مغزى الحرب على «سيداو»
آخر تحديث GMT 04:53:15
 فلسطين اليوم -

مغزى الحرب على «سيداو»

 فلسطين اليوم -

مغزى الحرب على «سيداو»

مهند عبد الحميد
بقلم : مهند عبد الحميد

«اعتبرت اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، أن توقيع دولة فلسطين على اتفاقية سيداو عام 2014 الخاصة بحقوق المرأة يعتبر إنجازاً وطنياً للشعب الفلسطيني، مؤكدة أن بنود هذا الاتفاق لا تحتوي على أي بند مما حاول البعض ترويجه ضد هذه الاتفاقية».
 جاء هذا الموقف رداً على الحملة المناهضة للمعاهدة الدولية «سيداو» والتي تجاوز مدبروها حدود حرية التعبير عن الرأي الى وضع إملاءات وممارسة التهديد والوعيد  والابتزاز للجهات الرسمية وللقضاء والإعلاميين وأصحاب البيوت الذين يؤجرون المنظمات النسوية. إن محاولة حشد العشائر وتحريضها للتمرد على مرسوم رفع سن الزواج الى 18 سنة، وإغلاق المنظمات النسوية وسَوق اتهامات ضدها ترقى الى مستوى الجريمة فضلاً عن التهديد والوعيد والترهيب، إن هذه المواقف تشكل انتهاكاً سافراً للقانون والنظام، وتقود الى الفوضى وشريعة الغاب، وتؤدي الى نكوص المجتمع الى طور بدائي كالعودة الى ما قبل المجتمع المدني وما قبل سلطة ودولة.
كان الأجدر بالمعترضين على «سيداو» أن يقرؤوا بنودها ويقولوا أي البنود يوافقون عليها وأي البنود يختلفون معها حتى لو كانت كلها، ويقدموا توصياتهم، بدلاً من شيطنتها وتحريمها وتكفيرها بالمطلق، وخلق موقف عدائي لا يستند الى المعرفة والتوثيق واحترام الرأي الآخر. ما حدث يقدم الشعب الفلسطيني بصورة غير حضارية، ليس عبر الموقف المتطرف الرافض للمعاهدة التي وقعت عليها 194 دولة بما في ذلك الدول العربية والإسلامية، وإنما عبر أسلوب الرفض وكيفية التعامل من قبل المناهضين للمعاهدة، هذا الموقف الغريب الذي لم يحدث بهذا المستوى المخل بالديمقراطية وبلغة التخاطب وبالفئات المستخدمة - العشائر-في كل الدول العربية والاسلامية الموقعة على المعاهدة.
هل تريدون سلخ فلسطين عن العالم ومنظومة القوانين والمعاهدات والاتفاقيات التي تشكل مرجعية لتعايش كل دول وشعوب العالم، وتشكل سلاحاً للشعوب المناضلة ضد الاحتلال والنهب والعنصرية والهيمنة الاستعمارية. هل ترفضون اتفاقيات جنيف وبروتوكولاتها، وعهدة حقوق الإنسان، ومعاهدة الطفل، واتفاقية مناهضة العنصرية وغيرها من الاتفاقات والقوانين، كما ترفضون معاهدة سيداو؟ البديل يا سادة هو «دولة داعش» التي حاربها العالم وأجمع على كونها خطراً يهدد البشرية، وأزال سيطرتها في العراق وسورية.
 إن صلب قضية الخلاف هي معاهدة سيداو المدعمة بقراري مجلس الامن الدولي رقم 1325،1820. في هذا المجال يمكن القول ان الاتفاقية تدعو الى مساواة النساء بالرجال في الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية، وفي التعليم والعمل والصحة والضمان الاجتماعي والمساواة أمام القضاء، وحقوق الأمومة، والحصول على الجنسية، والتصويت والترشيح للانتخابات والمشاركة في صنع القرار، والحصول على أجر متساو للعمل المتساوي. والمعاهدة ترفض الاتجار بالمرأة واستغلالها وممارسة العنف ضدها. هل أنتم ضد المساواة وضد إزالة كل أشكال التمييز الممارَسة بحق النساء والموجودة في الواقع والقوانين؟ برفضكم المطلق للاتفاقية تذهبون الى خندق اللامساواة والتمييز ضد النساء. والتمييز السلبي فيه ظلم شديد ويتناقض مع العدالة والأخلاق التي هي جوهر الدين. ولا يغير من هذا الموقف وجود فقهاء في العهود القديمة شرعوا التمييز واللامساواة باسم الدين، في الوقت الذي يتصدر المشهد الآن علماء دين يؤيدون المساواة ويرفضون التمييز ولا يرون ذلك متناقضاً مع الدين، وهذا الموقف تحول الى موقف لدولهم. لماذا لا تكون فلسطين جزءاً من هذا المفهوم الديني الذي بدأ ينتشر في مصر والسعودية والأردن وتونس والمغرب وعدد آخر من الدول؟
أود التوجه بالسؤال للذين رفضوا وقاوموا زواج الأطفال ما دون الـ 18 عاماً، هل زوجتم يا سادة أبناءكم وبناتكم في سن الطفولة قبل ان ينهوا المدرسة والجامعة ويعملوا ويستطيعوا الاعتماد على أنفسهم؟ هل يعقل قطع التطور العقلي والجسدي والتعلم والنضج والعمل في زمننا هذا بالزواج بمقياس الغريزة؟ قبل قرن كانت البنات لا يذهبن الى التعليم المدرسي والجامعي باستثناءات قليلة جداً، وكانت الذريعة ان مكان المرأة هو البيت لاعتبارات دينية. لماذا انقلبت المعادلة فأصبح عدد البنات في الجامعات يناهز الـ 65%. ونسبة المتزوجات منهن أقل من 5%. الشيء نفسه ينطبق على العمل، فقد ارتفعت نسبة النساء العاملات وبخاصة في جهازي التعليم والصحة والقضاء وفي مؤسسات السلطة بنسبة كبيرة. الواقع يا سادة يختلف عن رغبات ومواقف البعض. لا تستطيعون تجاهل التطور في مختلف المجالات، ولا تستطيعون فرض مواقف متنافرة مع حاجة المجتمع وبخاصة نصفه من النساء للشراكة على قدم المساواة بكل المستويات، بعد أن اثبتن أنهن أهل لذلك. ولا يمكن معارضة المساواة بالدين المفتوح على التطور كما تقول المدرسة الدينية غير المتزمتة.
حقوق المرأة هو موضوع الخلاف في فلسطين. من يقبل بممارسة الظلم والتمييز والحرمان والقهر والعنف ضد النساء؟ من يقف ضد الحقوق بالمعايير التي طرحتها اتفاقية سيداو، يضع نفسه في موقع الذي يمارس الظلم والتمييز ضد نصف المجتمع، ولا يوجد تفسير آخر غير الانعزال عن المكان والزمان في زمن تحول فيه العالم الى قرية كونية صغيرة.
 وإذا كان موقف القوى التي استخدمت العشائر ووظفتها لتعزيز نفوذها الاجتماعي في مواجهة المؤسسة والأنظمة والقوانين، فإن موقف  بعض المؤسسات، ومواقف رسمية لبعض المسؤولين حاولت جميعها مسايرة الموقف والتماهي بشكل أو بآخر معه. هذا الموقف هو أشد خطورة من الموقف العدمي الأصلي الرافض للمساواة. لقد أوصلتنا سياسة التنازل والتعايش والتماهي مع المواقف المتزمتة دينياً، الى حالة من الميوعة التي تقوض كل إنجاز وكل تقدم على طريق المساواة في الحقوق والواجبات لكل المواطنين، بمعزل عن انتمائهم الديني ونوعهم الاجتماعي ولونهم وعرقهم. حسناً فعلت اللجنة التنفيذية التي خرجت بموقف لا يقبل التأويل وهي تدافع عن قرارها بتبني «سيداو» متجاوزةً الابتزاز الذي يستخدم الدين للإخضاع. إن نقل قضية المساواة الى العشائر والعائلات ورفض حقوق المرأة بصورة مسيئة للشعب الفلسطيني، كان يستدعي الدفاع الصريح من موقع المجتمع المدني والمؤسسات والتنظيمات والنظام والقانون ومن موقع الدولة. للأسف بقي الاستقطاب في إطار العشائر، وفوق ذلك نجح في جذب فئات ومسؤولين لخندقهم. دعونا نعترف، لقد نجح تحالف العشائر مع اتجاهات سياسية متزمتة مع  بعض من القطاع الخاص في إسقاط مشروع الضمان الاجتماعي، فهل ينجح هذا التحالف في إسقاط سيداو؟ سؤال برسم التنظيمات والأحزاب والمنظمات النسوية والاتحادات الشعبية والمستوى الثقافي والأكاديمي!

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مغزى الحرب على «سيداو» مغزى الحرب على «سيداو»



GMT 14:24 2020 الأحد ,09 شباط / فبراير

أنصار اسرائيل في اميركا يهاجمون المسلمين

GMT 17:48 2020 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

أخبار مهمة للقارئ العربي - ٢

GMT 17:49 2020 الجمعة ,31 كانون الثاني / يناير

صـــفــقــــة الــعـــــدو

GMT 17:48 2020 الجمعة ,31 كانون الثاني / يناير

وهذه معرة النعمان

GMT 17:46 2020 الجمعة ,31 كانون الثاني / يناير

ما الذي سيُنَفذ عملياً من «صفقة القرن»؟

هيفاء وهبي تتألّق بفستان مرصع بالكريستال

القاهرة - فلسطين اليوم
هيفاء وهبي خطفت الأنظار بالتزامن مع احتفالها بعيد ميلادها بأناقتها ورشاقتها التي ظهرت بها خلال حفلها الأخير الذي أحيته في قطر، حيث أبهرت النجمة اللبنانية جمهورها على المسرح بطلتها اللامعة بفستان مرصع بالكامل بحبات الكريستال، وبهذه الإطلالة تعود هيفاء وهبي لستايل الفساتين المجسمة التي تتباهي من خلالها بجمال قوامها وهو التصميم الذي كانت تفضله كثيرا أيقونة الموضة، وذلك بعد اعتمادها بشكل كبير على صيحة الجمبسوت التي أطلت بها في معظم حفلاتها السابقة. هيفاء وهبي سحرت عشاقها في أحدث ظهور لها على المسرح خلال حفلها الأخير بقطر بإطلالة جذابة بتوقيع نيكولا جبران، حيث اعتمدت أيقونة الموضة مجددا التصميم المحدد للقوام مع الخصر الذي يبرز بقصته الضيقة مع الحزام جمال قوامها، حيث تمايلت هيفاء وهبي على المسرح بأسلوبها الأنثوي المعتاد بف...المزيد

GMT 00:13 2020 الخميس ,09 تموز / يوليو

ما كنت تتوقعه من الشريك لن يتحقق مئة في المئة

GMT 11:15 2020 الإثنين ,20 إبريل / نيسان

بريشة : علي خليل

GMT 10:33 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

الحب على موعد مميز معك

GMT 08:33 2019 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

تعرف على مميزات سيارة فولكس فاغن الجديدة

GMT 05:02 2018 الأربعاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

ليام هيمسوورث ينشر صورة محزنة لبقايا منزله المحترق في "ماليبو"

GMT 07:28 2018 الأربعاء ,18 إبريل / نيسان

150 أسيرًا من أراضي عام 48 يقبعون في سجون الاحتلال

GMT 05:35 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

فرص "غريس موغابي" في الحياة السياسية تتحول طريق سدّ

GMT 12:27 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

بعثة جامعة جنيف تكتشف هرمًا من الذهب في سقارة

GMT 15:31 2017 الثلاثاء ,20 حزيران / يونيو

هبة مشهور تصمم حلوى الكوكيز التي تتناسب مع رمضان
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday