النار التي أكلت أحبتنا
palestinetoday palestinetoday palestinetoday
palestinetoday
Al Rimial Street-Aljawhara Tower-6th Floor-Gaza-Palestine
palestine, palestine, palestine
آخر تحديث GMT 08:54:07
 فلسطين اليوم -

النار التي أكلت أحبتنا

 فلسطين اليوم -

النار التي أكلت أحبتنا

سما حسن
بقلم : سما حسن

فجأةً وصلت الأخبار، هناك حريق قد شب في مخبز في وسط السوق، ولكن الخبر لم يكن بحجم الحدث، فربما كان السامع يتخيل أن أنبوبة غاز قد انفجرت، وليس صهريجاً من الغاز، هكذا حدث في مخيم النصيرات، الذي يقع في وسط قطاع غزة، والبعض يعتبر مخيم النصيرات عاصمة مخيمات الوسطى في القطاع، لن أتحدث عن تاريخه ولكن المخيم يضم أكبر تجمع للمحال التجارية التي تمتلك فروعاً في شمال القطاع، تلك المحلات التي ذاع صيتها وشهرتها منذ سنوات طويلة قرر أصحابها استثمار شهرتها فتم فتح فروع لها في وسط القطاع بما فيها المطاعم والمخابز ومحال الحلويات الشرقية.

فجأة اشتعلت النار في المكان، في وسط السوق، ولم يكن هناك فرصة للهرب بالطبع، لأن الحديث عن انفجار ضخم في المخبز، وما حوله، الحريق امتد والمكان يعج بسيارات متوقفة تضع في حقائبها الخلفية أسطوانة غاز أو أكثر، لأن بعض السيارات العمومية في غزة تستخدم الغاز في وقت انقطاع البنزين والسولار أو ارتفاع سعرهما.الحريق كان هائلاً ومريعاً والناس التي ذهبت إلى السوق والتي تواجدت في المكان أصبحت لحماً محترقاً، في لحظات تحولت الأم التي سحبت طفلتيها وجاءت من المخيم القريب إلى كتلة متفحمة، كانت كل واحدة تحلم بأن ترتدي ملابس جديدة وهذا لا يحدث كثيراً، فالأب قد تلقى راتبه الصغير وبالكاد استطاع ان يقتطع منه مبلغاً لكي يشتري ملابس لطفلتيه، وتركت الطفلة الثالثة عند الجدة لأنها أشفقت عليها من زحام السوق، فهي بحاجة للنوم في مكان هادئ مريح لا ان تتنقل محمولة على كتف أمها التي قد ترفعها مرة وقد تضعها جانباً مرة أخرى وهي تساعد الصغيرتين في قياس الملابس الجديدة.

في لحظة انتهت حياة أسرة صغيرة، وفي لحظة أصبح المارة مرضى محترقين ممددين في المستشفيات، على الأسرة يئنّون ويصرخون من الوجع ومن الصدمة وافتقاد الأحبة، فكل يد كانت ممسكة بيد أخرى، وكل شخص هناك من كان ينتظره أن يعود، ولكنه اصبح لحماً محترقاً فوق سرير في مشفى.الأطباء يتحدثون عن بشاعة المنظر، وعن رائحة اللحم المحترق الذي ملأ أروقة المستشفيات، والمارة تحدثوا عن حادث بشع لم يكن ليحدث لو أن المخبز لم يكن موجوداً، لو كان مُقاماً في منطقة نائية، وتوزعت عدة نقاط بيع لخبزه ومعجناته في محلات أو أكشاك، ربما كان هناك بعض الأمان، ولكن الذي حدث أن قنبلة موقوتة كانت مزروعة في وسط الزحام، وحولها قنابل صغيرة، محلات بها أسطوانات غاز، ومولدات كهرباء تعمل بالسولار، ومواقد صغيرة لإعداد الشاي سواء لأصحاب البسطات أو أصحاب المحلات.

الموت كان يجد طريقه لكي يمتد ويفتح فمه البشع من المخبز إلى ما حوله، والناس في ذهول مما يرون، وكأن بوابة الجحيم قد فُتحت، البعض منهم كان يفكر بفيروس كورونا الذي انتشر في العالم، وكان يرى أن الموت بعيدٌ عنه لأنه في غزة، ولكن الموت جاء في صورة أخرى، والبعض ربما وصل إلى نتيجة أن لا داعي للخوف والحيطة من الفيروس لأن الانسان قد يموت في لحظة وينتهي مثلما حدث مع من أنهت النيران حياتهم.
الحريق الذي شب في المخبز أرسل رسائل كثيرة، ربما كان اولها أن الموت يأتي فجأة، وأن يكف الفقراء عن كونهم فقراء، تخيلوا لو كفوا عن كونهم فقراء، يحلمون بملابس جديدة من "سوق النصيرات"، يحلمون بخبز شهي طازج وكعك محشو بالشوكولاتة، ربما لو توقفوا عن السير في الشوارع لما ماتوا...
تخيلوا كم هو بشع أن نقف لنسأل عن المسؤول عن مثل هذا الحريق، وهناك أشخاص قد قضوا لمجرد أنهم تواجدوا في المكان ربما لأول وآخر مرة في حياتهم، هناك أشخاص كانوا يتواجدون مصادفة، وهناك من ألقت بهم لقمة العيش المريرة في هذا المكان فاحترق لحمُهم، الكارثة انهم كانوا يحلمون ولكن هل بلغ حلمهم لهذا الكابوس، أن يصبحوا جثثاً محترقة تفوح منها رائحةُ اللحم المحترق، لا أعتقد أنهم قد تخيلوا، لكنَّ هناك مخبزاً في وسط السوق، مخبزاً لا يتوقف عن العمل ويؤمِّن كل مستلزماته من وقود لكي لا يتوقف، ولكي يبقى قنبلة موقوتة على الدوام.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

النار التي أكلت أحبتنا النار التي أكلت أحبتنا



GMT 14:39 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

007 بالمؤنث

GMT 14:37 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

هل هي نهاية الخلاف السعودي ـ الأميركي؟

GMT 14:31 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

الجنرال زلزال في سباق أنقرة إلى القصر

GMT 03:38 2023 السبت ,04 آذار/ مارس

في حق مجتمع بكامله

أفكار تنسيقات العيد مع الأحذية والحقائب مستوحاة من النجمات

القاهرة ـ فلسطين اليوم
مع اقتراب العيد، تبدأ رحلتنا في اختيار الإطلالة المثالية التي تجمع بين الأناقة والأنوثة، وتعد الأكسسوارات من أهم التفاصيل التي تصنع فرقاً كبيراً في الإطلالة، وخاصةً الحقيبة والحذاء، فهما لا يكملان اللوك فحسب، بل يعكسان ذوقك وشخصيتك أيضاً، ويمكن أن يساعدا في تغيير اللوك بالكامل، وإضافة لمسة حيوية للأزياء الناعمة، ولأن النجمات يعتبرن مصدر إلهام لأحدث صيحات الموضة، جمعنا لكِ إطلالات مميزة لهن، يمكنكِ استلهام أفكار تنسيقات العيد منها، سواء في الإطلالات النهارية اليومية، أو حتى المساء والمناسبات. تنسيق الأكسسوارات مع فستان أصفر على طريقة نسرين طافش مع حلول موسم الصيف، تبدأ نسرين طافش في اعتماد الإطلالات المفعمة بالحيوية، حيث تختار فساتين ذات ألوان مشرقة وجذابة تتناسب مع أجواء هذا الموسم، وفي واحدة من أحدث إطلالاتها، اختا...المزيد

GMT 06:05 2020 الخميس ,04 حزيران / يونيو

الضحك والمرح هما من أهم وسائل العيش لحياة أطول

GMT 13:10 2020 الخميس ,06 شباط / فبراير

يولد بعض الجدل مع أحد الزملاء أو أحد المقربين

GMT 13:40 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

تتيح أمامك بداية العام فرصاً جديدة لشراكة محتملة

GMT 08:44 2019 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الجدي" في كانون الأول 2019

GMT 09:32 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

تشعر بالإرهاق وتدرك أن الحلول يجب أن تأتي من داخلك

GMT 23:29 2020 الأربعاء ,06 أيار / مايو

كيف تصنع عطراً من الفواكه

GMT 05:54 2019 الأربعاء ,27 شباط / فبراير

الهرفي يستقبل ممثلين عن حركة التضامن الفرنسية

GMT 19:07 2019 الأحد ,13 كانون الثاني / يناير

غروس يُعرب عن رضاه بتعادل "الزمالك"

GMT 01:07 2018 الأحد ,09 كانون الأول / ديسمبر

عريقات يؤكد لا ننتظر شكرًا من "حماس" بل تنفيذ اتفاق 2017

GMT 21:26 2017 الأربعاء ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

إعلان الفائزة بجائزة "نساء المستقبل" في العاصمة البريطانية
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday