هل ستتغير معادلات الحكم
آخر تحديث GMT 04:53:15
 فلسطين اليوم -

هل ستتغير معادلات الحكم؟

 فلسطين اليوم -

هل ستتغير معادلات الحكم

بقلم عمرو الشوبكي

معادلة الحكم الحالى لم تظهر من فراغ ولم تهبط من كوكب آخر، إنما هى نتاج إخفاقات متتالية للمجتمع السياسى منذ عقود طويلة، ولم تظهر فجأة مع ترتيبات 3 يوليو وعودة الجيش إلى صدارة المشهد السياسى.

فالحكم الحالى له سمات خاصة، قد يراه البعض أسوأ أو أفضل من النظم السابقة، وقد يعترض الكثيرون على سوء الأداء وعلى غياب الرؤية السياسية وعلى التعثر الاقتصادى والتخبط الخارجى وغيره الكثير، إلا أن هذا لا يعنى أن معادلات الحكم الحالية هى فى جوهرها قد خرجت كثيرا عما عرفته مصر منذ ثورة 1919 وحتى الآن بصرف النظر عن شكل الأداء.

معادلة الحكم فى مصر منذ تأسيس الدولة الوطنية الحديثة على يد محمد على فى 1805 وحتى الآن هى معادلة إخفاق للمجتمع ونجاح للدولة، والإخفاق والنجاح هنا يتعلقان أساسا بمعادلة الوصول للسلطة وإدارة شؤون الحكم، فالدولة العميقة أو سلطات الوصاية الملكية أو الجمهورية حكمت البلاد بصور مختلفة، رغم الثورات الشعبية.

إن ثورة 1919 فى مصر لم تنجح فى أن توصل الحزب الشعبى الذى فجرها وقادها (حزب الوفد) للسلطة إلا 7 أعوام غير متصلة على مدار الفترة الممتدة من عام 1919 وحتى قيام ثورة يوليو 52.

والسؤال: من منع الوفد من الحكم وهو حزب الأغلبية؟، والإجابة من منعه هو الطبعة الملكية من الدولة العميقة التى وقفت حائلا أمام حكم حزب الأغلبية، أى حزب الوفد، من الوصول للسلطة بتزوير الانتخابات وتشكيل أحزاب أقلية موالية للقصر. وإذا كانت الطبعة الملكية من الدولة العميقة حالت دون بقاء الوفد فى السلطة لفترات طويلة وأجهضت الإرادة الشعبية، فما الذى جعل الوفد ومعه كل الأحزاب السياسية يسقط بهذه السهولة بمجرد تحرك الجيش بقيادة الضباط الأحرار فى 23 يوليو وظهور زعامة عبدالناصر؟.

يقينا كانت هناك أسباب سياسية وثقافية ترى أن الأحزاب فشلت، وتحديدا الوفد، فى تحقيق ما رفعته من شعارات، أى الحفاظ على الدستور وتحقيق الاستقلال، وفى نفس الوقت فتشت فى تاريخنا العربى عن شخصية المستبد العادل وحلم المخلص أو المنقذ الذى سيحرر البلاد من الاستعمار ويتخلص من خناقات الأحزاب «ودوشتها» وأحيانا مؤامراتها، ويحقق بذلك النهضة والتقدم، فلم يجد الناس أفضل من جمال عبدالناصر بكل جاذبيته وزعامته التاريخية ليعبر عن هذا الجانب.

حكمت الدولة العميقة بشكل غير مباشر قبل ثورة يوليو، وحكمت بعدها بشكل مباشر من خلال تدخل الجيش فى 23 يوليو.

وقد عرفت البلاد محاولتين فاشلتين للخروج من عباءة الدولة العميقة، الأولى مع مشروع التوريث، والثانية مع حكم الإخوان. فيما يتعلق بالأول، فقد نال معارضة واسعة بين النخبة والجماهير، وقبل وربما دعا البعض إلى تدخل الجيش لإجهاض هذا المشروع، ومؤخرا دار بينى وبين د. على الدين هلال حوار حول هذه النقطة، وهل كان مشروع جمال مبارك سيعنى وصول مدنى للسلطة وهو ما رفضناه حتى لو كان الثمن تدخل الجيش.

والحصيلة أن النخبة المدنية التى قادها أحمد عز وأدارت البلد قبل ثورة يناير لم تر إلا مشروع التوريث تقدمه للناس فرفضه الشعب وكانت الثورة بعد تزوير انتخابات 2010 بأسابيع قليلة.

ونفس الأمر تكرر مع حكم الإخوان الذى كان من المستحيل إسقاطه دون تدخل الجيش، ولكن حصيلة هذا التدخل أن نظر إلى الشعب باعتباره «ناقص الأهلية» لا يستطيع أن يختار ممثليه دون وصاية، لأنه حين ترك له الاختيار وأخذ زمام المبادرة بعد ثورة 25 يناير فشل فى أول اختبار وأوصل الإخوان للحكم.

ومنذ ذلك الوقت تم إقصاء، تقريبا، كل القوى السياسية والمدنية التى شاركت فى 30 يونيو وشهدت مصر حالة استهداف للعلم والمدنيين، وإهدار لأحكام القضاء ودولة القانون، لم تراع حتى الشكل مثلما كان يجرى فى عهد مبارك، وغاب أى وسيط سياسى بين الشعب والسلطة الحاكمة لصالح سيطرة أمنية غير مسبوقة على كل مؤسسات الدولة.

وإذا كانت هذه المظاهر محل نقد من كثيرين ولكنها فى الحقيقة تمثل بعض أعراض معادلة الحكم، صحيح أنه تم التعبير عنها بصورة أسوأ من الصور السابقة التى حكمت فيها مؤسسات الدولة البلاد سواء عبر أحزاب الأقلية والقصر فى العهد الملكى، أو من خلال تنظيم أو حزب سياسى فى عهدى عبدالناصر والسادات، إلا أن جوهر معادلة الحكم بقيت فى يد سلطة وصاية ضيقة بديلا عن حكم الشعب. والحقيقة أن هذه هى جوهر معادلة الحكم الحالى فمهما كان الحديث عن أخطاء وسوء أداء وسطوة أمنية، إلا أن حكم الرئيس السيسى نتاج فشل المجتمع السياسى فى بناء أى بديل أو قدرة على الحكم أو صناعة توافقات، وفى نفس الوقت فإن ما سميناه من قبل بالثلث الشعبى المعطل، أى ثلث الأمية والعوز وضحايا الإعلام الموجه، يلعب دورا رئيسيا فى دعم سلطة الوصاية والسير خلف شعاراتها مهما كان بؤسها.

من يتصور أن التغيير سيكون فقط نتيجة سوء الأداء مخطئ، لأن معادلة الحكم أعمق من ذلك، صحيح أن سوء الأداء والفشل الاقتصادى والسياسى مرشحان، فى حال تفاقمهما فى العام المقبل، لأن يدفعا الجميع إلى التفكير فى بدائل كثيرة لانتخابات 2018 قد تكون بمراجعة الرئيس للأداء جذريا (الخيار الآمن والمفضل لدى كثيرين) أو التقدم بمرشح آخر يراهن على تحسين الأداء لا تغيير معادلة الحكم.

أما تغيير معادلة الحكم، فلن يتم بالصوت الاحتجاجى مثلما فعل البعض عقب ثورة يناير، إنما بنجاح الشعب فى بناء بديل سياسى مدنى وطنى يراهن على الدولة والشعب معا، لا أن يرى أحدهما ويسحق الآخر.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل ستتغير معادلات الحكم هل ستتغير معادلات الحكم



GMT 04:16 2019 الأربعاء ,03 تموز / يوليو

تحية للشعب السوداني

GMT 02:15 2019 الخميس ,27 حزيران / يونيو

الاقتصاد في مواجهة السياسة

GMT 04:59 2019 الأحد ,12 أيار / مايو

ظاهرة عادل إمام

GMT 03:31 2019 الأحد ,28 إبريل / نيسان

وبدأت الجزيرة

GMT 09:27 2019 الجمعة ,15 آذار/ مارس

الجزائر على طريق النجاح

هيفاء وهبي تتألّق بفستان مرصع بالكريستال

القاهرة - فلسطين اليوم
هيفاء وهبي خطفت الأنظار بالتزامن مع احتفالها بعيد ميلادها بأناقتها ورشاقتها التي ظهرت بها خلال حفلها الأخير الذي أحيته في قطر، حيث أبهرت النجمة اللبنانية جمهورها على المسرح بطلتها اللامعة بفستان مرصع بالكامل بحبات الكريستال، وبهذه الإطلالة تعود هيفاء وهبي لستايل الفساتين المجسمة التي تتباهي من خلالها بجمال قوامها وهو التصميم الذي كانت تفضله كثيرا أيقونة الموضة، وذلك بعد اعتمادها بشكل كبير على صيحة الجمبسوت التي أطلت بها في معظم حفلاتها السابقة. هيفاء وهبي سحرت عشاقها في أحدث ظهور لها على المسرح خلال حفلها الأخير بقطر بإطلالة جذابة بتوقيع نيكولا جبران، حيث اعتمدت أيقونة الموضة مجددا التصميم المحدد للقوام مع الخصر الذي يبرز بقصته الضيقة مع الحزام جمال قوامها، حيث تمايلت هيفاء وهبي على المسرح بأسلوبها الأنثوي المعتاد بف...المزيد

GMT 00:13 2020 الخميس ,09 تموز / يوليو

ما كنت تتوقعه من الشريك لن يتحقق مئة في المئة

GMT 21:34 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

«بكين» هل تنهي نزاع 40 عاماً؟ (2)

GMT 08:15 2021 الخميس ,07 كانون الثاني / يناير

"موديز"تؤكّد أن دول الخليج ستحتاج عامين لتعافي اقتصادها

GMT 00:13 2020 الخميس ,09 تموز / يوليو

يبشرك هذا اليوم بأخبار مفرحة ومفيدة جداً

GMT 13:29 2018 الأحد ,16 كانون الأول / ديسمبر

"ساعة رضا" فيلم كوميدي يُقدم معالجة جديدة لآلة الزمان

GMT 04:25 2017 الإثنين ,17 إبريل / نيسان

الأحمر النابض يبرز أناقة وجرأة الرجل في الربيع

GMT 10:57 2019 الجمعة ,28 حزيران / يونيو

تعيش أجواء حماسية خلال هذا الأسبوع

GMT 21:48 2018 السبت ,22 كانون الأول / ديسمبر

"بورش" تستدعي أكثر 75 ألف سيارة حول العالم
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday