دولة المواطنة
آخر تحديث GMT 04:53:15
 فلسطين اليوم -

دولة المواطنة

 فلسطين اليوم -

دولة المواطنة

د. حنا عيسى

المواطنة: الإنتماء إلى مجتمع واحد يضمه بشكل عام رابط إجتماعي وسياسي وثقافي موحد في دولة معينة. وتبعاً لنظرية جان جاك روسو المواطن له حقوق إنسانية يجب أن تقدم إليه وهو في نفس الوقت يحمل مجموعة من المسؤوليات الاجتماعية التي يلزم عليه تأديتها. وفي القانون يدل مصطلح المواطنة على وجود صلة بين الفرد والدولة، وبموجب القانون الدولي المواطنة هي مرادفة لمصطلح الجنسية، على الرغم من أنه قد يكون لهما معان مختلفة وفقا للقانون الوطني. والشخص الذي لا يملك المواطنة في أي دولة هو عديم الجنسية.
والوطنية تأتي بمعنى حب الوطن في إشارة واضحة إلى مشاعر الحب والارتباط بالوطن وما ينبثق عنها من استجابات عاطفية، أما المواطنة فهي صفة المواطن والتي تحدد حقوقه وواجباته الوطنية ويعرف الفرد حقوقه ويؤدي واجباته عن طريق التربية الوطنية، وتتميز المواطنة بنوع خاص من ولاء المواطن لوطنه وخدمته في أوقات السلم والحرب والتعاون مع المواطنين الآخرين عن طريق العمل المؤسساتي والفردي الرسمي والتطوعي في تحقيق الأهداف التي يصبو لها الجميع وتوحد من أجلها الجهود وترسم الخطط وتوضع الموازنات.
*صفات المواطنة:
- الاعتراف بوجود ثقافات مختلفة .
-احترام حق الغير وحريته.
-الاعتراف بوجود ديانات مختلفة.
- فهم وتفعيل أيديولوجيات سياسية مختلفة.
- فهم اقتصاديات العالم.
- الاهتمام بالشؤون الدولية.
- المشاركة في تشجيع السلام الدولي.
- المشاركة في إدارة الصراعات بطريقة اللاعنف.
مبدأ المواطنة العالمية يرتكز على:
الأولى: عالمية التحديات في طبيعتها كعدم المساواة الاجتماعية والاقتصادية، والامتلاك غير المتساوي لتقنيات المعلومات وانخفاض الخصوصية، والتدهور البيئي وتهديد السلام.
الثانية: أن هناك أمماً ومجتمعات ذات ديانات وثقافات وأعراف وتقاليد ونظم مختلفة.
ويعد جيفرسون الرئيس الثالث لأمريكا 1801-1809 أحد الآباء المؤسسين لأمريكا والأكثر نفوذا لتعزيز المثل العليا في الولايات المتحدة بمنطقه وتنوره، وظهر ذلك عند كتابته للدستور الأمريكي الذي ساوى فيه بين كافة المهاجرين، بغض النظر عن لون بشراتهم وألسنتهم، متسلحا بأنهم أصبحوا مواطنين في أمريكا، وهذا ما جعل أمريكا دولة جاذبة للمهاجرين وغالبيتهم من المبدعين.
وما يميز دستور جيفرسون هو تركيزه على حقوق الانسان و المواطنة وضرورة الحفاظ على حقوق المعارضين وحمايتهم، وبرأيي أن هذا الدستور وما تضمنه من مثل في هذا المجال تحديدا هو الذي جعل من أمريكا دولة عظمى في العالم حيث بدأت مسيرة أمريكا الوحدوية بثلاثة عشرة ولاية تضم ثلاثة ملايين مواطن ينعمون بقانون ودستور يسريان على الجميع.
ولم تصل أوروبا إلى ما وصلت إليه من إرساء مفهوم المواطنة وتحويله إلى مفردات محبوكة بعناية في نسيج الدولة ومفاصلها وفي ثقافة المواطن الفرد وسلوكه، إلا بعد صراعات مريرة سألت فيها أنهار من الدماء، حيث كان الثمن الذي دفعه الإنسان الغربي باهظا جدا حتى وصل إلى صيغة المواطنة في صورتها الحالية والتي كانت الدواء الناجع للخروج من دوامة التمزق والصراع إلى آفاق التعايش والتسامح وقبول الآخر، وبالتالي الدخول إلى دولة القانون والمؤسسات .
فتحولت من دولة الحماية إلى دولة الرعاية التي ترعى جميع مكوناتها وتقف على مسافة متساوية منهم جميعا بغض النظر عن أصولهم العرقية أو انتماءاتهم الدينية أو المذهبية أو قناعاتهم الفكرية؛ فدولة المواطنة هي دولة الكفاءات لا الولاءات. لم تعد الدولة بحاجة إلى استئصال بعض شعبها عن طريق التطهير العرقي أو التهجير القسري حفاظا على العنصر الغالب. ولم تعد تفكر في التخطيط لإحداث تغيير ديموغرافي في تركيبتها السكانية تغليبا لفئة على أخرى. وبالتالي استطاع الغرب من خلال تبني هذا المفهوم ابتكار الصيغة المناسبة للتعامل مع اختلافات البشر الطبيعية في الجنس والعرق واللون والدين والمذهب والفكر واللغة عن طريق الاعتراف بها وإيجاد القنوات اللازمة للتعبير عنها بما يصب في مصلحة الوطن. وبذلك تحول الاختلاف إلى تنوع يزيد الدولة ثراء ويمدها بمزايا إضافية ما كانت لتحصل عليها لو لم تتخذ المواطنة أساسا للتعايش وسبيلا للتقدم.
وبناء دولة مدنية ديمقراطية على اساس المواطنة بدون تمييز قومي او ديني واحترام حقوق جميع القوميات والاديان، سيكون الافضل، بصورة مطلقة، من خيار بناء دولة على الاساس القومي او الاثني وبغض النظر عن مضمون الحكم فيها. فدولة المواطنة التي تحترم فيها حقوق الافراد والجماعات، دون تمييز قومي او عرقي او سياسي، هي مرحلة متقدمة في مسار صعود الانسان مما هو ادنى الى ما هو اكثر تقدما ورقيا واكتمالا، اما الدول القائمة على الاساس الاثني او القومي او الديني فقد عرفها البشر قديما وحديثا، وكانت باستمرار مشاريع حرب او على الاقل منتج للعداء والتعصب والكراهية، وهي الان لايمكن ان تكون خيارا ايجابيا، كما انها لايمكن ان تكون حلولا حقيقية وناجعة لمشاكل التمييز والاضطهاد الاثني او الديني، ان الديمقراطية والديمقراطية الحقيقية ذات المحتوى الانساني الجاد، لا ديمقراطية نخب الفساد والطغم المالية او شراء الاصوات، او تضليل الجماهير وتغييب وعيها او ترهيبها، هذه الديمقراطية هي، الضمانة و الحل لاشكالات الاضطهاد والتمييز العرقي او الديني.
وبناء الدولة المدنية القائمة على اساس المواطنة، امر ليس بالسهل او متعلق بمجرد الرغبة او التمني او حتى الارادة،ى انما يمكن ان يتحقق عبر كفاح تاريخي طويل وهو ايضا عملية اجتماعية تراكمية، فالدولة في السويد او الدنمارك او المانيا او الولايات المتحدة وطبيعة علاقتها بمواطنيها، ليست وليدة الساعة او رغبة هذا الحزب او تلك الفئة وانما جاءت بالتاكيد تتويجا لكفاح اجتماعي وسياسي عنيد تطلب الكثير من المثابرة والتضحيات.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

دولة المواطنة دولة المواطنة



GMT 21:38 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

سيمافور المحطة!

GMT 21:36 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

يراها فاروق حسنى

GMT 21:34 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

«بكين» هل تنهي نزاع 40 عاماً؟ (2)

GMT 21:32 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

ماذا حل بالثمانيتين معاً؟

GMT 21:30 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

الشرق الأوسط والموعد الصيني

GMT 14:39 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

007 بالمؤنث

GMT 14:37 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

هل هي نهاية الخلاف السعودي ـ الأميركي؟

هيفاء وهبي تتألّق بفستان مرصع بالكريستال

القاهرة - فلسطين اليوم
هيفاء وهبي خطفت الأنظار بالتزامن مع احتفالها بعيد ميلادها بأناقتها ورشاقتها التي ظهرت بها خلال حفلها الأخير الذي أحيته في قطر، حيث أبهرت النجمة اللبنانية جمهورها على المسرح بطلتها اللامعة بفستان مرصع بالكامل بحبات الكريستال، وبهذه الإطلالة تعود هيفاء وهبي لستايل الفساتين المجسمة التي تتباهي من خلالها بجمال قوامها وهو التصميم الذي كانت تفضله كثيرا أيقونة الموضة، وذلك بعد اعتمادها بشكل كبير على صيحة الجمبسوت التي أطلت بها في معظم حفلاتها السابقة. هيفاء وهبي سحرت عشاقها في أحدث ظهور لها على المسرح خلال حفلها الأخير بقطر بإطلالة جذابة بتوقيع نيكولا جبران، حيث اعتمدت أيقونة الموضة مجددا التصميم المحدد للقوام مع الخصر الذي يبرز بقصته الضيقة مع الحزام جمال قوامها، حيث تمايلت هيفاء وهبي على المسرح بأسلوبها الأنثوي المعتاد بف...المزيد

GMT 04:50 2024 الإثنين ,08 كانون الثاني / يناير

"كورونا" يضرب بمتحوره الجديد وزيادة كبيرة في الإصابات

GMT 01:15 2018 الإثنين ,08 كانون الثاني / يناير

ثلاثة فنانيين قدموا الأخرس في السينما المصرية

GMT 00:08 2017 الجمعة ,08 كانون الأول / ديسمبر

صناع فيلم " خلاويص" يهنئون الفنانة أيتن عامر بعيد ميلاد

GMT 01:57 2017 الثلاثاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

تحذيرات من نشوب حرب جديدة تقضي على وحدة العراق

GMT 07:52 2016 الثلاثاء ,27 أيلول / سبتمبر

"فورد" تطلق "إكسبلورر XLT" للقيادة على الطرق الوعرة

GMT 00:32 2016 الإثنين ,31 تشرين الأول / أكتوبر

روسيا تنشر مئات المدرعات والدبابات في إستونيا

GMT 08:03 2019 الأحد ,31 آذار/ مارس

لن يصلك شيء على طبق من فضة هذا الشهر

GMT 13:34 2018 الأربعاء ,05 كانون الأول / ديسمبر

تصميمات مذهلة لحمامات أنيقة لمحبي التجديد والتميز

GMT 10:44 2018 الأربعاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

نصائح هامة للقيادة بأمان في الخريف

GMT 11:21 2018 الجمعة ,14 أيلول / سبتمبر

المشروم يحد من خطر الإصابة بسرطان عنق الرحم
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday