الذكاء الاصطناعي يُهدد مستقبل الجامعات الكبرى في العالم
palestinetoday palestinetoday palestinetoday
palestinetoday
Al Rimial Street-Aljawhara Tower-6th Floor-Gaza-Palestine
palestine, palestine, palestine
آخر تحديث GMT 08:54:07
 فلسطين اليوم -

"كورونا" يُعجل بتنفيذ مشاريع ظلّت رهينة التنفيذ المستقبلي

"الذكاء الاصطناعي" يُهدد مستقبل الجامعات الكبرى في العالم

 فلسطين اليوم -

 فلسطين اليوم - "الذكاء الاصطناعي" يُهدد مستقبل الجامعات الكبرى في العالم

جامعة أكسفورد
لندن - فلسطين اليوم

ليست مفاعيل الجائحة الكورونية كلها موتاً ودماراً وخراباً وصوراً كئيبة؛ بل إن لها بعض الجوانب الإيجابية المحمودة، ومن أهمّ تلك الإيجابيات التسريع بتنفيذ بعض المشروعات التي ظلّت رهينة التنفيذ المستقبلي بسبب نقص الجرأة والدافعية لتنفيذها. ستشهد السنوات القليلة المقبلة الخطوات الأولى لولوج حقبة الأنسنة الانتقالية التي ستأذن بنهاية عصر الأنثروبوسين Anthropocene (وهو عصر صارت فيه السلوكيات البشرية ذات مفاعيل - إيجابية وسلبية - مؤثرة في الطبيعة) ومقدم عصر النوفاسين Novacene (وهو عصر الذكاء الفائق الذي سيغدو فيه الإنسان البيولوجي مدعماً بالوسائط الميكانيكية والإلكترونية، وفقاً لتعريف عالم المستقبليات الأميركي جيمس لفلوك James Lovelock).

يبدو جلياً من طبيعة التغيرات الجذرية التي طالت حياتنا خلال الأشهر القليلة الماضية أن التغيير الجذري الذي سيطرأ على التعليم ما قبل الجامعي، والجامعي، في السنوات القليلة المقبلة هو المَعْلَم الأعظم الذي سيسود حياتنا في عصر ما بعد الجائحة الكورونية، وسيمثّلُ هذا التغيير قاطرة تجرّ وراءها سلسلة ممتدة من التطويرات الثورية على كل الأصعدة، وبخاصة في ميدان مغادرة المرجعية القائمة على نمط الثنائية الأزلية (المعلّم - المتعلّم) لصالح منظومات تعليمية يكون فيها المتعلّم مرجعية لذاته، يعرف متطلباته وكيفية التعامل معها بطريقة كفؤة تختصر كثيراً من الوقت والجهد والمال والموارد البشرية.

تتباين الصورة المستقبلية التي قد يخلص إليها القارئ بعد إكماله قراءة الكتاب المهمّ «ضدّ الرّوْبَتة... التعليم العالي في عصر الذكاء الاصطناعي Robot - Proof: Higher Education in the Age of Artificial Intelligence» الصادر عن معهد ماساتشوستس التقني MIT عام 2018. ومعروفٌ أن هذا المعهد يعدّ المطبخ التقني الأكثر شهرة في العالم، والذي تُطبَخ فيه التقنيات الثورية منذ بواكير تطويرها حتى دخولها طور الاستخدام التجاري واسع النطاق. يتخذُ التباين في الصورة المستقبلية واحداً من احتمالين اثنين؛ صورة ديستوبية قاتمة، أقرب إلى روايات الخيال العلمي، يغدو فيها الذكاء الاصطناعي الفائق متجسّداً في كائنات فرانكشتاينية ستحقّق السيادة على الكائنات البشرية، ويميل معظم الناس لاعتماد هذه الصورة الديستوبية بسبب ميلٍ متأصّل في السيكولوجيا البشرية، يقرن الانعطافات التقنية الثورية بمشاهد من الرؤيا القيامية ونهاية العالم؛ في حين أن الصورة الثانية هي مقاربة هادئة تعتمد الدراسات البحثية التي لا تنفكّ تجريها مراكز الفكر والتقنية ذات السمعة العالمية المشهودة؛ وعليه ليس أفضل من الارتكان إلى منشورات الـMIT التي تُعدّ وثائق مهمة في دراسة مستقبل العلم والتقنية والجنس البشري.

ليست برامج التعليم الإلكتروني بجديدة، بعد أن أصبحت البرامج التعليمية الرقمية المجانية في السنوات الأخيرة معْلَماً أساسياً من معالم التعليم في عصرنا الحديث؛ فثمة برامج مهمة أذكر منها برنامجين مميزين، هما الأكثر فرادة بين برامج التعليم الرقمي من حيث مفردات البرامج والمنصات التفاعلية والجهات الأكاديمية التي تدير هذه البرامج، البرنامج الأول هو «Edx» الذي يديره معهد ماساتشوستس التقني «MIT» وجامعة هارفارد، والبرنامج الثاني «Coursera» الذي تديره جامعة ستانفورد إلى جانب جامعات عالمية مشهود لها بالرصانة العلمية. تُنشر بين حين وآخر تقارير إحصائية لبيان أعداد المستفيدين من هذه البرامج التعليمية، ويُلاحظ أن الصينيين والهنود وبعض أبناء جنوب شرقي آسيا يأتون في طليعة المستفيدين من هذه البرامج الدراسية وبخاصة في موضوعات الرياضيات والفيزياء والبرمجة الحاسوبية ولغات البرمجة وتعلّم اللغات الأجنبية «وبخاصة الإنجليزية»؛ الأمر الذي يكشف أن هؤلاء يعدّون العدّة منذ وقت مبكر في حياتهم لترسيم صورة المستقبل الذي يريدونه لأنفسهم وبخطوات محسوبة بدقة ووعي، وفي العادة يرى هؤلاء في تلك البرامج الدراسية كنزاً ثميناً تنبغي الاستفادة منه إلى أبعد الحدود الممكنة، وليس غريباً أن نقرأ بصورة دورية عن شباب آسيويين يافعين في حدود العاشرة من أعمارهم، أو أكثر بقليل، وقد أكملوا برامج دراسية علمية وتقنية تكفي للحصول على درجة البكالوريوس بتفوق «وربما حتى الماجستير في أحيان أخرى».

تتمحور فلسفة التعليم الإلكتروني على جملة من الخصائص الجوهرية يبدو أن أهمها هي اثنتان؛ الأولى هي كونه تعليماً قائماً على المهارات skills based education التي يمتلكها المرء، وليس أفضل منه من يمكن أن يطوّرها في مسالكها المرغوبة، وبخاصة في عصرنا هذا الذي صار متخماً بالتشبيك المعرفي إلى مدى باتت الجامعات التقليدية عاجزة عن التعامل معه أو الإيفاء بمتطلباته. يكتب دانييل دينيت (الفيلسوف المحبّب والمقرّب من طائفة العلماء المرموقين) العبارة التالية في إحدى مداخلاته المهمّة: «المثابة البارزة التي صارت خصيصة مميزة للنجاحات الراهنة التي حققتها حضارتنا في العقود القليلة الماضية إنما تعود في جوهرها إلى طبيعة التشبيك المعرفي والتداخل المفاهيمي بين المساعي العلمية الحديثة».
وعليه لا مسوّغ للتفكير كثيراً في مصداقية التعليم الإلكتروني والخوف من حالات الغش والتدليس فيه. المرء في نهاية الأمر لا يسعى لشهادة تكون بمثابة صكّ مرور له لعالم العمل، بقدر ما يسعى لتطوير إمكاناته المعرفية ومهاراته المتفردة. «أرني مهاراتك قبل شهاداتك» هو عنوان العصر المقبل.

أما الخصيصة الثانية فهي تفتّت المرجعيات الحاكمة، وانزواء المركزيات الفكرية، وتراجع النخبويات الموروثة أو غير القائمة على فرادة المهارات البشرية والإمكانات العقلية. لن تكون لدينا بعد اليوم مرجعيات فكرية ذات سطوة متغوّلة، في الجامعات العربية بخاصة، ممّن يتحصّنون في قلاعهم الجامعية ويتخذونها ملاذاً مجانياً لبناء أمجاد موهومة لهم. سيكون قطاع التعليم الجامعي مصداقاً مختبرياً لهذه الحقائق حيث سنشهد منذ الآن انعطافات ثورية في حقل التعليم «العلوم والإنسانيات بخاصة، ومن ثمّ الطب والتخصصات المهنية الدقيقة»، وستتعاظم مفاعيل هذه الانعطافات التعليمية بعد تحسين عمل شبكة الإنترنت واسع النطاق (شبكات الجيل الخامس G5) وجعلها قادرة على تزويدنا بمصادر مفتوحة للمعلومات لن يكون معها المتعلم بحاجة إلى مرجعية أستاذية على النحو السائد في وقتنا الحاضر، ومن أجل هذا يعمل المطوّرون على جعل خدمة الإنترنت مجانية في السنوات المقبلة. أما التعليم التقني فستتكفل به الشركات التقنية العملاقة لأنها أدرى بمتطلباتها، وهي أفضل من الجامعات في هذا الشأن.

ليس أمراً يسيراً على القلب أن نقبل بأن تصبح جامعات كبرى مثل جامعة أكسفورد (أقدم جامعة عالمية معروفة تأسّست عام 1096) وجامعة كمبردج (تأسّست عام 1209) أقرب لكافيهات معرفية مزوّدة للمعرفة الإلكترونية، ويزورها المرء مثلما يزور المتاحف العلمية لكي يستمتع بفنجان قهوة وهو يتطلّع إلى مقعد السير إسحاق نيوتن أو يدقق في مخطوطة كتبها أحد كبار العلماء. هذا أمر لا يمكن قبوله بسهولة، وقد يكون شاقاً على النفس وبخاصة أن الجامعات صارت واحدة من الرموز القومية المهمة لكلّ دولة في العالم؛ لكن هذا هو بعض مميزات عصر الذكاء الاصطناعي الفائق القادم (عصر النوفاسين)، ولن يكون في وسعنا صدّه أو السباحة عكس تياره الجارف بقدر ما يتوجّب علينا تعظيم فوائده المتوقعة، والتحسّب كذلك لبعض سلبياته التي هي في نهاية الأمر سلبيات تترافق مع كل انعطافه تقنية غير تقليدية.
لن يتبقى لنا سوى التأسّي بشيء من بقايا نوستالجيا عصر يوشك على الأفول، بعد أن لاحت في الأفق تباشير عصر جديد لا نعرف أين ستقودنا مآلاته التي تعِد بكثير من المفاجآت الطيبة، ونأمل أن يكون نصيبنا من المفاجآت السيئة في أقل النطاقات الممكنة.

قد يهمك أيضـــــــًا : 

   مُسن في الـ 81 من العمر يُحقق وعده لأمه باستكمال دراسته ويتخرج

  أكرم شهيب يترأس مجلس التعليم العالي ويتخذ قرارات ضد مؤسسات مخالفة

palestinetoday
palestinetoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الذكاء الاصطناعي يُهدد مستقبل الجامعات الكبرى في العالم الذكاء الاصطناعي يُهدد مستقبل الجامعات الكبرى في العالم



أفكار تنسيقات العيد مع الأحذية والحقائب مستوحاة من النجمات

القاهرة ـ فلسطين اليوم
مع اقتراب العيد، تبدأ رحلتنا في اختيار الإطلالة المثالية التي تجمع بين الأناقة والأنوثة، وتعد الأكسسوارات من أهم التفاصيل التي تصنع فرقاً كبيراً في الإطلالة، وخاصةً الحقيبة والحذاء، فهما لا يكملان اللوك فحسب، بل يعكسان ذوقك وشخصيتك أيضاً، ويمكن أن يساعدا في تغيير اللوك بالكامل، وإضافة لمسة حيوية للأزياء الناعمة، ولأن النجمات يعتبرن مصدر إلهام لأحدث صيحات الموضة، جمعنا لكِ إطلالات مميزة لهن، يمكنكِ استلهام أفكار تنسيقات العيد منها، سواء في الإطلالات النهارية اليومية، أو حتى المساء والمناسبات. تنسيق الأكسسوارات مع فستان أصفر على طريقة نسرين طافش مع حلول موسم الصيف، تبدأ نسرين طافش في اعتماد الإطلالات المفعمة بالحيوية، حيث تختار فساتين ذات ألوان مشرقة وجذابة تتناسب مع أجواء هذا الموسم، وفي واحدة من أحدث إطلالاتها، اختا...المزيد

GMT 01:45 2020 الأربعاء ,08 تموز / يوليو

يبدأ الشهر مع تلقيك خبراً جيداً يفرحك كثيراً

GMT 01:28 2025 الإثنين ,02 حزيران / يونيو

حظك اليوم برج السرطان الإثنين 02 يونيو / حزيران 2025

GMT 09:58 2017 الجمعة ,13 كانون الثاني / يناير

صيني عاشق للسيارات يطرح أصغر كرفان متحرك في العالم

GMT 08:48 2020 الخميس ,10 كانون الأول / ديسمبر

فهد أسود يلهو على الثلج رفقة كلب بشكل مثير في روسيا

GMT 08:51 2016 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

رئيس جامعة غزة يستقبل وفدًا من نادي "الزيتون"

GMT 12:44 2021 الإثنين ,04 كانون الثاني / يناير

4 قطع أثاث يتمنى خبراء الديكور اختفائها قريبًا

GMT 11:05 2018 الثلاثاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

يوفنتوس الإيطالي يسعي للتعاقد مع لاعب ريال مدريد إيسكو

GMT 02:12 2016 الخميس ,15 كانون الأول / ديسمبر

وليد توفيق يوضح أن قصة حياته مكتوبة على الورق

GMT 17:11 2014 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

"يونغ" تبدأ في بيع سيارتها الجديدة في كانون الثاني

GMT 05:54 2015 الثلاثاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

سترة راكبي الدراجات النارية تعود إلى أضواء الموضة العالمية

GMT 09:32 2020 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

مادلين طبر تؤكد أن عدم الإنجاب هي أكبر غلطة في حياتها
 فلسطين اليوم -
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday