تأملات في «محور الممانعة»
آخر تحديث GMT 04:53:15
 فلسطين اليوم -

تأملات في «محور الممانعة»

 فلسطين اليوم -

تأملات في «محور الممانعة»

خالد الحروب

تتأمل هذه السطور وبهدوء السياسات والمواقف التي تبناها «محور الممانعة» بقيادة ايران في العقد الاخير، وما انتجته على الارض من وقائع صلبة منافية ومضادة للشعارات التي تُرفع، او حتى ضد الرغبات والتمنيات التي ربما كان بعضها صادقا وجادا. والافتراض النظري الذي تنطلق منه يأخذ الشعارات التي رفعها محور الممانعة في العشرية الاخيرة محمل الجد و يفترض صدقها.
بوصلة محور الممانعة كما نعرف جميعا وكما هو معلن ومتردد بشكل يومي في خطابات اطراف هذا المحور هو مواجهة اسرائيل. وبرنامج هذا المحور تبعاً لذلك يُفترض ان يكون خوض حرب كبرى مع اسرائيل وتحرير فلسطين، لكن هذا عملياً لم يحصل. واذا اردنا ان نحاسب هذا المحور تبعا لإعلاناته ونواياه وخطاباته، فإننا اولا نأخذ اعلاناته وخطابته وتهديداته لإسرائيل مأخذ الجد الكامل. اذا قيل ان مطالبة محور الممانعة بخوض حرب كبرى وتحرير فلسطين هو امر فيه تساذج كبير، فهناك ظروف وعوامل واعتبارات كثيرة تحول دون ذلك في الوقت الحاضر، فمعنى ذلك انه من حق من ينتقد هذا المحور وسياساته ان يعتمد على قاعدة الشك والتمحيص في كل الشعارات والإدعاءات، وان ينتهي ذلك كله بمحور الممانعة كما انتهت الامور بكل الانظمة والمحاور التي استخدمت نفس الشعارات ثم لم تنفذها. على كل حال، طالما وان التحرير صعب فقد تركز خطاب الممانعة على دعم المقاومة، وهو تعبير فضفاض وغامض يفتح الباب لتفسيرات وتأويلات لا تنتهي، لكنه وهذا هو المهم يسمح بتمرير سياسات وممارسات عديدة، واقامة تحالفات عابرة للحدود والوطنيات. الخلاصة انه اذا كان بالإمكان افتراض جدية خطاب المقاومة والممانعة في فلسطين، ويترجم الى دعم عملي للمقاومة، فإن توظيف نفس خطاب الممانعة في اي مكان اخر في المنطقة العربية يكون هدفه توفير غطاء لسياسات نفوذ وتعزيز مكاسب استراتيجية وغيرها، من لبنان الى اليمن.
اطراف محور الممانعة تتفاوت درجة «ممانعتها» وطبيعتها وتتباين اهداف كل منها، سواء أكانت دولا ام منظمات ام مليشيات. إيران هي النواة الصلبة والموجه لهذا المحور، يأتي بعدها نظام الاسد في سورية، وبينهما النظام في العراق المنخرط في هذا المحور ليس لدوافع ممانعة ومقاومة اسرائيل بقدر ما هو تحصيل حاصل تفرضه حقيقة الخضوع للنفوذ الإيراني في العراق وتبعية الطبقة السياسية الحاكمة فيه. يلي ذلك حزب الله في لبنان ثم في السنوات الاخيرة برز نجم جماعة الحوثي في اليمن. في فلسطين نفسها حيث الراية التي يرفعها محور المقاومة هناك حماس والجهاد الاسلامي، الاولى تضع قدما في هذا المحور واخرى خارجه منذ تحولات الربيع العربي، والثانية يتيح لها صغر الحجم مقدارا اكبر من المناورة حيث لا تُرصد تماما من قبل رادارات مراقبة تحولات الموقف السياسي. ثم هناك بعض الفصائل الفلسطينية الهامشية من بقايا اليسار الثوري المتقلب والمُنهك من نقل البندقية من كتف حليف الى اخر. لكن الغريب، فلسطينيا، هو غياب اي رصيد شعبي او تأييد حقيقي على مستوى الشارع الفلسطيني لمحور الممانعة، بيد ان هذا موضوع اخر، يستحق وقفة خاصة به، حتى لا يجرنا بعيدا عن التأمل في اجندة واهداف كل طرف من هذه الاطراف وعلاقتها الحقيقية بجوهر «الممانعة»، اي فلسطين. الاطراف الثلاثة الأهم في محور الممانعة هي ايران، وسورية وحزب الله.
ايران طبعا هي التي تستأثر بالقيادة والنقاش، لأن باقي الاطراف مجرد توابع تدور في الفلك الايراني. لنتأمل، ومن زاوية فلسطينية تحررية، الانجاز الايراني خلال السنوات المديدة من عمرها الممانع. منذ قيام ثورة الخميني في اواخر سبعينيات القرن الماضي وحتى اليوم مر اكثر من ثلاثة عقود ونصف، وخلالها لم يهدأ الخطاب الايراني في تهديداته لإسرائيل يوماً ما، بما في ذلك التهديد بتدميرها والدعوة الى محوها عن الخارطة. عمليا وعلى ارض الواقع لم يطلق اي فرد من الحرس الثوري الايراني رصاصة على اسرائيل، وكثير منهم وصل الى الارجنتين، وقلب اوروبا، وبلدان افريقية وارجاء عديدة من العالم، لتنفيذ مهمات. لماذا لم تقم ايران بتحرير فلسطين وبتنفيذ تهديداتها طيلة العقود الثلاثة والنصف وبرغم وجود «ولي امر المسلمين» فيها؟ تلك الفترة الزمنية الطويلة هي اطول من الفترة التي اندلعت فيها حربان عالميتان في اوروبا، احتلت فيها دول، ودمرت اخرى، وحررت ثالثة وهكذا. وهي نفس العمر الزمني للاتحاد السوفيتي الذي صار امبرطورية عظمى ثم انهار في سبعين عاماً. لكن لماذا يوجه هذا السؤال لايران وليس للعرب؟ الجواب لأن ايران هي التي حملت لواء الممانعة وهددت بتدمير اسرائيل. المهم ان ما قامت به ايران خلال تلك الحقبة الطويلة كان في الواقع شيء اخر تماما بعيدا عن تحرير فلسطين، وجله كان يحوم حول فكرة «تصدير الثورة» الى دول الجوار التي احتلت جوهر خطاب الخميني ومن حوله ولم تختف عمليا في خطاب من خلفه. ما تشهده المنطقة العربية من حروب ودمار وتفتيت وانتشار للاطراف المنتسبة ل «محور الممانعة» هنا وهناك هو الترجمة العملية لإنجاز «تصدير الثورة»، رغم ان التعبير نفسه اختفى وحل مكانه تعبيرات اخف مثل حماية المصالح الاستراتيجية لإيران.
لكن خلال تلك الحقبة، من ناحية ثانية، دعمت ايران المقاومة الاسلامية في جنوب لبنان والفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة، وساهمت بشكل مباشر او غير مباشر في الانجازات العسكرية التي تحققت في المكانين: تحرير جنوب لبنان، ومقاومة حروب اسرائيل ضد قطاع غزة. وهذا صحيح طبعا وايران مشكورة عليه، لكنه كان في الواقع وكما نرى النتائج حالياً في خدمة الغايات الاستراتيجية الايرانية وليس في خدمة هدف تحرير فلسطين من قريب او بعيد. ارادت ايران من خلال «دعم المقاومة» ورفع شعار الممانعة ان تحمل راية فلسطين الجذابة، ونجحت لسنوات ليست بالقليلة في الوصول الى الرأي العام العربي عبر تلك الراية. لكن مرة اخرى فإن الخلاصات على الارض اليوم تقول لنا ان ما تحقق على جبهة «تحرير فلسطين» هو العكس تماماً: تعزز وجود اسرائيل، وتكرس احتلالها، وساهم التدخل الايراني في القضية الفلسطينية في احداث الانقسام الكبير والشرخ الرأسي في قلب الحركة الوطنية الفلسطينية، كما ساهم في فصم جغرافيتها ايضا.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تأملات في «محور الممانعة» تأملات في «محور الممانعة»



GMT 21:38 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

سيمافور المحطة!

GMT 21:36 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

يراها فاروق حسنى

GMT 21:34 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

«بكين» هل تنهي نزاع 40 عاماً؟ (2)

GMT 21:32 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

ماذا حل بالثمانيتين معاً؟

GMT 21:30 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

الشرق الأوسط والموعد الصيني

GMT 14:39 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

007 بالمؤنث

GMT 14:37 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

هل هي نهاية الخلاف السعودي ـ الأميركي؟

هيفاء وهبي تتألّق بفستان مرصع بالكريستال

القاهرة - فلسطين اليوم
هيفاء وهبي خطفت الأنظار بالتزامن مع احتفالها بعيد ميلادها بأناقتها ورشاقتها التي ظهرت بها خلال حفلها الأخير الذي أحيته في قطر، حيث أبهرت النجمة اللبنانية جمهورها على المسرح بطلتها اللامعة بفستان مرصع بالكامل بحبات الكريستال، وبهذه الإطلالة تعود هيفاء وهبي لستايل الفساتين المجسمة التي تتباهي من خلالها بجمال قوامها وهو التصميم الذي كانت تفضله كثيرا أيقونة الموضة، وذلك بعد اعتمادها بشكل كبير على صيحة الجمبسوت التي أطلت بها في معظم حفلاتها السابقة. هيفاء وهبي سحرت عشاقها في أحدث ظهور لها على المسرح خلال حفلها الأخير بقطر بإطلالة جذابة بتوقيع نيكولا جبران، حيث اعتمدت أيقونة الموضة مجددا التصميم المحدد للقوام مع الخصر الذي يبرز بقصته الضيقة مع الحزام جمال قوامها، حيث تمايلت هيفاء وهبي على المسرح بأسلوبها الأنثوي المعتاد بف...المزيد

GMT 00:13 2020 الخميس ,09 تموز / يوليو

تجاربك السابقة في مجال العمل لم تكن جيدة

GMT 12:35 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

يراودك ميل للاستسلام للأوضاع الصعبة

GMT 10:08 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

تتمتع بسرعة البديهة وبالقدرة على مناقشة أصعب المواضيع

GMT 10:00 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

تبدو مرهف الحس فتتأثر بمشاعر المحيطين بك

GMT 21:30 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

الشرق الأوسط والموعد الصيني

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 21:36 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

يراها فاروق حسنى
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday