خطأ لؤي حسين وخطيئة النظام
آخر تحديث GMT 04:53:15
 فلسطين اليوم -

خطأ لؤي حسين وخطيئة النظام

 فلسطين اليوم -

خطأ لؤي حسين وخطيئة النظام

عريب الرنتاوي

سمعت بلؤي حسين وتيار بناء الدولة للمرة الأولى مع اندلاع الأزمة السورية في آذار/ مارس 2011، وتعرفت إليه شخصياً في مؤتمر نظمه مركز القدس للدراسات السياسية في البحر الميت في نيسان/ ابريل 2012، حين كان من بين ستين شخصية من مختلف المكونات الاجتماعية ومعظم ألوان الطيف السوري المعارض في الداخل والخارج يتداولون في سبل الخروج من الاستعصاء السوري... يومها قوبلت دعوتنا للؤي حسين باعتراضات شديدة من قبل مشاركين كثر في المؤتمر، على خلفية اتهامات للرجل بأنه يدور في فلك النظام، وأن معارضته له ليست سوى “ديكور” يُقصد به تجميل “الصورة القبيحة” للنظام.
لم تتغير هذه الصورة كثيراً ... في مؤتمر القاهرة الذي نظمه المركز ذاته لشباب المعارضات السورية المختلفة في نهاية العام التالي، تعامل ممثلو بعض المعارضات مع الشباب المحسوبين على معارضة الداخل، وتحديداً تيار بناء الدولة، بوصفهم “مندوبين عن النظام” قبل أن تبدأ “الصورة النمطية” عن هؤلاء بالتغير بعد أربعة أيام من التفاعل المباشر، سياسياً وثقافياً واجتماعياً، من دون أن ننجح كلياً في تغيير الموقف أو تبديد الانطباع العام.
صدر النظام ضاق بمعارضي الداخل، مع أنهم رفضوا العسكرة والتسلح والحسم والتدخل الأجنبي، ولم يعرف عنهم ارتباطاً أو حتى صلات طبيعية مع العواصم العربية والإقليمية التي تناصب النظام (قل الشعب السوري أيضاً) أشد العداء، ومن يضيق به صدر النظام، تضيق عليه الأرض بما رحبت، ولا يجد مكاناً له إلا في أقبية السجون والزنازين ... حدث ذلك مع عبد العزيز الخيّر ورجاء الناصر، وتكرر مع لؤي حسين، من ضمن مئات وألوف النشطاء الذين ما زالوا يقبعون خلف القضبان، وفي ظروف أقل ما توصف به، بأنها لا إنسانية تماماً.
إن كان لا بد من الإشارة بإصبع الاتهام (والمسؤولية) عن واقعة فرار لؤي حسين من سوريا إلى تركيا وصولاً لإسبانيا ... إن كان هناك من يتعين إلقاء اللائمة عليه في انضمام حسين إلى الائتلاف والمعارضين من أصحاب “الرؤوس الحامية” والارتباطات المعروفة، فهو النظام في دمشق أولاً وأخيراً ... فمن تضيق عليهم أرض سوريا بما رحبت، لا يتبقى لهم سوى البحث عن منافٍ ومهاجر، قريبة كانت أم بعيدة.
لقد قلنا من قبل، ونقول اليوم (وغداً على ما يبدو)، أن أكبر عدوٍ للنظام هو النظام نفسه ... وأكبر تهديد للنظام سيأتيه من داخله ... لا أريد أن استحضر مسلسل “الموت في ظروف غامضة” الذي لاحق العديد من جنرالات الأجهزة الأمنية الكبار ... ولكنني هنا أتحدث عن نجاح النظام الفائق، في “تطفيش” معظم المعارضين الوطنيين والسلميين، وإصراره برغم سنوات الخراب والدمار الأربع العجاف، على التصرف بذات العقلية الاقصائية المتغطرسة ... ودفع المعتدلين من المعارضات، لانتهاج أكثر الطرق والوسائل تشدداً وتطرفاً.
قلنا من قبل ونقول اليوم، إن أنظمة معتدلة تنتج بالضرورة معارضات معتدلة وسلمية، فيما الأنظمة الإقصائية والدموية لا تنتج من المعارضات إلا ما هو على صورتها وشاكلتها ... لؤي حسين كان يمكن أن يظل في دمشق، وأن يكون صوتاً معارضاً سلمياً ومعتدلاً، لكن مطاردته بالأحكام القضائية الجائرة، وزجه في السجن لأشهر من دون مسوّغ، ومناخات التخويف والابتزاز التي يعيشها المعارضون، تجعل منهم مشاريع معارضين جائلين في العواصم والمنافي، يبحثون عمّن يمد لهم العون أو يوقعهم في شباك الأجندات الإقليمية المشبوهة، فيتحول من مشروع معارض وطني، إلى أداة في حرب التصفيات والتسويات التي تنخرط فيها عواصم ومراكز متناحرة.
أخطأ لؤي حسين بترك البلاد من وجهة نظري، وإن كنت أخلاقياً ممن يرفضون تقديم النصائح والاقتراحات بقبول السجن والتحقيق والتعذيب ... أخطأ بانضمامه إلى قوى طالما ناصبها “الخلاف” حتى لا نقول “العداء” وحمل على أجنداتها وارتباطاتها، وبالذات على تحالفها أو قل اعتماديتها على النصرة وجيش الإسلام وأحرار الشام ومن لفّ لفهم من فصائل إرهابية متطرفة...أخطأ لؤي حسين، إذ اختار إسطنبول كوجهة له، كنا نتمنى أن يظل في مدريد أو أن يذهب إلى القاهرة ... أخطأ في توقيت اختياره كذلك، حيث تتكاثر مظاهر “التورط التركي” في الحرب على سوريا، وتتفجر الأحلام الإمبراطورية والتوسعية لأنقرة، ويعطي رئيس حكومتها لنفسه الحق في اختراق سيادة دولة جارة، بذريعة زيارة الضريح، أو “مسمار جحا” الجديد الذي قد يُتخذ كمبرر لإجازة الحرب التركية على سوريا كما كشفت عن ذلك التسريبات من مكتب احمد داود أوغلو ... لكن أخطاء لؤي حسين، تظل على فداحتها، بالمفرق ... أما خطأ (قل خطيئة) الذين دفعوه دفعاً للهرب والانشقاق والرحيل، فهي بالجملة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

خطأ لؤي حسين وخطيئة النظام خطأ لؤي حسين وخطيئة النظام



GMT 21:38 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

سيمافور المحطة!

GMT 21:36 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

يراها فاروق حسنى

GMT 21:34 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

«بكين» هل تنهي نزاع 40 عاماً؟ (2)

GMT 21:32 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

ماذا حل بالثمانيتين معاً؟

GMT 21:30 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

الشرق الأوسط والموعد الصيني

GMT 14:39 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

007 بالمؤنث

GMT 14:37 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

هل هي نهاية الخلاف السعودي ـ الأميركي؟

هيفاء وهبي تتألّق بفستان مرصع بالكريستال

القاهرة - فلسطين اليوم
هيفاء وهبي خطفت الأنظار بالتزامن مع احتفالها بعيد ميلادها بأناقتها ورشاقتها التي ظهرت بها خلال حفلها الأخير الذي أحيته في قطر، حيث أبهرت النجمة اللبنانية جمهورها على المسرح بطلتها اللامعة بفستان مرصع بالكامل بحبات الكريستال، وبهذه الإطلالة تعود هيفاء وهبي لستايل الفساتين المجسمة التي تتباهي من خلالها بجمال قوامها وهو التصميم الذي كانت تفضله كثيرا أيقونة الموضة، وذلك بعد اعتمادها بشكل كبير على صيحة الجمبسوت التي أطلت بها في معظم حفلاتها السابقة. هيفاء وهبي سحرت عشاقها في أحدث ظهور لها على المسرح خلال حفلها الأخير بقطر بإطلالة جذابة بتوقيع نيكولا جبران، حيث اعتمدت أيقونة الموضة مجددا التصميم المحدد للقوام مع الخصر الذي يبرز بقصته الضيقة مع الحزام جمال قوامها، حيث تمايلت هيفاء وهبي على المسرح بأسلوبها الأنثوي المعتاد بف...المزيد

GMT 00:13 2020 الخميس ,09 تموز / يوليو

ما كنت تتوقعه من الشريك لن يتحقق مئة في المئة

GMT 11:15 2020 الإثنين ,20 إبريل / نيسان

بريشة : علي خليل

GMT 10:33 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

الحب على موعد مميز معك

GMT 08:33 2019 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

تعرف على مميزات سيارة فولكس فاغن الجديدة

GMT 05:02 2018 الأربعاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

ليام هيمسوورث ينشر صورة محزنة لبقايا منزله المحترق في "ماليبو"

GMT 07:28 2018 الأربعاء ,18 إبريل / نيسان

150 أسيرًا من أراضي عام 48 يقبعون في سجون الاحتلال

GMT 05:35 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

فرص "غريس موغابي" في الحياة السياسية تتحول طريق سدّ

GMT 12:27 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

بعثة جامعة جنيف تكتشف هرمًا من الذهب في سقارة
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday