د. يوسف رزقة
خلال ساعات من تصريح خالد مشعل ، وقادة من جيش الاحتلال عن الأسرى اليهود في يد حماس، في الذكرى السنوية الأولى للحرب الأخيرة على غزة في عام ٢٠١٤م، أمتلأت وسائل الإعلام المحلية والعربية والإسرائيلية التقارير والتحليلات التي تناولت الموضوع من جوانب مختلفة.
وقد لفت نظري أمور منها:
أولا تزايد مشاعر الإحباط وانعدام الثقة في المجتمع الصهيوني في قيادته، وفي الذات في نيتنياهو، حيث سلك طريقا معوجا في إخفاء الحقيقة عن الرأي العام الصهيوني، الذي تفاجأ بمدى مصداقية إعلام حركة حماس وتصريحات قادتها في هذ الموضوع. تراجعت الثقة في نيتنياهو، ووزير الدفاع يعالون، وتساءلت شخصيات صهيونية كبيرة عن تداعيات الاعتراف الرسمي المتأخر بوجود أسرى أحياء عند حماس على مستقبل حكومة نيتنياهو، الأمر الذي شجع بعضهم على القول بأن الاعتراف المتأخر هذا قد يسبب بسقوط الحكومة ، وهو أمر غير مستبعد في ظل التركيبة اليمينية الغريبة للحكومة.
ثانيا من المعلوم أن الأحزاب اليمينية سعت بعد صفقة وفاء الأحرار، المعروفة أيضا بصفقة شاليط، إلى تكبيل يد الحكومة، وسن قوانين تمنع تبادل الأسرى، ونقل صلاحيات القرار في الملف إلى الكنيست. ما تم حتى الآن في هذا الموضوع يضع حكومة نيتنياهو على المحك، وفي اختبار صعب، هل تجري عملية تبادل جديدة للأسرى، أم تترك الأسرى اليهود وجثث المقتولين عند حماس.
الأحزاب اليمينية المتطرفة التي سعت لسن قانون يمنع تبادل الأسرى لكي تردع حماس عن القيام بعمليات أسر جديدة ، تبدو الآن كمن لف الحبل حول رقبة الحكومة ، فالحكومة لا تستطيع السكوت عن الأسرى اليهود عند حماس لأن هذا السكوت فيه إهدار لنظرية علو الجنس اليهودي الذي تؤمن به إسرائيل ؟! ولا تستطيع الحفاظ على التماسك الحكومي القائم الآن إذا ما دخلت في مفاوضات تبادل أسرى. ومع ذلك فقد كلفت حكومة نيتنياهو شخصية كبيرة لإدارة ملف الأسرى عند حماس.
ثالثا لقد اكتشف اليهود القادمون من أثيوبيا من أصحاب البشرة السمراء، أنهم مواطنون من الدرجة الثانية لا يتساوون مع القادمين من أوربا، وأن التفرقة العنصرية على أساس اللون والموطن الأصلي هي جزء من تصرفات وسلوك نيتنياهو وحكومته، وقد أعربت الجالية الأثيوبية عن هذا صراحة لوسائل الإعلام ، مع إجراء موازنة بين اهتمام حكومة نيتنياهو بشاليط اليهودي الفرنسي، وإهماله لليهودي الأثيوبي وعدم كشف الحقيقة لعائلته مبكرا.
رابعا لقد نشرت هذه التقارير والاعترافات الصهيونية أملا لدى الأسرى الفلسطيني، وعند ذويهم، بالحرية قريبا، وهو أمل مستحق بفضل تضحيات المقاومة الفلسطينية والشعب الفلسطين، وغدا سيتحقق هذا الأمل واقعا بإطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين من سجون الاحتلال، ونحن على موعد مع وفاء أحرار(٢).
وفي الختام أستطيع القول بأن حماس صدقت، بينما كذب نيتنياهو، وأن وجود الأسرى عند حماس هو علامة من علامات النصر الذي تحقق في الصمود العجيب للمقاومة والشعب على مدى واحد وخمسين يوما.