د. يوسف رزقة
قضية وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينين،( الأونروا) لم تعد قضية فردية، أو قضية حزبية، أو قضية سلطة، أو قضية قطرية خاصة، إنها باتت في الآونة الأخيرة قضية (وطنية قومية ) من الطراز الأول، بعد توجهات قيادة الأنروا بتعديل قوانينها، لكي تمهد الطريق أمام المفوض العام للمؤسسة الأممية لإعطاء إجازة بدون راتب للموظفين، ولإغلاق المدارس، وتعطيل العام الدراسي. (هذه الخطوة هي بداية طريق لتصفية وجود الأونروا) .
القضية موضع النقاش هنا قضية قومية، وقضية أمن قومي فلسطيني، لا تخص غزة وحدها، ولا تقف عند الضفة وحدها، بل تتجاوز غزة والضفة إلى الأردن ولبنان وسوريا، وحيثما تواجدت مخيمات اللاجئين، وحين تتحدث الأنروا عن توجهات بإخلاء مسئوليتها عن تعليم أبناء اللاجئين في المدارس الابتدائية والإعدادية ، بحجة الأزمة المالية، فإنها توجه طعنة سياسية نجلاء لقضية اللاجئين وحق العودة، وبهذا تتساوق الأنروا مع مطالب الإسرائيليين الداعية لإلغاء دور الأنروا.
كان هشتاج ( ما بدك اتعلم ولدي، رجعني لبلدي) قراءة مختصر في جوهر المشكلة، وهو تذكير موجز للعالم وللأممم المتحدة بجوهر مشكلة اللاجئين وأصلها. لقد ربط القرار الأممي الذي أنشأ الأنروا في عام ١٩٤٩م بينها وبين إعادة اللاجئين إلى ديارهم التي أخرجوا منها بقوة السلاح. ومن ثمة أخذت الأنروا تمارس عملها في أغاثة وتشغيل اللاجئين إلى أن يتمكن اللاجئون من العودة إلى ديارهم التي أخرجوا منها قهرا.
لقد تقلب على منصب المفوض العام للأنروا عدد من الموظفين الأجانب، وشهدت أعمال الوكالة تقليصات عديدة في السنوات التي خلت، غير أن المفوض الجديد ( بيير كرهينبول ) يختلف عمن سبقوه جمعيا، إذا أنه يبدو أنه يتبنى فكرة تصفية وكالة الغوث، ونقل مهامها إلى الدول المضيفة لهم، وهو ما يعني الإسراع في تنفيذ مخطط التوطين، الذي تعمل له دولة العدو منذ سنين.
حين يطرح كرهينبول تعطيل الدراسة في مدارس وكالة الغوث، فهذا يعني شطب تلقائي ل (٥٨٪) من موازنة وكالة الغوث. وإذا ما تمّ هذا لا سمح الله هذا العام أو في أعوام قادمة فإنه يعني انتهاء وجود الأنونروا، ويعني نجاح مخططات اسرائيل في هذا المجال. لذا فإن جلّ مكونات الشعب الفلسطيني في الأراضي المحتلة وفي الشتات تطالب بإقالة المفوض العام الحالي لاشتغاله بالسياسة، ْو لفشله في توفير التمويل اللازم لمؤسسة الأونروا.
(أقيلوا المفوض العام) وأتونا بمفوض (إنسان ) يشعر بما يشعر به اللاجئ، ويقدر محنة اللجوء، ويضع أصابعه على أسبابها، ويعمل على إزالتها، ويعمل مع اللاجئين بشفافية، من خلال إدارة تشاركية يكون اللاجئ شريك فيها بالقرار. ونطالب الأمين العام بتقليص عدد الموظفين الأجانب الذين يتقاضون رواتب عالية جدا على حساب اللاجئين، ومعالجة الأزمة الحالية التي أسهم المفوض كرهينبول بصناعتها بأدائه الفاشل.
إننا حين نطالب بما يطالب به قادة اللاجئين الفلسطينيين، نطالب أيضا اللاجئين والفصائل الفلسطينية بتسيير مظاهرات شعبية من مخيمات اللاجئين في كافة دول التماس مع فلسطين المحتلة لأقرب نقطة مع الأراضي الفلسطينية المحتلة، تحت شعار ( نعم للعودة، لا كرهينبول ). نعم للعودة فهذا حقنا الطبيعي المؤيد بقرارات دولية، ولا لتقليص آت الوكالة لأن المجتمع الدولي بقيادة الأمم المتحدة مسئولة عن تنفيذ قرارتها بإعاد اللاجئين. لذا قلنا في بداية المقال نحن أمام قضية قومية لا قضية حزبية، ولا قضية فئوية. نعم للعودة عنوان انتفاضه شعبية قومية واجبة الآن.