حين صرت ملكاً
آخر تحديث GMT 04:53:15
 فلسطين اليوم -

حين صرت ملكاً

 فلسطين اليوم -

حين صرت ملكاً

د.فايز ابو شمالة

كنت مقيد اليدين والرجلين، ومحاطاً بسجانين إسرائيليين، وأنا أقطع بصعوبة عشرة أمتار، وهي المسافة الفاصلة بين بوابة سجن الرملة العسكري وسيارة الشرطة التي ستنقلني إلى مستشفى "أساف هروفيه" المدني؛ لإجراء عملية جراحية.
كنت مهموماً أتوكأ على وجعي؛ حين ظهرت فجأة الممرضة اليهودية "إيله" برفقة زوجة مدير مستشفى السجن، لقد بدا الاندهاش على وجه "إيله" من قسوة المشهد، فصرخت على السجانين: أنتما أغبياء! ما هذا التصرف الأحمق؟ لماذا لا تساعدان السجين؟
وبسرعة البرق امتدت يد الممرضة اليهودية "إيله" نحو حقيبة السجن التي كنت أحملها، والتي تحتوي على ملابسي الخاصة وبعض الكتب، وقليلاً من الشاي والسكر، وقالت بالعبرية: تفي إت هتيك أبو شمالة، هات الحقيبة يا أبا شمالة.
لقد أسندت الممرضتان اليهوديتان جسدي الثقيل، وساعدتاني حتى وصلت إلى السيارة.
تصرف الممرضتان الإنساني أشعرني بإنسانيتي، وجعلني أدرك وحشية السجانين، وهما يقولان لي بعد ذلك: وصلنا إلى مستشفى "أساف هاروفيه"، هيا أنزل من السيارة.
نزلت من السيارة دون أي مساعدة منهما، ومشيت باتجاه المدخل دون أي مساعدة منهما، ثم صعدت الدرج بصعوبة بالغة، ومشيت بتثاقل حتى صالة الاستقبال في المستشفى، وهم من حولي مثل الأمراء، حتى حين طلب مني أحدهم أن أنتظر حتى يتمم الآخر إجراءات دخولي المستشفى، فانتظرت واقفاً، وأنا ألتقط أنفاسي من شدة التعب والمرض والإرهاق.
بعد دقائق، رجع السجان وهو يقول: الدخول ليس من هذا المكان، هيا، عليك أن تمشي حتى البوابة الأخرى، وأشار بيده إلى مكان بعيد.
نظرت إلى السجانين الاثنين بترقق، وقلت في ضعف شديد: لا استيطع، لا قدرة لي على المشي، أين هي سيارة السجن؟!!
رد أحدهم بسرعة: لقد انتهت مهمة السيارة، لقد ذهبت، وعليك أن تمشي إلى هناك، وإلا سأضطر أن أعيدك إلى مستشفى السجن دون أن تجرى لك عملية جراحية.
قلت في نفسي: هذا السجان يستخف بي، ويهددني عن جهل، إذ كيف يعيدني إلى مستشفى السجن، وهو الذي يقول: لقد انتهت مهمة السيارة؟
ومع ازدياد الوجع، ازداد غضبي من السجانين، وقررت أن أجلس على الأرض في صالة الاستقبال في مستشفى "أساف هروفيه".
صرخ أحد السجناء، وحاول أن يدفعني بقدمه كي أنهض، ولكنني صرخت عليه، ورحت ألعن الجدود الأولى للحركة الصهيونية، بل أنني بالغت في التحدي، فتمددت بجسدي الطويل والثقيل على طول الممر في صالة الاستقبال.
بعد أن عجز السجانان في إخافتي، وعجزا عن فعل شيء، انتقلا من التهديد إلى التوسل، وصارا يرجوان أن أجلس فقط، وأن أفتح الطريق، ولكنني واصلت التحدي، ورفضت أن أتحرك من مكاني، وصرخت بأعلى صوتي: استدع السيارة فوراً، فأنا لا أقوى على المشي.
طال زمن تمددي في مدخل المستشفى، وطال زمن توسل السجان، بل أبدا أحدهم استعداداً لحمل الحقيبة، وقال الآخر: قم، وتوكأ على كتفي حتى نصل إلى البوابة الثانية، ولكنني رفضت، وواصلت الصراخ، وإطلاق الشتائم التي كسرت هدوء المستشفى.
في تلك اللحظات من الغربة شعرت أنني القوى، وأنهم الضعفاء، لقد شعرت أنني صاحب القرار، وأنهم أعجز عن فعل شيء.
ورغم أن عادات اليهود تقضي بالنأي بأنفسهم عما لا يخصهم، إلا أن أحد المارة اليهود قال دون أن يبطئ من خطوته: هاتوا له عجلة.
لقد التقط السجان الفكرة فوراً، وأحضر أحدهم العجلة، وأمسك بها، في الوقت الذي مد الآخر لي يده معيناً على النهوض، والجلوس على العجلة.
رفع أحد السجانين حقيبة السجن، ووضعها على ركبتي، بينما راح الآخر يدفع بالعجلة إلى الأمام، وهو يقول: الآن أنت مثل الملك!!
قلت له وأنا أكتم ابتسامة: نعم، الآن أنا الملك.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حين صرت ملكاً حين صرت ملكاً



GMT 21:38 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

سيمافور المحطة!

GMT 21:36 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

يراها فاروق حسنى

GMT 21:34 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

«بكين» هل تنهي نزاع 40 عاماً؟ (2)

GMT 21:32 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

ماذا حل بالثمانيتين معاً؟

GMT 21:30 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

الشرق الأوسط والموعد الصيني

GMT 14:39 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

007 بالمؤنث

GMT 14:37 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

هل هي نهاية الخلاف السعودي ـ الأميركي؟

هيفاء وهبي تتألّق بفستان مرصع بالكريستال

القاهرة - فلسطين اليوم
هيفاء وهبي خطفت الأنظار بالتزامن مع احتفالها بعيد ميلادها بأناقتها ورشاقتها التي ظهرت بها خلال حفلها الأخير الذي أحيته في قطر، حيث أبهرت النجمة اللبنانية جمهورها على المسرح بطلتها اللامعة بفستان مرصع بالكامل بحبات الكريستال، وبهذه الإطلالة تعود هيفاء وهبي لستايل الفساتين المجسمة التي تتباهي من خلالها بجمال قوامها وهو التصميم الذي كانت تفضله كثيرا أيقونة الموضة، وذلك بعد اعتمادها بشكل كبير على صيحة الجمبسوت التي أطلت بها في معظم حفلاتها السابقة. هيفاء وهبي سحرت عشاقها في أحدث ظهور لها على المسرح خلال حفلها الأخير بقطر بإطلالة جذابة بتوقيع نيكولا جبران، حيث اعتمدت أيقونة الموضة مجددا التصميم المحدد للقوام مع الخصر الذي يبرز بقصته الضيقة مع الحزام جمال قوامها، حيث تمايلت هيفاء وهبي على المسرح بأسلوبها الأنثوي المعتاد بف...المزيد

GMT 00:13 2020 الخميس ,09 تموز / يوليو

تجاربك السابقة في مجال العمل لم تكن جيدة

GMT 12:35 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

يراودك ميل للاستسلام للأوضاع الصعبة

GMT 10:08 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

تتمتع بسرعة البديهة وبالقدرة على مناقشة أصعب المواضيع

GMT 10:00 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

تبدو مرهف الحس فتتأثر بمشاعر المحيطين بك

GMT 21:30 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

الشرق الأوسط والموعد الصيني

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 21:36 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

يراها فاروق حسنى
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday