ثمة ما يحتاج التغيير وليس التصحيح
آخر تحديث GMT 04:53:15
 فلسطين اليوم -

ثمة ما يحتاج التغيير وليس التصحيح

 فلسطين اليوم -

ثمة ما يحتاج التغيير وليس التصحيح

بقلم :طلال عوكل

مع أن الأحداث لا تقررها التواريخ الحادة، إلاّ ان من أهم مناقب العمل الجماعي بغض النظر عن طبيعته، هو المراجعة السنوية للبرامج والمخططات والمشاريع وهذه في الغالب تتم مع نهايات كل عام، عسى أن يكون فعل المراجعة، سبيلاً لتحسين الأداء والمنتوج في العام الجديد.

على أن العام المنصرم، بما انطوى عليه من متغيرات جامحة وخطيرة، خصوصاً في الشهر الأخير، يجعل من نهاية العام فرصة طبيعية للمراجعة النقدية، وما أحوج الفلسطينيين إلى مثل هذه المراجعة الوطنية.

لا يمر العام على الفلسطينيين، على نحو روتيني، فكل عام يحمل معه، الكثير من المتغيرات التي تستحق التوقف عندها، والعام المنصرم لم يكن استثنائياً، غير أن ما طرأ في الشهر الأخير، فرض على الفلسطينيين مراجعة ليس لعام واحد وإنما لما يقرب من ربع قرن.

القرار الذي أعلن عنه الرئيس الأميركي المتهور وعديم الخبرة السياسية كسر الزجاج الشفاف الذي تختفي وراءه مجمل السياسات والاستراتيجيات الأميركية، بما يعيد استظهار الصورة الحقيقية لدولة عدوانية، لا تتعرف إلاّ على مصالحها الأنانية الخاصة، ولا تحترم أي شراكة، حتى مع مثيلاتها من الدول إلاّ حين يتعلق الأمر بإسرائيل.

قبل سنوات كثيرة مضت، كان سؤال العلاقة بين إسرائيل والولايات المتحدة محل جدل واختلاف بين من يقول إن إسرائيل هي الولاية الثالثة والخمسين من الولايات المتحدة وبين من يرى فوارق في المصالح، والاستراتيجيات. الأحداث التي مرت بها المنطقة العربية خلال السنوات السبع الماضية، وعرفت بـ"الربيع العربي"، كشفت عن طبيعة ذلك الربيع بما أنه ربيع للمخططات الأميركية الإسرائيلية، التي تستهدف إعادة تقسيم المقسّم العربي لكي يسهل الانقضاض عليه، ونهب ثرواته ومصادرة حرياته.

بعض العرب لا يزالون مفتونين، بالمراهنة على دور أميركي وإسرائيلي مختلف، يؤمّن لهم الحماية والاستقرار لأنظمتهم التي تحتاج إلى التغيير والتحديث. الولايات المتحدة هي التي تختار للآخرين أعداءهم وتزجّ بهم في أتون صراعات دامية، وها هي تعيد صياغة دور الجماعات الإرهابية، وتساعدها على الانتقال إلى أماكن مستهدفة أخرى بعد أن عاثت تدميراً وتخريباً في دول عربية أخرى.

لن يرتدع العرب، وليس من الواضح أنهم يدركون مدى خطورة المراهنة على دعم وحماية أميركية، وهم يتطلعون إلى دعم وتعاون وحماية من قبل إسرائيل، التي تتطلع إلى توسيع نفوذها، وسيطرتها على المنطقة بما يتجاوز أرض فلسطين التاريخية وحقوق أهلها.

الوضع الفلسطيني لم يكن بعيداً عن منطق المراهنة على إمكانية أن تؤدي العملية السلمية عبر المفاوضات، إلى استرجاع بعض حقوقهم التاريخية، لكن آخر العام، شهد ما يشكل صدمة قوية لقلب ضعف خفقانه، وتراجعت كفاءته. قرار ترامب، ضرب كل الحسابات، ووضع حداً لكل المراهنات، حيث أنه أنهى ربع قرن من البحث المضني عن سلام تبخّر يوماً بعد الآخر، بسبب المخططات الإسرائيلية التوسعية التي حظيت كل الوقت بتواطؤ أو دعم الولايات المتحدة.

ترامب أرغم الفلسطينيين على تغيير وجهتهم، إذ لم يعد ثمة مجال لمتابعة العمل والنضال، على أساس رؤية الدولتين، والقبول بالحد الأدنى، من حقوقهم التاريخية. أميركا تدفع الصراع إلى نهايات مفتوحة تعيد الأمور إلى نصابها، حيث أن الصراع لا يمكن أن يكون صراع حدود، ولا هو صراع على أساس قرارات الأمم المتحدة، فقد عاد ليكون صراعاً على كل أرض فلسطين التاريخية وكل الحقوق التاريخية.

لقد وضع ترامب حداً للمراهنة على دور أميركي، أو غير أميركي، ووضع حداً لادعاءاته بشأن تحقيق صفقة القرن، التي تحولت إلى صفعة قرن، للفلسطينيين والعرب، وحتى للمجتمع الدولي وقراراته ومواثيقه، وتراثه.

بعد قرار ترامب لم يعد العرب عرباً، ولا المسلمون مسلمين، بينما بقيت إسرائيل الدولة التوسعية العنصرية هي ذاتها، وهم ذاتهم الفلسطينيون مع كثير من خيبة الأمل، والشعور بالظلم التاريخي، وحسابات مرتبكة، وخيارات غامضة. المرحلة كلها في ضوء ذلك تحتاج إلى مراجعة نقدية، واعترافات بالأخطاء والخطايا، وإعمال العقل الوطني الجامع لاشتقاق أطر ووسائل وأشكال مواجهة التحديات القادمة. لا يمكن ولا يجوز لطرف واحد أن يحمّل نفسه ويتحمل المسؤولية عن تحديد الخيارات، ووضع الاستراتيجيات للمرحلة المقبلة بما تنطوي عليه من تهديد حقيقي للوجود الفلسطيني. ولكل ما تصارع عليه الفلسطينيون حد الانقسام، كان الصراع على السلطة وعلى القرار والنفوذ، هو عنوان الانقسام وسببه، واليوم ينبغي أن يقف على رأس أولويات الكل الفلسطيني، المواطن الذي بصموده على أرضه يشكل الضمانة لخوض الصراع وتحقيق الإنجاز.

لن يفيد الفلسطينيين المراهنة على بدائل دولية عن الولايات المتحدة، أو المراهنة على أن تعيد الأمم المتحدة لهم حقوقهم، ولا حتى المراهنة على عرب، يلهثون وراء مصالحهم الخاصة، واستقرار بلدانهم حتى لو كان ثمن ذلك القضية الفلسطينية وأهلها. المراهنة ينبغي أن تنعقد أولاً وقبل كل شيء على الوحدة الوطنية وعلى صمود الفلسطينيين على أرضهم ثم بعد ذلك نواصل البحث في كل مكان عن حقوقهم.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ثمة ما يحتاج التغيير وليس التصحيح ثمة ما يحتاج التغيير وليس التصحيح



GMT 10:35 2020 الخميس ,24 كانون الأول / ديسمبر

أميركا وإسرائيل: ظاهرتان متشابهتان

GMT 12:44 2020 الإثنين ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ثمّة متسعٌ للمزيد

GMT 09:19 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

أهْلِي وإن ضَنُّوا عليَّ كِرامُ

GMT 07:18 2020 الخميس ,06 آب / أغسطس

لبنان وحيداً في لحظة بالغة الصعوبة

GMT 09:12 2020 الخميس ,30 تموز / يوليو

صراع علاقات القوة في الغربال

هيفاء وهبي تتألّق بفستان مرصع بالكريستال

القاهرة - فلسطين اليوم
هيفاء وهبي خطفت الأنظار بالتزامن مع احتفالها بعيد ميلادها بأناقتها ورشاقتها التي ظهرت بها خلال حفلها الأخير الذي أحيته في قطر، حيث أبهرت النجمة اللبنانية جمهورها على المسرح بطلتها اللامعة بفستان مرصع بالكامل بحبات الكريستال، وبهذه الإطلالة تعود هيفاء وهبي لستايل الفساتين المجسمة التي تتباهي من خلالها بجمال قوامها وهو التصميم الذي كانت تفضله كثيرا أيقونة الموضة، وذلك بعد اعتمادها بشكل كبير على صيحة الجمبسوت التي أطلت بها في معظم حفلاتها السابقة. هيفاء وهبي سحرت عشاقها في أحدث ظهور لها على المسرح خلال حفلها الأخير بقطر بإطلالة جذابة بتوقيع نيكولا جبران، حيث اعتمدت أيقونة الموضة مجددا التصميم المحدد للقوام مع الخصر الذي يبرز بقصته الضيقة مع الحزام جمال قوامها، حيث تمايلت هيفاء وهبي على المسرح بأسلوبها الأنثوي المعتاد بف...المزيد

GMT 08:44 2019 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الجدي" في كانون الأول 2019

GMT 13:39 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

ابتعد عن بعض الوصوليين المستفيدين من أوضاعك

GMT 09:32 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

تشعر بالإرهاق وتدرك أن الحلول يجب أن تأتي من داخلك

GMT 07:42 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

تحتاج إلى الانتهاء من العديد من الأمور اليوم

GMT 05:35 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

الملكة رانيا وبيلا حديد بسترة واحدة على "إنستغرام"

GMT 21:07 2015 الإثنين ,26 تشرين الأول / أكتوبر

شوارع بيروت تغرق في النفايات بسبب الامطار الغزيرة

GMT 07:21 2014 الجمعة ,31 كانون الثاني / يناير

زينة تلجأ إلى تحليل "DNA" لإثبات النسب لأحمد عز

GMT 09:17 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

«حماس» تتوارى عن الأنظار

GMT 00:10 2017 الإثنين ,25 كانون الأول / ديسمبر

عمار سلمان يعود لتدريب أهلي الخليل

GMT 23:49 2017 الأحد ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

شباب رفح يصارع القادسية والشجاعية يتحدى الهلال
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday