ماذا بعد عملية القدس
آخر تحديث GMT 04:53:15
 فلسطين اليوم -

ماذا بعد عملية القدس ..؟

 فلسطين اليوم -

ماذا بعد عملية القدس

بقلم: طلال عوكل

بمعزل عن المواقف المرحبة، والمنتقدة لعملية الباص التي وقعت في القدس يوم الاثنين الماضي، وبغض النظر عن طبيعة الردود التي يعمد الاحتلال لاتخاذها، فإن القراءة الموضوعية لا تشير إلى أن الانتفاضة دخلت مرحلة جديدة كما يعتقد البعض.

البعض يتساءل عما إذا كانت عملية تفجير الباص تشكل نقلة نوعية نحو اعتماد أسلوب العمليات العسكرية الاستشهادية أو غير الاستشهادية، الأمر الذي سينجم عنه تحول جذري في العلاقة بين الاحتلال والمكونات السياسية الفلسطينية فصائل وسلطات.

قبل وقوع العملية، بل في النصف الأول من يوم الاثنين الذي وقعت فيه العملية، كان العديد من الصحافيين ومراسلي وكالات الأنباء يتساءلون عن مصير الانتفاضة وما إذا كانت إسرائيل قد نجحت في وأدها، أو تحقيق التهدئة.

تستمد أسئلة الصحافيين مبرراتها، من واقع أن أياماً عديدة مرت دون أن تشهد المواجهات عمليات طعن أو دهس، ضد مستوطنين أو جنود على الرغم من أن الإجراءات الوحشية الإسرائيلية استمرت دون توقف.

تعود الإجابة عن أسئلة المهتمين بأمر الانتفاضة إلى معرفة الأسباب الحقيقية لاندلاعها، وماهية العوامل الدافعة والمحفزة لاستمرار نشاطاتها، بالإضافة إلى معرفة السمات التي تتعلق بالفعل الانتفاضي.

بعد نحو سبعة أشهر على اندلاع الانتفاضة يتضح أن أسباب ودوافع اندلاعها لم تكن تكتيكية، وحتى لو أنها كانت كذلك بالنسبة لبعض الأطراف، فإن مرور كل هذا الوقت يجعلنا نعتقد بأنها أي الانتفاضة تجاوزت الأبعاد التكتيكية المحدودة الأهداف وفي طبيعة الفعل.

غير أن التوصل إلى مثل هذا الاستنتاج لا يعني بالمقابل أننا أمام انتفاضة طويلة الأمد، تحمل عبء التحرر الوطني، والأصح أن نعتبرها موجة انتفاضية طويلة بالمعنى النسبي.
استمرارية الانتفاضة أصبحت مضمونة إلى حد كبير، فهي لا تخضع لسيطرة فريق سياسي محدد، بالإضافة إلى أن الإجراءات القمعية والعنصرية الإسرائيلية التي تتخذ طابعأً جماعياً وقاسياً إلى حد بعيد، من شأنها دائماً أن تولد ردود فعل مناسبة من قبل النشطاء الفلسطينيين، خصوصاً وأن هؤلاء النشطاء ينتمون إلى جيل الشباب الذي يدفع أكثر من غيره ثمن الاحتلال وإجراءاته البائسة.

لقد فشلت إسرائيل في فرض الهدوء، رغم أنها تمادت في استخدام وتنويع وسائل القمع والإغراءات، الأمر الذي يدعو للاعتقاد بأن إسرائيل تخوض معركة شاملة، ضد الشعب الفلسطيني، ذلك أن الحذر الإسرائيلي عملياً يلحق إهانات حتى بحق العمال الفلسطينيين الذين يذهبون للعمل داخل إسرائيل.

إن نشر المزيد من الحواجز، وتعويق حركة المرور وتفتيش المارة، والإغارات الليلية على البيوت، واحتجاز جثامين الشهداء وغيرها من الإجراءات المجنونة، من شأنها أن تدفع الأوضاع دفعاً نحو التوتر، وتوسيع دائرة المجابهة.

أما من حيث السمات، فإن أحد أهم ما يميز الفعل الانتفاضي بأنه لا يسير على خط مستقيم، ويتبع خطاً متعرجاً بين الهبوط والصعود، ما يربك الاحتلال، ويفاجئه في مكامن غير متوقعة.

بعد عملية الباص في القدس، من المرجح أن تلجأ إسرائيل إلى إجراءات عقابية شديدة، ولذلك من المرجح أن يقابل الشبان هذه الإجراءات بمواجهات وعمليات نشطة، خصوصاً وأن عملية الباص تنتمي هي الأخرى إلى المبادرات والأعمال الفردية شأنها شأن عمليات الطعن والدهس، ولكن بوسائل أخرى.

في الواقع أدى تزامن وقوع عملية الباص في القدس مع إعلان إسرائيلي عن اكتشاف نفق استراتيجي للمقاومة شرق رفح يتجاوز الحدود بنحو مئة وخمسين متراً، ما أدى إلى نهوض أسئلة أخرى جديدة حول احتمال قيام إسرائيل بعدوان آخر كبير على قطاع غزة.

التساؤل مشفوع باعتقاد أن إسرائيل تشن عدواناً على قطاع غزة كل عامين، وها هي الذكرى الثانية للعدوان السابق تقترب، من حيث المبدأ لا يمكن استبعاد قيام إسرائيل بعدوانات جديدة على قطاع غزة، وهي حين تفعل ذلك لا تحتاج إلى ذرائع ومبررات، طالما لديها أهداف محددة، في هذه الفترة لا تتوفر لإسرائيل أهداف كبيرة تستحق أن تشن عدواناً آخر قد تنجح فيه المقاومة في أسر جنود إسرائيليين، وتؤثر سلباً على قدرة إسرائيل على الردع. إسرائيل هذه الأيام مشغولة بقضية الجولان التي عقدت فيها الحكومة اجتماعها الأسبوعي لأول مرة لتعلن من هناك أن الجولان جزء من أرض إسرائيل، لن تتخلى عنها إلى الأبد. 

إعلان الحكومة لا يمكن أن يمر مرور الكرام على الرغم من الأوضاع الصعبة التي تعاني منها سورية، خصوصاً وأن المسألة تتعدى الموقف السوري إلى الأوضاع العربية والإقليمية، بل وطبيعة المفاوضات الجارية في جنيف بين المعارضة والنظام. الأرجح أن إسرائيل ستتذرع بهذه العملية لقطع الطريق أمام ما يقال عن لقاءات فلسطينية إسرائيلية حول صلاحيات السلطة في مناطق (أ)، وتقييد دور الجيش وهو ما ترفضه الأجهزة الأمنية الإسرائيلية. ما عدا ذلك فإن إسرائيل ستشن تحريضاً واسعاً على الفلسطينيين، فضلاً عن تشديد الإجراءات التي تنغص عليهم حياتهم، ما يؤدي إلى إشعال جمرات الانتفاضة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ماذا بعد عملية القدس ماذا بعد عملية القدس



GMT 10:35 2020 الخميس ,24 كانون الأول / ديسمبر

أميركا وإسرائيل: ظاهرتان متشابهتان

GMT 12:44 2020 الإثنين ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ثمّة متسعٌ للمزيد

GMT 09:19 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

أهْلِي وإن ضَنُّوا عليَّ كِرامُ

GMT 07:18 2020 الخميس ,06 آب / أغسطس

لبنان وحيداً في لحظة بالغة الصعوبة

GMT 09:12 2020 الخميس ,30 تموز / يوليو

صراع علاقات القوة في الغربال

هيفاء وهبي تتألّق بفستان مرصع بالكريستال

القاهرة - فلسطين اليوم
هيفاء وهبي خطفت الأنظار بالتزامن مع احتفالها بعيد ميلادها بأناقتها ورشاقتها التي ظهرت بها خلال حفلها الأخير الذي أحيته في قطر، حيث أبهرت النجمة اللبنانية جمهورها على المسرح بطلتها اللامعة بفستان مرصع بالكامل بحبات الكريستال، وبهذه الإطلالة تعود هيفاء وهبي لستايل الفساتين المجسمة التي تتباهي من خلالها بجمال قوامها وهو التصميم الذي كانت تفضله كثيرا أيقونة الموضة، وذلك بعد اعتمادها بشكل كبير على صيحة الجمبسوت التي أطلت بها في معظم حفلاتها السابقة. هيفاء وهبي سحرت عشاقها في أحدث ظهور لها على المسرح خلال حفلها الأخير بقطر بإطلالة جذابة بتوقيع نيكولا جبران، حيث اعتمدت أيقونة الموضة مجددا التصميم المحدد للقوام مع الخصر الذي يبرز بقصته الضيقة مع الحزام جمال قوامها، حيث تمايلت هيفاء وهبي على المسرح بأسلوبها الأنثوي المعتاد بف...المزيد

GMT 04:50 2024 الإثنين ,08 كانون الثاني / يناير

"كورونا" يضرب بمتحوره الجديد وزيادة كبيرة في الإصابات

GMT 01:15 2018 الإثنين ,08 كانون الثاني / يناير

ثلاثة فنانيين قدموا الأخرس في السينما المصرية

GMT 00:08 2017 الجمعة ,08 كانون الأول / ديسمبر

صناع فيلم " خلاويص" يهنئون الفنانة أيتن عامر بعيد ميلاد

GMT 01:57 2017 الثلاثاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

تحذيرات من نشوب حرب جديدة تقضي على وحدة العراق

GMT 07:52 2016 الثلاثاء ,27 أيلول / سبتمبر

"فورد" تطلق "إكسبلورر XLT" للقيادة على الطرق الوعرة

GMT 00:32 2016 الإثنين ,31 تشرين الأول / أكتوبر

روسيا تنشر مئات المدرعات والدبابات في إستونيا

GMT 08:03 2019 الأحد ,31 آذار/ مارس

لن يصلك شيء على طبق من فضة هذا الشهر

GMT 13:34 2018 الأربعاء ,05 كانون الأول / ديسمبر

تصميمات مذهلة لحمامات أنيقة لمحبي التجديد والتميز

GMT 10:44 2018 الأربعاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

نصائح هامة للقيادة بأمان في الخريف

GMT 11:21 2018 الجمعة ,14 أيلول / سبتمبر

المشروم يحد من خطر الإصابة بسرطان عنق الرحم
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday