أسطورة الرقم أربعين في الشعر العربي تكشف عن أسرارها
آخر تحديث GMT 04:53:15
 فلسطين اليوم -

وقفوا بحزنٍ أمام هذا العُمر وأصبح "أسطورة" تُعبر عن الخوف

أسطورة الرقم "أربعين" في الشعر العربي تكشف عن أسرارها

 فلسطين اليوم -

 فلسطين اليوم - أسطورة الرقم "أربعين" في الشعر العربي تكشف عن أسرارها

أسطورة الرقم "أربعين" في الشعر العربي
القاهرة - فلسطين اليوم

يبدو أنَّ للرقم «أربعون» حالة خاصة، وقف عندها الشعراء طويلاً، إذ نجد في هذا العمر تحولاً هائلاً يحدث للإنسان، تحولاً بيولوجياً وعقلياً، لذلك نجد الشكوى والبكاء على أيام الشباب، والخوف من القادم، حيث تبدأ تلك الهواجس ببداية الأربعين، لهذا نجد موروثاً هائلاً لدى الشعراء الذين وقفوا بحزنٍ أمام لحظة الأربعين.

وعلى ما يبدو، فإنَّ لهذا الرقم سحراً خاصاً يختلف عن كل الأرقام، حيث تحول هذا الرقم «الأربعون» من رقمٍ اعتيادي إلى رقمٍ له دلالات ومعانٍ مختلفة حوَّلته إلى ما يُشبه الأسطورة. 

وللكشف عن بعض مرجعيات هذا الرقم، نجد تمظهراته في الحاضنة الدينية والأسطورية، فأوَّل الأشياء التي نراها أنَّ «موسى» (ع) بات أربعين ليلة للقاء ربه «وإذ واعدنا موسى أربعين ليلة ثم اتخذتم العجل من بعده وأنتم ظالمون»، ومن ثم التيه الكبير لأصحابه أربعين سنة، وهو العقاب الذي سُمي بـ«سنوات التيه».

أقرأ أيضًا : 

بيت الشعر يصدر ديوان "وعد" للشاعر إسماعيل محمد

وفي سفر «التكوين»، نجد حضوراً واضحاً للرقم «أربعون»، حيث نقرأ: «لأني بعد سبعة أيام أيضاً أمطر على الأرض أربعين يوماً وأربعين ليلة وأمحو عن وجه الأرض كل قائمٌ عملته»، فيما ارتبط عمر الأربعين بالنبوة، فما إنْ بلغ النبي الأربعين حتَّى نزل عليه الوحي. ويورد القران قصصاً للأنبياء ترتبط بسن الأربعين «حتى إذا بلغ أشدَّه وبلغ أربعين سنة قال رب أوزعني أن أشكر نعمتك». وحتى في المرويات الرديفة الأخرى، كالحديث الشريف، نجد ما يُسمَّى «الأربعون حديثاً»، ونجد أحاديث كثيرة تؤكد على عمر الأربعين، وإنَّ هذا العمر سينتظره الشيطان، فمن لم يتب بعمر الأربعين سيمسح إبليس على وجهه ويقول أهلاً بوجهٍ لن يُفلح بعد اليوم.

فيما نستذكر - إلى الآن - موتانا بمجالس خاصة بعد أربعين يوماً على غيابهم، حيث تمنعنا العجائز من زيارة موتانا قبل الأربعين... لماذا؟ لا نعلم!
وهكذا، تحول الرقم إلى أسطورة، منبعها الأساس هو الباعث الديني، لهذا أخذ هذا الرقم حالة خاصة متداولة على شفاه الناس، والأربعون عمرُ النضج والاستقرار والهدوء والحكمة، ولكنَّه - للأسف - لدى الشعراء هو لحظة الشكوى والبكاء، والخوف من الدخول في كهف الأربعين، أو خيمة الأربعين، كما يسمي عبد الرزاق عبد الواحد إحدى مجاميعه الشعرية «خيمة على مشارف الأربعين»، وكذلك الشاعر اللبناني «يوسف الخال» الذي عنون إحدى مجاميعه بـ«قصائد في الأربعين». ومن بين عناوين المجاميع الشعرية التي اختارها الشعراء ليعبروا من خلالها عن الأربعين عنوان صادم فيه دلالات كبيرة للشاعر الفلسطيني يوسف عبد العزيز الذي سمى مجموعته «ذئب الأربعين».

إنَّ الشكوى من الأربعين شكوى قديمة، فقديماً صرخ الشاعر العربي:

وماذا يبتغي الشعراء منَّي وقد جاوزتُ حدَّ الأربعينِ
حتى أصبح هذا البيت شاهداً نحوياً يدور على الألسنة والأفواه، وبقي الشعراء ينوحون بباب الأربعين ندباً لأيام الشباب، أيام الفتوة والقوة والرغبة العارمة.
فهذا «الجواهري» يعبد أيام النزق، فيما يتبرأ من أيام الكهولة وحلمها وأدبها:
نزق الشباب عبدتُه وبرأتُ من حلم المشيب
فالأربعون تشكل قلقاً كبيراً لدى «الجواهري»، حيث يقول: 

تولت الأربعون السود تاركة جفناً قريحاً وقلباً شفَّه الورمُ
ولا يخلو ديوان من دواوين الجواهري المتأخرة، أي بعد الأربعينات، إلَّا ولعمر الأربعين ذكرٌ في أبياته الشعرية، شكوى وتذمراً وندباً لأيام الشباب، فيما اختلف «نزار قباني» في مسألة عمر الأربعين، حيث رمى كرة هذه السنوات من الرجل إلى المرأة، وكتب «10 رسائل إلى سيدة في الأربعين»، حيث يقول في بعض منها:

(إذا ما وصلتِ إلى عامكِ الأربعين - ستفتقدين جنوني - وتفتقدين الرحيل معي في قطار الجنون - وتفتقدين الجلوس معي في مقاهي الجنون - وتفتقدين تراث النبيذ الفرنسي - وتفتقدين فنادقنا في بلاد الحنين - وتسترجعين ملامح وجهي - ولكن من الصعب أنْ تستعيدي جنوني). وهنا ينتقل نزار قباني بعمر الأربعين من الرجل إلى المرأة، وربما في هذه الانتقالة نظرة فحولية بوصف الرجل الأسطورة التي لا تشيخ، ولا تكبر، وإنَّ هذه المرأة ستذبل بهذا العمر، وإنَّه سيغادرها حين تبلغ الأربعين، فيما نجد «محمود درويش» ينحو منحى مختلفاً، حيث ينظر إلى المرأة في الأربعين نظرة مختلفة، قائلاً:

(على هذه الأرض ما يستحق الحياة، نهاية أيلول - سيدة تترك الأربعين بكامل مشمشها...) إلا أن الشكوى الحسية والروحية الأكثر إيلاماً هي قصيدة الشاعر «شوقي بزيع»، في قصيدته المشهورة «الأربعون»، حيث تسرد هذه القصيدة قصة العمر الذي يكون في القمة، حيث القوة والنشاط وتجمع النساء حوله، حيث الفتوة والقوة والشباب بأعلى مناسيبه، فيما يدخل عمر الأربعين يبدأ ذلك الانحدار، فيقول:
(أنْ تكون على قمة العمر - من دون ثقلٍ - لكي تتوازن في راحتيك الخسارة والربح - أو - تتساوى على جانبيك الرياح الحرون - أنْ يتقاسم تركة روحك ضدان - طفلٌ وكهلُ - وصعودٌ وسهلُ - ووقارٌ وجهلُ - وأنْ يتعاقب في لحظة فوق سطحك - صيف النبي - وسيف الجنون - أنْ تعود إلى أول النبع كي ترتوي - ثم لا تبلغ الماء - أو تبلغ الماء بعد فوات الأوان - وتدرك أنْ قد خسرتَ الرهان - وأنَّك تخلي المكان لمن هم أقلُّ ذبولاً - وأنَّك تخبط في الأرض عرضاً وطولاً - لتبحث عن جنة نارُها الآخرون).

ولو غصتُ طويلاً في هذا الموضوع لوجدتُ المئات، بل الآلاف من الأبيات الشعرية والقصائد التي تقف عند عمر الأربعين شاكية باكية، وهو محطة تحول مهمة للإنسان من الشباب إلى ما بعده، وهو العمر الذي يقول عنه - مازحاً - الشاعر حمد الدوخي: «إنَّ أعمارنا هذه - نحن أبناء الأربعينات - تُشبه الساعة الثالثة بعد الظهر، فلا هي في الصباح لكي نستثمر الوقت، ولا هي في المغرب أو الليل لكي نسلم ونستريح، ولكن يجب علينا نحن أبناء هذا العمر أنْ نطيع أعمارنا ونصاحبها، ونستثمر شعريتها».

قد يهمك أيضًا : 

سهير مقدادي تبين أن الشعر العربي يعيش حالة فوضى عارمة  

"تربية" جنين تحيي فعاليات حفل يوم الشعر العربي

palestinetoday
palestinetoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أسطورة الرقم أربعين في الشعر العربي تكشف عن أسرارها أسطورة الرقم أربعين في الشعر العربي تكشف عن أسرارها



هيفاء وهبي تتألّق بفستان مرصع بالكريستال

القاهرة - فلسطين اليوم
هيفاء وهبي خطفت الأنظار بالتزامن مع احتفالها بعيد ميلادها بأناقتها ورشاقتها التي ظهرت بها خلال حفلها الأخير الذي أحيته في قطر، حيث أبهرت النجمة اللبنانية جمهورها على المسرح بطلتها اللامعة بفستان مرصع بالكامل بحبات الكريستال، وبهذه الإطلالة تعود هيفاء وهبي لستايل الفساتين المجسمة التي تتباهي من خلالها بجمال قوامها وهو التصميم الذي كانت تفضله كثيرا أيقونة الموضة، وذلك بعد اعتمادها بشكل كبير على صيحة الجمبسوت التي أطلت بها في معظم حفلاتها السابقة. هيفاء وهبي سحرت عشاقها في أحدث ظهور لها على المسرح خلال حفلها الأخير بقطر بإطلالة جذابة بتوقيع نيكولا جبران، حيث اعتمدت أيقونة الموضة مجددا التصميم المحدد للقوام مع الخصر الذي يبرز بقصته الضيقة مع الحزام جمال قوامها، حيث تمايلت هيفاء وهبي على المسرح بأسلوبها الأنثوي المعتاد بف...المزيد

GMT 08:44 2019 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الجدي" في كانون الأول 2019

GMT 13:39 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

ابتعد عن بعض الوصوليين المستفيدين من أوضاعك

GMT 09:32 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

تشعر بالإرهاق وتدرك أن الحلول يجب أن تأتي من داخلك

GMT 07:42 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

تحتاج إلى الانتهاء من العديد من الأمور اليوم

GMT 05:35 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

الملكة رانيا وبيلا حديد بسترة واحدة على "إنستغرام"

GMT 21:07 2015 الإثنين ,26 تشرين الأول / أكتوبر

شوارع بيروت تغرق في النفايات بسبب الامطار الغزيرة

GMT 07:21 2014 الجمعة ,31 كانون الثاني / يناير

زينة تلجأ إلى تحليل "DNA" لإثبات النسب لأحمد عز

GMT 09:17 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

«حماس» تتوارى عن الأنظار

GMT 00:10 2017 الإثنين ,25 كانون الأول / ديسمبر

عمار سلمان يعود لتدريب أهلي الخليل

GMT 23:49 2017 الأحد ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

شباب رفح يصارع القادسية والشجاعية يتحدى الهلال
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday