«هل للمسيحيين مستقبل في الشرق الأوسط»
آخر تحديث GMT 04:53:15
 فلسطين اليوم -

«هل للمسيحيين مستقبل في الشرق الأوسط؟»

 فلسطين اليوم -

«هل للمسيحيين مستقبل في الشرق الأوسط»

بقلم : عريب الرنتاوي

هو عنوان مؤتمر مشترك تنظمه الآن في لبنان، أربع منظمات: بيت المستقبل، مجلس كنائس الشرق الأوسط، مركز ويلفردمارتنز ومركز القدس للدراسات السياسية، وفيما يلي إيجاز لعشر خلاصات حول هذه المسألة، عرضتها على المؤتمرين من عدة دول عربية وأجنبية من خلفيات دينية وسياسية وفكرية مختلفة:

الأولى: إن فشل بعض الدول الوطنية العربية في بناء «دولة المواطنة المتساوية» المدنية الديمقراطية التعددية، كان سبباً حاسماً في خلق مناخات من التمييز ضد شرائح أساسية من المواطنين والمكونات. ولقد عانى مسيحيو هذه البلدان، من أشكال شتى من هذا التمييز، على المستوى الدستوري والقانوني، أو على مستوى المشاركة والتمثيل السياسيين، أو لجهة تمتعهم بقدر أقل من الحقوق والحريات، وتحديداً في مجال الحريات الدينية.

الثانية: لدى مراجعة الدساتير والتشريعات السارية في عدد من الدول العربية، نلحظ تبايناً في درجة اعترافها وكفالتها لحقوق المسيحيين وحرياتهم، أفراداً وكنائس وجماعات، وهي تراوح ما بين التنكر لهذه الحقوق، أو عدم الإتيان على ذكر هذا المكوّن وتسميته باسمه الصريح، أو الانتقاص من حقوقه وحرياته. وفي جميع الحالات، فثمة أهمية قصوى وحاجة ملحة، لتنقيح وتعديل هذه الدساتير والتشريعات، بما ينسجم مع الحاجة لـ «دسترة» و"قوننة" مفهوم «المواطنة الفاعلة والمتساوية».

والثالثة: ثمة محاولات تبذلها أوساط عديدة في بعض دولنا ومجتمعاتنا، لتوصيف مسيحييها كقوة سلبية، تفضل الجلوس على مقاعد الانتظار، لكن نظرة منصفة إلى تاريخنا الحديث والمعاصر، تبرهن بما لا يدع مجالاً للشك، بأن المسيحيين من أبناء وبنات هذه المنطقة، كانوا على الدوام، دعاة حرية وتحرر، نهضة وتنوير، ومناصرين أشداء للوحدة الوطنية في دولهم ومجتمعاتهم، ومساهمين أساسيين في بنيانها الحضاري والثقافي والاجتماعي والاقتصادي.

والرابعة: وأمام صعود ظاهرة الإسلام السياسي في بعض الدول والمجتمعات العربية، يجدر التأكيد على ضرورة التمييز بين هذه الحركات، وعدم وضعها جميعاً في سلة واحدة، ففي الوقت الذي تتعين فيه محاربة وعزل التيارات التكفيرية والإلغائية منها، يتعين أيضاً دعوة الحركات الأكثر اعتدالاً، إلى تبني خطاب واضح حيال المكون المسيحي في المنطقة، والابتعاد عن اللغة الضبابية والمراوغة عن الحديث عن حقوقهم وحرياتهم ومشاركتهم وتمثيلهم، ذلك أن مثل هذه المقاربات، لم تعد مجدية، لا في تعزيز «مواطنة المسيحيين» ولا في محاربة تيارات الغلو والتطرف.

الخامسة: ثمة محاولات بائسة، تقوم بها جهات متطرفة وإقصائية، للنظر إلى مسيحيي المنطقة، بوصفهم «أقليات» ثانوية، أو «جاليات وافدة» أو جيوباً وبقايا للاستعمار والحملات الصليبية، وهي محاولات تسير جنباً إلى جنب مع محاولة أخرى للترويج لنظرية «حلف الأقليات»، المنبثقة من رحم الاستبداد وثقافته وفزّاعاته، علماً بأن مسيحيي المنطقة، هم أهل حضارتها وثقافتها وتراثها، وأن «مواطنتهم الفاعلة والمتساوية» غير قابلة للمقايضة أو المساومة أو القسمة أو الانتقاص، بعد أن سطروا صفحات ناصعة من تاريخ هذه المنطقة، ونضالات شعوبها في سبيل الاستقلال والتحرر الوطني، حيث تصدر مفكرون وقادة مسيحيون كثر، حركات التحرر والاستقلال عن الاستعمار، وكانوا روّاداً في حركة النهضة والتنوير.

السادسة: لقد أصبحت بعض المجتمعات العربية، وتحديداً في العقود الثلاثة الأخيرة، وكنتيجة لمفاعيل ثنائية الطغاة والغلاة، أقل تسامحاً حيال بعض مكوناتها، خصوصاً في ظل انتشار قراءات متطرفة وشاذة لتعاليم الدين الإسلامي الحنيف، وتفشي مظاهر الإقصاء والتكفير وعدم الاحترام للآخر والتطاول على حقوقه ومحاولة منعه من ممارسة هذه الحقوق.

السابعة: إن المجتمعات المسيحية في المنطقة، شأنها شأن مختلف المكونات المجتمعية لشعوبها، تتميز بتعددية مذهبية وفكرية وسياسية واجتماعية، ومن غير المقبول النظر إليها بوصفها «كرات مصمتة» عصية على التنوع والاختلاف، من دون أن ينفي ذلك، الحاجة إلى بناء «توافقات الحد الأدنى» لمختلف تيارات ومدارس المسيحية العربية والمشرقية، في هذه المرحلة الدقيقة بالذات، حيث يواجه هذا المكون تهديداً وجودياً، في عدد من بلدان انتشاره، وفي هذا الإطار، تجدر الإشارة إلى أن إجماع مسيحيي المنطقة حول «تفاهمات الحد الأدنى»، ليس فعلاً موجهاً ضد الآخر، الشريك في الوطن، أو مناقضاً له، بل هي محاولة لتكريس التعددية وحفظ التنوع والتعدد.

الثامنة: وفي الوقت الذي نتحدث فيه عن تحديات ومخاطر تواجه مستقبل مسيحيي المنطقة، فلا بد من الاعتراف بوجود مظاهر خلل واختلال تعتمل داخل بعض المجتمعات المسيحية ذاتها، منها ما يتعلق بانقساماتها العميقة البالغة ضفاف الاحتراب، ومنها ما وصفته بعض التقارير بـ «الفجوة» القائمة بين الكنيسة ورعيتها، خصوصاً الأجيال الشابة منها، ومنها كذلك، ما يتعلق بتنامي اتجاهات متطرفة وانعزالية في أوساطها، الأمر الذي يستوجب حث القادة السياسيين والروحيين لهذه المجتمعات، العمل على بذل أكبر الجهود، لتفادي الوقوع في دائرة «الفعل وردة الفعل»، أو الرد على التطرف بتطرف مقابل، من منطلق الإيمان العميق، بأن مجابهة التحديات التي تعترض مسيحيي المنطقة، إنما يكون في إطار وطني – ديمقراطي جامع.

التاسعة: «لا حل مسيحياً لمشكلات المسيحيين»، فطريق الحل يتجلى في انخراط شعوبنا ومجتمعاتنا، بكافة قواها الحيّة، في النضال السلمي من أجل نشر قيم الديمقراطية والتعددية واحترام ثقافة حقوق الإنسان، وبناء الدولة الحديثة، المدنية – الديمقراطية، دولة تقف على مسافة واحدة من جميع مواطنيها ومواطناتها، بصرف النظر عن ألوانهم وأعراقهم ومذاهبهم وأديانهم وانتماءاتهم السياسية والفكرية... دولة كافلة وضامنة لمنظومة الحقوق والحريات الفردية والجماعية لمختلف مواطنيها ومكوناتها.

العاشرة: مع كل التقدير والتثمين للجهود التي بذلتها وتبذلها أطراف عديدة في المجتمع الدولي لتقديم الغوث والعون الإنسانيين لمئات ألوف النازحين واللاجئين من مسيحيي دول المنطقة، وبالأخص في سورية والعراق، فإن من بواعث القلق والحذر، أن نرى ميلاً لدى بعض دول الغرب لتسهيل هجرة مسيحيي إلى مهاجر وملتجآت قريبة أو بعيدة، فالأولوية القصوى يجب أن تُعطى لتثبيت المسيحيين في أوطانهم الأصلية، وتوفير شبكة أمان لهم في مواجهة المخاطر والتحديات التي تعترضهم، والعمل مع دول المنطقة بحكوماتها ومجتمعاتها، من أجل حفظ الوجود المسيحي فيها وتعزيزه.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«هل للمسيحيين مستقبل في الشرق الأوسط» «هل للمسيحيين مستقبل في الشرق الأوسط»



GMT 09:53 2021 الأحد ,03 كانون الثاني / يناير

سؤالنا وتجربتهم

GMT 09:19 2020 الخميس ,30 تموز / يوليو

تونس على صفيح الصراع الإقليمي الساخن

GMT 09:05 2020 الخميس ,23 تموز / يوليو

العراق بين زيارتين وثلاث قذائف

GMT 06:33 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

هل بات «الضم» و«صفقة القرن» وراء ظهورنا؟

هيفاء وهبي تتألّق بفستان مرصع بالكريستال

القاهرة - فلسطين اليوم
هيفاء وهبي خطفت الأنظار بالتزامن مع احتفالها بعيد ميلادها بأناقتها ورشاقتها التي ظهرت بها خلال حفلها الأخير الذي أحيته في قطر، حيث أبهرت النجمة اللبنانية جمهورها على المسرح بطلتها اللامعة بفستان مرصع بالكامل بحبات الكريستال، وبهذه الإطلالة تعود هيفاء وهبي لستايل الفساتين المجسمة التي تتباهي من خلالها بجمال قوامها وهو التصميم الذي كانت تفضله كثيرا أيقونة الموضة، وذلك بعد اعتمادها بشكل كبير على صيحة الجمبسوت التي أطلت بها في معظم حفلاتها السابقة. هيفاء وهبي سحرت عشاقها في أحدث ظهور لها على المسرح خلال حفلها الأخير بقطر بإطلالة جذابة بتوقيع نيكولا جبران، حيث اعتمدت أيقونة الموضة مجددا التصميم المحدد للقوام مع الخصر الذي يبرز بقصته الضيقة مع الحزام جمال قوامها، حيث تمايلت هيفاء وهبي على المسرح بأسلوبها الأنثوي المعتاد بف...المزيد

GMT 19:58 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

4 انتصارات في ختام دوري الدرجة الأولى

GMT 17:36 2020 الثلاثاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجوزاء الإثنين 26 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 17:59 2019 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

منتزهات" الطائف" للتمتع بالطبيعة الخلابة والمساحات الخضراء

GMT 10:59 2019 الأربعاء ,23 كانون الثاني / يناير

قائمة المرشحين لحصد جوائز "أوسكار" 2019 تخرج إلى النور

GMT 07:28 2018 الأربعاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

رسالة مؤثرة من الأميرة هيا بنت الحسين إلى شقيقها الأميرعلي

GMT 00:52 2014 الجمعة ,05 أيلول / سبتمبر

اليابان تكشف النقاب عن الروبوت الأسرع في العالم

GMT 08:10 2016 الأربعاء ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

سارة نخلة تُشارك في مسلسل "هبة رجل الغراب 4"

GMT 05:51 2017 الثلاثاء ,10 كانون الثاني / يناير

"رجال الأعمال" "قرار 800" يدفع الشركات الأجنبية للهروب من مصر

GMT 08:29 2019 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لأفضل 12 وجهة سياحية للسفر في احتفالات الكريسماس"

GMT 16:56 2019 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

أسعار سيارات كيا جراند سيراتو في السوق
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday