بنان عكس الطائف بين ثلاثة مفاهيم خطيرة وتشوّهين
آخر تحديث GMT 04:53:15
 فلسطين اليوم -

بنان عكس الطائف بين ثلاثة مفاهيم خطيرة... وتشوّهين

 فلسطين اليوم -

بنان عكس الطائف بين ثلاثة مفاهيم خطيرة وتشوّهين

بقلم-ناصر قنديل

تمضي على مناقشات الطائف التي أنتجت اتفاق الوفاق الوطني ثلاثون عاماً، ويمكن للذين عايشوا تلك المرحلة أن يتذكّروا أن الهموم والاهتمامات التي تمحور حولها البحث عشية التوصل لاتفاق الوفاق الوطني الذي عُرف باتفاق الطائف، لا علاقة لها بما يتمّ اختصار الطائف به هذه الأيام، بصورة انتقائية واستنسابية بدأت تشكل خطراً محدقاً يهدّد بإطاحة ما تم إنجازه منذ اتفاق الطائف، خصوصاً على صعيدين رئيسيين كان محور محادثات الطائف، وهما الوحدة الوطنية وموقع لبنان في الخريطة الإقليمية .

– المفهوم الأول الذي سيطر على تطبيق اتفاق الطائف منذ أن أبصر النور، يرتبط بقانون الانتخابات النيابية الذي تتشكّل الدولة على أساسها، وترتسم خريطتها المستقبلية على إيقاعه، حيث شكّل القانون القائم على النظام الأكثري عنواناً لربع قرن من عمر الطائف مع اعتماد التقسيم الطائفي والدوائر الكبرى، ما رتب بصورة لا لبس فيها تموضع اللبنانيين وراء اصطفافات أقرب إلى الإمارات غير المعلنة، ربما تكون الإمارة المسيحية أضعفها، ليتوّج البحث في قانون انتخاب جديد باعتماد صيغة هجينة ظاهرها قائم على اعتماد التمثيل النسبي، لكن مع تقسيمات للدوائر والصوت التفضيلي، بصورة أكملت المسار الخطير الذي بدأ منذ تطبيق الطائف، وأخذت البلد إلى الأخطر، حيث صارت الفدرالية شبه مكتملة دون خطوط جغرافية تفصل بين مكوناتها، لتصير الدولة على نمط الكثير من الفدراليات التي تعرفها أوروبا كحال بلجيكا، مجرد إطار تنسيق بين المكونات الفدرالية. وهذا يعني جعل لبنان في حال تقسيم نفسي تنقصه شرارة حرب توفر فرصتها أحداث إقليمية، لتبدأ ورشات إعلان الدويلات، وهو الخطر الذي تكرّس اتفاق الطائف لمنع حدوثه ورسم خريطة طريق واضحة نحوه حدّدتها المادة 22 من الدستور بالدعوة لمجلس نيابي خارج القيد الطائفي، يمكن أن ينتخب على أساس لبنان دائرة انتخابية واحدة وفقاً للتمثيل النسبي ويطلق الحياة الحزبية، ومجلس للشيوخ تتمثل فيه العائلات الروحية وتختص صلاحياته بما يضمن عدم إثارة هواجس الطوائف.

– المفهوم الثاني الذي لا يقل خطورة هو الذي يسيطر على تشكيل الحكومة الحالية، حيث تم التخلي عن الإيجابية الرئيسية التي تمتعت بها حكومات ما بعد اتفاق الطائف، التي قامت على مراعاة مفهوم حكومة الوحدة الوطنية، بجعل معيار تشكيل الحكومة بالإضافة لتمثيل المكوّنات النيابية، تمثيل الخيارات السياسية التي تتيح للحكومة تظهير كونها أداة تنفيذية لحماية الوحدة الوطنية بين اللبنانيين، ولم يكن بالمصادفة أن يتمثل اللون غير الطائفي دائماً في حكومات ما بعد الطائف، ولا كان التمثيل للقوى العابرة للطوائف ولشخصيات تتميّز بخطابها الوطني، واعتدالها وعقلانيتها السياسية وحرصها على الوحدة الوطنية عملاً عبثيا، بل ترجمة لمفهوم حكومة الوحدة الوطنية، التي لا تعني تلصيقاً للمكوّنات الطائفية وتقول هذه هي الوحدة الوطنية، بل تعني التمسك بمشروع الوحدة الوطنية كروح حاكمة تراعيها عملية التشكيل، ولعل الحكومة التي ستولد من رحم قانون الانتخابات الأخير تكشف بابتعادها عن هذا الفهم لحكومة الوحدة الوطنية، وذهابها لمعادلة الحكومة الفدرالية، خطورة ما يتجه نحوه لبنان.

– المفهوم الثالث الذي يشكل مصدر قلق وخطر في آن واحد، هو سيادة منطق يرى العلاقة اللبنانية السورية خياراً يقبل الأخذ والرد والاجتهاد، والرفض والتعديل والتجاهل، بل إن مفهوماً بدأ يتم تداوله لعروبة لبنان يعتبر معيارها قوة العلاقة اللبنانية السعودية وتميّزها بدلاً من العلاقات المميزة مع سورية، وبمعزل عن كل ما يتّصل بتفاصيل يرغب البعض بمناقشتها حول العلاقة بين لبنان وسورية، فإن الرهان على دور الحرب التي شنّت على سورية وشارك فيها بعض اللبنانيين سياسياً وإعلامياً وغير ذلك عندما أتيحت له الفرصة، لقلب مفهوم اتفاق الطائف، قد بلغ نهاياته، وهي نهايات غير سعيدة لأصحابه، فها هي سورية تستعيد عافيتها باعتراف أعدائها الذين شنّوا الحرب عليها من غرب وعرب، يعودون إليها، ويعترفون بنصرها، بينما الأصل في اتفاق الطائف هي هوية لبنان العربية وربطها بالعلاقة المميّزة بسورية لم يكن وليد التنافس بين سورية والسعودية التي كانت شريكاً في اتفاق الطائف، وراعياً له، ولا وليد موازين القوى التي تحكم حضور سورية وقوتها أو تعرّضها للمحن، بل كان موقفاً لبنانياً ينطلق من قراءة التاريخ والجغرافيا والمصالح اللبنانية العليا في ضوء فعلهما، وهو ما لا يمكن العبث به. والإبقاء على اتفاق الطائف. فهذا شأن تأسيس للبنان المولود من اتفاق الطائف، ومن موجبات من يتولّون الحكم في ظل اتفاق الطائف، أن يلتزموه ويحرصوا على صيانته وتحصينه.

– يتعايش مع هذه المفاهيم الخطيرة تشوّهان يهددان بسقوط اتفاق الطائف، الأول هو السعي الحثيث لاستبدال انتقال السلطة الإجرائية إلى مجلس الوزراء مجتمعاً إلى جعل رئيس الحكومة صاحب هذه السلطة التي كانت قبل الطائف منوطة برئيس الجمهورية، ويقابله تشوّه آخر يرتبط بفهم خاطئ لوقف التعداد بين الطوائف واعتماد المناصفة بين المسلمين والمسيحيين، في وظائف الفئة الأولى والوزارة والنيابة والرئاسة، تمهيداً لإلغائها في وظائف الفئة الأولى والنيابة، وحصرها في مجلس الشيوخ والوزارات والرئاسات، باعتبار الهدف هو إلغاء الطائفية، والضمانة هي عدم إثارة الهواجس بسيطرة عددية طائفية معينة في ظل إلغاء الطائفية، فيصير الهدف هو تكريس الطائفية، بتوسيع مفهوم المناصفة، سواء في غير وظائف الفئة الأولى وصولاً لأدنى الفئات في الدولة، أو في المنطق الذي يرى في المناصفة في التمثيل النيابي واعتماد نظرية نائب منتخب بأصوات أبناء طائفته، وهو جوهر الفدرالية الحقيقي، ليصير التناغم بين هذين التشوّهين المهيمنين جوهر معادلة الحكم، مزيداً من الصلاحيات لرئيس الحكومة على حساب مؤسسة مجلس الوزراء، مقابل مزيد من المناصفة على حساب السير نحو إلغاء الطائفية.


– الكلام المستحقّ أمام هذه المفاهيم الخطيرة والتشوّهات المرافقة لها، هو ببساطة من لا يريد السير بمندرجات اتفاق الطائف يجب أن يقول ذلك علناً، لكن من المستحيل الانقلاب على الطائف والنطق باسمه في آن واحد.

 

palestinetoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بنان عكس الطائف بين ثلاثة مفاهيم خطيرة وتشوّهين بنان عكس الطائف بين ثلاثة مفاهيم خطيرة وتشوّهين



GMT 19:24 2019 الجمعة ,04 كانون الثاني / يناير

نهوض سوريا تهديد لإسرائيل

GMT 19:20 2019 الجمعة ,04 كانون الثاني / يناير

تسارع استعادة السيطرة السورية على شرق الفرات

GMT 19:12 2019 الجمعة ,04 كانون الثاني / يناير

سورية والعائدون إليها

GMT 11:02 2018 الأحد ,02 كانون الأول / ديسمبر

عدن مدينة الحب والتعايش والسلام

هيفاء وهبي تتألّق بفستان مرصع بالكريستال

القاهرة - فلسطين اليوم
هيفاء وهبي خطفت الأنظار بالتزامن مع احتفالها بعيد ميلادها بأناقتها ورشاقتها التي ظهرت بها خلال حفلها الأخير الذي أحيته في قطر، حيث أبهرت النجمة اللبنانية جمهورها على المسرح بطلتها اللامعة بفستان مرصع بالكامل بحبات الكريستال، وبهذه الإطلالة تعود هيفاء وهبي لستايل الفساتين المجسمة التي تتباهي من خلالها بجمال قوامها وهو التصميم الذي كانت تفضله كثيرا أيقونة الموضة، وذلك بعد اعتمادها بشكل كبير على صيحة الجمبسوت التي أطلت بها في معظم حفلاتها السابقة. هيفاء وهبي سحرت عشاقها في أحدث ظهور لها على المسرح خلال حفلها الأخير بقطر بإطلالة جذابة بتوقيع نيكولا جبران، حيث اعتمدت أيقونة الموضة مجددا التصميم المحدد للقوام مع الخصر الذي يبرز بقصته الضيقة مع الحزام جمال قوامها، حيث تمايلت هيفاء وهبي على المسرح بأسلوبها الأنثوي المعتاد بف...المزيد

GMT 08:15 2021 الخميس ,07 كانون الثاني / يناير

"موديز"تؤكّد أن دول الخليج ستحتاج عامين لتعافي اقتصادها

GMT 14:50 2019 الثلاثاء ,18 حزيران / يونيو

"الفار المكار"

GMT 18:04 2016 السبت ,03 كانون الأول / ديسمبر

سيمون تتحدث عن فيلم "يوم حلو ويوم مر" فى "بالعربى"

GMT 01:29 2020 السبت ,25 إبريل / نيسان

حركة طالبان "تتمسك بسلاحها" في شهر رمضان

GMT 11:56 2019 الثلاثاء ,26 شباط / فبراير

دراسة توضّح أهمية تناول الخضروات والفواكه يوميًا

GMT 08:12 2019 الثلاثاء ,19 شباط / فبراير

الاحتلال يعتقل شابا من ضاحية شويكة شمال طولكرم
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday