مهرجان في شارع المعز لدين الله الفاطمى

فى وقت باتت المنطقة العربية تعج بأخبار القتل والدمار، أصبح الحديث عن السلام ضربا من الجنون، وبعد أن امتلأت نشرات الأخبار بصور الجثث والضحايا، أضحى الجميع متشوقا لرؤية منظر يكسر سوداوية المشهد، لاحقت صور القرى السياحية الخاوية على عروشها الناس فى أماكن نومهم عبر مواقع التواصل الاجتماعى، فباتوا متلهفين لرؤية بصيص نور فى نهاية النفق. 

فى شارع المعز لدين الله الفاطمى كان المشهد مختلفا، مواكب من أكثر من ٢٠ دولة حول العالم، كل منها يرتدى زيه الفولكلورى الخاص به ويعزف مقطوعاته المميزة، ترقص الأجساد وتقرع الطبول فى مختلف أنحاء العالم مكونة رسالة واحدة تردد صداها فى سماء القاهرة، هى رسالة للسلام العالمى تبنتها الدورة الرابعة للمهرجان الدولى للطبول والفنون التراثية المقامة بالقاهرة تحت رعاية صندوق التنمية الثقافية التابع لوزارة الثقافة. 

منذ أربع سنوات كانت النسخة الأولى من المهرجان، حينما أتت وفود من أكثر من ٢٠ دولة بدعوة من انتصار عبد الفتاح، رئيس ومؤسس المهرجان، لتصنع من الإيقاعات نداء للسلام، بدأت الفكرة منذ عام ١٩٩٠ عندما بدأ «عبدالفتاح» «الغوص فى أعماق شخصية مصر التراثية بحثا فى حواريها وشوارعها عن تفردها وعبقرتيها من خلال الفنون التراثية» حسب قوله، فقدم عدة دراسات فى مجلة الفنون الشعبية، وتطور الأمر إلى إقامة ورش فنية فى مصر وعدد من الدول، وتأسيس فرقة الطبول النوبية والآلات الشعبية، وبعد سنوات اتسعت رؤيته ليصل لاستنتاج أن الشخصية المصرية تتضح وتبرز أكثر عندما تتلاقى مع ثقافات العالم المختلفة، لتبدأ رحلة الحوار عبر الأزمنة والأمكنة بنجاح الورش المختلفة وإقامة المهرجان.

الآلاف من المتفرجين يأتون من كل ربوع مصر ليستمعوا إلى دقات الطبول ويشاهدوا تلاقى ثقافات العالم والتحامها، لتعزف معاً مقطوعة السلام، فى النسخة الأولى من المهرجان وصل عدد المتفرجين إلى خمسة آلاف.