القدس فضاءات لا تنتهي
آخر تحديث GMT 04:53:15
 فلسطين اليوم -

القدس: فضاءات لا تنتهي

 فلسطين اليوم -

القدس فضاءات لا تنتهي

تحسين يقين
بقلم : تحسين يقين

اتجهت غرباً، تجولت ورحت أقرأ الحجارة ثانية وثالثة، حارة النصارى، وحارة الأرمن، رحت أتجول في ذكريات طفولتي، كيف كنا نسير على السور من فوق؟ هل كنا طيوراً؟
أسير وأنا ألوم نفسي كثيراً، ثمة أماكن أخرى لم تأخذ حقها لا من الكتابة ولا من القراءة!
لماذا، كلما زرت القدس، أحاول أن أحتويها بكل مشاعري وجوارحي؟
أحتار أي الدروب أسير؟ وبأيها أزهد؟
وأتساءل، وأنا الظمآن للقدس: هل من مكان، هنا، داخل البلدة القديمة، وخارجها، لم أزره، من قبل؟ فأكتشف أن هناك المزيد من الأماكن التي عليّ أن أزورها، وأكتب عنها.
أحتار بين الأماكن التي آلفها، والتي لي فيها ذكريات طفولة وشباب، وتلك التي لم أعرفها، أو إنني مررت، مسرعاً، في يوم حار، أو ماطر، أو يوم ريح.
سأسعد، في الطريق، إليها، كأم، أو أب، أو حبيبة، أو ابن.. سأتأمل المباني، على جانبي الطريق، ثمة محلات جديدة في بيت حنينا، وثمة طوابق ما بين الثاني والرابع، أو أكثر قليلاً، أكيد «نشّفت» ما تسمى «بلدية القدس» ريق أصحاب العمارات: فبلدية الاحتلال مشغولة بالمقدسيين، تمارس مخططات تهجير، أو تقزيم لطموحات الناس بأن يكون لهم فضاء عادي يناسبهم، في البيوت والشوارع والمباني والمؤسسات والحدائق والملاعب والمسارح.
لم أدخل بستان قبر السيد المسيح، الذي يقع مقابل الكراج الجديد: ذلك الكراج الذي ظل يكتسب وصف الجديد، رغم مرور سنوات على إقامته.
أتأمل العمران، خارج البلدة القديمة، فأحاول التعرف إلى الأسلوب الكولينيالي في البناء، والذي ارتبط ببناء القدس، خارج السور، منذ أواخر القرن التاسع عشر. فيبدو أن هذا الأسلوب، الذي انتشر في بلاد الشام، ومصر، وشمال أفريقيا، قد ظهر، هنا، في القدس، وفلسطين، بشكل عام، حتى قبل الاحتلال البريطاني لبلادنا.
أي هو نوع من التأثر الثقافي المعماري، الذي يبدو، أيضاً، أنه لاقى استحساناً، مع تغير حياة البشر، بالاتصال مع الغرب، والذي صار يناسب الأسر المدينية، بوصفه تقليداً للوافد والخواجا، ولم يدُرْ، ببال المعماريين، أن باحثين ومهندسين، من أحفادهم، سيأتون لتقويم هذا البناء ومحاكمته؟
أتأمل المدرسة الألمانية «كلية شميدت» الكبيرة، والتي، لا شك، كان بناؤها، قبل قرن، شيئاً مميزاً لأهل القدس، فأحس أنني في بلد أوروبي: كلا المربعين تم بناؤهما قبل حوالى القرن، وهي تتميز، جميعاً، بشبابيك واسعة وسلالم واسعة رحبة، حتى التي بنيت بعدها، في الثلاثينيات والأربعينيات (من القرن الماضي) ظلت تحتفظ بهذا الاتساع.
حلو ذلك البناء، لكنه لا يعبّر عن روح المدينة، بل أشعر أنه يسطو عليها.
سأتناول طعاماً شعبياً، واقفاً في باب المصرارة، وسأحاول قراءة النقش، على باب العمارة التي على الزاوية، والتي افتتح فيها محل كنافة، مقترباً من مكان بيع الجرائد والمجلات، حيث اعتدت، طفلاً، شراء جريدتيْ «الشعب»، و»الفجر»، بتشجيع من أخي نصّار، الذي كان يرى، في الجريدتين، مجالاً لبث الروح الوطنية.
في طفولتي، في منتصف السبعينيات وأوائل الثمانينيات، كنت أقرأ جريدة الشعب، وأحب، في كل مرة، قراءة بيت شعر: «إذا الشعب، يوماً، أراد الحياة ـ فلا بدّ أن يستجيب القدر»، من قصيدة «إرادة الحياة»، للشاعر التونسي، أبي القاسم الشابي، ثم لأتذكر أنني تعلمتها طالباً، وعلّمتها معلماً، للغة العربية. لكن ظل، لقراءة هذا البيت، وقع خاص عليّ. إذن، فقد بدأت بشراء الجريدة، مبكراً: جيد هذا الوعي.
كنت، وقتها، أعجب من أطفال القدس.. من البائعين المتجولين، أدهش لجرأتهم، وشخصياتهم الاجتماعية، وحضورهم وثقتهم في أنفسهم، لكنني كنت أقرأ مسحة من البؤس في وجوههم. كنت أشتري منهم، بما يمكنني: فشراء الطفل من طفل مثله له شعور مختلف. وعندما كبرت اعتدت الشراء من الأطفال، وآثرت ذلك، ربما، استمراراً لسلوك الطفل، فيّ.
ليس هناك ما أقوله هنا، لكن لي ما أتذكره أو أتأمله.
القدس كما كانت، يوماً ـ كيف كانت؟ هل من صخر، وحجارة قديمة تدل عليها؟ نعم، هناك، في مقطع السور القريب من بصري، مكعبات حجارة كبيرة مبنية على الصخر، فالصخر هو جزء من السور.. هو الأساس.
حجر، على صخر، حجر كبير مصفوف، مع حجارة مكعبة.. واكتمل السور، وصار مدينة، تاريخاً، تاريخاً للحرب، وتاريخاً للسلم، وتاريخاً للمعمار.
هنا وددت، في التاسعة عشرة، أن تبدأ قصة حب، وأن تتجاوز النفس إلى الآخر. كنت أتمنى أن أقول: «كنا، معاً، هنا». لكن ذلك لم يبدأ، وظل حبراً على ورق، ثم يسافر الشاب، لينسج قصص حب، هناك. كان يتمنى لو أتيحت له فرصة الحب، هنا.
كنت أحب القدس، كثيراً: أولاً، بوصفي قروياً يحب المدينة، وثانياً، بوصفي ولداً فلسطينياً يرى في المدينة مركزاً للعمل الوطني والثقافي، وثالثاً، بوصفي متديناً تقليدياً يقدس المدينة. وكنت أحبها: لأنه منها، دائماً، كان يأتي الفرح، على شكل مُلَبَّس، وحامض ـ حلو، وكعك، وقصص رواها الأطفال الذين شاهدوا أفلام بروسلي، وكنج كونج، وسعاد حسني، وعبد الحليم حافظ، وفي ما بعد، أفلام البورنو.
أفلام الكاراتيه كانت أثيرة، لدى طلاب الإعدادي، أما الأخرى فهي لطلاب الثانوية.
ترى، لو نمتْ، هنا، قصة حب، فكيف يمكن أن تكون؟
كنت، وقتها، سأريها المدينة، من منظوري الخاص، وكنت سأراها من منظورها، وكنت سأشتري لها كعكاً وملبناً وذرة، وأقرأ عليها كلماتي الأولى، التي كتبتها، عن القدس، وعنها، وكنت سأتسلق السور، معها، لنسير، معاً، نطوف حول البلدة القديمة؛ لنعيد قراءة التاريخ وكتابته..

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

القدس فضاءات لا تنتهي القدس فضاءات لا تنتهي



GMT 14:39 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

007 بالمؤنث

GMT 14:37 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

هل هي نهاية الخلاف السعودي ـ الأميركي؟

GMT 14:31 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

الجنرال زلزال في سباق أنقرة إلى القصر

GMT 03:38 2023 السبت ,04 آذار/ مارس

في حق مجتمع بكامله

هيفاء وهبي تتألّق بفستان مرصع بالكريستال

القاهرة - فلسطين اليوم
هيفاء وهبي خطفت الأنظار بالتزامن مع احتفالها بعيد ميلادها بأناقتها ورشاقتها التي ظهرت بها خلال حفلها الأخير الذي أحيته في قطر، حيث أبهرت النجمة اللبنانية جمهورها على المسرح بطلتها اللامعة بفستان مرصع بالكامل بحبات الكريستال، وبهذه الإطلالة تعود هيفاء وهبي لستايل الفساتين المجسمة التي تتباهي من خلالها بجمال قوامها وهو التصميم الذي كانت تفضله كثيرا أيقونة الموضة، وذلك بعد اعتمادها بشكل كبير على صيحة الجمبسوت التي أطلت بها في معظم حفلاتها السابقة. هيفاء وهبي سحرت عشاقها في أحدث ظهور لها على المسرح خلال حفلها الأخير بقطر بإطلالة جذابة بتوقيع نيكولا جبران، حيث اعتمدت أيقونة الموضة مجددا التصميم المحدد للقوام مع الخصر الذي يبرز بقصته الضيقة مع الحزام جمال قوامها، حيث تمايلت هيفاء وهبي على المسرح بأسلوبها الأنثوي المعتاد بف...المزيد

GMT 11:15 2020 الإثنين ,20 إبريل / نيسان

بريشة : علي خليل

GMT 10:21 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

تبحث أمراً مالياً وتركز على بعض الاستثمارات

GMT 10:16 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

تعيش أجواء محبطة في حياتك المهنية والعاطفية

GMT 13:30 2017 الإثنين ,09 تشرين الأول / أكتوبر

تقديم عطر أرماني كود النسائي الأفضل لفصل الشتاء

GMT 04:23 2017 الجمعة ,06 تشرين الأول / أكتوبر

ريتا اور تتألق في إطلالة رائعة تجذب الأنظار

GMT 18:37 2017 السبت ,03 حزيران / يونيو

الشرطة تحبط محاولة قتل في إحدى مستشفيات نابلس

GMT 14:51 2019 الثلاثاء ,02 تموز / يوليو

تنتظرك تغييرات في حياتك خلال هذا الشهر

GMT 21:52 2017 الثلاثاء ,22 آب / أغسطس

كيف تحصلين على مكياج مثالي لبشرتك
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday