48 ساعة قبل المجزرة
آخر تحديث GMT 04:53:15
 فلسطين اليوم -

48 ساعة قبل المجزرة؟

 فلسطين اليوم -

48 ساعة قبل المجزرة

حسن البطل

هو الذي رأى نُذرها قبل أن يسمع بها ونسمع- بين مكتب القائد العام ومكتب وكالة «وفا» رأيت وجهه عابساً، مكفهراً، مربد القسمات. رأيتُ خطواته أسرع مما رأيتها من قبل.
غادياً رائحاً من مكتبه الى مكتب «وفا»، وخلفه يهرول المحرر الملقب «ابو الوفا» حاملاً قلمه.
كنّا في «فندق سلوى» بتونس كان التوانسة يسألوننا: قتلتم؟ هل قتلتم؟ كيف قتلتم بشير الجميل. كل فلسطيني في اي مكان هو «أنتم»؟
في مكتب «وفا» كان الجهاز للاتصال بأحوال لبنان والشتات الفدائي من الجزائر الى اليمن والسودان، هو اللاسلكي قبل ثورة التكنولوجيا وهو الذي كان في سفينة خروج ابو عمار.
في البحر، استوقفوا السفينة: البنادق مسموحة والجهاز ممنوع وفق اتفاقية الخروج .. ولكن، كلا قال القائد، ثمّ نعم قالوا بعد ساعات نصف نهار.
كان ذلك اليوم هو ١٤ أيلول، حيث مات أول رئيس لبناني كتائبي ومنتخب من البرلمان تحت انقاض «بيت الكتائب» في الأشرفية - شرقي بيروت (عرف لاحقاً أن القاتل غير فلسطيني!)
بين الاغتيال في ١٤ أيلول، والمجزرة في ١٦ و١٧ ايلول ٤٨ ساعة قبل، ومثلها بعد .. حيث استعارت وجوهنا اكفرار وجه عرفات.
لاحقاً، ستصل الأخبار الأولى. لاحقاً ستصل صور المذبحة. لاحقاً سنقرأ التفاصيل. لاحقاً ستبدأ رحلة عودة الفدائيين من منتجع سلوى الى ساحة لبنان كما من ساحات الشتات.
على مدى أيام، على مدى شهور، على مدى سنوات، والى ما حييت سأقرأ «ريبورتاجاً» تحت عنوان «أربع ساعات في شاتيلا» كتبه من الميدان الذي كتب من قبل، في زهوة العمل الفدائي «أسير عاشق» .. هو الصعلوك - الفيلسوف - الموسوعي جان جينيه.
كان جان بول سارتر وضع كتاباً بعنوان «القديس جينيه» وكان القديس قد عقب ساخراً: هذا الفيلسوف الوجودي يكرر مقولاته المعدودة:
كم مجزرة قبل النكبة؟ كم مجزرة بعد النكبة، لكن مجزرة صبرا وشاتيلا أقسى واكثر خسه وأشد إيلاماً، حتى من مجزرة مخيم «تل الزعتر». لا في عدد ضحاياها، بل في الغدر والتواطؤ وشناعة ووحشية القتل دون تمييز بين شاب وطفل، بين لاجئ فلسطيني ومقيم لبناني في المخيم.
عجز شارون عن دخول بيروت الغربية حرباً، وفي خروج قوافل الفدائيين، كان الرصاص يطرّز السماء والزغاريد تطرز الهواء .. لكن كانت النساء يبكين وتلبح ألسنتهن بهذا السؤال: «لمين تاركينا» كأنهن يتوقعن المذبحة في الأفق.
.. وكأن نذر المذبحة كانت على وجه عرفات قبل وقوعها بـ ٤٨ ساعة.
قبل ٤٨ ساعة من المجزرة، وخلال ٤٨ ساعة من المجزرة، وخلال أسابيع بعدها، تخربطت مواعيد الإفطار والغداء والعشاء، وخلت قاعة الطعام من معظم روادها، رغم صحن «الهريسة» التونسية فاتحة الشهية.
لم تكن الأخبار الأولى للمجزرة تعطيها أبعادها المهولة. يقولون: «ليلة ليلاء» وفي الليلة الليلاء من يوم ١٦ أيلول، أيقظني في ساعات الصباح المبكر واحد مكفهر الوجه: راحت زوجتك وبنتك. هل كان الخبر كاذباً، أم كان إبلاغي به «مزحة» من لا يدري هول المذبحة!
واحد من قوات الـ ١٧ سمع مني «المزحة» فشهر مسدسه و«خرطشه» وقال: من هو؟ سأقتله الآن. لم يكن يمزح، ولم أقل له من هو!
«ادفنوا قتلاكم وانهضوا» وبعد ثلاثة أسابيع، أقام القائد العام عرس زفاف لمناضلة فلسطينية من مخيم شاتيلا على مناضل عراقي، التي ستموت لاحقاً بضربة اسرائيلية في حمام الشط.
بعد أربعة أسابيع، جاءت التي كانت حبيبة في جامعة دمشق من باريس الى تونس. نظرت الى علاقة مفاتيح غرفتي في فندق سلوى وكانت ٢٤٢، ثم قالت التي اسمها سلوى ايضاً: أنا قدرك، والقرار ٢٤٢ قدر شعبك.
لكم كل ما كتب من كُتب عن المجزرة، لكم كل التحقيقات عنها وأسبابها ومجرياتها. لكم كل صور الضحايا. ولنا «اربع ساعات في شاتيلا» لجان جينيه. رأى الموت قيامة أخرى.
.. ولي، وجه عرفات المكفهر والمربد، وخطواته السريعة بين مكتبه ومكتب وكالة «وفا». هل كان يحدس؟ يتوقع؟ يعرف.
* * *
في خروج بيروت سألوا مقاتلا: ما اسمك؟ قال بشير الجميل. قالوا: كيف؟ قال: أنا جَمْيل كبير وهو جْمَيّل صغير!
قرأ شارون القوائم، ثم قال: رجال عرفات خَدّاعون، لم يعطوا أسماءهم.
كان لكل فدائي اسم حرب واسم حقيقي، ولم يبرزوا لا هوية هذا ولا هوية ذاك.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

48 ساعة قبل المجزرة 48 ساعة قبل المجزرة



GMT 21:38 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

سيمافور المحطة!

GMT 21:36 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

يراها فاروق حسنى

GMT 21:34 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

«بكين» هل تنهي نزاع 40 عاماً؟ (2)

GMT 21:32 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

ماذا حل بالثمانيتين معاً؟

GMT 21:30 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

الشرق الأوسط والموعد الصيني

GMT 14:39 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

007 بالمؤنث

GMT 14:37 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

هل هي نهاية الخلاف السعودي ـ الأميركي؟

هيفاء وهبي تتألّق بفستان مرصع بالكريستال

القاهرة - فلسطين اليوم
هيفاء وهبي خطفت الأنظار بالتزامن مع احتفالها بعيد ميلادها بأناقتها ورشاقتها التي ظهرت بها خلال حفلها الأخير الذي أحيته في قطر، حيث أبهرت النجمة اللبنانية جمهورها على المسرح بطلتها اللامعة بفستان مرصع بالكامل بحبات الكريستال، وبهذه الإطلالة تعود هيفاء وهبي لستايل الفساتين المجسمة التي تتباهي من خلالها بجمال قوامها وهو التصميم الذي كانت تفضله كثيرا أيقونة الموضة، وذلك بعد اعتمادها بشكل كبير على صيحة الجمبسوت التي أطلت بها في معظم حفلاتها السابقة. هيفاء وهبي سحرت عشاقها في أحدث ظهور لها على المسرح خلال حفلها الأخير بقطر بإطلالة جذابة بتوقيع نيكولا جبران، حيث اعتمدت أيقونة الموضة مجددا التصميم المحدد للقوام مع الخصر الذي يبرز بقصته الضيقة مع الحزام جمال قوامها، حيث تمايلت هيفاء وهبي على المسرح بأسلوبها الأنثوي المعتاد بف...المزيد

GMT 10:42 2020 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

تحديد موعد إجراء قرعة دوري المحترفين والأولى

GMT 10:04 2024 السبت ,06 كانون الثاني / يناير

الأطعمة الدهنية تؤثر سلبًا على الجهاز المناعي والدماغ

GMT 18:00 2017 الجمعة ,14 إبريل / نيسان

أوزيل يرد على انتقادات جماهير أرسنال

GMT 03:12 2019 الأحد ,14 إبريل / نيسان

ظلال عيون يناسب صاحبات البشرة السمراء

GMT 07:08 2019 الثلاثاء ,05 شباط / فبراير

أشهر الأماكن للسياحة في روسيا خلال موسم الشتاء

GMT 14:23 2018 الأربعاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أليغري يفضّل جلوس رونالدو على مقاعد البدلاء أمام "أتلانتا"

GMT 14:19 2017 الأربعاء ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

رفع دعوى قضائية ضد الملحن فارس اسكندر بعد تطاوله على الكعبة

GMT 17:01 2017 الثلاثاء ,31 تشرين الأول / أكتوبر

رئيس الأولمبية الإسبانية يبرز قوة الرياضة لحل أزمة كتالونيا

GMT 17:32 2019 الخميس ,31 كانون الثاني / يناير

الصافي يمنح لاعبات «طائرة الأهلي» راحة من التدريبات
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday