واجادوجو ـ فلسطين اليوم
منذ سقوط الرئيس بليز كومباوري وعائلته، بدأت بوركينا فاسو تتنفس الصعداء معلنة رغبتها في الانتقام حيث تركز الحشود الهائلة من سكان واجادودو على كل ما يخص عائلة كومباوري رغم أن كثيرين من كبار أعوانه لم يبرحوا العاصمة بعد.
وأوضح ساليف ديالو، المعارض لنظام كومباروي بعد أن كان من المقربين إليه لفترة طويلة، "إن تصفية الخصوم السياسيين لن تجدى نفعا".
إلا أن حلم الانتقال السلمي للسلطة بعيد المنال، إذ لا يتقبل بعض الساسة ولاسيما الفاعلون منهم على ساحة المجتمع المدني استيلاء الجيش على السلطة بقيادة اللفتنانت كولونيل (المقدم) اسحق زيدا.. ويعرب سيديكي ديرميه منسق جمعيات المجتمع المدني في بوركينا فاسو عن امتعاضه قائلا "يمثل زيدا نظام كومباوري ولكن دون كومباوري ذاته".
وتصطف طوابير طويلة من الدراجات البخارية أمام الفيلا التى كان يقطنها فرنسوا كومباوري شقيق رئيس بوركينا فاسو المخلوع بليز كومباوري بينما يسارع الصبية لمساعدة قائدي السيارات في إيجاد مكان للانتظار، ويلاحظ زحام شديد أمام بوابة الفيلا التي باتت قبلة الجميع في العاصمة واجادوجو.
وعلى مدى أربعة أيام منذ هروب فرنسوا كومباوري إلى كوت ديفوار، أضحى هذا المبنى الضخم الذي تزدان أرضيته باللون الأخضر فريسة لأعمال النهب والسلب حتى أن النوافذ ومفاتيح الكهرباء لم تسلم من السرقة. بيد أن سكان العاصمة لا يتوقفون عن التوافد على الفيلا حاملين معهم قوالب أسمنتية جديدة رمزا للحرية مثلما فعل الألمان عند سقوط جدار برلين في خريف عام 1989.
وقالت سيدة في صوت واهن "رأيتم هذا الترف..هناك ست حمامات"، فيما أبدى رجل سخطه الشديد عندما رأى حمام السباحة بالدور الأول قائلا "كل هذا من أموالنا"، ويبيع صبية أمام باب الفيلا نسخ من وثائق سرقت من منزل فرنسوا كومباوري والتى من شأنها أن تثبت فساده، ومن بينها خطابات وكشوف حساب مصرفية ومحاضر تنصت على مكالمات هاتفية، ويبدو أن شقيق الرئيس المخلوع يجسد كافة الانحرافات داخل نظام موصوم بالخزى، إذ لا حصر للقصص التي تروى حول اختلاس الأموال والرشاوي التي يتقاضها بغض النظر عما إذا كانت جميعها غير صحيحة.
وحتى هذه اللحظة لم يعطى اللفتنانت كولونيل اسحق زيدا وجيشه سوي القليل من الإشارات على نيته التخلي عن السلطة، على الأقل فى القريب العاجل، لكنه قدم بعض التنازلات، بصفته رئيسا انتقاليا للبلاد، مبديا استعداده لعملية "انتقال دستوري" للسلطة.
ويؤكد دبلوماسي أوروبي "يبقى أن نعرف المغزى من ذلك الكلام"، غير أن أوجستان لوادا، مدير مركز الحوكمة الديمقراطية في بوركينا فاسو، يرى أن تصريحات زيدا ذات مغزى.. قائلا "أدرك العسكريون أن الانتقال لا يمكن أن يكون سوى مدنيا وأنه يجب عليهم الرحيل" عن السلطة.
وفضلا عن الضغوط التي يمارسها الشارع في بوركينا فاسو، يخشى ضباط الجيش من رد فعل المجتمع الدولي واحتمالات فرض العقوبات على البلاد. فقد أبدت الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا صراحة رفضهما لهذا الانقلاب المستتر، كما منح الاتحاد الإفريقى العسكريين فى بوركينا فاسو مهلة 15 يوما للعودة إلى ثكناتهم وإلا تعرضت البلاد إلى عقوبات، وفى هذا الصدد يقول بينيونديه سانكارا، أحد قادة المعارضة، "ليس بوسع بلدنا تحمل شئ اسمه العقوبات".
ويبقى معرفة كيفية حث الجيش على التخلي عن السلطة وأى نظام سيحل محله، فقد حذر سيمون كومباوري عمدة واجادوجو السابق من مغبة التقليل من شأن الجيش، إذ يرى أن الفوضى ستعم البلاد من جديد في ظل غيابه عن الساحة.
غير أن قادة المعارضة في بوركينا فاسو، الذين ترددوا كثيرا في مطالبة العسكريين بالرحيل عن السلطة، طالبوا مؤخرا فى بيان لهم أن تكون الفترة الانتقالية "ديمقراطية ومدنية"، معبرين في الوقت ذاته عن "تقديرهم العظيم للجيش"، ولكن هذا المطلب لن يحل المشاكل كلها نظرا لأن المعارضة المنقسمة على ذاتها لم تفلح حتى الآن فى تقديم مرشح خلفا لللفتنانت كولونيل اسحق زيدا.
وتهدد الدول العظمى بفرض عقوبات على هذا البلد الإفريقي ما لم يضمن العسكريون انتقالا ديمقراطيا للسلطة.
أ ش أ
أرسل تعليقك