الإخوان والتجربة الفرنسية
آخر تحديث GMT 04:53:15
 فلسطين اليوم -

الإخوان و"التجربة الفرنسية"

 فلسطين اليوم -

الإخوان والتجربة الفرنسية

عريب الرنتاوي

أورد محللون اسم جماعة الإخوان المسلمين في قائمة "الخاسرون" من حادثة الاعتداء على صحيفة "شارلي بيدو" وما سبقها وأعقبها من هجمات إرهابية في فرنسا ... هؤلاء المحللون يعرفون أن الجماعة لا دخل لها في هذه الفعلة النكراء، بيد أنهم يستندون إلى قراءة تفترض ازدياد صعوبة التفريق بين الجماعات الإسلامية المختلفة في أوروبا والعالم، والميل المتعاظم لخلط حابل هذه الجماعات بنابلها، فتدفع الجماعة الإخوانية، ثمن ما تفعله داعش والنصرة والسلفية الجهادية وغيرها من منظمات التكفير والعنف.

ويضيف هذا النفر من المحللين إلى ذلك، توقعات بتراجع حماسة الغرب تحديداً، لإشراك جماعة الإخوان المسلمين في العمليات السياسية الجارية في عدد من دول العالمين العربي والإسلامي، بعد ثلاث أو أربع سنوات، من الحماسة لتجربة الإسلاميين في الحكم، والتي وصلت في بعض الأحيان حد الاشتباك مع أنظمة محسوبة على الغرب لإصرارها على إقصاء وتهميش جماعة الإخوان.

واستتباعاً لهذا التحليل، ولكي "يُبنى على الشيء مقتضاه"، يرى هؤلاء المحللون، أن مراجعات كبيرة سوف تجري في قادمات الأيام، ستطال كثيرا من جوانب السياسات الغربية في المنطقة ... فهناك من بات يرجح استعجال الحرب البرية على داعش، وهناك من يتوقع اقتراباً غربياً من نظام الأسد وحلفائه الإقليميين: إيران بخاصة، وهناك من يتنبأ بعلاقات وطيدة مع النظام المصري، إلى غير ما في الجعبة من توقعات ونبوءات.

أحسب أن قراءة كهذه تنطوي على قدر كبير من الصحة والجدية ... فالجماعة أخفقت في تظهير موقف قاطع ضد الإرهاب، فلم نر إدانات أو بيانات استنكار للجريمة، ولم نر تفنيداً للمنطق، أو بالأحرى "اللامنطق" الذي لجأ إليه من أمر وخطط ونفذ للمذبحة ضد الصحيفة الباريسية، بل على العكس من ذلك، رأينا هجوماً عنيفاً وانتقادات لاذعة لتظاهرة باريس المليونية.

مبرر هذه الجماعة / الجماعات، أن الصحيفة المستهدفة، امعنت في الإساءة للإسلام والمسلمين ... والحقيقة أن أحداً ليس بمقدوره أن يدافع عن صحيفة هابطة ورسوم كاريكاتيرية مستفزة وساذجة في الشكل والمضمون، لكن شتان بين الحق في إدانة الصحيفة وانتقادها، بل وانتقاد السياسة الفرنسية والتنديد بها من جهة، والصمت البالغ حد "الموافقة" و"التبرير" الذي يتطلى بلغة "التفسير" للفعلة الإرهابية من جهة أخرى... لا بل إننا قرأنا مقالات على موقع الجماعة، تعيد انتاج خطاب "الكهوف" المحرض على "صدام الحضارات والثقافات" واصطراعها الأبدي، فالعالم من وجهة نظر بعض ما يُنشر، يتوزع على ثلاثة أقسام: المسلمون، وهم ورثة الرسالات والأنبياء، والشرق المشرك والملحد والغرب الصليبي، والحرب بين هذه الأطراف مفتوحة إلى أن يرث الله الأرض وما عليها.

والحقيقة أنه من الظلم وضع جميع هذه الجماعات في سلة واحدة، بما فيها تلك المحسوبة رسمياً على التنظيم الدولي للجماعة، فثمة أحزاب وحركات إسلامية حاكمة في المغرب العربي، تبنت مواقف مغايرة، من دون أن تتورط في الدفاع عن الصحيفة المذكورة أو تقع في "العشق الحرام" مع الغرب أو فرنسا، والمؤكد من دون أن تنسى الإرث الكولونيالي لها، فهي تنتمي لدول ومجتمعات، رزحت طويلاً تحت سلطة الانتداب و"الفرنسة" وعانت من ويلاته ما عانت.

لكن عجلة التاريخ لا تتوقف، ومواقف الدول والحركات والمنظمات، لا تصنعها "الثارات القبلية... التطلع للأمام وعدم البقاء في الماضي، هو سمة الشعوب والمجتمعات الحيّة، وهو وحده الذي يصنع مستقبلات بديلة لبلداننا وشعوبنا، ومن دون ذلك، سنبقى على قارعة التاريخ".

في المقابل، وجدنا خطاباً إخوانياً مشرقياً، أقرب للتشفي، بل وربما تراود أصحابه فكرة "توظيف" هذا التطرف المجنون، لتحقيق مآرب وأهداف سياسية، من بينها– ربما - "تأديب" الغرب وفرنسا بخاصة على ما تتمتع به من منظومة حريات، ومن بينها أيضاً، التذكير المستمر للغرب بأن السماح باستهداف الإسلام المعتدل لن يأتيه إلا بإسلام "داعش والنصرة" ... ومن بينها ربما توظيف المشاعر الدينية الكامنة في صدور ملايين العرب والمسلمين، لاستعادة الدور واستنهاض الجماعة، بعد الضربات الماحقة التي لحقت بها خلال الأشهر الماضية... وأياً كانت دوافع هذا الموقف ومبرراته، فقد سقط بعض هذه الجماعات في امتحان "التجربة الفرنسية".

أياً يكن من أمر، فإن إخفاق كثير من الجماعات الإسلامية في تظهير مواقف قاطعة، لا تبريرية، حيال ما يجري من جرائم ترتكب باسم الإسلام وتحت رايته، لن يساعدها في مسعاها لأن تكون جزءاً من العملية السياسية، ولن يبدد مناخات انعدام الثقة بجميع المدارس السياسية الإسلامية، التي تعزز انتشارها هذه الأيام، وسيُعَقّد جميع المحاولات الرامية لإدماج هذه الجماعات، في النظم والعمليات السياسية الجارية في بلادنا.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الإخوان والتجربة الفرنسية الإخوان والتجربة الفرنسية



GMT 21:38 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

سيمافور المحطة!

GMT 21:36 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

يراها فاروق حسنى

GMT 21:34 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

«بكين» هل تنهي نزاع 40 عاماً؟ (2)

GMT 21:32 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

ماذا حل بالثمانيتين معاً؟

GMT 21:30 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

الشرق الأوسط والموعد الصيني

GMT 14:39 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

007 بالمؤنث

GMT 14:37 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

هل هي نهاية الخلاف السعودي ـ الأميركي؟

هيفاء وهبي تتألّق بفستان مرصع بالكريستال

القاهرة - فلسطين اليوم
هيفاء وهبي خطفت الأنظار بالتزامن مع احتفالها بعيد ميلادها بأناقتها ورشاقتها التي ظهرت بها خلال حفلها الأخير الذي أحيته في قطر، حيث أبهرت النجمة اللبنانية جمهورها على المسرح بطلتها اللامعة بفستان مرصع بالكامل بحبات الكريستال، وبهذه الإطلالة تعود هيفاء وهبي لستايل الفساتين المجسمة التي تتباهي من خلالها بجمال قوامها وهو التصميم الذي كانت تفضله كثيرا أيقونة الموضة، وذلك بعد اعتمادها بشكل كبير على صيحة الجمبسوت التي أطلت بها في معظم حفلاتها السابقة. هيفاء وهبي سحرت عشاقها في أحدث ظهور لها على المسرح خلال حفلها الأخير بقطر بإطلالة جذابة بتوقيع نيكولا جبران، حيث اعتمدت أيقونة الموضة مجددا التصميم المحدد للقوام مع الخصر الذي يبرز بقصته الضيقة مع الحزام جمال قوامها، حيث تمايلت هيفاء وهبي على المسرح بأسلوبها الأنثوي المعتاد بف...المزيد

GMT 23:21 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

اكتشاف بروتين الدم المتورط في الاكتئاب

GMT 13:58 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

مواد وظيفية فلورية تستخدم في علاج السرطان

GMT 13:10 2020 الخميس ,06 شباط / فبراير

يولد بعض الجدل مع أحد الزملاء أو أحد المقربين

GMT 21:45 2016 الخميس ,01 كانون الأول / ديسمبر

العواصف والبرق في سماء يعبد قضاء جنين

GMT 03:23 2018 الأربعاء ,18 تموز / يوليو

باول يبيّن أن "الفيدرالي" يخطط لرفع الأسعار

GMT 04:35 2017 الثلاثاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

الابتعاد عن تناول القهوة في الصباح لتجنب الإصابة بالتعب
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday