محاولات لإعادة توطين المها الأفريقي

بدأت هيئة البيئة– أبوظبي، بالتعاون مع حكومة جمهورية تشاد، للإعداد والتحضير لتنفيذ مشروع يعتبر الأول من نوعه في العالم، من حيث الحجم والنوع لإعادة توطين قطيع من المها الأفريقي "أبوحراب" في بيئته الطبيعية في جمهورية تشاد.

ويهدف المشروع إلى توفير بيئة متوازنة ومستدامة عبر خطة خمسية لإطلاق نحو 500 رأس من المها الأفريقي "أبوحراب" في محمية وادي أخيم الطبيعية في تشاد، والتي ستكون مفتوحة تمامًا وغير مغلقة أو مطوقة لتشجيع الحيوانات على الاندماج والتكيف مع بيئتها الطبيعية.

وقد تم اختيار هذه المحمية بعد دراسات وأبحاث دقيقة ومكثفة لضمان تكيّفها وزيادة أعدادها.

يذكر أنَّ المها الأفريقي الذي يستوطن وسط وشمال أفريقيا قد صنف ضمن الحيوانات المنقرضة في موائلها الطبيعية منذ 15 عامًا؛ حيث لعبت عمليات الصيد الغير المنظم وخسارة الموائل وقلة الموارد الطبيعية في تلك المناطق دورًا رئيسيًا في انقراضه.

ويعيش اليوم المها الأفريقي في الأسر ضمن محميات خاصة في مناطق مختلفة حول العالم، حيث تحتضن دولة الإمارات العربية المتحدة أكثر من ثلاثة آلاف رأس من المها الأفريقي، وهو أكبر تجمع لها على مستوى العالم.

وبهذه المناسبة، أكد ممثل الحاكم في المنطقة الغربية ورئيس مجلس إدارة هيئة البيئة- أبوظبي، الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان: "منذ تأسيسها، تلتزم دولة الإمارات العربية المتحدة بالمحافظة على الحياة البرية، وقد ساهمت الدولة خلال الأعوام الماضية في حماية أنواع مختلفة من الحيوانات والنباتات المهددة بالإنقراض، وجاء مشروع هيئة البيئة– أبوظبي لإعادة توطين المها الأفريقي المهدد بالانقراض بالتعاون مع حكومة جمهورية تشاد، في إطار هذا التوجه والالتزام المستمر للمحافظة على التنوع البيولوجي البري والبحري داخل الدولة وحول العالم بشكل عام، واستكمالاً لنهج وإرث الراحل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان في حماية الأنواع المهددة والمحافظة عليها من خلال إطلاقها في موائلها الطبيعية الأصلية".

ومن جانبها، صرحت الأمين العام في هيئة البيئة- أبوظبي، رزان خليفة المبارك: "يعد برنامج إعادة توطين المها الأفريقي في بيئته الطبيعية جزء من التزام هيئة البيئة- أبوظبي لتوسيع برامجها الخاصة بإعادة التوطين التي تنفذها بنجاح على الصعيد المحلي والإقليمي والعالمي".

وأضافت المبارك: "ومن خلال التعاون الوثيق مع حكومة جمهورية تشاد وصندوق الحفاظ على الصحراء في أفريقيا، تسعى الهيئة للمحافظة على بيئة صحية ومستدامة للمها الأفريقي في مشروع يعتبر الأول من نوعه في العالم لا يعتمد نهائيًا على المسيجات والأماكن المغلقة وإيجاد تجمعات من هذه الحيوانات الرائعة لتعيش بمفردها، على نحو مستدام وترعى وتتجول بحرية وأمان في الموئل الطبيعي لها لتختفي من قائمة الحيوانات المنقرضة في البرية".

وخلال المشروع ستقدم هيئة البيئة- أبوظبي الدور الإداري الأساسي من خلال القطيع والخبرات الفنية في حين ستدير حكومة جمهورية تشاد، ممثلة في وزارة البيئة والثروة السمكية، المحمية وموقع الإطلاق وتطبيق القوانين ذات الصلة بحماية الحياة البرية.

كذلك سيعمل صندوق المحافظة على الصحراء الكبرى بالنيابة عن الهيئة وبالتعاون مع حكومة جمهورية تشاد بتوفير الأفراد والخبرات الفنية والعلمية وبناء قدرات العاملين في المشروع، إضافة إلى عمليات المراقبة البيئية والحيوية للقطيع والبيئات بعد الإطلاق وتطوير خطة إدارية لضمان استمرارية القطيع.

يذكر أنَّ المشروع يتم تنفيذه بالتعاون مع معهد سيمثسونيان الذي يتابع ويقيم القطيع من خلال برامج المتابعة بالأقمار الصناعية؛ لضمان سلامة القطيع وتتبع حركته بعد الإطلاق.

كما يتم التعاون مع جمعية لندن الحيوانية التي ستتعاون مع الجهات الأخرى في المشروع، بعمل الدراسات البيئية وتقييم الموائل في مناطق الإطلاق، في حين تتولى جمعية سكوتلاند الحيوانية الملكية مسؤولية إجراء الفحوصات الوراثية الجينية.

يشار إلى أنَّ الهيئة بدأت باتخاذ الخطوات اللازمة لتأسيس "القطيع العالمي" للمها الأفريقي، الذي سيتم إطلاقه في تشاد بالتعاون مع العديد من الجهات الدولية والمحلية؛ بهدف ضمان توافر تنوع جيني عالي من خلال جمع واختيار أفراد متنوعة من دول أوروبية ومن الولايات المتحدة الأميركية ومن داخل الدولة والتي ستعمل الهيئة على إكثارها في مرافق دليجه لإدارة الحياة البرية.

ويعتبر مركز دليجه لحماية الحياة الفطرية التابع للهيئة مركزًا فريدًا من نوعه من حيث التصميم والحجم وتسعى الهيئة من خلاله إلى توفير مرافق لحماية وإكثار الحيوانات البرية المهدَّدة بالإنقراض لضمان استدامتها.

وستمكن هذه المرافق الهيئة من تحقيق هدفها الرامي إلى حفظ وحماية الأنواع عن طريق الاحتفاظ بمجموعات مستدامة من خلال برامج الإكثار وإعادة الإطلاق في موائلها الطبيعة بما في ذلك المها الأفريقي (أبوحراب).

وفي إطار التحضير لتنفيذ المشروع زار فريق من المختصين بمجال التنوع البيولوجي البري في الهيئة المحمية في تشاد، والتي تمتد على مساحة تصل إلى 77,950 كيلومتر مربع ، لتقييم المساحة الفعلية لمنطقة إعادة الإطلاق، ودراسة الاحتياجات الفعلية للقطيع من الموائل الطبيعية مثل الغذاء والظلال بالإضافة إلى تحديد الامدادات المطلوبة لإكمال عملية النقل من أبوظبي.

كما أجرى فريق الهيئة الفحوص البيطرية والجينية اللازمة لنحو 500 رأس من المها الأفريقي والموجودة في مرافق هيئة البيئة لإدارة الحياة البرية؛ بحيث تشكل تلك المجموعة نواة عملية إعادة التوطين في جمهورية تشاد.

كذلك يجرى العمل خلال الفترة الحالية على بناء وتجهيز مسيجات للحيوانات، ومساكن الموظفين، وتعيين الموظفين اللازمين للمشروع وتأمين المواد واللوازم المطلوبة.

ومن المخطط أنَّ يتم التحضير لنقل قطيع يتكون من 100 رأس بالطائرات من أبوظبي إلى جمهورية تشاد ليتم إطلاقه في السنة الأولى في نهاية العام 2015، حيث سيتم وضع الحيوانات في حظائر خاصة؛ كنوع من الحجر الصحي ولضمان تكيف الحيوانات مع موطنها الجديد قبل إعادة إطلاقها في البرية.

وستستمر عمليات النقل اللاحقة على مدى عدة سنوات لضمان نقل كافة القطيع وضمان الوصول إلى قطيع حر قادر على العيش في الحالة البرية.

وسيعمل خبراء هيئة البيئة- أبوظبي عن كثب مع فريق صندوق الحفاظ على الصحراء لضمان سلامة القطيع أثناء عملية النقل إلى جمهورية تشاد من دولة الإمارات العربية المتحدة، وكذلك خلال تنفيذ مراحل إعادة التوطين كافةً.