ما لا يدركه العقل تدركه الحواس
آخر تحديث GMT 04:53:15
 فلسطين اليوم -

ما لا يدركه العقل تدركه الحواس

 فلسطين اليوم -

ما لا يدركه العقل تدركه الحواس

طلال عوكل

لم يكن الوضع السياسي المحيط بالقضية الفلسطينية، واضحاً كما هو في الوقت الراهن، الأمر الذي لا يحتمل الخطأ والصواب في معرفة اتجاه حركة الأحداث والتطورات، ذات الصلة بالقضية الفلسطينية ومآلات الصراع.
خطابا الرئيس الفلسطيني محمود عباس، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يعكسان الهوة الواسعة بين رؤيتي الطرفين، على نحو كاف للاستنتاج بأنهما ذاهبان مع شعبيهما إلى اشتباك واسع، لا إمكانية للمراهنة خلاله على عودة الطرفين إلى المفاوضات استناداً إلى قرارات الأمم المتحدة، ومرجعياتها، أو لتحقيق رؤية الدولتين.
يؤكد الخطاب الإسرائيلي، رغم كل ما ينطوي عليه من تضليل وخداع للرأي العام العالمي، على أن الاتجاه العام الحاسم في إسرائيل، يرفض جذرياً مبدأ الاعتراف بالضفة الغربية والقدس وقطاع غزة، على أنها أرض محتلة، وان من حق الفلسطينيين إقامة دولتهم عليها. بعد خطاب نتنياهو المليء بالأكاذيب والافتراءات والتحريض، كان وزير الدفاع الإسرائيلي موشيه يعالون يصرح بأن إسرائيل لن تنسحب من الضفة الغربية. هذا على اعتبار أن مسألة القدس عاصمة موحدة وأبدية لإسرائيل أمر محسوم من وجهة نظر إسرائيلية.
ولكن قد يخطئ المرء في قراءة التصريحات والخطابات السياسية، وحينها يمكن العودة إلى الممارسات على الأرض، باعتبارها وقائع عندما تتراكم باستمرار، فإنها تنتج معرفة لا يخطئها العقل السوي.
العقل السياسي الإسرائيلي، الذي يتعامل مع الضفة الغربية على أنها منطقة نزاع، ويستند في ذلك على فوارق اللغة بين الفرنسية والإنكليزية للقرار الأممي رقم 242، هذا العقل، يتصرف انطلاقاً من قناعة بأن الاضطراب العربي التاريخي الخطير، يعطي لإسرائيل القوية الحق في التوسع إقليمياً، وإعادة صياغة دورها في الإطار الإقليمي على نحو يمكنها من فتح أبواب سياسية كانت حتى وقت قريب مغلقة أمامها.
تتصرف إسرائيل على أساس أن المنطقة تمر في مرحلة فراغ، لا تستطيع أي دولة أخرى في الشرق الأوسط، ملأه، وربما تعتقد إسرائيل أنه لا يحق لأي دولة أخرى غيرها أن تملأه.
في الواقع فإن إسرائيل حققت إنجازات كبيرة على صعيد التمدد والتوسع في علاقاتها وفي تأثيرها، في منطقة القرن الأفريقي، بل وهي نجحت في تنشيط العوامل التي أدت إلى انقسام السودان، الذي تحظى في جنوبه بعلاقات حميمة، ومنه تنطلق نحو مزيد من التوسع والأعمال الأمنية والاستخبارية والاقتصادية.
من يبحث عن أصل الأزمات التي تتصل بمياه نهر النيل، والتغيرات التي تحصل على مواقف الدول المعنية بحوضه، من المنابع حتى المصب لا بد أن يجد الأيادي الإسرائيلية الخبيثة. جرى ذلك خلال سنوات ما قبل الاضطراب العربي، واستغرق عقوداً، منذ توقيع اتفاقية كامب ديفيد نهاية سبعينيات القرن الماضي، فكيف في ظل الاضطراب واختلال توازن الأمة العربية؟
على صعيد آخر، يخطئ من لا يزال يراهن على أن الولايات المتحدة لا تزال تلتزم برؤية الدولتين، لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، فلقد مر وقت طويل منذ أن طرح الرئيس السابق جورج بوش الابن، هذه الرؤية في صلب السياسة الأميركية. اثنا عشر عاماً مضت على تبني الولايات المتحدة هذه الرؤية، لكنها لم تفعل شيئاً إزاء تحقيقها، لا بسبب غياب القدرة، وإنما بسبب قوة التزام الإدارات الأميركية المتعاقبة بالسياسات والمواقف الإسرائيلية.
هكذا يبدو أن مواقف الإدارات الأميركية خلال الاثني عشر عاماً التي مضت، وكأنها ستار وهمي، للتغطية على تقدم المخططات الإسرائيلية، وبالتالي من غير المستبعد أن يتغير الموقف الأميركي إزاء رؤية الدولتين، إلى أن يتطابق فعلياً وشكلياً مع الرؤية الإسرائيلية. الولايات المتحدة، تسعى لإدخال الملف الفلسطيني الإسرائيلي في غيبوبة لبضع سنوات، تكون خلاله إسرائيل قد أكلت الأخضر واليابس، ولم تبق للفلسطينيين إلاّ ما تريد أن يبقى لهم وينسجم مع أطماعها التوسعية. بعد أن تراجع الملف النووي الإيراني عن رأس جدول الاهتمامات الإسرائيلية الأميركية بدا وكأن الولايات المتحدة تدفع ملف سلام الشرق الأوسط إلى الواجهة، غير أن وقائع الأشهر القليلة الماضية تشير إلى أن تحولاً جذرياً وقع في سلم الأولويات لجهة الحرب الدولية على "داعش" وأخواتها.
كأن الولايات المتحدة مطمئنة نسبياً إلى أن تغييب الملف الفلسطيني الإسرائيلي، لا يشكل خطراً على مخططاتها في المنطقة، والتي تمضي نحو إعادة صياغة الشرق الأوسط، على أساس سايكس بيكو القرن الحادي والعشرين، وتحت الشعار البراق، الشرق الأوسط الجديد.
إذا كانت هذه القراءة صحيحة، وأظنها كذلك، فإن المخطط الإسرائيلي يتجه نحو دفع الفلسطينيين لتحقيق دولتهم في قطاع غزة، الذي يكثر الحديث عن إمكانية توسيعه، لضمان حل مشكلة اللاجئين، أما الضفة فإنها تخضع لمخطط الانطواء، الذي يعني احتفاظ إسرائيل بأكثر من ستين في المئة من أرضها، والتخلي عن التجمعات السكانية الكبيرة. يشجع إسرائيل على ذلك، عمق الاختلاف والخلاف بين حركتي "فتح" و"حماس"، اللتين، توافقتا على مصالحة تركيبية، من شأنها أن تؤدي إلى توافقات فوقية، بدون تغيرات حقيقية في البنى التحتية، وفي الثقافة، أو في حقيقة التوجهات البرنامجية. لقد صنع الفلسطينيون أجزاء هامة من هذا الواقع المرير، بأيديهم، والسؤال هو هل بأيديهم يستطيعون مرة أخرى إعادة صياغة أوضاعهم على نحو مختلف، قادر على تجاوز ما اقترفته أياديهم بحق شعبهم وقضيتهم؟

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ما لا يدركه العقل تدركه الحواس ما لا يدركه العقل تدركه الحواس



GMT 21:38 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

سيمافور المحطة!

GMT 21:36 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

يراها فاروق حسنى

GMT 21:34 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

«بكين» هل تنهي نزاع 40 عاماً؟ (2)

GMT 21:32 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

ماذا حل بالثمانيتين معاً؟

GMT 21:30 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

الشرق الأوسط والموعد الصيني

GMT 14:39 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

007 بالمؤنث

GMT 14:37 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

هل هي نهاية الخلاف السعودي ـ الأميركي؟

هيفاء وهبي تتألّق بفستان مرصع بالكريستال

القاهرة - فلسطين اليوم
هيفاء وهبي خطفت الأنظار بالتزامن مع احتفالها بعيد ميلادها بأناقتها ورشاقتها التي ظهرت بها خلال حفلها الأخير الذي أحيته في قطر، حيث أبهرت النجمة اللبنانية جمهورها على المسرح بطلتها اللامعة بفستان مرصع بالكامل بحبات الكريستال، وبهذه الإطلالة تعود هيفاء وهبي لستايل الفساتين المجسمة التي تتباهي من خلالها بجمال قوامها وهو التصميم الذي كانت تفضله كثيرا أيقونة الموضة، وذلك بعد اعتمادها بشكل كبير على صيحة الجمبسوت التي أطلت بها في معظم حفلاتها السابقة. هيفاء وهبي سحرت عشاقها في أحدث ظهور لها على المسرح خلال حفلها الأخير بقطر بإطلالة جذابة بتوقيع نيكولا جبران، حيث اعتمدت أيقونة الموضة مجددا التصميم المحدد للقوام مع الخصر الذي يبرز بقصته الضيقة مع الحزام جمال قوامها، حيث تمايلت هيفاء وهبي على المسرح بأسلوبها الأنثوي المعتاد بف...المزيد

GMT 04:46 2024 الإثنين ,08 كانون الثاني / يناير

أفكار مبتكرة للفواصل في ديكور المنازل العصرية

GMT 00:15 2020 الخميس ,09 تموز / يوليو

يحذرك هذا اليوم من المخاطرة والمجازفة

GMT 21:34 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

«بكين» هل تنهي نزاع 40 عاماً؟ (2)

GMT 01:04 2017 السبت ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

علماء آثار يعلنون عن حمامات بها أنظمة صرف صحي

GMT 15:37 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الاحتلال يعتدي على طلبة الخضر في بيت لحم
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday