نضال في الاتجاه العكسي
آخر تحديث GMT 04:53:15
 فلسطين اليوم -

نضال في الاتجاه العكسي

 فلسطين اليوم -

 فلسطين اليوم - نضال في الاتجاه العكسي

عمرو الشوبكي

هل النضال أنواع، وهل يمكن أن يكون هناك نضال يسير عكس الاتجاه، وهل يمكن أن يكون هناك ثوار يؤسسون لنظام رجعى رغم هتافهم كل يوم باسم الثورة والمجتمع الثورى؟ ما هو شكل أو بروفايل المناضل عكس الاتجاه؟ وما هو معنى أن يكون هناك تنظيم سياسى يسير أيضا عكس الاتجاه؟ ليس لأنه يسير عكس التيار أو الاتجاه السائد، إنما لأنه يسير عكس الاتجاه الذى رسمه لنفسه. إذا كنت تنتمى لجماعة سياسية، وخاصة يسارية، أو حزب أو شلة تسمى نفسها تنظيما ثوريا وتجد نفسك تضيع أكثر من 90% من وقتك فى النضال ضد رفاقك فى التنظيم وتدخل فى مؤامرات صغيرة وكبيرة من أجل استبعاد س وإحضار ص، وتعتبر ذلك نضالاً مشروعاً، وتبرر ذلك بنظرية الفشل التاريخى بأن تحرير الوطن يبدأ بالتخلص من س الرجعى وإحضار ص الثورى، مثلما فعلت كل تجارب الفشل العربى، التى اعتبر بعضها أن غزو الكويت هو طريق تحرير القدس، وأن إسقاط النظم الرجعية، حتى لو لم ترغب شعوبها فى إسقاطها، هو الطريق للقضاء على الاستعمار والإمبريالية. إذا نسيت ما قرأته فى الكتب الماركسية عن التناقض الأساسى والثانوى، ووجدت من يقول لك فى تنظيم ثورى قوامه 100 أو 200 شخص، وأن فلاناً سنة 68 خان الثورة لأنه كان مع فض اعتصام قاعة احتفالات جامعة القاهرة، وأن علاناً بسببه لم يسقط نظام السادات لأنه رفض خروج الطلبة من الحرم الجامعى، وأن أثناء موقعة الجمل والدماء تسيل من كل جانب قال أحد الثوار لقد ثبت أن موقفنا ونحن فى الجامعة صحيح وأن موقف الفصيل الآخر كان خائنا. إذا غابت عنك البوصلة ووجدت نفسك «تناضل» فى أمور لا علاقة لها بالهدف الذى قام من أجله حزبك أو تنظيمك وتحول النضال من نضال ضد سلطة مستبدة إلى نضال ضد رفاقك فى الحزب أو فى الدكانة المنافسة، وإذا لم تراجع نفسك قبل أن تنام كل يوم لتقيم ما تشاهده، وتركت نفسك مستنفذا فيما تتصور أنه نضال يومى وتنسى أنه عكس الاتجاه وعكس هدفك. نضال كثير من التنظيمات الشيوعية والقوى الاحتجاجية والثورية كان نضالا ضد بعضها البعض، وحين خرج بعضها من ثقافة الاحتجاج وحاول أن يقدم بديلا من أى نوع للنظم التى قضى عمره من أجل إسقاطها ينهال عليه السباب والتخوين من كل جانب، لأن المفروض أن يكون صوت احتجاج وفقط، لا أن يكون صوت بناء وتقدم. إن استنزاف الطاقة فى هذا النوع من الممارسات التى تجعلك فى النهاية فى لحظة الامتحان ويوم الحساب ترسب بامتياز، فقد أهدرت طاقتك فى شتم وتخوين كل المنافسين، وأن رد الفعل الأول الذى يأتى فى ذهنك هو «كيف أسقط فلان»، والحقيقة أن السياسة فى البلاد الديمقراطية فيها «كيف أسقط فلان»، ولكن قبلها تقدم بديلا وتبنى قواعد، ثم تبدأ فى «التكتيك» لإسقاط المنافس أو الخصم، أما الإسقاط لمجرد الإسقاط وأنت قدراتك على باب الله فتعنى أنك أفرغت طاقتك فى الهدم وغابت عنك تماما طاقة البناء وصناعة البديل. هل وجدت بلدا يوجد فيه مناضلون على الفيس بوك لا يجدون فى أى مرشح لموقع المسؤولية إلا جوانب هامشية ليس مهما فيها قدرته على العطاء أو كفاءته أو نزاهته، فمثلا إبراهيم محلب واحد من أكفأ وزراء الحكومة السابقة، ترك كل ذلك ولم يروا تصحيح الخطأ إلا أنه كان عضوا سابقا فى الحزب الوطنى، وبدلا من أن تقترح بدائل وتعرف أسباب أوجه القصور فى وزارته السابقة- أى الإسكان- وما هى اقتراحاتك لتطويرها، وما هى مطالبك ومطالب تنظيمك من الوزارة الجديدة، تكتفى بأن تقول إنه فلول لأن الأمور الأخرى تخص الجماهير التى لا تراها وتمارس كل صور الاستعلاء عليها. إذا كان تنظيمك يختار النضال المريح وغير المكلف ويقسم الناس فى قوالب جاهزة تمنعك من التفكير والمراجعة، فتأكد أنك تسير عكس الاتجاه وتعيد تكرار تجارب الفشل نفسها حين كانت فى مصر تيارات وطنية كبرى وزعماء يصنعون تاريخ هذا البلد، وكان هناك من يثرثرون ويزايدون عليهم فى المقاهى. مشكلة مصر أن طاقة الهدم منتشرة داخل الأحزاب وخارجها، فهل شاهدت رفيقك فى الحزب يشتم آخر لمجرد أنه حقق نجاحاً بعيداً تماماً عنه، رغم أنه لم يأت على حسابه؟ الإجابة نعم بالتأكيد، وهى أمور تجدها بين زملاء العمل ورفاق النضال وأخوة الجهاد، وخطورة هذا المشهد الفردى أنه ينعكس على طريقة عمل بناء المؤسسات، فداخل كل حزب وداخل كل مؤسسة مدنية هناك حالة من الانفلات والاستباحة، فالمدير أو الرئيس يقضى معظم وقته فى مواجهة طاقة الهدم داخل مؤسسته، فلا يوجد حزب سياسى قادر على أن يستوعب أجنحة وتيارات مختلفة داخله، فهناك خطط المدير أو الرئيس أو المسؤول، وهناك خطط إسقاط الجميع، حتى لو كان الثمن هو هدم الحزب نفسه أو تطفيش من دخلوا لممارسة عمل سياسى وليس مؤامرات حزبية، فطاقة الهدم داخل تنظيمك تجعلك تقضى معظم وقتك فى التخطيط لاستبعاد س أو ص دون أن تستثمر ربع هذا الوقت فى بناء بديل للشخص الذى يهدفون إلى استبعاده. إذا وجدت نفسك فى هذا التنظيم أو تلك الجماعة وطلب منك أن تقضى عمرك فى هذا النوع من المعارك فاعرف أنك تسير عكس الاتجاه، وأنك لا تشارك فى عمل نضالى من أى نوع يغير أى شىء فى هذا البلد. وإذا فتح الله عليك وتركت التنظيمات الثورية وانتقلت إلى «حزب ثرى»، وطلب منك (أو اضطررت) أن تصمت وأنت تشاهد تزوير انتخابات داخل حزبك أو أن تجد زميلك يشترى أصواتا داخل محافظتك فتأكد أنه مهما تحدث هذا الحزب عن مبادئ الديمقراطية والدولة المدنية فى شعاراته اليومية وفى الواقع العملى يمارس عكس هذه الشعارات فلا يجب أن تثق فى أنه سيحقق حرفاً واحداً من شعاراته فى الواقع العملى. لا تثق فى تنظيم يقضى وقته فى هدم كل شىء الرفاق المختلفين، والسياسيين المعارضين والدولة المأزومة، ولا تثق فى حزب ليست له رسالة ولا رؤية ويطرح شعارات براقة ويمارس فى الخفاء ما هو عكسها ولا تترك نفسك لهذا أو ذاك.

palestinetoday
palestinetoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نضال في الاتجاه العكسي نضال في الاتجاه العكسي



GMT 22:46 2023 الثلاثاء ,28 شباط / فبراير

أبرز صفات المرأة في برج الحمل

GMT 13:55 2021 السبت ,02 كانون الثاني / يناير

توقعات ماغي فرح للأبراج في عام 2021

GMT 09:16 2020 الإثنين ,28 كانون الأول / ديسمبر

تعرّف على توقّعات خبيرة الأبراج عبير فؤاد للعام الجديد 2021

GMT 09:37 2020 الأحد ,20 كانون الأول / ديسمبر

أبرز التوقعات للعرافة العمياء لعام 2021 تعرّف عليها

GMT 09:08 2020 الأربعاء ,09 كانون الأول / ديسمبر

أهمّ ما يُخبِّئه الشهر الأخير مِن عام 2020 مِن أحداثٍ وكوارث

GMT 13:48 2020 الإثنين ,07 كانون الأول / ديسمبر

مجلة "تايم" الأميركية تؤكّد أنّ 2020 العام الأسوأ على الإطلاق
 فلسطين اليوم -

هيفاء وهبي تتألّق بفستان مرصع بالكريستال

القاهرة - فلسطين اليوم
هيفاء وهبي خطفت الأنظار بالتزامن مع احتفالها بعيد ميلادها بأناقتها ورشاقتها التي ظهرت بها خلال حفلها الأخير الذي أحيته في قطر، حيث أبهرت النجمة اللبنانية جمهورها على المسرح بطلتها اللامعة بفستان مرصع بالكامل بحبات الكريستال، وبهذه الإطلالة تعود هيفاء وهبي لستايل الفساتين المجسمة التي تتباهي من خلالها بجمال قوامها وهو التصميم الذي كانت تفضله كثيرا أيقونة الموضة، وذلك بعد اعتمادها بشكل كبير على صيحة الجمبسوت التي أطلت بها في معظم حفلاتها السابقة. هيفاء وهبي سحرت عشاقها في أحدث ظهور لها على المسرح خلال حفلها الأخير بقطر بإطلالة جذابة بتوقيع نيكولا جبران، حيث اعتمدت أيقونة الموضة مجددا التصميم المحدد للقوام مع الخصر الذي يبرز بقصته الضيقة مع الحزام جمال قوامها، حيث تمايلت هيفاء وهبي على المسرح بأسلوبها الأنثوي المعتاد بف...المزيد

GMT 01:41 2020 الأربعاء ,08 تموز / يوليو

تحقق قفزة نوعية جديدة في حياتك وانطلاقة مميزة

GMT 10:32 2024 السبت ,06 كانون الثاني / يناير

ليدي غاغا تتألّق في حفل جوائز الأوسكار 2023

GMT 08:10 2016 الثلاثاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

أحمد زاهر يبدي سعادته بدوره في فيلم "هروب اضطراري"

GMT 16:52 2016 الخميس ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

عمرو موسى يحل ضيفًا على MBC" مصر" الجمعة

GMT 13:16 2020 الثلاثاء ,22 كانون الأول / ديسمبر

المُكرّمون في احتفالية محمد صبحي بمسيرته يردون على الهجوم

GMT 03:47 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

تحطم طائرة استطلاع فرنسية في النيجر
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday