قتل شخص بعيد منتصف ليل الخميس الجمعة في قصف بقذائف الهاون على غرب مدينة كربلاء، فيما يستعد ملايين الزوار الشيعة في المدينة لاحياء أربعين الامام الحسين السبت، للمرة الاولى منذ سيطرة تنظيم "الدولة الاسلامية" على مناطق واسعة في العراق قبل اشهر.
واتخذت السلطات العراقية اجراءات امنية مشددة لتوفير الحماية لاكثر من 17 مليون زائر افترشوا ساحات المدينة المقدسة عند الشيعة وطرقها، لاحياء الذكرى التي تتوج اربعين يوما من الحداد بعد عاشوراء.
وقال ضابط برتبة عقيد في الشرطة لوكالة فرانس برس "قتل شخص وجرح اربعة آخرون في سقوط تسع قذائف هاون قرابة الساعة 00,30 (21,30 ليل الخميس) في المنطقة الغربية من مدينة كربلاء"، في منطقة تعرف باسم البصرة، على بعد نحو سبعة كلم من وسط كربلاء حيث مرقد الامام الحسين واخيه الامام العباس.
واوضح المصدر ان الضحايا هم من سكان كربلاء وليسوا من الزوار.
وفي حين لم تتبن الهجوم اي جهة، اتهم مشاركون في الشعائر الحسينية تنظيم "الدولة الاسلامية" بذلك.
ويعتبر هذا التنظيم المتطرف الشيعة بمثابة "رافضة"، وتوعد اثر سيطرته على مناطق في شمال العراق وغربه في حزيران/يونيو، بمواصلة "الزحف" تجاه بغداد وكربلاء.
وقال كاظم حسين (25 عاما)، القادم من محافظة الناصرية (جنوب) لفرانس برس تعليقا على سقوط القذائف "حتى وان امطرت الدنيا دواعش (في اشارة الى عناصر التنظيم الذي يعرف اختصارا باسم +داعش+)، لن نتوقف عن زيارة الامام الحسين لانه طريق التضحية والشهادة".
واحتشد الملايين في ساحات كربلاء، بعدما غصت الفنادق والحسينيات بالوافدين. وفتح سكان المدينة ابواب منازلهم لاستضافة الزوار. كما انشأ مجلس المحافظة مخيمات موقتة على اطراف كربلاء لايوائهم.
وسار مئات الآلاف في مسيرات الجمعة في محيط مرقد الامام الحسين واخيه الامام العباس وقد اتشحوا بالسواد ورفعوا رايات سوداء او حمراء او خضراء تحمل صور الامامين، ورددوا شعار "لبيك يا حسين".
كما غصت الطرق الرئيسية التي تربط مدينة كربلاء بالمحافظات بالزوار.
وكان وزير الدفاع العراقي خالد العبيدي اعلن خلال زيارته كربلاء الخميس ان عدد الزوار بلغ نحو 17,5 مليونا، بينهم اربعة ملايين ونصف مليون من ستين جنسية عربية واجنبية.
وقال محافظ كربلاء عقيل الطريحي ان زيارة هذه السنة هي "الاكبر"، وهي "استثنائية كون الزائرين اعتبروها تحديا لعصابات داعش الارهابية".
واليوم، دعا الشيخ عبد المهدي الكربلائي، ممثل المرجع الشيعي الاعلى السيد علي السيستاني، الى "توجيه الاهتمام اكثر من ذي قبل الى داخل المدينة المقدسة حيث لم تعد تستوعب بامكاناتها الحالية هذه الاعداد الهائلة من الزائرين".
وطالب الحكومة في خطبة الجمعة بوضع "خطط شاملة تعتمد المعايير العلمية، بعيداً عن الفوضوية والارتجال، لاستيعاب الزيادة المطردة في أعداد الزائرين خصوصاً من خارج العراق".
ويشكل الايرانيون النسبة الاكبر من الزوار الاجانب، اذ اعلنت السلطات العراقية قبل ايام ان عددهم تجاوز المليون شخص.
واليوم، قتل ثلاثة اشخاص بينهم طفل، بسبب تدافع عند معبر حدودي بين ايران والعراق.
وقال النقيب محمد السراي من شرطة محافظة واسط الحدودية ان رجل وامرأة افغانيين في العقد السابع من العمر، وطفل ايراني في الخامسة من عمره، قتلوا جراء تدافع عند معبر بدرة.
واكد مسؤول منظمة الهلال الاحمر العراقي في محافظة واسط حيدر الجاري حصيلة الضحايا.
وتترافق الزيارة مع اجراءات امنية مشددة تتخذها السلطات على مداخل كربلاء والطرق المؤدية اليها، وفي داخل بغداد حيث تم قطع طرق عدة.
وغالبا ما تعرض الشيعة خلال احياء مناسباتهم الدينية لتفجيرات وهجمات ادت الى مقتل العشرات. الا انه لم تسجل اعتداءات تذكر هذه السنة خلال عاشوراء التي تجسد ذكرى مقتل الامام الحسين وعدد من افراد عائلته على يد جيش الخليفة الاموي يزيد بن معاوية في العام 680.
وفي وقت سابق هذا الاسبوع، قتل ثلاثة اشخاص وجرح اربعة اثر تفجير عبوة ناسفة في شمال بغداد، قرب واحدة من آلاف الخيم التي اقيمت لتقديم الطعام والشراب للزوار الذين ينتقلون سيرا الى كربلاء.
وتحل الذكرى بعد اسابيع من استعادة القوات العراقية، مدعومة بعناصر من "الحشد الشعبي"، السيطرة على منطقة جرف الصخر جنوب بغداد، على مقربة من الطريق بين العاصمة وكربلاء. وكان يمكن لتواجد عناصر "الدولة الاسلامية" في جرف الصخر ان يشكل تهديدا مباشرا للزوار.
وقال وزير الاتصالات حسن الراشد خلال زيارته هذه المنطقة الاربعاء، ان "الانتصارات التي تحققت في جرف الصخر كان لها اثر كبير على المسيرة المليونية ضمن هذه المنطقة".
وينتشر حاليا في هذه المنطقة ذات الطبيعة الزراعية والتي تمتد على مساحة واسعة بين بغداد وكربلاء والانبار (غرب)، مقاتلون من "الحشد الشعبي" المؤلف من مجموعات شيعية تقاتل الى جانب القوات الحكومية، بينها "منظمة بدر" و"عصائب اهل الحق" و"كتائب حزب الله".
واوضح الراشد، وهو احد قادة "منظمة بدر"، ان "اليوم كل محيط كربلاء اصبح آمنا نتيجة هذه الجهود ودماء الشهداء والتضحيات ومشاركة حقيقية لجهد الحشد الشعبي والقوات الامنية".
وتخوض القوات العراقية والمسلحون الموالون لها، معارك شرسة لاستعادة المناطق التي يسيطر عليها التنظيم، مدعومة بغارات جوية لتحالف دولي تقوده واشنطن.
وحققت القوات بعض التقدم في الفترة الماضية لا سيما جنوب بغداد وفي محافظة صلاح الدين، الا ان التنظيم لا زال يحتفظ بمناطق واسعة، ووسع سيطرته في محافظة الانبار الحدودية مع سوريا والاردن والسعودية.
أ ف ب
أرسل تعليقك