:15
 فلسطين اليوم -

تيك توك TikTok

 فلسطين اليوم -

تيك توك tiktok

عبد الغني سلامة
بقلم : عبد الغني سلامة

منصة جديدة على شبكات التواصل الاجتماعي، أخذت تجتاح عالمنا الافتراضي بسرعات رهيبة، وهي الآن تتربع على مقدمة البرامج الترفيهية، عدد المشتركين فيها آخذ بالازدياد، وقد تجاوز 800 مليون مشترك، أما معدلات التحميل والتنزيل لهذا البرنامج فقد تجاوزت 1.3 مليار مرة، وتفوقت على سائر المنصات الأخرى، بما فيها عملاق التواصل الاجتماعي «فيسبوك».

في هذا التطبيق، يمكن لأي شخص أن ينشر مقطعا مصورا قصيرا بحدود 15 ثانية، غالبية هذه المقاطع ذات صبغة فكاهية: تقليد لأغانٍ شعبية («بنت الجيران» رقم واحد)، أو مقاطع منتقاة من مسرحيات كوميدية، أو من أفلام قديمة، أو تحدّ بين أشخاص للقيام بفعل معين، أو رقصات جماعية وفردية، أحيانا تشترك العائلة بأكملها في المقطع، أو قد يقوم حفيد بتوريط جدته في حوار لجرها إلى قول أشياء مضحكة، أو تقوم أم معجبة بطفلها بتصويره وهو يؤدي حركات شقاوة، أو أن ينفذ زوج مقلبا بزوجته، أو أن يستعرض شخص ما مواهبه، بالإضافة للنكات والمواقف الطريفة، والكثير من الهبل والجنون.

غالبية المشتركين من الأطفال والشبان والصبايا، ولكن من الطبيعي أن تجد كهولا ومسنين وهم يقدمون فقرات غريبة، حتى أن مشاهير عالميين قدموا ما لديهم، والأغرب أنك ستجد مشايخ ورجال دين يقدمون نكاتا، ويستعرضون مواقف طريفة، أو تعليقات لاذعة.

أغرب ما في هذا البرنامج تفاهته، وربما هذا سر نجاحه، وأهم سبب لانتشاره الواسع وغير المسبوق.. والأغرب أنك ستمضي ساعات في مشاهدته، وأنت حائر في مشاعرك بين الاشمئزاز والإعجاب، بين الشعور بالتفاهة، وانتظار شيء مجهول تبحث عنه.. شعور غريب يمزج بين الانزعاج والتمتع بهذا الانزعاج. تشاهد مائة مقطع سخيف على أمل أن تحظى بمقطع واحد مضحك، يخرجك من حالة الرتابة والملل، ويحسن مزاجك.

بمتابعة عداد المشاهدات وتسجيل الإعجاب (اللايك)، ستستغرب أن المشاهير يحظون بعدد أقل بكثير مقارنة بالمقاطع التي يسجلها أناس عاديون، وكلما كان المقطع أكثر غرابة وتفاهة حظي باستحسان أكثر!
فليس المطلوب هنا تسجيل مواقف جدية، أو مفيدة.. هذا العالم مخصص لشيء مختلف وجديد، مخصص فقط للتسلية والترفيه، بأبسط الحركات، وأكثرها مباشرة وسطحية، وحتى أحيانا بالبذاءة والابتذال.. وهذا الأمر يوجب دراسة علمية جادة.. وأعتقد أن أي دعوة لمقاطعة هذا البرنامج، أو لتحسين محتواه ستكون مجرد هراء، ولن تلقَى أي تجاوب.. حيث إن شعبيته في تنامٍ مستمر.

بدأ هذا البرنامج قبل نحو سنتين، بعد أن قامت شركة صينية بشراء برنامج «ميوزيكلي»، القائم على فكرة تحريك الشفاه أثناء الاستماع للأغنية المفضلة (كاريوكي)، ما يمنح المستخدم شعور المغني الحقيقي، أو يزيد من مقدار تفاعله مع الأغنية، واستمتاعه بسماعها.. ومع تحويل اسم البرنامج إلى «تيك توك»، وزيادة عدد المشتركين، صار يدار بوساطة الذكاء الاصطناعي، وتحليل البيانات الضخمة، الذي يرشح المقاطع الأقرب لقلب المتلقي ومزاجه وتوجهاته، ما يجعل المتابعة أكثر متعة، قد تصل إلى درجة الإدمان.

في الهند تصل نسبة المشتركين في «تيك توك» إلى ثلث حاملي الهواتف الذكية، وفي أميركا، بدأت أعداد المشتركين تتزايد بصورة ملحوظة، حتى أن السلطات الأمنية عبرت عن قلقها وتخوفها من البرنامج، خاصة أن الشركة المالكة له صينية، ما يفتح جبهة جديدة في الحرب التجارية بين البلدين العملاقين.

والزيادة الكبيرة في أعداد المتابعين والمشتركين حصلت في فترة الحجر الصحي، التي فرضتها جائحة الكورونا، حيث في ظروف العزل والبقاء في المنازل طوال الوقت صار الناس يبحثون عما يخرجهم من حالة الملل، خاصة البرامج السهلة والمباشرة، سواء للمتلقي الذي يمضي الساعات وهو يقلب الشاشة، أو للمشترك الذي يقدم ما لديه، دون أي حاجة لمواهب خارقة، أو لقدرات غير عادية، أو لعلم متخصص.. بل على العكس المطلوب أن تكون عاديا جدا، أو أقل من العادي، لتصبح مشهورا.

لهذا البرنامج إيجابيات وسلبيات كثيرة، مثل أي برنامج آخر، لكن خطورته تكمن في إمكانية المشاهدة لكافة الأعمار، وأحيانا قد تجد فيه ظواهر غير صحية وسلبية، مثل التنمر، والتنميط، والتصنيف، وتشجيع التمييز العنصري، واستغلال الأطفال، أو كبار السن، أو الإساءة لذوي الإعاقة، أو التشجيع على العنف، ومع أن مثل هذه المظاهر موجودة في بقية منصات التواصل الاجتماعي، إلا أن خطورتها في «تيك توك» بسبب نسبة الأطفال والمراهقين العالية من بين مشتركيه ومتابعيه.

لا تستغربوا من سرعة انتشار «تيك توك»، فسرعة التطوير والتغيرات في عوالم الاتصالات مذهلة، وتفوق التصور، وفي كل مرة يأتي اختراع جديد ويحل محل القديم، وهكذا.. قديما، كان امتلاك جهاز تلفزيون يعد حدثا تاريخيا، فتجد في القرية، أو في الحارة الواحدة منزلا أو منزلين فقط ممن يمتلكون تلفزيونا، فتأتي العائلات وتتقاطر لزيارتهم ومشاهدة هذا الاختراع العجيب.. اليوم، صار مع كل طفل هاتف ذكي، أو أيباد يفوق التلفزيون بتنوعه ووضوح صورته.. ولم يقف الأمر عند هذا الحد، فقد صار بوسع أي شخص (حتى لو كان طفلاً) أن يمتلك قناة تلفزيونية خاصة، عبر منصة «اليوتيوب»، أو «اللايف»، أو «تيك توك»، ومن خلالها يستطيع تصوير نفسه، وتسجيل برامج ومسلسلات خاصة به، تصل إلى أبعد نقطة على كوكب الأرض.

وكما يجني البعض أرباحا طائلة من خلال قنواتهم على اليوتيوب، يمكن أيضا لأصحاب القنوات على «تيك توك» جني المال، وذلك مع زيادة أعداد المعجبين، ما دفع بالبعض لفعل أشياء غريبة ومستهجنة، حيث يُضاف للسعي للربح حمّى تحقيق الشهرة.

مع أن سياسة «تيك توك» تنص على عدم نشر ما يخل بالآداب، أو يحث على التمييز العنصري، أو العنف، أو الإساءة للآخرين، أو المقاطع الصادمة، أو المحتوى الجنسي، أو مشاركة الأطفال.. إلا أن كثيرا من تلك المقاطع يمكن مشاهدتها من حين لآخر.

انتبهوا لأولادكم؛ فعوالم الإنترنت أوسع مما تظنون، وفيها جوانب مظلمة ومخيفة، وما يخبئه المستقبل رهيب ومدهش.

قد يهمك أيضا :   

  شيء من تاريخ الجوع والمجاعات

عن هذه المسلسلات

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تيك توك tiktok تيك توك tiktok



GMT 14:39 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

007 بالمؤنث

GMT 14:37 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

هل هي نهاية الخلاف السعودي ـ الأميركي؟

GMT 14:31 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

الجنرال زلزال في سباق أنقرة إلى القصر

GMT 03:38 2023 السبت ,04 آذار/ مارس

في حق مجتمع بكامله

هيفاء وهبي تتألّق بفستان مرصع بالكريستال

القاهرة - فلسطين اليوم
هيفاء وهبي خطفت الأنظار بالتزامن مع احتفالها بعيد ميلادها بأناقتها ورشاقتها التي ظهرت بها خلال حفلها الأخير الذي أحيته في قطر، حيث أبهرت النجمة اللبنانية جمهورها على المسرح بطلتها اللامعة بفستان مرصع بالكامل بحبات الكريستال، وبهذه الإطلالة تعود هيفاء وهبي لستايل الفساتين المجسمة التي تتباهي من خلالها بجمال قوامها وهو التصميم الذي كانت تفضله كثيرا أيقونة الموضة، وذلك بعد اعتمادها بشكل كبير على صيحة الجمبسوت التي أطلت بها في معظم حفلاتها السابقة. هيفاء وهبي سحرت عشاقها في أحدث ظهور لها على المسرح خلال حفلها الأخير بقطر بإطلالة جذابة بتوقيع نيكولا جبران، حيث اعتمدت أيقونة الموضة مجددا التصميم المحدد للقوام مع الخصر الذي يبرز بقصته الضيقة مع الحزام جمال قوامها، حيث تمايلت هيفاء وهبي على المسرح بأسلوبها الأنثوي المعتاد بف...المزيد

GMT 00:13 2020 الخميس ,09 تموز / يوليو

ما كنت تتوقعه من الشريك لن يتحقق مئة في المئة

GMT 11:15 2020 الإثنين ,20 إبريل / نيسان

بريشة : علي خليل

GMT 10:33 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

الحب على موعد مميز معك

GMT 08:33 2019 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

تعرف على مميزات سيارة فولكس فاغن الجديدة

GMT 05:02 2018 الأربعاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

ليام هيمسوورث ينشر صورة محزنة لبقايا منزله المحترق في "ماليبو"

GMT 07:28 2018 الأربعاء ,18 إبريل / نيسان

150 أسيرًا من أراضي عام 48 يقبعون في سجون الاحتلال

GMT 05:35 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

فرص "غريس موغابي" في الحياة السياسية تتحول طريق سدّ

GMT 12:27 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

بعثة جامعة جنيف تكتشف هرمًا من الذهب في سقارة
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday