شوارع عاصمة زيمبابوي

تدفق عشرات الآلاف من مواطني زيمبابوي على شوارع العاصمة هاراري، اليوم السبت، وهم يلوحون بالأعلام ويرقصون وعانقوا الجنود وغنوا ابتهاجا بسقوط الرئيس، روبرت موغابي المتوقع وإنهاء حكمه الممتد منذ 37 عاما، في مشاهد تذكر بسقوط دكتاتوريات مشابهة، حيث تجمهر رجال ونساء وأطفال بجانب المدرعات والقوات التي تدخلت الأسبوع الماضي للإطاحة بـ موغابي، الحاكم الوحيد الذي عرفته زيمبابوي منذ استقلالها عام 1980.

ودعم الجيش المسيرة التي أُطلق عليها "مسيرة التضامن"، ما أضفى طابع الدعم الشعبي على لجوئه للقوة لتفادي الغضب الذي عادة ما يلي الانقلابات. وعبّر السكان في شوارع العاصمة عن مشاعرهم بلا قيود وهم يتحدثون عن تحرير ثان للبلاد وعن التغيير السياسي والاقتصادي بعد عقدين من القمع والاستبداد والظلم والمصاعب. ومن المرجح، بحسب محللين، أن يلقي سقوط موغابي بظلاله على أنحاء مختلفة من أفريقيا، وقال رئيس جنوب أفريقيا، جاكوب زوما، في دربان، اليوم السبت، إن أفريقيا ملتزمة بدعم شعب زيمبابوي بعد أن تولى الجيش السلطة، وأبدى تفاؤلا حذرا إزاء إمكان حل الوضع في البلاد على نحو ودي.

ورفع البعض لافتات كتب عليها "لا لأسرة موغابي" وهم يلوحون بقبضة يدهم في الهواء في إشارة إلى الحرية. وعانق آخرون الجنود الذين أمسكت مؤسستهم بزمام السلطة وأخذوا يرددون "شكرا! شكرا!" في مشاهد لم يكن من الممكن تخيلها حتى قبل أسبوع واحد فقط. وفي مشهد يحمل الكثير من الدلالات، كانت لوحة معدنية عليها اسم موغابي ملقاة في صندوق قمامة بعد انتزاعها من موضعها.

ولوح شاب يبلغ من العمر 22 عاما بصورة قائد الجيش، كونستانتينو تشيوينغا، ونائب الرئيس السابق، إمرسون منانغاغوا، الذي أدت إقالته الشهر الجاري إلى تدخل الجيش وقال "هذان هما الزعيمان اليوم".
 وأضاف: حلمي أن أرى زيمبابوي جديدة. لم أعرف طول حياتي سوى هذا الطاغية المدعو موغابي". إلى ذلك، يبدو أنه بالنسبة لبعض الأفارقة، يظل موغابي "بطلا قوميا وآخر زعيم استقلال" في القارة و "رمزا للتخلص من قهر استعماري دام عقودا"، رغم أن كثيرين في الداخل الأفريقي والخارج يعتبرونه دكتاتورا لجأ للعنف للاحتفاظ بالسلطة وتسبب في انهيار اقتصاد كان ذات يوم واعدا.

من جهة أخرى، تشير مصادر سياسية ووثائق مخابراتية إلى أن رحيل موغابي "سيمهد الطريق على الأرجح أمام حكومة وحدة مؤقتة يقودها منانغاغوا"، الذي عمل مساعدا لموغابي لفترة طويلة وكبير المسؤولين الأمنيين السابق المعروف بلقب (التمساح). كما تشير الوثائق إلى أن الأولوية "ستعطى لتحقيق استقرار للاقتصاد المتداعي". ومن جهته، قال رئيس بوتسوانا المجاورة، إيان خاما، إن موغابي لا يتمتع بدعم دبلوماسي في المنطقة وعليه الاستقالة فورا.

وأضاف في تصريحات: "أعتقد أنه يجب ألا يظل أحد رئيسا لكل هذا الوقت.. نحن رؤساء ولسنا ملوكا". وبدورها، أفادت صحيفة "ذا هيرالد" الحكومية الرئيسية بأن الحزب الحاكم دعا موغابي، أمس الجمعة، للاستقالة، وذلك في إشارة واضحة إلى أن سلطة الزعيم البالغ من العمر 93 عاما انتهت. وأضافت الصحيفة أن فروع الحزب في كل الأقاليم العشرة في زيمبابوي دعت أيضا إلى استقالة غريس، زوجة موغابي، التي كانت تتطلع إلى أن تخلف زوجها في المنصب مما زاد من غضب الجيش ومعظم من في البلاد.