الفرق بين ماكرون ومبارك والسادات
آخر تحديث GMT 04:53:15
 فلسطين اليوم -

الفرق بين ماكرون ومبارك والسادات

 فلسطين اليوم -

الفرق بين ماكرون ومبارك والسادات

بقلم-عماد الدين حسين

هل نلوم حسنى مبارك لأنه لم يستجب لمطالب المتظاهرين فى ٢٥ يناير ٢٠١١، حينما كانت قليلة جدا فى البداية؟!.
لماذا نطرح هذا السؤال الآن؟!.
السبب هو احتجاجات أصحاب «السترات الصفراء» ضد الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون منذ ١٧ نوفمبر الماضى، والتى طالبت فقط بإلغاء زيادة الضريبة المفروضة على الوقود ثم توسعت لتصل إلى 40 مطلبا. مع عنف المظاهرات استجاب ماكرون لمطلب المتظاهرين الرئيسى، وألغى الزيادة نهائيا، لكن المظاهرات تواصلت يوم السبت الماضى وارتفع سقف المطالب ليصل إلى حد إقالة ماكرون وإجراء انتخابات مبكرة رغم أنه استجاب مساء الاثنين لبعض المطالب الأخرى مثل رفع الحد الأدنى للأجور!
لكى نجيب على السؤال الذى بدأنا به ــ ينبغى علينا أن نسأل وهل نلوم ماكرون لأنه تأخر فى الاستجابة لمطالب المتظاهرين أم نلومه، لأنه استجاب أصلا ورضخ لمتظاهرين فوضويين، أم نلومه لأنه انحاز إلى حفنة من شديدى الثراء على حساب الطبقتين المتوسطة والفقيرة؟!.
يتحدث كثير من المعلقين الأوروبيين، عن أن ماكرون خيّب آمال غالبية مواطنيه، رغم أنه صعد بسرعة الصاروخ فى سماء السياسة الفرنسية، سواء كرئيس أو كزعيم لحزب لم يكن شيئا مذكورا، وحقق الأغلبية فى الانتخابات البرلمانية الأخيرة.
يقول المتظاهرون إن ماكرون صار فقط رئيسا للأغنياء. هو خفف الضرائب عنهم ويريد أن يحمّلها للفقراء، ووصل لمرحلة صار يتعالى فيها على الفرنسيين، ويركز على القضايا الكونية الكبرى فقط!!.
ماكرون وهو يواجه المظاهرات فى البداية، تعامل معها مثلما فعل حسنى مبارك مع مظاهرات ٢٥ يناير ٢٠١١، ومثلما فعل أيضا الرئيس التونسى الأسبق زين العابدين بن على. ماكرون كان مسافرا إلى الأرجنتين لحضور قمة العشرين، وفوّض رئيس وزرائه إدوار فيليب للتصرف. هو وحكومته راهنوا أن المظاهرات أمر مؤقت سوف يتلاشى سريعا من دون دفع أى مقابل.
تفكير ماكرون لم يختلف كثيرا عن تفكير أى حاكم فى دولة نامية. هو كان يفكر ويتصرف بعجرفة منقطعة النظير. لكن الفارق حتى الآن هو أن ماكرون استعاد إلى حد ما زمام المبادرة وبدأ يلعب سياسة. الفارق أيضا بين فرسا وكل من مصر وتونس وسوريا واليمن وليبيا قبل الربيع العربى، هو وجود آليات سياسية ومنافذ للتهوية والتنفيس. ماكرون لم تأخذه العزة بالإثم، وعندما أدرك أن الرياح قوية رضخ للمتظاهرين، بل ودعاهم إلى التحاور أكثر من مرة رغم أنه وصفهم بالمخربين والفوضويين فى بداية الأزمة!!.
لكن فى مقارنة أخرى فإن ماكرون تصرف كما فعل أنور السادات تماما، حينما ألغى قرارات رفع الاسعار فى 17 و18 يناير 1977، بسبب المظاهرات الشعبية العارمة ضده والتى وصفها بأنها «انتفاضة حرامية!!».
لكن كيف ستتطور الأمور؟! هذا سؤال ما يزال فى علم الغيب.
نرجع للسؤال الأول، والمؤكد هو أن كل الحكام يتصرفون بطريقة واحدة فى مواجهة التظاهر والاحتجاج. يعتقدون أنها سحابة صيف مؤقتة وستنقشع، ويراهنون على شراء الوقت بكل الطرق. الفارق أنه فى البلدان الديمقراطية، مؤسسات قوية، وتوازن قوى وسلطات تمنع انهيار الدولة، والحلول فيها تكون وسطا. فى البلدان النامية، إما يستمر الحاكم للأبد، بعد قمع المظاهرات، أو يسقط ويدخل السجن، بعد أن صم أذنيه عن كل المطالب.
فى العالم الثالث الرئيس أو الزعيم يستجيب لمطالب المحتجين بعد أن يكون الوقت قد فات.
لكن فى كل الأحوال فإن الفروق الفردية بين القادة تظل موجودة. نظريا فإن الزعيم المتميز هو الذى يتمتع ببصيرة قوية جدا، تجعل شعبه لا يخرج عليه أصلا، وإذا حدث يكون لديه فراسة بحيث يستجيب لمطالبهم العادلة فورا.
النقطة الجوهرية هى أنه فى البلدان المتكلسة والقائمة على حكم الفرد فقط، فإنه يصعب تصور الاستجابة لأى مطالب شعبية، حتى لو كانت صغيرة. البيئة والثقافة تصور للحاكم أن ذلك ينتقص من هيبته.
وبالتالى فإن مبارك ــ وأى حاكم فى مثل ظروفه ــ تصرف بطريقة طبيعية جدا حينما رفض الاستماع أصلا لمطالب المتظاهرين، لأن آلية الحكم لم تكن تفرز إلا هذا.
اللوم الحقيقى لمبارك وبن على والقذافى والأسد وعلى عبدالله صالح وقبلهم صدام حسين وحافظ الأسد، هو الإصرار على الحكم المطلق والمنغلق، وعدم الاستماع أساسا لمطالب الناس، أو حتى الإحساس بمشاكلهم. وحتى حينما يستجيبون فإن ذلك يكون بعد فوات الأوان!.

 

نقلًا عن الشروق القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الفرق بين ماكرون ومبارك والسادات الفرق بين ماكرون ومبارك والسادات



GMT 14:39 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

007 بالمؤنث

GMT 14:37 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

هل هي نهاية الخلاف السعودي ـ الأميركي؟

GMT 14:31 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

الجنرال زلزال في سباق أنقرة إلى القصر

GMT 03:38 2023 السبت ,04 آذار/ مارس

في حق مجتمع بكامله

هيفاء وهبي تتألّق بفستان مرصع بالكريستال

القاهرة - فلسطين اليوم
هيفاء وهبي خطفت الأنظار بالتزامن مع احتفالها بعيد ميلادها بأناقتها ورشاقتها التي ظهرت بها خلال حفلها الأخير الذي أحيته في قطر، حيث أبهرت النجمة اللبنانية جمهورها على المسرح بطلتها اللامعة بفستان مرصع بالكامل بحبات الكريستال، وبهذه الإطلالة تعود هيفاء وهبي لستايل الفساتين المجسمة التي تتباهي من خلالها بجمال قوامها وهو التصميم الذي كانت تفضله كثيرا أيقونة الموضة، وذلك بعد اعتمادها بشكل كبير على صيحة الجمبسوت التي أطلت بها في معظم حفلاتها السابقة. هيفاء وهبي سحرت عشاقها في أحدث ظهور لها على المسرح خلال حفلها الأخير بقطر بإطلالة جذابة بتوقيع نيكولا جبران، حيث اعتمدت أيقونة الموضة مجددا التصميم المحدد للقوام مع الخصر الذي يبرز بقصته الضيقة مع الحزام جمال قوامها، حيث تمايلت هيفاء وهبي على المسرح بأسلوبها الأنثوي المعتاد بف...المزيد

GMT 10:42 2020 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

تحديد موعد إجراء قرعة دوري المحترفين والأولى

GMT 10:04 2024 السبت ,06 كانون الثاني / يناير

الأطعمة الدهنية تؤثر سلبًا على الجهاز المناعي والدماغ

GMT 18:00 2017 الجمعة ,14 إبريل / نيسان

أوزيل يرد على انتقادات جماهير أرسنال

GMT 03:12 2019 الأحد ,14 إبريل / نيسان

ظلال عيون يناسب صاحبات البشرة السمراء

GMT 07:08 2019 الثلاثاء ,05 شباط / فبراير

أشهر الأماكن للسياحة في روسيا خلال موسم الشتاء

GMT 14:23 2018 الأربعاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أليغري يفضّل جلوس رونالدو على مقاعد البدلاء أمام "أتلانتا"

GMT 14:19 2017 الأربعاء ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

رفع دعوى قضائية ضد الملحن فارس اسكندر بعد تطاوله على الكعبة

GMT 17:01 2017 الثلاثاء ,31 تشرين الأول / أكتوبر

رئيس الأولمبية الإسبانية يبرز قوة الرياضة لحل أزمة كتالونيا

GMT 17:32 2019 الخميس ,31 كانون الثاني / يناير

الصافي يمنح لاعبات «طائرة الأهلي» راحة من التدريبات

GMT 01:56 2019 الثلاثاء ,15 كانون الثاني / يناير

قوات الاحتلال الإسرائيلي تعتدي على إمام المسجد الأقصى

GMT 17:49 2018 الخميس ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

"La Reserve Geneve" لقاء بين الرفاهية والكمال في آن واحد

GMT 02:05 2018 الأحد ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

بيبي ريكسا بفستان قصير وردي أبرز جسدها الرشيق

GMT 12:00 2018 السبت ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

عباس يستقبل طلبة كلية الشرف في جامعة النجاح

GMT 06:46 2018 الجمعة ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الشرطة الاستراليةتعلن عن عمليات طعن متعددة في ملبورن

GMT 17:25 2018 الأربعاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

محافظ قلقيلية رواجبة والنائب العام يبحثان عدة القضايا
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday