د. يوسف رزقة
( قال اللواء عدنان الضميري الناطق باسم الأجهزة الأمنية الفلسطينية، أمس السبت: إن الاعتقالات في صفوف حركة حماس بالضفة الغربية أمنية وستستمر طالما أن هناك خطرا يتهدد أمن الوطن؟! وأضاف : إن العشرات اعتقلوا خلال الأيام الماضية، وأن عددا منهم أفرج عنهم، فيما يخضع الباقون للتحقيق وسيقدمون للمحاكمة .
واتهم الضميري حركة حماس بالعمل على زعزعة الاستقرار في الضفة. وقال إن المعتقلين ستوجه لهم تهمة الاخلال بالأمن العام، نافيا أن تكون هذه الاعتقالات قد جرت على خلفية الانتماء السياسي.
وأضاف "أن من يهدد أمن البلد ؟! ( أي بلد؟!) ستطبق عليه الاجراءات القانونية مهما كان انتماؤه التنظيمي، فأمن البلد مقدس والممتلكات العامة والخاصة مقدسة بالنسبة لنا.) انتهى الاقتباس
بالرجوع إلى كلام الضميري آنف الذكر ، نسأله عن الفرق بين أمن الاحتلال وأمن البلد ؟! وهل يتماهى أمن البلد الفلسطيني بأمن الاحتلال، أم يختلفان؟! ما حدث في الضفة قبل أيام كان عملية مقاومة فلسطينية ضد المستوطنين. وإنه وبغض النظر عمن قام بهذه العملية فهو فلسطيني يدافع عن بلده فلسطين، ويهدد أمن المستوطنين المغتصبين لا غير. وهذا النوع من العمل يقوم به عادة الوطنيون الأحرار، والباحثون عن الحرية وتقرير المصير. وتاريخ فتح مليء بالصفحات التي تتباهى فتح بالعمليات العسكري المقاومة التي نفذتها ضد المستوطنين وقوات الاحتلال. إن ما كان حلالا من حيث المبدأ أمس ، يبقى حلالا اليوم وغدا، وفي اعتقادي واعتقاد كل حرّ ووطني أن مقاومة المحتل حلال دائما حتى يزول الاحتلال.( وما جاء في التصريح عذر أقبح من ذنب؟!)
العملية الفدائية في نابلس لم تكن اعتداء على البلد؟! أو على فلسطيني، أو على أملاك السلطة ، ولم تكن ضد أجهزتها الأمنية. لقد كانت ضد مستوطن صهيوني يغتصب الأرض وينتهك حقوق الشعب. ونحن نعلم أن الإجماع الوطني قديما وحديثا انعقد على مقاومة المحتل وتحرير الأرض، ولعل المقاومة حتى التحرير، أو حتى النصر بلغة فتح هي من أهم ثوابت القضية الفلسطينية، ومن هنا سموا البيت الفلسطيني ( بمنظمة التحرير الفلسطينية) ، لا بمنظمة أمن الممستوطنين؟! المستوطنات ليست البلد، وليست الممتلكات العامة والخاصة. المستوطنات أشد أنواع العدوان على البلد الفلسطيني .
الضميري يغالط التاريخ والواقع والحقيقة حين يعد مقاومة المستوطنيين عدوانا على الممتلكات الخاصة والعامة، وعدوانا على أمن فلسطين والضفة، أو عملا يهدد أمن البلد ؟! ما يقوله الضميري مدان لأنه يجعل أمن المستوطنين وأمن الضفة شيئا واحدا، لذا استنكرت حماس والجهاد والشعبية والمستقلون الاعتقالات التي تجري في الضفة والتي تجاوزت المائة.
إن استنكار الفصائل هذا مبني على مبدأين، الأول أنه يقوم على تجريم المقاومة، وعلى ربط أمن السلطة بأمن إسرائيل، وعلى قيام الأجهزة الأمنية الفلسطينية بأعمال الشباك والجيش بالوكالة؟! . والثاني أن الأجهزة الأمنية في رام الله تعتقل العشرات على خلفية سياسية، (وهي الانتماء لحماس)، وتحقق معهم على عملية عسكرية ضد المستوطنيين، وهو عمل جهادي بامتياز ولا يزيد عدد القائمين به عن ثلاثة أفراد في التوقعات الإسرائيلية، فلماذا تعتقل السلطة مائة أو أكثر؟!
أمن البلد ، أعني الضفة الغربية، لن يكون هو أمن المستوطنات البتة. والمستوطنون هم من يهددون أمن الضفة والسلطة، وهم من يعتدون على ممتلكات المواطنين العامة والخاصة. وهذا ما هو عليه الإجماع الوطني، وغير ذلك لا يمثل الوطن، وإنما يمثل قائله فقط. وتبقى الاعتقالات السياسية بحثا عن معلومات أمنية تخدم الاحتلال لاعتقال الخلية الفدائية جريمة معيبة في حق الوطن ؟!