السكك الحديد المحلية

تسعى لبنان لإعادة بناء وتطوير شبكة سكك حديد قوية، تضم قطارات عالية السرعة ذات المسار المزدوج تمر عبر أنفاق تشق طريقها في الجبال اللبنانية فوق بيروت، فضلًا عن السكك الحديد المحلية التي ستخدم المدن سورية الجديدة في سهل البقاع بين سلسلتي جبال لبنان الشرقية والغربية، من دون المساس بالمعابد الرومانية في بعلبك.

وعلى الرغم من أنّ الحرب السورية تلقي بظلالها على دول الجوار وخصوصًا لبنان بفضل موقعها الإستراتيجي؛ لكن ذلك يمنع لبنان عن خطط التطوير

كما تعمل لبنان على ربط هذه الشبكة الضخمة السكك الحديد، بشبكة السكك الكبيرة التي سيتم تشغيلها من الخليج إلى أوروبا عبر العراق الجديدة وسورية الجديدة، فضلًا عن أن خطوط الأنابيب ستمر إلى جانب مسارات القطارات.

ويمكن أنّ يعيق هذا الحلم؛ اختناقات المرور والازدحام الذي تعاني منها بيروت، التي تعتبر الأضخم في منطقة الشرق الأوسط، فلم لا تخطط لبنان لإنشاء سكك حديد كهربائية تربط بين مدينة طرابلس في شمال لبنان ومدينة صور في أقصى الجنوب؟ مع وجود محطة وسط بيروت تم بناؤها بالفعل، من الفرنسيين بعد الحرب الأهلية في لبنان التي استمرت مابين 1975 حتى 1990.

وتشتهر لبنان بالآثار الرومانية والقلاع الصليبية والثلوج والشواطئ؛ لكن يحكمها نظام حكومي ميؤوس منه، يعيق لبنان عن تعيق حلمها، ولكنها على الأقل يمكن أن يكون لديها قطارات.

وتقدم قاعة قصر "اليونيسكو" معرضًا يتعلق بتراث السكك الحديد في بيروت، وفيلمًا وثائقيًا للقطارات البخارية الأولى التي كانت تمر عبر الجبال اللبنانية إلى دمشق منذ حوالي 120 عام، كما ستتردد أصداء البواخر الفرنسية 0-8-0 والقطارات السويسرية التي تشق طريقها إلى طرابلس وحمص خلال المرتفعات التي تغطيها الثلوج في ممر ضهر البيدر الجبلي، إلى منطقة البقاع وسورية.

وحضر الحدث ما يصل إلى 800 منظمة غير حكومية ناشئة، وموظفي الخدمة المدنية الذين يشيدون بإعادة بناء شبكة جديدة من السكك الحديدية اللبنانية؛ ولكن المؤسف أنه لا وجود لهذه الشبكة القوية على أرض الواقع حتى الآن، إلا أن كل مصور، وكل المخرج ومراسل يذهبون إلى الأماكن في لبنان حيث يجدون إرثاً عظيمًا من تاريخ شبكة السكك الحديد في لبنان مثل: المحركات الصدئة والعربات المكسورة و البقايا الحجرية لمحطات السكك الحديدية الفرنسية التي لا تزال متناثرة في لبنان.

كما أنّ هناك كتب كثيرة تتحدث عن تراث السكك الحديد في البلاد، بدءً من مقطورات "فينترتور" السويسرية التي قدمها العثمانيون إلى لبنان في عام 1895 لتمر عبر جبالها، إلى المحركات الفرنسية الكبيرة "سيل" التي لا تزال بقاياها متناثرة في ساحة حشد السكك الحديد القديمة في طرابلس، ولا يزال نفطها يقطر حتى يومنا هذا على المسارات القديمة التي تضم الشجيرات والزهور الوردية التي تسير فيها سيارات الأجرة والسائقين.

وأشاد الحضور بالحدث المنظم في "اليونسكو"، وبالفيلم الوثائقي لمخرجته زينة حداد، كما أثنى دبلوماسي ألماني على الخلفية الدولية للسكك الحديد، وأعلن بفخر أنّ القطار العملاق القديم "جي-8-لوكو"، الظاهر في الملصقات المصاحبة للمعرض تم تصنيعها في ألمانيا؛ ولكنه تجنب ذكر أنّ هذه المحركات معينة كانت تعويضات الحرب العالمية الأولى 1919 التي سلمتها ألمانيا إلى فرنسا بعد أن وضعت الحرب العالمية الأولى أوزارها، ثم تم شحنها من المنتصرين الفرنسيين إلى الأراضي اللبنانية التي كانت محتلة في ذلك الوقت.

وأبرز أستاذ العلوم السياسية النمساوية في جامعة "نوتردام" في لبنان، والمهندس يوغين سينسينج الدبوس، لجمهور "اليونسكو" الحاضر، أن السكك الحديد تعتبر قضية إقليمية ودولية، لأن تطوير البنية التحتية؛ أحد عوامل تطوير مستقبل الشرق الأوسط.

 

وأشارا إلى أنّه من الواضح أنّ الغالبية العظمى من البضائع المشحونة والمنقولة ستمر إلى سورية التي سيتم إعادة بنائها من جديد ما بعد الحرب، عبر بيروت وذلك لأن ميناء اللاذقية السوري صغير للغاية، ويعتبر إعادة فتح خط قطار طرابلس-حمص القديمة، أمرًا صائبًا بشكل نسبي.