غزة – علياء بدر
بدأت جمعية "نوى" للثقافة والفنون في غزة مؤخرًا بالتعاون مع وزارة السياحة والأثار الفلسطينية ومركز عمارة التراث "إيوان" التابع للجامعة الإسلامية، بترميم مقام قس مسيحي، في مدينة دير البلح وسط قطاع غزة، لإقامة مكتبة للأطفال به، ممولة من منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو" وباشر العديد من العمال منذ أيام بتنظيف المبنى البالغ مساحته تقريبًا "450مترًا"، وبناء جُدرانه الآيلة للسقوط مُجددًا، وتشييدها، وترميم مداخله ومخارجه، والقباب الثلاث التي تعتليه، وتدعيم أعمدته، للحيلولة دون تعرضه للانهيار، بعد انهيار أجزاء منه، نتيجة قِدمه، والأحوال الجوية، ويتوقع أن يستمر الترميم ثلاثة أشهر متتالية.
ويقع مبنى أو دير القس المسيحي "هيلاريون" قبل أن يُصبح اسمه "مقام الخضر" في العهد الإسلامي، وسط مدينة دير البلح وسط القطاع، وأسفل هذا المقام يوجد دير القديس "هيلاريون" أو "هيلاريوس" 278 - 372م الذي يعود إلى القرن الثالث الميلادي وهو أقدم دير لا يزال قائماً في فلسطين وتدُلل الدراسات على صحة فرضية أن خطة مبنى "مقام الخضر" تظهر عناقيد مُصلبة تذكر بفن العمارة الصليبي، كما توجد في المكان نفسه بعض النقوش اليونانية والتيجان الكورنثية والأعمدة الرخامية، الأمر الذي يؤكد بناء مقام الخضر فوق الدير الصليبي، فيما تقول الروايات الأخرى أن اسم المقام منسوب إلى القديس "جورجس"، وتعني هذه الكلمة "الخضر" باللغة العربية.
وأوضح وكيل مساعد وزارة السياحة والآثار محمد خلة إلى أن (مقام الخضر) المعروف سابقًا بدير القس المسيحي (هيلاريون) يُعتبر واحدًا من أهم المواقع الأثرية في قطاع غزة، التي لها عمق تاريخي مهم، ويسعون منذ مدة طويلة كما باقي المواقع الأخر، لأن يكون له مشروع داعم، من أجل ترميمه والحفاظ عليه وقال خلة : "تعرض المقام أكثر من مرة للانهيارات، بسبب الظروف الجوية، والمرور الزمني الطويل عليه، لذلك بادرت جمعية "نوى" بمدينة دير البلح بالتسوق لترميم المقام أو الدير، وكان لليونسكو السبق في دعم مشروع ترميمه، حتى يكون لهذا الدير ميزة خاصة، خصوصًا بعد انهيار أحد جدرانه مؤخرًا"، وأضاف: "تكلفة مشروع الترميم الذي يستمر العمل به ثلاثة أشهر حوالي (60ألف دولار أمريكي)"؛ مُشيرًا إلى الجمعية التي حصلت على التمويل لترميمه، بالتنسيق معنا ومع مركز رواق بالضفة الغربية، الذي ينوب عنه مركز (إيوان) بالجامعة الإسلامية، ستُقيمه مكتبة للأطفال".
ولفت خلة إلى أن المكان سيُستغل لإقامة المكتبة الثقافية لمدة خمس سنوات، مع الحفاظ على المكان كمعلم وموقع أثري هام، دون المساس بقيمته أو بمكوناته، منوهًا أن العمل الفعلي بدأ به، ويعكف القائمون على ترميم جدرانه من الداخل والخارج والقباب الثلاث التي تعتليه ومصاعده ومداخله ومخارجه، وتدعيم جدرانه وأسقفه وأعمدته، حتى يُصبح مؤهلاً وأشار إلى أنهم يتطلعون في الوزارة لأن تكون هناك مشاريع داعمة لهذه الأماكن والأثار، التي تُمثل وتُجسد العُمق التاريخي والحضاري لشعبنا الفلسطيني، مُتابعًا "هناك مواقع كثيرة جدًا في القطاع، تحتاج لمثل هذه المشاريع، مثل (تل أم عامر، وتل رفح، والكنيسة البيزنطية، والبلدة القديمة في غزة"، وكثير من الأماكن، نأمل من اليونسكو أن تكون داعمة لها" يشار إلى أن قطاع غزة مليء بالأماكن الأثرية، التي تعود لحقب زمنية مُختلفة، لكنها تشكوا من قلة الدعم للاهتمام بها، جراء الحصار الإسرائيلي، والاحتلال، الذي يحول دون وصول الجهات المعنية لها وتقديم الدعم، والمساهمة في التنقيب عن الأثار التي تتواجد أسفلها، وفي الأماكن التي كانت بها المباني والقلاع الأثرية، لعدم توفر أدوات وخُبراء تنقيب في القطاع.


أرسل تعليقك