«جي بي إس» «بطن الهوا»
آخر تحديث GMT 04:53:15
 فلسطين اليوم -

«جي. بي. إس» «بطن الهوا»

 فلسطين اليوم -

«جي بي إس» «بطن الهوا»

حسن البطل
بقلم : حسن البطل

ركوة القهوة على النار، ونظرة من شبّاك المطبخ إلى علَم أزرق فوق سارية مدرسة ذكور إعدادية لـ «الأونروا». نأمة نسيم، أو هبّة ريح غربية تلهو برفرفة العلم، كأنها تحاكي لغة رموز حركة الكشّافة، أو لهجة إشارة لغة مورس. لتحديد المواقع الجغرافية هناك هذه الـ “G.B.S”. نظرة من النافذة الغربية للمطبخ للعلم الأزرق في هبّة نأمة نسيم أو ريح، فأفتح باب الشرفة مشرعاً أو موارباً. نافذة غربية ونافذة شرقية.
لموقع الشرفة والعمارة اسم هو «بطن الهوا». تلّتان تسوقان الريح البحري الغربي المنعش، كأنهما جناحا طائر الرخ الأسطوري القديم، وللعمارة أن تفتح ذراعيها لريح «بطن الهوا».

رخية نأمة النسيم في أيام هجير شهور الصيف، وفي أيام شهور الشتاء تهبّ رياح «بطن الهوا» عاصفة مُولولة.

هذه الموجة الثانية من «الست كورونا». قبل موجتها الأولى كانت تحلو صبحيات الجيران السريعة مع القهوة والماء ودخان السكاير، وفي الموجتين صارت تحلو قعدات المسارات والسهرات المطوّلة، والجيران صاروا كأنهم «عيلة».

في موقع «بطن الهوا» عمارة ثلاثية: المحبّة واحد، المحبّة اثنان.. المحبّة ثلاثة، ويحدّها غرباً مدرسة صارية العلم الأزرق الدُولي، ويحدّها شرقاً «مدرسة عزيز شاهين» الثانوية للبنات، وحضانة A.B.C للأطفال.

يقولون: «الجار قبل الدار» أو مرآب (باركنغ) العمارة في أهمية موقع العمارة والشقة. مرآب مفتوح لاحتضان نأمة ونسيم الريح الغربي.
سكان العمارة عجينة من الشعب، كما حال سكان رام الله التحتا، كما حال رام الله العاصمة الإدارية للسلطة الفلسطينية. البعض من نابلس وجنين وطولكرم. البعض من عائدي ما بعد «أوسلو» مدنيين وعسكريين، والبعض من القدس.. وهذا الـ «باركنغ»، الذي يفتح ذراعيه على وسعهما للريح الغربي، له تصميم هندسي مريح. كل «موقف» لساكن بين عمودين (عضادتين).

في المرآب لمّة عشوائية متحركة لكراسي بلاستيك، وطاولات لقعدات الكبار في الصبحيات والسهرات. مباريات في لعبة طاولة الزهر، أو لعبة الشدّة. للصغار، بين عمر الرابعة والسادسة، بسكيلاتاتهم الصغيرة الحمراء، وبها يدرجون، أو يتقاذفون الطابات، فإن زهقوا غيّروا اللعبة إلى «لعبة الحرب» الطفولية ببنادق البلاستيك بين الأعمدة أو العضادات في ملعب الـ «باركنغ» الفسيح.

بدلاً من القول اللبناني: «هنيئاً لمن له مرقد عنزة في جبال لبنان»، قد نقول: هنيئاً لمن له بيت في رام الله وفي رام الله التحتا، وفي عمارة المحبّة 3 بالذات، ذات أحسن مواقف لسيارات السكان. كل موقف بين عضادتين، وصار بين كل عضادتين متجاورتين خزانة من الخشب لوضع عدة بسيطة لأشغال السيارات، أو عدة نجار، أو حتى عدّة حدّاد بسيطة لبناء قباء يروض جهات نأمة النسيم إن هبّت، وتطايرت أوراق لعبة الشدة على الطاولات.

شبه جدية لعبة أولاد المدرسة الإعدادية في كرة القدم. يتسلقون الباب الحديدي العالي المغلق أيام العطل المدرسية، في ساعات ما بعد الظهيرة وقبل ساعات الغروب. شبه عشوائية لعبة أولاد العمارة الصغار في سياق الدراجات الصغيرة، والطابات الملوّنة، وبنادق البلاستيك.

لبعض سكان العمارة، وشركاء مواقف السيارات أولاد شباب. للبعض الآخر من الأزواج الشباب أولاد صغار. للبعض الثالث من الجيران أحفاد صغار. ماذا لي أنا الساكن والجار، صديق الكل سوى مرتبة لا ينافسني فيها ساكن ـ جار، وهي «مشيخة» سن العمر السبعيني، والكاتب الصحافي الوحيد بين ضباط متقاعدين وموظفين في السلطة أو في الشركات.

ما الذي كان ينقص العمارة؟ حديقة طولانية تعاون الجيران في بنائها على كتف تفصل المدرسة عن العمارة، لترفرف أوراقها في لعبة ريح تداعب عمارة في «بطن الهوا».
رام الله التحتا مدينة صغيرة ملحقة بالمدينة الكبيرة. مزيج غريب من بيوت قديمة وعمارات حديثة، وسوق شعبي متنوع يغنيك، غالباً، عن أسواق المدينة.. وهذا الريح البحري الغربي المنعش، وجلسات صبحيات ومساءات وسهرات تغنيك عن مقاهي البلد.

رام الله التحتا تقاليدها القديمة في احتفالات الأعراس، واحتفالات نجاح الأولاد في امتحانات الثانوية.. وكذا حفلات الابتهاج بالإفراج عن المناضلين من الأسرى.
«رب صدفة» وصدفة جعلتني جاراً في عمارة. من كان يتصور أن يتذكرني جار كان طفلاً في مدينة دوما السورية، وصار برتبة مقدم في الأمن الوطني، وجاراً لعقيد متقاعد في العمل الفدائي «رب أخٍ لك لم تلده أمّك» وصار عقيد متقاعد آخر كأنه أخي، متعدد المهارات التي تلزمني في تسيير أمور شقتي من أعطال.

على باب شقتي في الطبقة الخامسة من عمارة المحبة في «بطن الهوا» هذه العبارة: «بعض الناس يضيئون العالم لمجرد وجودهم فيه».

قد يهمك أيضا : 

    على قلق؟

«الطبيعة ما سكتت عليهم»!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«جي بي إس» «بطن الهوا» «جي بي إس» «بطن الهوا»



GMT 14:39 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

007 بالمؤنث

GMT 14:37 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

هل هي نهاية الخلاف السعودي ـ الأميركي؟

GMT 14:31 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

الجنرال زلزال في سباق أنقرة إلى القصر

GMT 03:38 2023 السبت ,04 آذار/ مارس

في حق مجتمع بكامله

هيفاء وهبي تتألّق بفستان مرصع بالكريستال

القاهرة - فلسطين اليوم
هيفاء وهبي خطفت الأنظار بالتزامن مع احتفالها بعيد ميلادها بأناقتها ورشاقتها التي ظهرت بها خلال حفلها الأخير الذي أحيته في قطر، حيث أبهرت النجمة اللبنانية جمهورها على المسرح بطلتها اللامعة بفستان مرصع بالكامل بحبات الكريستال، وبهذه الإطلالة تعود هيفاء وهبي لستايل الفساتين المجسمة التي تتباهي من خلالها بجمال قوامها وهو التصميم الذي كانت تفضله كثيرا أيقونة الموضة، وذلك بعد اعتمادها بشكل كبير على صيحة الجمبسوت التي أطلت بها في معظم حفلاتها السابقة. هيفاء وهبي سحرت عشاقها في أحدث ظهور لها على المسرح خلال حفلها الأخير بقطر بإطلالة جذابة بتوقيع نيكولا جبران، حيث اعتمدت أيقونة الموضة مجددا التصميم المحدد للقوام مع الخصر الذي يبرز بقصته الضيقة مع الحزام جمال قوامها، حيث تمايلت هيفاء وهبي على المسرح بأسلوبها الأنثوي المعتاد بف...المزيد

GMT 00:13 2020 الخميس ,09 تموز / يوليو

تجاربك السابقة في مجال العمل لم تكن جيدة

GMT 12:35 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

يراودك ميل للاستسلام للأوضاع الصعبة

GMT 10:08 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

تتمتع بسرعة البديهة وبالقدرة على مناقشة أصعب المواضيع

GMT 10:00 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

تبدو مرهف الحس فتتأثر بمشاعر المحيطين بك

GMT 21:30 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

الشرق الأوسط والموعد الصيني

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 21:36 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

يراها فاروق حسنى

GMT 07:23 2020 السبت ,25 تموز / يوليو

الصحف.. و"كورونا" في زمن "حماس"
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday