د. يوسف رزقة
لست أدري لماذا هذه الهجمة الشرسة لقيادات بارزة في دولة الاحتلال والعدوان ، مثل ( بينيت ، واردان) على جون كيري؟! والرجل لا يفتأ يقدم خدمات حكومته بلا انقطاع لاسرائيل ، حتى حين تقوم بأعمال عدوانية لا يتحملها العالم. الرجل وصف قبل شهرين عدوان اسرائيل على غزة بأنه دفاع عن النفس، وقدم غطاء سياسيا لها في مجلس الأمن لمنع إدانتها.
نحن في غزة لا نحب الرجل، ولا نوالي إدارته ، ولسنا معجبين بظلم أميركا المتواصل لشعبنا الفلسطيني ، ولأمتنا العربية والاسلامية ، ولكننا نبدي غرابة من هجوم بينت وغيره على الرجل هجوما قاسيا، مع وصف له بقلة الفهم للمنطقة، والعداوة لاسرائيل، لمجرد أنه قال في تصريح له : ( إن النزاع الفلسطيني الإسرائيلي يشجع على تجنيد الشباب في صفوف داعش ؟!) وهو قول منطقي يصف حقيقة قائمة في المنطقة قبل وجود كيري في وزارة الخارجية، وستبقى موجودة وصحيحة بعد خروجه منها.
احتلال اسرائيل لفلسطين كان سببا رئيساً في كثير من الحروب في المنطقة العربية والاسلامية، وهو السبب الرئيس للتطرف المعادي للحكومات الأميركية المتوالية. إن كراهية الشباب العربي والمسلم للإدارة الأميركية، وهي كراهية شديدة وممتدة في كل العواصم والمدن والقرى، مصدرها ومحركها انحياز الإدارات الأميركية لاسرائيل، ودفاعها عن أخطائها وعدوانها على غزة، وفلسطين.
اسرائيل تفرخ التطرف، والإرهاب، في العالم، لا بين الشباب فحسب، بل وفي كل الفئات العمرية، وبالذات بين المستضعفين في العالم العربي والإسلامي. وما قاله جون كيري مؤخرا، قاله من قبل رؤساء أميركا ووزرائها، لأن الحقيقة المجردة لا تموت بالانحياز أو التزييف. وجلّ حروب أميركا في المنطقة، وكل التحالفات التي أنشأتها في المنطقة، جاءت لحماية اسرائيل وخدمتها. وجلّ المراقبين يؤكدون على أن اسرائيل هي الدولة الأولى المستفيدة من قتال التحالف لتنظيم الدولة الاسلامية.
إنك لو تخيلت المنطقة العربية بدون اسرائيل، فمن المؤكد أن المنطقة ستكون بدون حروب، وبدون تطرف، وبدون كراهية لأميركا، أو لأوربا، لأن اسرائيل المحتلة والمعتدية لا تسطيع العيش بدون حروب، وهي التي تشعل نارها في كل مكان، وسياستها لا تقوم على السلام والعدل، وهي تود أن تقاتل العالم العربي والإسلامي قتالا مستمرا لأخر جندي أميركي، وآخر قذيفة أميركية.
إن المشكلة في جون كيري ليس نقص الفهم، بل المشكلة عنده في الفهم الذي يعبّر عنه من خلال تصريحات معقولة كتصريحه أن النزاع الفلسطيني الإسرائيلي يشجع الشباب على الانضمام الى داعش. ولو كان غبيا لقال غير مقالته هذه، وأحسب أن بينت يريد الغباء، وتزييف الحقائق، لذا تجده لا يتحمل الحقيقة حتى من الدولة الوحيدة في العالم التي تقدم الحماية لاسرائيل.
لن ترتاح المنطقة العربية من الحروب، والتطرف، والتطرف حتى يسترد الفلسطينيون حقوقهم الوطنية كاملة، هذا أولا، أما ثانيا فهي للقادة العرب والفلسطينيين الذين يحابون اسرائيل ، ويطبعون معها، ويعادون غزة من أجلها، فلن ترضى عنهم اسرائيل حتى ولو كانوا مستنسخين من جون كيري.