كارلا في سورية كلهم أشرار
آخر تحديث GMT 04:53:15
 فلسطين اليوم -

كارلا: في سورية كلهم أشرار!

 فلسطين اليوم -

كارلا في سورية كلهم أشرار

بقلم : عبد الرحمن الراشد

السيدة كارلا بونتي هي المسؤولة عن لجنة تحقيق مكلفة من الأمم المتحدة في جرائم الحرب بسوريا. بدأت مهمتها منذ بداية الحرب، وأخيراً استسلمت وأعلنت فشلها. رغم نصف مليون ضحية بريئة لم تستطع أن تقدم اسم قاتل واحد للمحاكمة، لهذا تقول إنها محبطة وقدمت استقالتها!

بخروجها لن يتبقى في اللجنة الخماسية سوى عضوين، حيث ذهب كل في طريقه، وتركت أبشع حرب في التاريخ المعاصر بلا حسيب أو رقيب. المسؤولة المستقيلة ولجنتها عجزت عن تفعيل المحاكمة، رغم خبرتها الطويلة، حيث عملت في التحقيق في جرائم يوغوسلافيا ورواندا. وعما شاهدته في سوريا، تقول إنه أعظم بشاعة منها جميعاً!

ومع أننا لا نستطيع سوى أن نشكرها، والفريق الدولي، على مساعيه ومحاولاته، رغم فشله، وندرك أن القوى الدولية منعت الملاحقات والمحاكمات، وليس لأنه لا يرغب أو لا يوجد مجرمون ولا توجد أدلة. فالجرائم التي ارتكبت بحق الشعب السوري ما كان لها أن تقع لولا تكالب قوى الشر في العالم عليهم، وتقاعس قوى الخير عنهم. المأساة السورية من عمل هذه القوى والمؤسسات، ولم تكن حرب سوريا مثل يوغوسلافيا؛ شعوب متقاتلة نتيجة سقوط النظام، أو في رواندا حرب قبلية. ما حدث في سوريا جرائم ارتكبها النظام مباشرة ضد التجمعات المدنية في المناطق الثائرة. كانت قواته تتعهد بقصف الأحياء بالقنابل والبراميل المتفجرة والمدافع، لأنه، بحكم ضعف قواته وانشقاقات جنوده وتقليصه لخسائره، لا يستطيع مواجهة المقاتلين مباشرة.

المشترك بين سوريا والبوسنة، أن المدنيين استهدفوا بذاتهم من أجل تهجيرهم، وإلغاء أي إمكانية لإقامة سلطة على أي أرض محررة. الفارق بين المأساتين أنه في سوريا فعلها النظام القائم ولا يزال موجوداً، ولم يهب لنجدة المستهدفين سوى القلة.

وتبرر مسؤولة الأمم المتحدة استقالتها، أيضاً، بأن الساحة السورية خلت من الأخيار، ولم يعد يتقاتل فيها سوى الأشرار، وأنهم جميعا مجرمو حرب. وهذا جزئيا صحيح، خصوصا في المرحلة الأخيرة، لكنه تبرير لفشل المنظمة الدولية، ولا يعطيها العذر للتخلي عن واحد من الواجبات الرئيسية التي ألزمت المنظمة الدولية نفسها به. وبدل الانسحاب، والتخلي عن الواجب، لماذا لا تحاكم كل المتورطين، من حكومة ومعارضة، إن وجد بينهم مرتكبو جرائم حرب؟

محاكمة القتلة لا تنقصها الأدلة، فكثير من الجرائم في سوريا موثقة، وببراهين أجمعت عليها مؤسسات دولية معتبرة. «لو حكى الموتى: قتلى ومعذبون في الجرائم الجماعية في مرافق الاحتجاز السورية» هذا عنوان تقرير دولي، جمع قبل ثلاث سنوات، فيه 28 ألف صورة صدمت العالم، أعظم بشاعة من كل ما شاهده العالم في الخمسين سنة الماضية. جميعهم لم يقتلوا في ساحات الحرب بل في أقبية سجون النظام. وجميعها تم تصويرها من قبل النظام السوري نفسه، في سجونه، حيث كان يوثقها سرا للتثبت من أن موظفيه، من مسؤولي التعذيب وآمري الحبس، كانوا يقومون بمهامهم كما طلب منهم! لكن تم تهريبها من قبل أناس لم يستطيعوا السكوت عن تلك الجرائم المخيفة، وهي وثائق دولية معترف بها. وقد تحرت حقيقة الصور والمعلومات منظمات دولية، بعضها يتبع الأمم المتحدة نفسها، وأكدت صحتها. في الثورة السورية لا يوجد عذر للمحققين، توجد جرائم مصورة ومثبتة تكفي لإدانة النظام السوري. وهناك غيرها من الوثائق تدين كذلك بعض المعارضة السورية المتطرفة، تستحق هي الأخرى المحاسبة نفسها.

يصعب عليّ أن أتخيل أن يفلت الفاعلون في الحرب السورية من دون حساب مهما تقلبت مواقف الحكومات وتغيرت حساباتها فيما بينها. لا يوجد عذر لمحاسبة مجرمي الحرب، والذريعة التي تحدثت بها مسؤولة اللجنة المستقيلة بأن المعارضة لم تعد بأفضل من الحكومة ليس مبررا يجيز غض النظر، والهروب من المسؤولية.

والذين يتحدثون اليوم بثقة وسرور عن حل سياسي، ونهاية للحرب السورية، ودفن الماضي؛ واهمون إن كانوا فعلا يصدقون أن ملايين من السوريين يستطيعون العودة إلى منازلهم وينسون، وكأن جرائم السنوات الست الماضية، ونصف المليون قتيل، مجرد مسلسل تلفزيوني يمكنهم أن يناموا بعده. كثيرون في عالمنا لن تغفو لهم عين، ولا يمكن لما حدث أن يغتفر، فقط لأن الحكومات قررت النسيان والغفران، وكافأت القتلة بالمناصب والصلاحيات.

ومن سيضع اسمه على اتفاق ظالم كهذا، من معارضة وحكومات، سيكون اسمه ملطخا مثله مثل نظام دمشق وإيران وحلفائهما.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كارلا في سورية كلهم أشرار كارلا في سورية كلهم أشرار



GMT 08:51 2020 الأربعاء ,05 آب / أغسطس

المفاعل النووي الإماراتي

GMT 04:27 2019 الأربعاء ,03 تموز / يوليو

ماذا سيفعل العراقيون بعد اقتحام السفارة؟

GMT 06:55 2019 الأربعاء ,26 حزيران / يونيو

مواقف الحكومات من مشروع السلام

GMT 10:42 2019 الأحد ,23 حزيران / يونيو

بين سلاحَي الحرب والحصار

GMT 06:37 2019 الأربعاء ,19 حزيران / يونيو

إدارة الأزمة في طهران

هيفاء وهبي تتألّق بفستان مرصع بالكريستال

القاهرة - فلسطين اليوم
هيفاء وهبي خطفت الأنظار بالتزامن مع احتفالها بعيد ميلادها بأناقتها ورشاقتها التي ظهرت بها خلال حفلها الأخير الذي أحيته في قطر، حيث أبهرت النجمة اللبنانية جمهورها على المسرح بطلتها اللامعة بفستان مرصع بالكامل بحبات الكريستال، وبهذه الإطلالة تعود هيفاء وهبي لستايل الفساتين المجسمة التي تتباهي من خلالها بجمال قوامها وهو التصميم الذي كانت تفضله كثيرا أيقونة الموضة، وذلك بعد اعتمادها بشكل كبير على صيحة الجمبسوت التي أطلت بها في معظم حفلاتها السابقة. هيفاء وهبي سحرت عشاقها في أحدث ظهور لها على المسرح خلال حفلها الأخير بقطر بإطلالة جذابة بتوقيع نيكولا جبران، حيث اعتمدت أيقونة الموضة مجددا التصميم المحدد للقوام مع الخصر الذي يبرز بقصته الضيقة مع الحزام جمال قوامها، حيث تمايلت هيفاء وهبي على المسرح بأسلوبها الأنثوي المعتاد بف...المزيد

GMT 10:29 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

تكتشف اليوم خيوط مؤامرة تحاك ضدك في العمل

GMT 23:37 2018 الأربعاء ,25 تموز / يوليو

اهتمامات الصحف البريطانية الصادرة الأربعاء

GMT 10:04 2019 الخميس ,24 كانون الثاني / يناير

أسطورة ليفربول يدافع عن محمد صلاح

GMT 09:44 2017 الأربعاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

قلعة "سيسينغورست" تكشف عن قصة حب غير تقليلدية

GMT 11:40 2017 الإثنين ,02 تشرين الأول / أكتوبر

باسل خياط ينشر صورًا برفقة زوجته تكشف استمتاعهما بوقتهما

GMT 05:24 2016 الثلاثاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

نجيبكِ على أهم أسئلة الموضة الشائعة على "غوغل"

GMT 06:56 2016 الإثنين ,12 كانون الأول / ديسمبر

خبير يؤكّد تضرّر مستوى البحث العلمي الرياضي

GMT 01:53 2017 السبت ,07 كانون الثاني / يناير

عادل إمام يوضح أن وجود الشباب في أعماله يسعده
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday