مصر بخير، فلسطين بخير
آخر تحديث GMT 04:53:15
 فلسطين اليوم -

مصر بخير، فلسطين بخير

 فلسطين اليوم -

مصر بخير، فلسطين بخير

د. عاطف ابو سيف

بشاعة غير معقولة، وإرهاب غير مسبوق، ولا إنسانية وصلت قعر الانحدار، ما حدث في سيناء مطلع الأسبوع من هجوم إرهابي يكشف الوجه الحقيقي لأعداء الدولة في مصر، ويدلل على أن المستهدف هي مصر ووحدة مصر ومستقبل الدولة المصرية.
إن الصورة المؤلمة التي شاهدناها تقول حقيقة واحدة أن ثمة من يتربص بمصر شراً ويريد لمصر، دولة العرب الأولى، أن تصبح ممزقة وغير قادرة على الحكم والسيطرة، وبالتالي العصف بآخر ما تبقى من تماسك وقوة عند العرب.
مصر التي حاولت بحذر سلوك منعرجات التحولات الديمقراطية – دون تقييم ما جرى فيها – حيث أن اهم ما حدث في مصر هو حماية الدولة من الانهيار وحمايتها من التفكك ومن أن تتحول إلى جسد ممزق.
إن قراءة ما يجري في المنطقة العربية يصيب المتابع بالكثير من الشك أن ما يحدث ليس صدفة، فليس صدفة أن تتمزق العراق وتتحول إلى جيوش ومجموعات تتقاتل وإثنيات وطوائف تتصارع، وتصبح الدولة أضعف الجهات المتخاصمة، إن لم تعد غير موجودة في معادلة الصراع، وليس صدفة أيضاً أن تتمزق سورية وتتحول إلى ساحة حرب بين جيوش ومجموعات مسلحة تتوالد وتفرخ كل يوم جيشاً ومجموعة جديدة، وسورية التي نعتقد بالطبع بوجوب التغير الديمقراطي فيها ورحيل النظام، تعاني الآن لأكثر من ثلاث سنوات من عدم الاستقرار، وليس صدفة أيضاً أن تخرج علينا "داعش" لتلتهم مساحات شاسعة من العرق وسورية وتنشط في مناطق مختلفة تمتد من الجزيرة العربية حتى المغرب، تنظيم لا يعرف أحد أصله ولا فصله، وإن كان يمثل ذروة التطرف الديني، يلتهم دولاً ويعجز المجتمع الدولي عن الوقوف في وجهه، بل ويعلن خلافة ودولة خاصة به، وليس صدفة ما يجري في ليبيا من اقتتال وتمزق للدولة وسيطرة مجموعات مختلفة على بنغازي وتفكك وحدة الدولة الليبية ورجوعها إلى عهد ما قبل القبيلة حتى، رغم أن المجتمع الدولي استخدم أقصى قوته للإطاحة بنظام القذافي ولم يستخدم وخزة إبرة لإعادة الدولة لليبيا، وليس صدفة ما يجري في اليمن من اقتتال وسيطرة الميليشيات على الدولة ووقوف الدولة عاجزة عن فعل أي شي، بل إن ثمة تحولات كبرى تجري تعيد الدولة إلى مجتمع القبيلة، وليس صدفة ما يجري في مصر من بشاعة وإصرار على عدم استقرار الدولة المصرية، وإغراق مصر في بحر من الظلام وفي محيطات من الفوضى العارمة.
إن من يعتقد بصدفة كل ذلك لابد أن يظن أنه وجد أيضاً على هذا الكوكب صدفة، ولما أنني لست من عشاق التأويل التآمري للأحداث الذي يحيل كل شيء لمؤامرة مجهولة، فإن كون كل ما يجري ليس صدفة، فثمة نمط ثابت بات يحكم السياسة في الإقليم، نمط يعيد إنتاج إشارات الانهيار والتراجع في بنى الدولة الوطنية لصالح تمزقات تتموضع في قوالب إثنية أو عرقية أو حزبية ضيقة.
دخلت فكرة الدولة الآيلة للسقوط قاموس السياسة الدولية حديثاً وهي في جزء منها كانت فكرة ترمي إلى تبرير التدخل الدولي في شؤون تلك الدول الآيلة للسقوط، فالدولة الآيلة للسقوط هي دولة غير قادرة على الوقوف على قدميها وحيدة، فهي من جهة لا تحكم سيطرتها على البلاد المفككة بسبب وجود مجموعات وميليشيات مختلفة تقوم بالسيطرة على أجزاء مختلفة منها، أي أنها تفقد الخاصية الأساسية التي تميز الدولة عن أي تجمع وائتلاف سياسي أو اجتماعي، أي احتكار العنف المشروع بكلمات ماكس فيبر الشهيرة. وهي من جهة ثانية، وربما نتيجة للأولى، غير قادرة على تقديم خدمات لمجتمع المواطنين الذي يصبح غير قادر على تلمس وجود الدولة أو هي تصبح غير موجودة بالنسبة له، وحين تعجز الدولة عن تقديم خدمات لمواطنيها، بالطبع الخدمات الأساسية وليست خدمات الرفاهية، وتصبح غير قادرة على السيطرة على إقليمها، فإنها لا تعود دولة. وبمراجعة سريعة لواقع الكثير من الدولة فإن العشرات من الدول يمكن أن نسميها دولاً بفضل عضويتها في الأمم المتحدة فقط.
ليس هذا باب القصيد، إذ إن ضعف هذه الدول هو نتيجة حتمية لسياسات الاستعمار التعسفية في رسم حدودها التي لم تراعِ التوزيع القبلي والحساسيات الإثنية، بل جاء وفق مصالح استعمارية، والأهم من ذلك هو حالة الفقر والتخلف المقصود الذي تركت فيه هذه الدول، وحديثاً استعمارها اقتصادياً عبر الديون والتكييفات الهيكلية التي فرضتها مؤسسات بريتن وودز عليها.
هذا شكل مدخلاً لسياسات التدخل في سياسات الدول وفي رسم مستقبلها بل وفي التقرير في طبيعة النخب التي تحكمها، بهذا المعني فإن جل دول الربيع العربي – باستثناء مصر حتى الآن وتونس - هي دول آيلة للسقوط. وإذا كانت كذلك فإن من حق المجتمع الدولي وحماية للسلم والاستقرار الكونيين، وربما يتم استخدام عبارة - وحماية لمواطني هذه الدول - أن يتدخل من أجل إنقاذ الدولة من أن تتحول إلى تنين يبتلع مواطنيه، أو تصبح عاجزة عن أن تكون حامية لهم، بل عنصر توتير وأزمات.
ما يجري في الدول العربية ليس بريئا تماماً، إذ إن ثمة تدخلات خارجية قوية في بعض الأحيان تعمل على تمزيق الدولة العربية لإعادة المجتمعات العربية إلى مرحلة ما قبل الدولة، وهي مرحلة تبرز فيها الشقاقات والإثنيات والمذاهب والمحليات الضيقة على حساب وحدة المجتمع.
إن قراءة ما يجري في مصر من هذه الزاوية يكشف لنا ضرورة أن تكون الدولة المصرية قوية وقادرة على التماسك وعلى وأد الإرهاب والإمساك بزمام الأمور، لاحظوا كيف يتم استهداف جيش الدولة ومؤسسات الدولة وهيبة الدولة، فالمستهدف هو فكرة الدولة ووجودها بوصفها معبرة عن إرادة المواطنين الجماعية وبوصفها حامية لمصالحهم.
وإن مصلحة فلسطين وشعب فلسطين تكمن في ذلك وليس في شيء آخر. فمصر القوية تعني أن العرب بخير.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مصر بخير، فلسطين بخير مصر بخير، فلسطين بخير



GMT 21:38 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

سيمافور المحطة!

GMT 21:36 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

يراها فاروق حسنى

GMT 21:34 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

«بكين» هل تنهي نزاع 40 عاماً؟ (2)

GMT 21:32 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

ماذا حل بالثمانيتين معاً؟

GMT 21:30 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

الشرق الأوسط والموعد الصيني

GMT 14:39 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

007 بالمؤنث

GMT 14:37 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

هل هي نهاية الخلاف السعودي ـ الأميركي؟

هيفاء وهبي تتألّق بفستان مرصع بالكريستال

القاهرة - فلسطين اليوم
هيفاء وهبي خطفت الأنظار بالتزامن مع احتفالها بعيد ميلادها بأناقتها ورشاقتها التي ظهرت بها خلال حفلها الأخير الذي أحيته في قطر، حيث أبهرت النجمة اللبنانية جمهورها على المسرح بطلتها اللامعة بفستان مرصع بالكامل بحبات الكريستال، وبهذه الإطلالة تعود هيفاء وهبي لستايل الفساتين المجسمة التي تتباهي من خلالها بجمال قوامها وهو التصميم الذي كانت تفضله كثيرا أيقونة الموضة، وذلك بعد اعتمادها بشكل كبير على صيحة الجمبسوت التي أطلت بها في معظم حفلاتها السابقة. هيفاء وهبي سحرت عشاقها في أحدث ظهور لها على المسرح خلال حفلها الأخير بقطر بإطلالة جذابة بتوقيع نيكولا جبران، حيث اعتمدت أيقونة الموضة مجددا التصميم المحدد للقوام مع الخصر الذي يبرز بقصته الضيقة مع الحزام جمال قوامها، حيث تمايلت هيفاء وهبي على المسرح بأسلوبها الأنثوي المعتاد بف...المزيد

GMT 00:06 2018 الثلاثاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وزير داخلية بوينس آيرس يستقيل من منصبه

GMT 01:24 2017 الخميس ,12 تشرين الأول / أكتوبر

النجم جورج وسوف يحيي حفلة غنائية في فرنسا

GMT 21:04 2017 الأربعاء ,05 تموز / يوليو

نجم الفريق تامر صيام يحسم موقفه من هلال القدس

GMT 05:49 2017 الخميس ,12 كانون الثاني / يناير

هنا الزاهد نؤكد خوض تجربة المسلسل الكارتوني لأول مرة

GMT 07:21 2019 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

6 أخطاء شائعة يجب تجنبها عند إنشاء "كملة سر" صعبة

GMT 10:51 2019 الأحد ,07 إبريل / نيسان

هنري جاك يواصل إبداعه في مجموعة Les Classiques de HJ

GMT 00:18 2018 الجمعة ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

طريقة تحضير مشروب التمر هندي بالكركديه
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday