صورة المسلمين عند الغرب
آخر تحديث GMT 04:53:15
 فلسطين اليوم -

صورة المسلمين عند الغرب

 فلسطين اليوم -

صورة المسلمين عند الغرب

بقلم: عمار علي حسن

ليست الصورة المنطبعة فى الذهن الغربى عن العرب والإسلام وليدة السنوات الأخيرة، بل تضرب بجذورها فى عمق تاريخى بعيد، فقد استمر وعى الغرب بصورة العربى الموروثة عن القرون الوسطى يقوم على أسس انفعالية مجبولة على العداء، وهذا الوعى المشوه واصل سيره حتى القرن العشرين، بتعديلات محدودة، ليساهم فى علاقة التبعية بين الدول العربية والغرب، مثلما ساهم فى حركة الاستعمار. وبالطبع فإن هذا التصور العدائى والمتحامل لا يمكن رده إلى الأفراد، بل إلى المنظومة الحضارية الغربية برمتها، فى جوانبها السياسية والاجتماعية والإعلامية.

ويعزى هذا الإدراك المشوه إلى جهل الغرب بالماضى والحاضر العربى، وهنا يقول بشارة خضر، فى كتابه «أوروبا والوطن العربى: القرابة والجوار»، إنه باستثناء بعض الاختصاصيين، الذين تكبدوا عناء تعلم اللغة العربية والسفر مراراً إلى الوطن العربى والبحث عن المعلومات من مصادرها الأولى، فإن الغربيين قلما يعرفون، وبشكل سيئ، واقع الوطن العربى، ولنقل إن شئنا إن هذا الواقع متحرك لدرجة يبدو عصياً على الإدراك. وعدم العودة إلى المصادر، أو تعمد التحيز، جعل وسائل الإعلام هى المنفذ الرئيسى، إن لم يكن الوحيد، فى تشكيل الصورة العربية الإسلامية لدى الذهن الغربى. وهنا نجد أن الإفراط فى الإعلام الحدثى يميل فى الغالب إلى تشويش الأفكار وخلط الأوراق والمسائل وحجب الرهانات. والرأى العام المضلل يلجأ إلى المقولبات والأحكام المسبقة، التى تقوم على تفسير واقع الوطن العربى بالأصولية والعنف والثروة النفطية ومعاداة الغرب والهجرة. فهذه القضايا تساهم فى تكريس الصورة القديمة للشرق فى إدراك الغرب على أنه مقاتل ومتعصب واستبدادى وشره للاستهلاك.

وهناك واقعة مهمة تؤكد أن التصور الغربى، وتحديداً الأمريكى، عن «عدائية» العرب والمسلمين قديم، وليس وليد حادث الحادى عشر من سبتمبر، كما يظن البعض، فالرئيس الأمريكى الأسبق رونالد ريجان ربط قسراً بين الرئيس الليبى المقتول معمر القذافى، والأعمال الإرهابية والحركة الإسلامية الأصولية فى بقاع الأرض عند إعلانه عن بدء العدوان الأمريكى على ليبيا عام 1996، وتكرر الأمر مع العراق قبل غزوها، الأمر الذى كشف عن تصور مسبق خاطئ عن علاقة العرب والأصولية الإسلامية بالإرهاب، رغم أن بعض الجماعات اليهودية والمسيحية المتطرفة وغيرها فى الغرب تمارس عنفاً منظماً ضد المجتمع دون أن تصم الإدارة الأمريكية، وغيرها ما تفعله بأنه «إرهاب».

وبدا هذا التصور يشكل تياراً فى الغرب يؤمن بـ«صدام الحضارات»، حسب تعبير الباحث الأمريكى صمويل هنتنجتون، الذى تحدث عما سماها خطوط التقسيم بين الحضارات، باعتبارها نقاطاً تفجر الصراعات فى المستقبل، وهى تحل فى نظره محل الحدود السياسية والأيديولوجية لحقبة الحرب الباردة، الأمر الذى يعنى حتمية المواجهة بين الحضارتين الإسلامية والغربية، وقد انعكس هذا على العديد من الأدبيات السياسية الغربية، التى راحت تتحدث عن أن الإسلام هو الدين الوحيد الذى استمر فى مواجهة مع الغرب طيلة التاريخ.

لكن ذلك لم يمنع من تفهم بعض عناصر النخب السياسية والفكرية الغربية لطبيعة الدين الإسلامى، ووجود «أوجه متعددة للمسلمين»، على حد ما ذكر واحد من أكثر الباحثين الغربيين تعمقاً فى دراسة ظاهرة الإحياء الإسلامى الحديثة، وكذلك وجود اختلاف بين المسلمين أنفسهم فى التوجهات السياسية والفكرية، وفى نمط علاقتهم بالآخر، وخاصة الغرب، لكن صوت أصحاب هذه الرؤية لا يزال خافتاً مقارنة بالمروجين لفكرة صدام الحضارات، الذين وجدوا مؤسسات تتبنى وجهة نظرهم المغلوطة، فى سبيل تحقيق أهداف سياسية معنية فى المحيط الخارجى، وهو تصور تتصاعد حجيته مع تصاعد إرهاب تقوم به جماعات وتنظيمات ليست بعيدة بأى حال من الأحوال فى نشأتها، وأسباب تمددها واستمرارها عن يد الغرب.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

صورة المسلمين عند الغرب صورة المسلمين عند الغرب



GMT 06:00 2018 الجمعة ,14 كانون الأول / ديسمبر

نصف الكوب السياسي الفارغ

GMT 03:48 2018 الجمعة ,22 حزيران / يونيو

آفة أن يُحارَب الفساد باليسار ويُعان باليمين

GMT 05:25 2017 الجمعة ,23 حزيران / يونيو

مصر من الثقافة المدنية إلى الحكم المدنى

هيفاء وهبي تتألّق بفستان مرصع بالكريستال

القاهرة - فلسطين اليوم
هيفاء وهبي خطفت الأنظار بالتزامن مع احتفالها بعيد ميلادها بأناقتها ورشاقتها التي ظهرت بها خلال حفلها الأخير الذي أحيته في قطر، حيث أبهرت النجمة اللبنانية جمهورها على المسرح بطلتها اللامعة بفستان مرصع بالكامل بحبات الكريستال، وبهذه الإطلالة تعود هيفاء وهبي لستايل الفساتين المجسمة التي تتباهي من خلالها بجمال قوامها وهو التصميم الذي كانت تفضله كثيرا أيقونة الموضة، وذلك بعد اعتمادها بشكل كبير على صيحة الجمبسوت التي أطلت بها في معظم حفلاتها السابقة. هيفاء وهبي سحرت عشاقها في أحدث ظهور لها على المسرح خلال حفلها الأخير بقطر بإطلالة جذابة بتوقيع نيكولا جبران، حيث اعتمدت أيقونة الموضة مجددا التصميم المحدد للقوام مع الخصر الذي يبرز بقصته الضيقة مع الحزام جمال قوامها، حيث تمايلت هيفاء وهبي على المسرح بأسلوبها الأنثوي المعتاد بف...المزيد

GMT 14:58 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

محمد رمضان يتحدّى منافسيه بفيلمه "هارلي"

GMT 01:45 2017 الخميس ,05 تشرين الأول / أكتوبر

بطولة كأس البحرين لسباق الخيل تنطلق في بريطانيا السبت

GMT 18:37 2016 السبت ,17 كانون الأول / ديسمبر

مفيدة شيحة تُهاجم غيتس خلال "الستات مايعرفوش يكدبوا"

GMT 07:55 2019 الأحد ,13 كانون الثاني / يناير

انتخاب نساء أكثر في الحكومات يُقدّم مساهمات حقيقية

GMT 13:31 2018 الإثنين ,23 إبريل / نيسان

الدكتور علي جمعة يقدم برنامج "فن الدعاء" على "CBC"

GMT 05:28 2018 الجمعة ,19 كانون الثاني / يناير

إنتاج علاج جديد للسرطان يمنع انتشار المرض

GMT 20:24 2017 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

النجم حسن الفذ يُعلن عن استعداده لعرضه الفني الجديد

GMT 04:55 2015 الأحد ,27 كانون الأول / ديسمبر

أستاذ تاريخ يشبه إزالة "رودس" بتدمير داعش آثار سورية

GMT 10:11 2015 الجمعة ,23 تشرين الأول / أكتوبر

تعرفي على أسرار جمال اللون الكحلي في زفافك
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday