د. عصام شاور
لو سألت كثيرين ممن لا يتبنون النهج الإسلامي عن الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر لأجابوك بأنه البطل العربي الأوحد الذي لم تنجب له الأمة مثيلا منذ قرن أو يزيد،ولكنك لو سألت عن غياب الانتصارات التي حققها ذاك البطل وعن الهزيمة الساحقة التي حلت بفلسطين عام 1967 في عهده وعن الدماء التي تسبب فيها في اليمن وسوريا وعن السجون التي عذب فيها الإخوان والشيوعيون.. لو سألتهم عن هذه الكوارث لاعتبروها من التفاهات وقالوا: يكفي أنه جمع كلمة الأمة .. عن أية أمة يتحدثون وكل دولة فيها تلعن أختها وتتآمر عليها؟.
ما علينا.. الراحل عبد الناصر بشخصه ليس قضيتنا، وإنما قضيتنا هنا هو اختلاق بطل بلا بطولات، ومنتصر لم يعرف سوى الهزائم. قبل عام رفعت صور البطل عبد الناصر عندنا إلى جانب السيسي، الذين رفعوا صوره وما زالوا يتغنون ببطولاته الى يومنا هذا يرفضون الاعتراف بانتصار المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، كتاب يكتبون كل يوم في صحف فلسطينية من اجل إقناعنا بأن ما حدث في غزة هزيمة منكرة، ناشطون إعلاميون كانوا وما زالوا يعتبرون استضافة الفرق الراقصة انتصارا للقضية،لكنهم بعد انتصار المقاومة لبسوا السواد وأعلنوا الحداد ولطموا وتباكوا على دماء الشهداء كما النائحات المستأجرات، وهكذا فعل كثير من الكتاب والإعلاميين والناطقين الحزبيين، لم كل هذا النكد وأنتم تعلمون ان الشعب الفلسطيني كله يحتفل بانتصار غزة وبأبطال غزة شاء من شاء وأبى من أبى.
وحتى تكتمل دائرة تشويه المقاومة خرجت علينا مراكز الاستطلاع المفبرك لتقول لنا بأن 25% من سكان غزة يوافقون على الهجرة لو سمح لهم بذلك، وقد تولت مواقع إعلامية مسؤولية تسويق هذه القذارات، ونحن لا نصدق هؤلاء بل نصدق من هدم بيته وأصر على إقامة خيمة فوق ركامه رافضا النزوح الى داخل القطاع بعيدا عن المناطق الساخنة،لأن الفلسطيني مل النزوح ولا يمكن له ان يفكر بالهجرة لأنه لن يجد الكرامة والعزة الا في غزة ولو سمح بالهجرة لهاجر مئات الآلاف من العرب إلى غزة لينالوا الشرف والعزة، شرف الجهاد والمقاومة والانتصار الذي لم تعرف طعمه الشعوب العربية في ظل أنظمتها الهزيلة أو المتآمرة مع العدو الإسرائيلي ضد المقاومة الفلسطينية.
الله سبحانه وتعالى شرفنا بالنصر والصبر، فصبرنا لما أصابنا من قتل وهدم وحمدناه على النصر المبارك ولكن البعض أراد أن يستبدل الذي هو أدني بالذي هو خير، وفضل البقاء حبيس الهزيمة والخذلان فلا عجب أنهم رفضوا الانتصار ولا عجب أيضا أنهم هبطوا إلى مصر، ليس بحثا عما تخرج الأرض من قثاء وعدس وبصل وإنما بحثا عما هو أسوأ من ذلك.