الخبير الأمني والاستراتيجي الدكتور محمود العجرمي

أكد الخبير الأمني والاستراتيجي الدكتور محمود العجرمي أنَّ استخدام أجهزة الإستخبارات الإسرائيلية لأنظمة تجسس ورصد على شكل حشرات أو عصافير، يأتي في محاولة منها لاستخدام جميع التقنيات الحديثة الممكنة التي تفيده في رصد تحركات عناصر من المقاومة واستعداداتها، فضلًا عن معرفة أماكن مخازن السلاح أو الأماكن التي من الممكن أن تحتجز فيه المقاومة الجنود المفقودين في الحرب الأخيرة على غزة.

ولفت العجرمي في مقابلةٍ خاصةٍ مع "فلسطين اليوم" إلى أنَّ العملاء أصبحوا غير فاعلين على الأرض بعد أن تم توقيف العديد منهم، وآخرين لا يستطيعوا التحرك والتجسس على الأرض ومتابعة الأهداف حتى لا يتم كشفهم وتوقيفهم.

وأشار إلى أنَّ الاحتلال تبيّن عدم فاعلية عملائه في غزة، لاسيما في العدوان الأخير على القطاع، إذ دخل جيش الاحتلال الحرب وهو لا يملك معلومات عن المقاومة في غزة، بمعنى أنَّ الجيش الإسرائيلي خاض قتالًا أعمى لعدم توفر المعلومات لديه، فضلًا عن أنَّ معظم المعلومات التي كانت لديه جاءت مخالفة لما هو موجود على الأرض.

وأكد العجرمي أنَّ المفاجآت التي سطرتها المقاومة في أرض المعركة، لاسيما فيما يتعلق بالإنفاق وتحركات عناصر المقاومة، منعت الاحتلال من تحقيق أهدافه السياسية أو العسكرية التي كان يخطط لها، ما دفعه لاستخدام أجهزة وتقنيات حديثة للتعقب والتجسس، والتي تعتبر هذه الحشرات الالكترونية إحدى أنواعها.

واعتبر أنَّ المقاومة أصبحت على خبرة كافية بالتعامل مع أجهزة التجسس التي يستخدمها الاحتلال، وأصبحت تتغلب عليها، إما باختراقها أو إتباع طرق وأساليب للتمويه لتجنب كشف تحركاتها، منوهًا بأنَّ جيش الاحتلال يستخدم منذ سنوات عددًا من الأنظمة الإستخبارية الإلكترونية من البر والبحر والجو لمراقبة قطاع غزة، ومنها أنظمة تجسس ثابتة وأخرى متحركة.

وبيَّن العجرمي أنَّ جيش الاحتلال يستخدم العديد من أنظمة التجسس ومنها أبراج المراقبة المنتشرة على الحدود الفاصلة مع قطاع غزة، وطائرات الاستطلاع التي تعرف بغزة باسم "الزنانة"، والمناطيد العسكرية وغيرها من الأنظمة العسكرية المنتشرة وتختلف مهامها، فمنها ما هو مخصص للتصوير والرصد الصوري، ومنها مخصص للرصد الإلكتروني والتجسس على الاتصالات.

وأضاف: "أستبعد أن تشكل هذه التقنيات خطرًا كبيرًا على المقاومة لأنَّها تعلمت الكثير من الدروس المستفادة مع العدو، سواء فيما يتعلق بالمعارك القتالية أو الإستخباراتية، وأصبحت على دراية كافية بنقاط قوته وضعفه، ونجحت في تحقيق بعض الأهداف الخاصة بها، كما نجحت في اختراق العديد من حسابات الجنود والضباط وبعض المواقع الأمنية.

ودعا العجرمي المقاومة في غزة لضرورة الحذر من هذه الحشرات لأنَّها منظومة متطورة جدًا، تملك أجهزة لتحديد المواقع "GPS" عبر الأقمار الإصطناعية، وقادرة على نقل الصورة لاسلكيًا، كما أنَّها تستطيع التسلل إلى داخل الأبنية والأماكن المختلفة، مثل العصافير أو الذباب وهو ما يميزها عن الأنظمة التقليدية المتعارف عليها لدى فصائل المقاومة.

وشدد على أنَّ هذه الأجهزة ليست للتجسس فقط، بل من الممكن أن تكون قادرة على قتل وتصفية الهدف، سواء بالاقتراب منه وإطلاق النار عليه أو إلقاء قنابل صغيرة أو بتفجير نفسها فيه، لذلك يجب الحذر وبشدة.

ونوه العجرمي إلى أنَّ إسرائيل تعتبر من الدول المتقدمة في الصناعات العسكرية والاستخباراتية لذلك سوف تستمر في تصنيع الأجهزة التي تخدم مصالحها في الصراع الأمني والمعلوماتي مع المقاومة.
وتابع: "التجربة تؤكد أنَّ المقاومة نجحت في مجابهة الاحتلال والتفوق عليه في المعركة على الأرض وفي صراع الأدمغة التي خلقت نوعًا من التوازن في الصراع الاستخباراتي".