شرع الاحتلال الإسرائيلي في تفعيل قانونه الجنائي على المعتقلين الفلسطينيين، وسط مخاوف من أن يكون ذلك بداية لضم الضفة الغربية، بعد أن تم فصل قطاع غزة والقضاء على حل الدولتين من خلال تكثيف الاستيطان في الأراضي المحتلة العام 1967.
أكدت مصادر "إسرائيلية"، الجمعة، أن القائد العسكري للضفة الغربية، الجنرال نيتسان ألون، وقَّع هذا الأسبوع أمرًا عسكريًا بسريان مفعول مبادئ القانون الجنائي "الإسرائيلي" على المعتقلين الفلسطينيين، وسط مزاعم من وزارة القضاء "الإسرائيلية" بأنه يأتي لاعتبارات الدفاع عن حقوق المعتقلين الفلسطينيين، ورغم المخاوف من أن يفسر الأمر على أنه ضم للأراضي الفلسطينية.
كما أن تعديل القانون لا يأخذ في الحسبان القوانين المحلية الفلسطينية ولا المصطلحات القضائية الخاصة بالسلطة الفلسطينية.
يذكر أنه منذ احتلال الضفة الغربية وقطاع غزة، كانت تجرى محاكمة الفلسطينيين في المحاكم العسكرية بموجب "التشريعات الأمنية"، والتي هي عبارة عن خليط مركب من أنظمة الطوارئ والقانون الجنائي الأردني وأوامر عسكرية من قيادة الجيش "الإسرائيلي".
وبحسب صحيفة "هآرتس" "الإسرائيلية"، فإن النيابة العسكرية سعت إلى تنظيم القوانين التي تسري في الضفة الغربية، وبدأ العمل منذ 10 سنوات على الإعداد لسريان مفعول القانون الجنائي "الإسرائيلي" على الفلسطينيين.
وحتى بدء سريان القانون الجنائي "الإسرائيلي"، في الأول من حزيران/ يونيو، ستتواصل محاكمة الفلسطينيين بموجب القوانين القائمة في المحاكم العسكرية.
وبحسب الصحيفة، فإن أهمية الأمر الجديد في الأساس اعتبارية، إذ أنه على أرض الواقع فإن جوانب من التعديلات قد جرى تبنيها في السابق في قرارات القضاة في المحاكم، ولكن ظل الفرق قائمًا بين "إسرائيل" وبين الأراضي المحتلة بكل ما يتصل بتعريف المخالفات وأنظمة الاعتقال والعقوبات، وهي في غير صالح المعتقلين الفلسطينيين في أغلبها.
وادّعت وزارة القضاء "الإسرائيلية" أنه كانت هناك مخاوف من اعتبار الخطوة على أنها ضم للأراضي الفلسطينية، كما زعمت أن اعتبارات الدفاع عن حقوق المتهمين هي التي رجحت الكفة.
جاء أن المستفيد من ذلك المتهمون بـ"ارتكاب جرائم ذات صلة"، مثل تقديم المساعدة لمخالفة جنائية إذ سيخفض الحكم إلى النصف.
علمًا بأنه تمت إضافة تحفظات على ذلك، بناء على طلب الشاباك إلغاء البند الذي يخفض نصف العقوبة.
كما أجري تعديل مركزي لم يكن قائمًا وهو تعديل قانون درومي من العام 2008"، والذي يعفي أي شخص من المسؤولية الجنائية إذا كان يسعى بشكل فوري لإبعاد من يقتحم أو يدخل بيتًا سكنيًا أو مصلحة أو مزرعة، سواء كانت له أم لغيره، وهو ما اعتبر على أنه سيسمح للفلسطينيين بصد هجمات المستوطنين على بيوتهم دون تحمل أيّة تبعات جنائية.
تجدر الإشارة إلى أن جنرالات قيادة المركز في الجيش "الإسرائيلي" أصدروا خلال سنوات نحو 1751 أمرًا عسكريًا بشأن فرض القانون في الأراضي الفلسطينية، وبعضها يتصل بمخالفات مختلفة وعقوبات مشتملة في القانون.
كما لفتت الصحيفة إلى أنه في العام 1994، وبمبادرة البروفيسور مردخاي كرمينتسر، سنّ في "إسرائيل" "تعديل 39 لقانون العقوبات"، والذي يعرف مجددًا أسس المخالفة، من بينها التفكير الجنائي، والأساس النفسي، والإهمال، وتعريف مصطلح "محاولة لارتكاب مخالفة"، وتعريف أدوار المنفذ والمساعد، وإعفاءات لقاصرين دون سن 12 عامًا من المسؤولية الجنائية، وعدم الصلاحية للمحاكمة، وفقدان السيطرة، والدفاع الذي تقتضية الحاجة أو الضرورة أو الدفاع المبرر وغيرها.
وعلم أن الإعداد لبدء سريان القانون الجنائي "الإسرائيلي" قد استمر 10 سنوات، وأن العامل الرئيسي في التأخير معارضة الشاباك، إذ تمحور الجدال أساسًا حول الإعفاء نتيجة التعبير عن الأسف من قِبل المعتقل، وكذلك التعريفات المختلفة لمن يدفع باتجاه ارتكاب مخالفة، ومن يساعد في ارتكابها.
ويدعي الشاباك أن "هذه التعريفات لا تناسب طبيعة الخلايا المتطرفة في الأراضي الفلسطينية".
كما جاء أنه في أعقاب مداولات في وزارة القضاء، تراجع الشاباك عن معارضته. ووقع الجنرال ألون نيتسان الأمر الثلاثاء الماضي.
ونقلت "هآرتس" عن المحامية سمدار بن ناتان، التي تبحث في القانون العسكري، قولها إن لهذه الخطوة تأثيرًا إيجابيًا في تعريفات واضحة جدًا، ولكن على نطاق أوسع هناك مشكلة في أن هذا التعديل ليس في متناول يد المحامين الفلسطينيين والمتهمين الفلسطينيين، الأمر الذي سيجلب معه سوابق ومصطلحات غريبة عنهم.
وأضافت أن التعديل يواصل عملية تفعيل قانون أجنبي على الأراضي الفلسطينية بطريقة لا تأخذ بعين الاعتبار إمكانية استخدام القانون الفلسطيني المحلي ومصطلحات السلطة الفلسطينية.
أرسل تعليقك