موجبات الأمن القومي العربي
آخر تحديث GMT 04:53:15
 فلسطين اليوم -

موجبات الأمن القومي العربي

 فلسطين اليوم -

موجبات الأمن القومي العربي

طلال عوكل

انتهت القمة العربية التي انعقدت في ظروف عصيبة، تطغى عليها مخاوف ذات طابع استراتيجي، بالنظر إلى خطورة الأبعاد التي تهدد قلب الجزيرة العربية وأطرافها، فضلاً عمّا تنطوي عليه من تهديدات شاملة الأبعاد بالنسبة لعدد آخر من الدول العربية في مقدمتها مصر.
الحدث اليمني الذي هيمن على القمة، دون أن يتمكن جدول الأعمال الطويل من إخفاء حقيقة أن هذا الحدث هو الملف الرئيس الذي يقضُّ مضاجع ومواجع الزعماء العرب، هذا الحدث، لا ينتمي بالضبط إلى الأحداث التي تتصل بالحراكات الداخلية محصورة النتائج بالحدود القطرية. 
ينظر الزعماء العرب للتغيير الذي وقع في اليمن وأطاح بالشرعية التي انبثقت عن تنفيذ المبادرة الخليجية، على أنه انتصار كبير واستراتيجي للسياسة الإيرانية التي تتطلع نحو إقامة أو استعادة أمجاد الإمبراطورية الفارسية، على أنقاض الأنظمة التي تتربع على عرش النفط.
القمة وإن كان انعقادها دورياً، لكنها كانت أقرب إلى المصادقة على قرار تم اتخاذه مسبقاً، حين بادرت السعودية لإقامة تحالف عربي إسلامي، بدأ العمل العسكري ضد الحوثيين، وأنصارهم وبالتالي، كان قرار القمة العربية وكأنه تحصيل حاصل.
بإمكان دول الخليج أن تفعل ذلك، وأن تفرض أجندتها وقراراتها على القمة العربية، فالحريق قد أخذ يمتد إلى حدودها ومصالحها وأنظمتها واستقرارها، وهي خصوصاً في ظل غياب الدول العربية المركزية التي تعرضت للتهشيم والإضعاف، تملك الإمكانيات المادية والمعنوية التي يحتاجها من تبقّى من العرب.
ربما يقول قائل إن التدخل العربي العسكري في اليمن، على النحو الذي يقع، إنما يبعد مخاطر تدخل أجنبي، بما في ذلك تدخل إسرائيلي، بدعوى أن سقوط اليمن في يد السياسة الإيرانية من شأنه أن يهدد الأمن الاستراتيجي لعدد من الدول، ويهدد، أيضاً، إمدادات، وخطوط النفط، ولكن هذا السلوك لا يشير إلى نضج الأمة العربية وأنظمتها وزعمائها لطبيعة المخاطر الاستراتيجية التي تهدد الأمن القومي العربي الشامل.
التهديدات الاستراتيجية للأمن القومي العربي، بما في ذلك استقرار الحدود الجيوسياسية للقطريات العربية، تحتاج إلى نظرة شاملة أوسع، تلاحظ أن الأعداء الرئيسيين للأمة العربية وشعوبها هم الولايات المتحدة وإسرائيل، ما يعني أن الربط بين القضية الفلسطينية التي يكرر الكل العربي أنها القضية المركزية للأمة العربية، بالقضايا والمصالح القطرية، هذا الربط، شكلي ولن يدرك العرب مدى أهميته ومركزيته، إلاّ بعد أن تنهار استراتيجياتهم المبنية على المصالح القطرية فقط.
بعد أربع سنوات من بدء الحراك الشعبي في عديد الدول العربية لم يصل الزعماء العرب إلى حقيقة أن الولايات المتحدة، وحلفاءها يخططون لتقسيم الدول العربية، تحت عنوان الشرق الأوسط الكبير والفوضى الخلاّقة، وبأن ما يتعرض له العراق وسورية وليبيا واليمن ومصر وتونس، لن يتوقف دون أن يمر على الأغلبية الساحقة من الدول العربية بما في ذلك معظم دول الخليج.
كان لا بد من الانتباه لأبعاد ما يجري في المنطقة، لصياغة سياسات واستراتيجيات تجاه البلدان التي تتعرض لاضطراب كبير، بحيث تمنع وقوع هذه الدول فريسة للمخططات الأميركية التمزيقية. 
السياسة القائمة على الانتقام والثأر، وردود الفعل لا يمكن أن تنتج استراتيجيات وطنية أو قومية سليمة، وكان يفترض أن تمارس الأنظمة القطرية السياسة باتباع أن ترضى للآخرين ما ترتضيه لنفسها.
ما تقوم به القمة وما ينتظر الترويكا القيادية ليس سوى استدراك لقصور فادح في وعي أولويات الأمن القومي والقطري العربي وكان من المفروض، أن يكون التدخل في اليمن بطرق سياسية قبل أن يقع المحظور أما وان ما وقع قد وقع، فإن المعركة في اليمن وعليها ستكون طويلة ومكلفة، ومع استمرار الوقت، ستدخل عناصر أخرى قد تؤدي إلى اندلاع صراع واشتباك مفتوح مع إيران دون أن نستبعد، تدخلات إسرائيلية ودولية مباشرة أو غير مباشرة.
سيكتشف العرب إذاً، أن أمنهم القومي الاستراتيجي، يبدأ بتحرير علاقاتهم مع الولايات المتحدة، وبتركيز قواهم، على مجابهة المخاطر والأطماع، الأميركية والإسرائيلية، هكذا تكون القضية الفلسطينية قضية العرب الأولى وهكذا يبدؤون في وعي أسباب الدفاع عن المشروع القومي العربي المشترك بعد أن فشلت السياسات القطرية في الدفاع عن مجتمعاتها.
والحال أن الاستراتيجية العربية الجماعية سواء كان للدفاع عن ما تبقى أو للنهوض بآمال الأمة، لا بد وأن تتخذ طابعاً وقائياً وأحياناً هجومياً غير أن ذلك لا يكون إلاّ بوجود أنظمة تحقق مصالح مجتمعاتها في الحرية والعدالة الاجتماعية والتقدم، والسؤال: هل كانت القمة العربية الاستثنائية في ظروف انعقادها وفي أولوياتها بمستوى المخاطر التي تواجه الأمة العربية أو الأجسام السليمة منها؟

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

موجبات الأمن القومي العربي موجبات الأمن القومي العربي



GMT 21:38 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

سيمافور المحطة!

GMT 21:36 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

يراها فاروق حسنى

GMT 21:34 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

«بكين» هل تنهي نزاع 40 عاماً؟ (2)

GMT 21:32 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

ماذا حل بالثمانيتين معاً؟

GMT 21:30 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

الشرق الأوسط والموعد الصيني

GMT 14:39 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

007 بالمؤنث

GMT 14:37 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

هل هي نهاية الخلاف السعودي ـ الأميركي؟

هيفاء وهبي تتألّق بفستان مرصع بالكريستال

القاهرة - فلسطين اليوم
هيفاء وهبي خطفت الأنظار بالتزامن مع احتفالها بعيد ميلادها بأناقتها ورشاقتها التي ظهرت بها خلال حفلها الأخير الذي أحيته في قطر، حيث أبهرت النجمة اللبنانية جمهورها على المسرح بطلتها اللامعة بفستان مرصع بالكامل بحبات الكريستال، وبهذه الإطلالة تعود هيفاء وهبي لستايل الفساتين المجسمة التي تتباهي من خلالها بجمال قوامها وهو التصميم الذي كانت تفضله كثيرا أيقونة الموضة، وذلك بعد اعتمادها بشكل كبير على صيحة الجمبسوت التي أطلت بها في معظم حفلاتها السابقة. هيفاء وهبي سحرت عشاقها في أحدث ظهور لها على المسرح خلال حفلها الأخير بقطر بإطلالة جذابة بتوقيع نيكولا جبران، حيث اعتمدت أيقونة الموضة مجددا التصميم المحدد للقوام مع الخصر الذي يبرز بقصته الضيقة مع الحزام جمال قوامها، حيث تمايلت هيفاء وهبي على المسرح بأسلوبها الأنثوي المعتاد بف...المزيد

GMT 15:40 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أحدث سعيدة خلال هذا الشهر

GMT 10:57 2019 الإثنين ,11 شباط / فبراير

تعرّف على "Corolla" الجديدة كليا من "تويوتا"

GMT 21:54 2017 الأربعاء ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

"Urban EV Concept" أول سيارة هوندا كهربائية

GMT 05:12 2016 الثلاثاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

بريطانيا تحول منزلًا مهجورًا إلى مكان لحماية التاريخ

GMT 11:37 2019 الأحد ,21 إبريل / نيسان

باحثون يكتشفون عظمة غامضة في جسم الإنسان

GMT 07:56 2019 الأربعاء ,20 آذار/ مارس

مهلا يا رونار

GMT 10:49 2018 الجمعة ,26 تشرين الأول / أكتوبر

ديكورات ريسبشن رائعة و جذابة تبهر ضيوفك

GMT 11:25 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

أحمد الشناوي يكشف سبب انتقادات حارس الأهلي له
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday