في بيتنا قنبلة
آخر تحديث GMT 04:53:15
 فلسطين اليوم -

في بيتنا قنبلة

 فلسطين اليوم -

في بيتنا قنبلة

بقلم :طلال عوكل

الجريمة التي وقعت فجر الخميس الماضي، السابع عشر من الجاري، على الحدود بين قطاع غزة ومصر، ليست من نوع الأخبار التي يفترض أن تشغل وسائل الإعلام ليوم أو يومين ثم تنتهي من التداول. هي جريمة كان لها ما قبلها، وستلقي بظلالها شديدة السواد فيما بعدها.

سابقة خطيرة أن يفجر فلسطيني نفسه في حاجز فلسطيني مهما اختلفت أو اتفقت الآراء بشأن طبيعته وانتمائه، ووظيفته، فالأصل أن الجريمة تم ارتكابها بحق فلسطيني آخر، هو اليوم من "حماس"، ولكنه قد يكون غداً، من فصيل آخر، أو من مواطنين يرتادون سوقا أو ناديا، أو يركبون سيارة.

هذا يعني أن "دواعش" غزة لا يختلفون عن "الدواعش" الذين يرتكبون أبشع المجازر، ويمارسون الإرهاب في سورية، والعراق وليبيا، ومصر، وفي دول أوروبا. الوظيفة واحدة، وأشكال تجلياتها مختلفة، برغم اختلاف الظروف، حتى لو كان الهدف شعبا كالشعب الفلسطيني يخضع تحت احتلال بغيض. الدوافع واحدة، حتى لو تعلق الأمر بفلسطينيين يخضعون لحصار ظالم، واحتلال يواصل طبيعته في ارتكاب الجرائم والمجازر، ضد فئة من الفلسطينيين، تمعن في تعذيبهم الأزمات من كل نوع.

يعلم الجميع أن هناك "دواعش"، أو متطرفين تكفيريين في قطاع غزة، كان عدد منهم قد لقوا مصرعهم في أيام سابقة في سورية والعراق ومصر. والجريمة تؤكد أن العناصر المتطرفة، تتسرب إلى خارج البلاد من خلال الأنفاق، قبل أن تُحكم السيطرة عليها حركة حماس، اثر التفاهمات التي جرت في القاهرة.

سكان قطاع غزة الذين يهدهم البؤس والوجع، يعرفون ذلك، ولا يستبعدون أن يأتي وقت، تتناثر أشلاؤهم نتيجة أعمال إجرامية، وعلى أيدي فلسطينيين. يعلمون أن بعض أئمة المساجد، لا يتوقفون عن ضخ خطابات التكفير والتحريض على القتل، وغسيل أدمغة الشباب، وأن رجالات الدعوة السلفية، يجوبون المآتم والبيوت، ينقلون عَبر، خطاباتهم الدينية، فيروسات التطرف.

كل الجماعات والأفراد، الذين يحملون هذا الفيروس، ويتسترون باللحى والجلابيب، ويلهجون بلغة الإسلام، كانوا قد استغلوا سيطرة "حماس" الإسلامية على المجتمع، فقاموا بتحضير الميدان، ومن ضمن ذلك التحريض على "حماس" نفسها، التي تتعرض بدورها للتكفير من قبل "داعش" وأخواتها، لأنها لا تطبق الشريعة الإسلامية، لقد نمت وترعرعت، أفكار التكفير والتطرف في بيئة مواتية تماماً، حيث الفقر، والعوز، والحرمان، واليأس، وقلة الحيلة. عشرات آلاف الشباب من الخريجين العاطلين عن العمل كانوا صيداً ثميناً لدعاة التكفير والتطرف، بعد أن أغلقت أمامهم السبل، وانسدت آفاق المستقبل. 

كبيرة المصيبة التي تشير إليها جريمة فجر الخميس المنصرم. ولكن درسها الأساسي ليس جديداً بمعنى أن جماعات الإسلام السياسي التكفيرية والمتطرفة، تتجنب تماماً أن تضع إسرائيل ضمن أولوياتها المستهدفة. أن تحظى إسرائيل بالحصانة فهذا ليس بسبب مناعتها الأمنية، فلقد ضرب الإرهاب في مدن ودول تحظى بقدرات أمنية ولوجستية مهمة، كالولايات المتحدة، وألمانيا وفرنسا، وبريطانيا ومؤخراً برشلونة الإسبانية. وبعد سنوات من نشاط تنظيم الدولة في عديد الدول العربية لا يمكن لأحد أن يقبل الادعاء الذي يقول إن الدور قادم على إسرائيل.

هل يريد "الدواعش" أن يحرروا الوطن العربي، والعالم مما يدعون من أنهم أهل الكفر والمظالم، حتى يستديروا نحو إسرائيل دولة الإرهاب، والاحتلال والعنصرية؟ تشي الجريمة التي وقعت على الحدود مع مصر، بحق عناصر من الضبط الميداني، بأن حركة حماس جادة في الالتزام بالتفاهمات التي أبرمتها في القاهرة، وأن جدية إجراءاتها، كانت العائق أمام تسرب عناصر "داعش" عبر الحدود إلى سيناء. هذا صحيح وملموس من قبل سكان القطاع، خصوصاً في المناطق الجنوبية، وثمة ارتياح من قبل الجانب المصري لما قامت وتقوم به حركة حماس من إجراءات ضبط غير أن مسؤولية حركة حماس لا تقف عند هذه الحدود، ولا تقف حتى حين تقوم بملاحقة واعتقال عدد من المشتبه بهم، على اعتبار أنه لا توجد جماعة أو تنظيم متبلور ومعروف في القطاع. 

حركة حماس نفسها عليها أن تراجع خطابها وتعبئتها الداخلية، وسلوكها الوطني العام، فهي قد وقعت في خطأ التعبئة التكفيرية في وقت سابق، فضلاً عن أنها أفسحت المجال لمن يبثون هذا الخطاب في المساجد. وعملياً فإن سلوك "حماس" الذي يرفض حتى الآن عملياً، مبادئ الشراكة الوطنية، والقبول بالآخر، وبإجراء الانتخابات في النقابات والمجالس الطلابية والاتحادات الشعبية، هذا السلوك الذي لا يزال يحظى بكثير من الكلام والادعاء، ولا شيء في الممارسة، إنما ينطوي على تعميم لثقافة، تنتج أفكاراً متطرفة.

لا حاجة بنا للعودة إلى سنوات سابقة، حين نشطت جماعات الدعوة، لأسلمة المجتمع، ومحاصرة ما يعتبرونه مظاهر العلمانية حتى طال الأمر التراث الشعبي والثقافي الفلسطيني، وهو أمر خفّت حدّته منذ بعض الوقت. "حماس" تحتاج إلى مراجعة ذاتية وتحتاج إلى تعاون وتكاتف وطني لمحاصرة أفكار وظواهر التطرف، قبل أن تستفحل فتأتي على الأخضر واليابس، خصوصاً وأنها استناداً لأولويات هؤلاء، ستكون مستهدفة قبل غيرها. إن أرض الأديان السماوية، وشعب التسامح، لا يمكن أن يكون ضحية لأفكار مستوردة غريبة عن ثقافته وتاريخه، ولكن المسؤول عليه أن يتحمل مسؤولياته قبل فوات الأوان وقبل أن يصبح شعبنا مضغة لكل من أراد أن يلصق به تهمة الإرهاب والتعصب والتطرف.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

في بيتنا قنبلة في بيتنا قنبلة



GMT 10:35 2020 الخميس ,24 كانون الأول / ديسمبر

أميركا وإسرائيل: ظاهرتان متشابهتان

GMT 12:44 2020 الإثنين ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ثمّة متسعٌ للمزيد

GMT 09:19 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

أهْلِي وإن ضَنُّوا عليَّ كِرامُ

GMT 07:18 2020 الخميس ,06 آب / أغسطس

لبنان وحيداً في لحظة بالغة الصعوبة

GMT 09:12 2020 الخميس ,30 تموز / يوليو

صراع علاقات القوة في الغربال

هيفاء وهبي تتألّق بفستان مرصع بالكريستال

القاهرة - فلسطين اليوم
هيفاء وهبي خطفت الأنظار بالتزامن مع احتفالها بعيد ميلادها بأناقتها ورشاقتها التي ظهرت بها خلال حفلها الأخير الذي أحيته في قطر، حيث أبهرت النجمة اللبنانية جمهورها على المسرح بطلتها اللامعة بفستان مرصع بالكامل بحبات الكريستال، وبهذه الإطلالة تعود هيفاء وهبي لستايل الفساتين المجسمة التي تتباهي من خلالها بجمال قوامها وهو التصميم الذي كانت تفضله كثيرا أيقونة الموضة، وذلك بعد اعتمادها بشكل كبير على صيحة الجمبسوت التي أطلت بها في معظم حفلاتها السابقة. هيفاء وهبي سحرت عشاقها في أحدث ظهور لها على المسرح خلال حفلها الأخير بقطر بإطلالة جذابة بتوقيع نيكولا جبران، حيث اعتمدت أيقونة الموضة مجددا التصميم المحدد للقوام مع الخصر الذي يبرز بقصته الضيقة مع الحزام جمال قوامها، حيث تمايلت هيفاء وهبي على المسرح بأسلوبها الأنثوي المعتاد بف...المزيد

GMT 00:13 2020 الخميس ,09 تموز / يوليو

ما كنت تتوقعه من الشريك لن يتحقق مئة في المئة

GMT 21:34 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

«بكين» هل تنهي نزاع 40 عاماً؟ (2)

GMT 08:15 2021 الخميس ,07 كانون الثاني / يناير

"موديز"تؤكّد أن دول الخليج ستحتاج عامين لتعافي اقتصادها

GMT 00:13 2020 الخميس ,09 تموز / يوليو

يبشرك هذا اليوم بأخبار مفرحة ومفيدة جداً

GMT 13:29 2018 الأحد ,16 كانون الأول / ديسمبر

"ساعة رضا" فيلم كوميدي يُقدم معالجة جديدة لآلة الزمان

GMT 04:25 2017 الإثنين ,17 إبريل / نيسان

الأحمر النابض يبرز أناقة وجرأة الرجل في الربيع

GMT 10:57 2019 الجمعة ,28 حزيران / يونيو

تعيش أجواء حماسية خلال هذا الأسبوع

GMT 21:48 2018 السبت ,22 كانون الأول / ديسمبر

"بورش" تستدعي أكثر 75 ألف سيارة حول العالم

GMT 03:07 2018 الخميس ,19 تموز / يوليو

آستون مارتن تطرح "وحشا" رياضيا جديدا

GMT 21:17 2018 الإثنين ,09 إبريل / نيسان

أرخص 10 طرز "كروس أوفر" لعام 2018 في أسـواق الإمارات

GMT 10:27 2019 الأربعاء ,13 شباط / فبراير

الرئيس عباس يستقبل وزير الداخلية الأردني

GMT 05:27 2017 السبت ,30 كانون الأول / ديسمبر

القضاة يبذل جهودًا للحصول على إعفاءات جديدة

GMT 00:46 2017 الأحد ,17 كانون الأول / ديسمبر

اكتشاف 4 مقابر لأطفال في أسوان أحدهم مصاب

GMT 14:26 2017 الإثنين ,11 كانون الأول / ديسمبر

حمدان بن محمد يزور مقر دائرة التنمية الإقتصادية في دبي

GMT 02:53 2017 الأربعاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

ليلى عامر تبرز شرم الشيخ كمدينة سياحية عالمية
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday