بقلم : د. وحيد عبدالمجيد
التغيير صعب فى الأغلب الأعم. وتغيير ثقافة المجتمع قد يكون الأصعب على الإطلاق. لكن أى مجتمع لا يتقدم دون هذا التغيير الذى يُقَّوى قيماً إيجابية تحفز على التقدم، ويُضعف قيما سلبية تعوق انطلاقه.
ويُعد الاحترام المتبادل أحد أهم القيم التى يؤدى ترسيخها، وانتشارها، إلى تقدم المجتمع، عبر الارتقاء بالعلاقات بين أفراده، وفئاته، بغض النظر عن الأصل والجنس، والدين أو العقيدة أو المركز الاجتماعى.
يُعد الاحترام المتبادل، بهذا المعنى، امتداداً لقبول الآخر، وإدراكا بأن التنوع والتعدد يُثريان الحياة الإنسانية، بل كل حياة. فلا يكتمل قبول الآخر دون احترامه، أيا كان الاختلاف عنه أو الخلاف معه.
والاحترام المتبادل يقوم على أن لكل إنسان كرامة ينبغى أن تُحفظ, وأن يحدث هذا بشكل تلقائى، ونتيجة إدراك واقتناع، وليس لأن القانون يمنع إهدار هذه الكرامة.
وفضلاً عن تفاوت المجتمعات فى المستوى الذى بلغه كل منها فى هذا المجال، لم يصبح الاحترام المتبادل شاملاً فى أى مجتمع حتى الآن. ومازال التفاوت الاجتماعى عائقاً أمام وصول الاحترام المتبادل إلى المستوى الذى يجعله كاملاً وشاملاً.
ولذا، تظل الحاجة قائمة إلى تشريعات تصدرها المجالس النيابية، ولوائح تضعها الهيئات التنفيذية، وقرارات تتخذها المؤسسات المختلفة بما فيها الشركات الخاصة.
ومن هنا أهمية قرار شركة أوبر للنقل الإلكترونى بشأن حماية كرامة من يعملون معها، مثلما تحافظ على حقوق مستخدمى خدماتها وراحتهم. فقد أعطت هذه الشركة أولوية كاملة منذ تأسيسها لتوفير الراحة لمستخدمى خدمتها, وأتاحت لهم تقييم أداء السائقين.
ولكنها لم تنتبه إلى أن لهؤلاء السائقين كرامة يتوجب حفظها، وأن بعض من يستخدمون خدماتها يتعاملون معهم كما لو أنهم فى مرتبة أدنى برغم أن بعضهم أكثر تعليماً وثقافة مقارنة بمن يُسيئون معاملتهم.
ولذا، قررت الشركة منح كل من يعمل معها سائقاً الحق فى تقييم الراكب، ومنع من يسيئون معاملة السائقين من الوصول إلى التطبيق الخاص بها.
وهذا قرار صائب، ولكن لا مبرر لتجربته فى الولايات المتحدة وكندا أولاً، إذ ينبغى تعميمه فى كل مكان تعمل فيه الشركة لأن الكرامة الإنسانية لا ترتبط بالجغرافيا.