مشنقة المال
آخر تحديث GMT 04:53:15
 فلسطين اليوم -

مشنقة المال

 فلسطين اليوم -

مشنقة المال

طلال عوكل

مرارة بطعم العلقم، حصاد السنين، والسياسات الخاطئة الموغلة في استنزاف الزمن دون طائل، لا تنفع معها الاستدراكات المتأخرة.
لم يعد فلسطيني واحد، سوى إن كان هناك عائد من الكهوف، يناقش في أن الوضع الفلسطيني يعاني من أزمة شاملة عاصفة، تجتاح القضية، والمشروع الوطني، بل وكل المشاريع، وتجتاح الأرض، والبشر، والحجر، فصائل، ومؤسسات رسمية وغير رسمية، ومواطنين من النخبة حتى الذين يعيشون في فضاءات الصحارى.
قد جفّت العقول، ولم يعد ثمة مجال للإبداع، لا لدى النخب الفكرية والثقافية، ولا لدى النخب السياسية والاقتصادية، فلقد أدخل الفلسطينيون أنفسهم في متاهات، وخيارات جعلت الإسرائيلي هو من يملك زمام المبادرة، حتى في فرض مواقف وسياسات وأجندات الأطراف الفلسطينية الفاعلة وغير الفاعلة.
لا يحتاج أحد إلى انتظار تقارير البنك الدولي، أو مؤسسات الأمم المتحدة، أو أية مؤسسة أوروبية أو غير أوروبية حتى يدرك ما يعانيه قطاع غزة وسكانه.
لا بل ان هذه التقارير التي تستند إلى وقائع وقراءات موضوعية وهي تقارير مسيسة بامتياز، تقصر عن أن تعكس على نحو حقيقي أعماق الأزمة الشاملة.
الأوضاع في الضفة والقدس، لا تختلف كثيراً فالحال واحدة، طالما أن العدو، والمحتل واحد، لكن الأساليب والأشكال واحدة، وكلها تصب في اتجاه مصادرة الحلم الفلسطيني المتواضع، غير أن المؤسسات الدولية، تتحفظ وأيضاً لأسباب سياسية عن أن تقدم عن الضفة والقدس تقارير مماثلة لما تقدمه عن غزة العنوان الأبرز في الأزمة، ليس فقط تراجع الحلم الوطني المتواضع والذي ينطوي صراحة على تقدم المخططات الإسرائيلية، وإنما هو في تراجع اهتمام الناس، وقود السياسة، وبيت الأمل عن القضية الوطنية، لصالح الغرق في القضايا والهموم الخاصة، واليومية.
منطق المواطن البسيط، يقول: دعونا نعش حتى نتمكن من الصمود، في انتظار ما تسفر عنه الأقدار، أو ما تضمن حركة التاريخ تحقيقه لصالح الشعب صاحب الأرض كان وهو الآن، وسيظل غداً.
المواطن فقد الأمل في حكمة قياداته وفصائله الوطنية من أن تكون قادرة على حل أبسط مشاكله وأزماته التي تنال من قدرته على الصمود ومواجهة التحديات المتعاظمة.
جديد الأزمات، ما أفضى إليه مسار طويل من العمل السياسي بعضه متكئ على المقاومة، وبعضه الآخر متكئ على المفاوضة والعمل السياسي، الجديد في هذا الاطار يتصل بالنتائج المترتبة على المال السياسي.
المرحلة التي نعيش على مستوى الإقليم وتتسم بتضارب المصالح، واجتياح الصراعات، وما ينطوي عليه ذلك من مشاريع لتدمير أوطان، وتحقيق أطماع، هذه المرحلة دفعت القضية الفلسطينية إلى الخلف كثيراً، ووضعت أهل القضية بكل أطرافها أمام امتحانات صعبة وخطيرة من باب توظيف المال السياسي.
أنت تريد أن تحصل على المال كي تمول مشروعك التحرري أو التفاوضي، إذاً يترتب عليك أن تدفع الثمن ففي زمن الصراعات الكبرى، والتحولات التي تصاحبها وتنتج عنها، لا شيء يمكن تحقيقه مجاناً.
حركة الجهاد الإسلامي، تعاني من أزمة مالية، لا سبيل للمكابرة بشأنها أو بشأن أسبابها فلقد أصبح معلوماً أن استمرار تدفق الأموال الإيرانية لتمويل مشروع المقاومة يتطلب من الجهاد موقفاً صريحاً إزاء ملف اليمن، فهي إما مع إيران أو مع السعودية، وفي كل الأحوال إما أن تكسب طرفاً أو تخسر الطرفين.
حماس هي الأخرى تعاني أزمة مشابهة، أهم أسبابها المواقف السياسية التي تتخذها إزاء الصراعات الإقليمية الجارية في المنطقة، وينطبق عليها إلى حد كبير ما ينطبق على حركة الجهاد الإسلامي.
السلطة الوطنية الفلسطينية أمام تحد من هذا النوع الخطير إزاء التحرك السياسي الجدي الذي يحضر للقيام به الاتحاد الأوروبي من أجل استئناف المفاوضات.
أكثر من عشرين عاماً والاتحاد الأوروبي، يدفع من صندوق دافعي الضرائب لصالح السلطة بأمل تحقيق السلام، وقد حان الوقت لاستثمار هذه الأموال.
السؤال هل بمقدور السلطة أن تصمد أمام الضغط الأوروبي، الذي يسعى لاستئناف المفاوضات، بشروط لا تلبي حاجة الفلسطينيين خصوصاً وأنهم يعلمون يقيناً أن المفاوضات في حال استئنافها لن تسفر عن تحقيق تسوية مقبولة بقدر ما انها ستخدم المخططات الإسرائيلية؟
مشكلة كبيرة إن قبلت القيادة الفلسطينية العودة للمفاوضات دون الشروط التي وضعتها، ومشكلة إن هي رفضت المساعي الأوروبية التي سترفع سلاح المال في وجه السلطة.
هكذا أوصلت القيادات السياسية الفلسطينية نفسها وشعبها إلى المستوى الذي يضع حبل المال على رقبتها، دون أن يحق لها اختيار أسلوب التعذيب الأقل شدة ووجعاً، خصوصاً وأن المال العربي هو أيضاً مال مشروط بالمواقف الفلسطينية مما يجري على الساحة من صراعات بلغت درجة الحسم في المواقف، والعمل في ضوء هذه المواقف.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مشنقة المال مشنقة المال



GMT 21:38 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

سيمافور المحطة!

GMT 21:36 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

يراها فاروق حسنى

GMT 21:34 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

«بكين» هل تنهي نزاع 40 عاماً؟ (2)

GMT 21:32 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

ماذا حل بالثمانيتين معاً؟

GMT 21:30 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

الشرق الأوسط والموعد الصيني

GMT 14:39 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

007 بالمؤنث

GMT 14:37 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

هل هي نهاية الخلاف السعودي ـ الأميركي؟

هيفاء وهبي تتألّق بفستان مرصع بالكريستال

القاهرة - فلسطين اليوم
هيفاء وهبي خطفت الأنظار بالتزامن مع احتفالها بعيد ميلادها بأناقتها ورشاقتها التي ظهرت بها خلال حفلها الأخير الذي أحيته في قطر، حيث أبهرت النجمة اللبنانية جمهورها على المسرح بطلتها اللامعة بفستان مرصع بالكامل بحبات الكريستال، وبهذه الإطلالة تعود هيفاء وهبي لستايل الفساتين المجسمة التي تتباهي من خلالها بجمال قوامها وهو التصميم الذي كانت تفضله كثيرا أيقونة الموضة، وذلك بعد اعتمادها بشكل كبير على صيحة الجمبسوت التي أطلت بها في معظم حفلاتها السابقة. هيفاء وهبي سحرت عشاقها في أحدث ظهور لها على المسرح خلال حفلها الأخير بقطر بإطلالة جذابة بتوقيع نيكولا جبران، حيث اعتمدت أيقونة الموضة مجددا التصميم المحدد للقوام مع الخصر الذي يبرز بقصته الضيقة مع الحزام جمال قوامها، حيث تمايلت هيفاء وهبي على المسرح بأسلوبها الأنثوي المعتاد بف...المزيد

GMT 10:42 2020 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

تحديد موعد إجراء قرعة دوري المحترفين والأولى

GMT 10:04 2024 السبت ,06 كانون الثاني / يناير

الأطعمة الدهنية تؤثر سلبًا على الجهاز المناعي والدماغ

GMT 18:00 2017 الجمعة ,14 إبريل / نيسان

أوزيل يرد على انتقادات جماهير أرسنال

GMT 03:12 2019 الأحد ,14 إبريل / نيسان

ظلال عيون يناسب صاحبات البشرة السمراء

GMT 07:08 2019 الثلاثاء ,05 شباط / فبراير

أشهر الأماكن للسياحة في روسيا خلال موسم الشتاء

GMT 14:23 2018 الأربعاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أليغري يفضّل جلوس رونالدو على مقاعد البدلاء أمام "أتلانتا"

GMT 14:19 2017 الأربعاء ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

رفع دعوى قضائية ضد الملحن فارس اسكندر بعد تطاوله على الكعبة

GMT 17:01 2017 الثلاثاء ,31 تشرين الأول / أكتوبر

رئيس الأولمبية الإسبانية يبرز قوة الرياضة لحل أزمة كتالونيا

GMT 17:32 2019 الخميس ,31 كانون الثاني / يناير

الصافي يمنح لاعبات «طائرة الأهلي» راحة من التدريبات
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday